صواريخ الجنوب تعيد التصويب على دور «حماس» في لبنان

تقارير عن خطة لإطلاقها وضعت بالتنسيق بين هنية ونصر الله وقاآني

مسيرة شاركت فيها عناصر من مختلف الفصائل الفلسطينية بمخيم برج البراجنة جنوب بيروت يوم الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
مسيرة شاركت فيها عناصر من مختلف الفصائل الفلسطينية بمخيم برج البراجنة جنوب بيروت يوم الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
TT

صواريخ الجنوب تعيد التصويب على دور «حماس» في لبنان

مسيرة شاركت فيها عناصر من مختلف الفصائل الفلسطينية بمخيم برج البراجنة جنوب بيروت يوم الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
مسيرة شاركت فيها عناصر من مختلف الفصائل الفلسطينية بمخيم برج البراجنة جنوب بيروت يوم الجمعة الماضي (أ.ف.ب)

لم تحدد الأجهزة اللبنانية المعنية، رغم مرور أكثر من أسبوع على حادثة إطلاق عشرات الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه منطقة الجليل في شمال إسرائيل، الجهة التي تقف وراءها، بعد توجيه إسرائيل أصابع الاتهام لحركة «حماس».
ولعل ما عزز هذه الفرضية بالنسبة لمن يتبنونها أن العملية تزامنت مع وجود رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، في بيروت، ولقائه أمين عام «حزب الله»، حسن نصر الله.
ورغم عدم تبني أي من الطرفين إطلاق الصواريخ، فإن هذه التطورات أعادت التصويب على دور «حماس» المتعاظم في الأعوام القليلة الماضية في لبنان، بدعم وتنسيق مع «حزب الله».
ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن مصادرها، أن قائد «فيلق القدس» إسماعيل قاآني وضع خطة الهجوم الصاروخي الأخير من لبنان على إسرائيل في اجتماع ببيروت مع إسماعيل هنية وحسن نصر الله.
ويعتبر الباحث السياسي الدكتور أحمد الزعبي أن «(حماس) باتت تلعب دوراً أكبر في لبنان من الدور الذي كانت تلعبه قبل نحو عقدين من الزمن، نتيجة تقاطعات إقليمية متعددة، وتأسيساً على انعكاسات سياسية ذات صلة بالداخل الفلسطيني»، ويضيف: «رغم نفيها المتكرر اتخاذ لبنان مركز عمل رئيسياً لها في المنطقة، فإن أداءها في السنوات الماضية يكشف تعاظم دورها على المستوى الشعبي والسياسي، كما على مستوى العلاقة بالعمل المسلح، وهو ما لمحت إليه تقارير متقاطعة عديدة»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «مجموعة كبيرة من قيادات الحركة باتت مقيمة في بيروت بشكل دائم».
ويشير الزعبي إلى أن «(حماس) ورغم معاناتها من صراع أجنحة، فإنها تتوسع لبنانياً»، متسائلاً: «كيف نفسر الزيارات المتتالية لهنية إلى بيروت في الأعوام القليلة الماضية وتكرار شعار وحدة الساحات والميادين؟!»، معتبراً أن «الصواريخ التي أطلقت من الجنوب اللبناني مؤخراً بدت أشبه بسيناريو هزيل للرد على ما جرى في المسجد الأقصى، وتميل إلى تكريس (قواعد اللعبة) المتبعة في جنوب لبنان لإبقائه منصة للرسائل».
أما عن علاقة «حزب الله» و«حماس»، فيقول رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري - أنيجما»، رياض قهوجي، إن «الحزب يمد (حماس) بالسلاح، ويساهم بتدريب عناصرها في لبنان وخارجه منذ زمن، وهذا ليس بالشيء الجديد»، مستبعداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن يكون هناك «تغيير في دور (حماس) في لبنان»، معتبراً أن «الهدف من عملية إطلاق الصواريخ ينحصر في إظهار الدعم بموضوع الأقصى، وللرد على ضربات إسرائيل في سوريا، وتحذيرها من أن إيران تستطيع تهديدها من عدة جبهات».
بالمقابل، ينفي الكاتب والمحلل السياسي، المتخصص في شؤون «حزب الله»، قاسم قصير، أن يكون الحزب قد سلم «حماس» أي صواريخ أو أسلحة متطورة، أو أن يكون هناك تغيير في دور الحركة في لبنان، موضحاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «التعاون والتنسيق مستمران بين حزب الله و(حماس)، والعلاقات بينهما جيدة جداً، لكن عمل الحركة العسكري محصور داخل فلسطين». ويضيف: «(حماس) حريصة على عدم القيام بأي عمل عسكري من لبنان، وحضورها هنا إعلامي وسياسي بشكل أساسي».
قراءة قصير ومعطياته لا يوافقه عليها مصدر فلسطيني مطلع من كثب على التطورات داخل الساحة الفلسطينية في لبنان، لافتاً إلى أن «دور (حماس) بدأ ينمو في لبنان منذ عام تقريباً، بعد مغادرة معظم كوادرها تركيا وقطر، وانتقال قسم كبير منهم للإقامة على الأراضي اللبنانية». ويوضح المصدر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «بعدما كان وجود الحركة في لبنان طوال 25 عاماً يقتصر على دور إعلامي واجتماعي وسياسي، سعى (حزب الله) بكل قوته لعودة (حماس) إلى محور الممانعة، وهو حالياً يعطيها غطاء في حضور قوي في لبنان، ومساحة من التحرك والعمل وبناء قوة جزء منها مرئي وجزء خفي حتى عن عيون الحزب»، ويضيف: «(حماس) ازدادت قوتها العسكرية في لبنان؛ فهي تقوم بعمليات تدريب لعناصرها ذاتياً وعبر الحرس الثوري الإيراني، كما ترسلهم في دورات إلى إيران»، مرجحاً أن يكون لديها في لبنان «ما يقارب 1500 عنصر مدرب تدريباً كبيراً، كما أكثر من 15 من الكوادر والخبراء ومهندسي المتفجرات، إضافة إلى الطائرات المسيرة وتطوير صناعات عسكرية».
وبدأت المتابعة لصعود «حماس» أمنياً وعسكرياً في لبنان تتكثف بعد الانفجار الذي وقع في ديسمبر (كانون الأول) 2021، في مخيم «البرج الشمالي» (القريب من مدينة صور)، حيث أفيد وقتها بأنه كان ناتجاً عن حريق نشب في مستودع لوقود الديزل امتد إلى أحد مستودعات الذخيرة التابعة لـ«حماس» التي نفت الموضوع، وتحدثت عن تماس كهربائي في مخزن مستلزمات وقاية من فيروس «كورونا».
وتتركز قوة «حماس» بشكل أساسي في مخيمي البرج الشمالي والبص في منطقة صور جنوب لبنان، كما في مخيم برج البراجنة في بيروت، ولديها وجود متنامٍ في مخيم عين الحلوة قرب مدينة صيدا في الجنوب.


مقالات ذات صلة

ملاحقة «حماس» أمام القضاء اللبناني

المشرق العربي ملاحقة «حماس» أمام القضاء اللبناني

ملاحقة «حماس» أمام القضاء اللبناني

في أول إجراء قضائي من نوعه ضد حركة «حماس» في لبنان، تقدمت «الجبهة السيادية من أجل لبنان» بإخبار أمام القضاء العسكري ضدّها على خلفية إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان على إسرائيل قبل أكثر من أسبوعين، وطلبت «التحقيق مع أي تنظيم غريب يعتدي على السيادة اللبنانية، ويحوّلها إلى أرض سائبة». وعبّرت الجبهة، في إخبارها الذي قدّم الخميس، عن رفضها «إنشاء 11 قاعدة عسكرية خارج المخيمات الفلسطينية، تابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (القيادة العامة)، وهي تمتدّ من الناعمة (جنوب بيروت) إلى قوسايا عند الحدود اللبنانية والسورية».

المشرق العربي «السيادة من أجل لبنان» يقاضي «حماس»

«السيادة من أجل لبنان» يقاضي «حماس»

تقدمت «الجبهة السيادية من أجل لبنان» بإخبار أمام القضاء العسكري ضدّ حركة «حماس» على خلفية إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان على إسرائيل قبل أكثر من أسبوعين، وتعريض أمن لبنان للخطر. وطلبت «التحقيق مع أي تنظيم غريب يعتدي على السيادة اللبنانية، ويحوّلها إلى أرض سائبة». وعبّرت الجبهة، في إخبارها الذي قدّم الخميس، ويعد أول تحرك قضائي ضد «حماس» في لبنان، عن رفضها «إنشاء 11 قاعدة عسكرية خارج المخيمات الفلسطينية، تابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (القيادة العامة)، وهي تمتدّ من الناعمة (جنوب بيروت) إلى قوسايا عند الحدود اللبنانية والسورية».

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي إسرائيل تلوّح باستئناف الاغتيالات... و«حماس» تعدها بـ«ما يفوق التوقعات»

إسرائيل تلوّح باستئناف الاغتيالات... و«حماس» تعدها بـ«ما يفوق التوقعات»

لمح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى احتمال استئناف سياسة الاغتيالات ضد حركة «حماس» وفصائل أخرى مع أي تصعيد قادم، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية ركزت على صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، باعتباره الهدف رقم واحد للاغتيال، وهي تهديدات علقت عليها «حماس» بقولها، إن ردها على ذلك سيكون أكبر وأوسع مما تتوقعه إسرائيل. وأكدت «القناة 12» الإسرائيلية، أن نتنياهو دعا وزراءه في اجتماع المجلس الوزاري والسياسي المصغر (الكابنيت) بتجنب الحديث العلني عن خيار العودة إلى سياسة لاغتيالات، لا عبر المطالبة بذلك ولا التلميح إلى أنه قد يكون خياراً على الطاولة. وجاء طلب نتنياهو بعد نقاش حول

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي نتنياهو يلوّح باستئناف الاغتيالات... و«حماس» تهدد: «ردنا أكبر من التوقعات»

نتنياهو يلوّح باستئناف الاغتيالات... و«حماس» تهدد

لمَّح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى احتمال استئناف سياسة الاغتيالات ضد حركة «حماس» وفصائل أخرى مع أي تصعيد قادم، حسب وسائل إعلام إسرائيلية ركزت على نائب رئيس المكتب السياسي للحركة صالح العاروري، بوصفه الهدف رقم واحد للاغتيال. من جهتها، علّقت حركة «حماس» على هذه التهديدات بالقول، إن ردها على ذلك سيكون أكبر وأوسع مما تتوقعه تل أبيب. وأكدت «القناة 12» الإسرائيلية، أن نتنياهو دعا وزراءه في اجتماع المجلس الوزاري والسياسي المصغر (الكابنيت) إلى تجنب الحديث العلني عن خيار العودة إلى سياسة الاغتيالات. وجاء طلب نتنياهو بعد نقاش حول المسألة، في إطار نقاش أوسع كان منصبّاً على استعادة «الردع

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي قلق متزايد في لبنان من تصاعد نشاط «حماس»

قلق متزايد في لبنان من تصاعد نشاط «حماس»

يتزايد القلق في لبنان من تصاعد نشاط حركة «حماس» في المخيمات الفلسطينية وفي منطقة الجنوب، وذلك على خلفية إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه منطقة الجليل في شمال إسرائيل. ورغم أن الأجهزة اللبنانية لم تحدد الجهة المسؤولة، فإن أصابع الاتهام توجهت إلى «حماس»؛ خصوصاً أن العملية تزامنت مع وجود رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية في لبنان ولقائه الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله. وأعادت حادثة الصواريخ التصويب على دور «حماس» المتعاظم في الأعوام القليلة الماضية بدعم وتنسيق مع «حزب الله».

بولا أسطيح (بيروت)

غوتيريش يختار العراقي برهم صالح مفوضاً سامياً للاجئين

الرئيس العراقي السابق برهم صالح (غيتي)
الرئيس العراقي السابق برهم صالح (غيتي)
TT

غوتيريش يختار العراقي برهم صالح مفوضاً سامياً للاجئين

الرئيس العراقي السابق برهم صالح (غيتي)
الرئيس العراقي السابق برهم صالح (غيتي)

أظهرت رسالة، الجمعة، أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اقترح الرئيس العراقي السابق برهم صالح لتولي منصب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في خطوة تمثل خروجاً واضحاً عن التقليد المتبع منذ عقود والذي يميل إلى إسناد المنصب لشخصيات من الدول المانحة الكبرى.

وذكر غوتيريش، في الرسالة المؤرخة بـ11 ديسمبر (كانون الأول) أنه يعتزم اقتراح تعيين صالح لولاية مدتها 5 سنوات تبدأ في الأول من يناير (كانون الثاني) 2026، خلفاً للإيطالي فيليبو غراندي الذي يشغل المنصب منذ عام 2016 وتنتهي ولايته في 31 ديسمبر 2025.

ويتطلب التعيين موافقة اللجنة التنفيذية للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين.

مقر الأمم المتحدة في منطقة مانهاتن بمدينة نيويورك في 9 سبتمبر 2025 (أ.ف.ب)

10 مرشحين

وأشار الأمين العام إلى أن عملية الاختيار شملت دعوة الدول الأعضاء لتقديم ترشيحات، إلى جانب إعلان عام استقطب طلبات من شخصيات سياسية ومسؤولين تنفيذيين وأكاديميين.

ووفق الرسالة، راجع فريق من كبار مستشاري الأمم المتحدة الترشيحات وأجرى مقابلات مع المرشحين المدرجين في القائمة القصيرة قبل رفع توصياته النهائية.

وتقدم للمنصب نحو 10 مرشحين، من بينهم مسؤول تنفيذي في شركة «إيكيا» وطبيب طوارئ وشخصية تلفزيونية، إضافة إلى عدد من الشخصيات السياسية. وكان أكثر من نصف المرشحين من أوروبا، بما يتوافق مع ما اعتبر طويلاً «عرفاً غير مكتوب» يقضي بأن يأتي المفوض السامي من إحدى الدول المانحة الرئيسية التي تموّل عمليات الوكالة، ومقرها جنيف.

وفي حال الموافقة على اقتراح غوتيريش، سيقود صالح، وهو مهندس تلقى تعليمه العالي في بريطانيا وينحدر من إقليم كردستان العراق، المفوضية في مرحلة شديدة التعقيد، إذ وصل عدد النازحين واللاجئين عالمياً إلى مستويات قياسية تُقدّر بنحو ضعف ما كانت عليه عند تولي غراندي المنصب قبل نحو 9 أعوام.

في المقابل، تراجعت مستويات التمويل هذا العام بعدما قلّصت الولايات المتحدة مساهماتها وحوّلت جهات مانحة غربية أخرى جزءاً من مواردها نحو الإنفاق الدفاعي، ما فاقم التحديات التشغيلية التي تواجهها المفوضية في مناطق النزاع والهشاشة.

صالح مستقبلاً البابا الراحل فرنسيس في القصر الرئاسي ببغداد في مارس 2021 (رويترز)

مَن هو صالح؟

وقد وُلد برهم أحمد صالح في السليمانية عام 1960، وتخرج في الهندسة المدنية قبل أن يحصل على درجات عليا في الإحصاء والهندسة من جامعات بريطانية من بينها كارديف وليفربول. ويعرف صالح بخلفيته الأكاديمية واهتمامه بقضايا الحكم الرشيد والإصلاح المؤسسي.

وشغل صالح منصب رئيس العراق بين 2018 و2022، بعد فوزه بأغلبية أصوات البرلمان، ليخلف فؤاد معصوم في إطار نظام تقاسم السلطة بين المكونات الرئيسية في البلاد. وقبل ذلك، تولى مناصب رفيعة في حكومة إقليم كردستان، بينها رئاسة الحكومة لولايتين، كما تقلد مناصب اتحادية بارزة بعد عام 2003 من بينها نائب رئيس الوزراء ووزير التخطيط، ولعب دوراً في ملفات إعادة الإعمار والسياسات الاقتصادية.

كما أسس صالح الجامعة الأميركية في السليمانية، وشارك في برامج بحثية دولية وزمالات أكاديمية ركزت على التنمية والحكم الرشيد.

ويرى كثيرون أن اختيار شخصية من دولة في الشرق الأوسط لمنصب تقليدياً ما كان يخرج عن دائرة الدول المانحة قد يعكس محاولة من غوتيريش لإعادة تشكيل بعض التوازنات داخل المنظومة الإنسانية للأمم المتحدة، في وقت تتعرض فيه وكالات الإغاثة لانتقادات متزايدة بشأن فاعلية الإنفاق وتوزيع الموارد.

ومن المتوقع أن تراجع اللجنة التنفيذية للمفوضية السامية ترشيح صالح خلال الأسابيع المقبلة، قبل أن تصدر قرارها النهائي، ما يمهد الطريق أمامه لبدء مهامه مطلع 2026 في وقت تتوسع فيه رقعة النزاعات ويزداد فيه الضغط على منظومات الحماية الدولية.


الرئيس العراقي السابق برهم صالح رئيساً جديداً لمفوضية اللاجئين

برهم صالح (الشرق الأوسط)
برهم صالح (الشرق الأوسط)
TT

الرئيس العراقي السابق برهم صالح رئيساً جديداً لمفوضية اللاجئين

برهم صالح (الشرق الأوسط)
برهم صالح (الشرق الأوسط)

عُيّن الرئيس العراقي السابق والسياسي الكردي برهم صالح رئيساً جديداً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، حسبما أفاد مصدر «وكالة الصحافة الفرنسية»، الجمعة، طالباً عدم كشف هويته.

وسيتولى صالح مهامه في يناير (كانون الثاني) خلفاً للإيطالي فيليبو غراندي، الذي أمضى 10 سنوات على رأس المفوضية.

ورُشحت شخصيات أخرى للمنصب، من بينها رئيسة بلدية باريس آن هيدالغو، وكذلك المدير العام المنتهية ولايته للشركة القابضة التي تُدير معظم متاجر «إيكيا» يسبر برودين.

الرئيس العراقي السابق برهم صالح (غيتي)

وسيتولّى صالح، البالغ 65 عاماً، مهامه في وقت تواجه فيه المفوضية أزمة هائلة بعد أن تضاعف تقريباً عدد الأشخاص المجبَرين على النزوح خلال 10 سنوات، فيما انخفض تمويل المساعدات الدولية بشكل حاد، ولا سيما مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

كما اضطرت المنظمة إلى تسريح أكثر من ربع موظفيها منذ بداية العام، أي نحو 5 آلاف موظف.

ويُنظر إلى برهم صالح، الذي تلقّى تعليمه في بريطانيا، بوصفه سياسياً معتدلاً. وقد كان من أعضاء السلطات المؤقتة التي شكّلتها القيادة العسكرية الأميركية بعد إسقاط نظام صدام حسين إثر الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003.

وتولّى لاحقاً منصب وزير التخطيط في الحكومة الاتحادية التي انبثقت عن أول انتخابات تعددية في العراق عام 2005. وبعد عام، أصبح نائباً لرئيس الوزراء نوري المالكي، وبعد انتهاء ولايته عاد في عام 2009 إلى أربيل ليتولّى حتى 2011 رئاسة حكومة إقليم كردستان.

هذا السياسي، وهو ابن قاضٍ وناشطة في مجال حقوق المرأة، تولّى رئاسة العراق بين عامي 2018 و2022، وهو منصب فخري إلى حد كبير تُرك تقليدياً للأكراد منذ أول انتخابات تعددية في 2005؛ حيث يكون رئيس الوزراء شيعياً، ورئيس البرلمان سنياً.

الرئيس العراقي السابق برهم صالح (أرشيفية - د.ب.أ)

وفي عام 2014، توقّع البعض عودته إلى بغداد لتولّي المنصب الفخري لرئيس الجمهورية، لكنه انسحب في اللحظة الأخيرة لصالح فؤاد معصوم، وهو أيضاً عضو في حزبه، «الاتحاد الوطني الكردستاني».

وينحدر صالح من السليمانية، معقل «الاتحاد الوطني الكردستاني»، وقد دفع بمشروعات رئيسية في هذه المدينة، ولا سيما سعيه إلى إنشاء الجامعة الأميركية في السليمانية.


بناء الجيش أحد أكبر التحديات التي تواجه الحكومة السورية

جانب من عملية تسليم جنود النظام السابق أسلحتهم لقوات الحكومة الجديدة في اللاذقية يوم 16 ديسمبر 2024 (نيويورك تايمز)
جانب من عملية تسليم جنود النظام السابق أسلحتهم لقوات الحكومة الجديدة في اللاذقية يوم 16 ديسمبر 2024 (نيويورك تايمز)
TT

بناء الجيش أحد أكبر التحديات التي تواجه الحكومة السورية

جانب من عملية تسليم جنود النظام السابق أسلحتهم لقوات الحكومة الجديدة في اللاذقية يوم 16 ديسمبر 2024 (نيويورك تايمز)
جانب من عملية تسليم جنود النظام السابق أسلحتهم لقوات الحكومة الجديدة في اللاذقية يوم 16 ديسمبر 2024 (نيويورك تايمز)

عندما وصلت فصائل المعارضة السابقة في سوريا إلى السلطة قبل عام، كان من أولى خطواتها عزل جميع القوات العسكرية في البلاد، التي استُخدمت أدواتٍ للقمع والوحشية لمدة خمسة عقود تحت حكم بشار الأسد وعائلته.

والآن، يتمثل أحد أكبر التحديات التي تواجه الحكومة الناشئة في إعادة بناء تلك القوات، وهو جهد سيكون حاسماً في توحيد هذا البلد الذي لا يزال منقسماً.

لكن لتحقيق ذلك، يتبع القادة الجدد في سوريا النهج نفسه الذي استخدموه لتأسيس حكومتهم.

فالهيكل القيادي الجديد للجيش يفضّل المقاتلين السابقين من فصيل هيئة تحرير الشام الذي كان يقوده الرئيس أحمد الشرع. وتُدخل وزارة الدفاع السورية بعض أساليب التدريب نفسها، بما في ذلك التعليم الديني، التي كان يعتمدها هذا الفصيل الذي أصبح أقوى فصائل المعارضة التي قاتلت نظام الأسد خلال النزاع في سوريا.

وقد أجرت «نيويورك تايمز» مقابلات مع نحو 20 جندياً وقائداً ومجنداً جديداً في سوريا تحدثوا عن التدريب العسكري وشاركوا مخاوفهم. وتحدث معظمهم بشرط عدم الكشف عن هوياتهم لأن وزارة الدفاع تمنع الجنود من التحدث إلى وسائل الإعلام.

وقال عدد من الجنود والقادة، وكذلك محللون، إن القادة الجدد للقوات المسلحة كانوا شديدي التدقيق في نقاط معينة، مثل حظر التدخين على الجنود أثناء الخدمة. لكن في نواحٍ أخرى، قال الجنود إن التدريب بدا منفصلاً عن احتياجات قوات عسكرية حديثة.

في الربيع الماضي، عندما وصل أحد أفراد المعارضة السابقة، الذي يبلغ من العمر 30 عاماً، إلى التدريب العسكري في محافظة حلب شمال سوريا، أبلغ المدربون نحو 1400 مجند جديد بأن التدخين غير مسموح. وقال هذا المتمرد السابق إن أحد المدربين قام بتفتيشه وصادر عدة علب سجائر أخفاها في سترته.

وقد دفع الحظر عشرات المجندين إلى الإقلاع فوراً، وطُرد الكثيرون بسبب تجاهله، وفقاً للمتمرد السابق، وهو رجل نحيل كان يدخن بشراهة أثناء حديثه في مارع، وهي بلدة في ريف حلب. وبعد ثلاثة أسابيع، لم يُكمل التدريب سوى 600 مجند، كما قال.

واستمر هو في التدريب.

قال إنه فوجئ بنواحٍ أخرى من التدريب. فقد خُصِّص الأسبوع الأول بالكامل للتعليم الديني الإسلامي.

وقال جنود وقادة إن التدريب الديني يعكس الآيديولوجيا التي يتبعها فصيل «هيئة تحرير الشام» عندما كان في السلطة بإدلب، وهي محافظة في شمال غربي سوريا. وقال مسؤول في وزارة الدفاع السورية، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته لعدم تخويله الحديث علناً، إن الحكومة لم تقرر بعدُ ما إذا كانت ستسمح للأقليات بالانضمام.

عناصر من قوات الأمن السورية الجديدة خلال احتفال بتخرجهم في دمشق يوم 20 فبراير 2025 (نيويورك تايمز)

ويعتمد قادة سوريا الآن على دائرة من الموثوق بهم من فصيل «هيئة تحرير الشام» لقيادة الجيش الجديد وصياغته، حسب ما ذكره عدة جنود وقادة ومجندين.

ولم ترد وزارة الدفاع السورية على قائمة تفصيلية من الأسئلة أو طلبات التعليق المتكررة.

وبعد إلغاء التجنيد الإجباري، المكروه بشدة في عهد النظام السابق، بدأ الجيش الجديد في تجنيد المتطوعين ووضع شروطاً تشمل شهادة الصف التاسع، واللياقة البدنية، والقدرة على القراءة.

لكن الجنود الذين قاتلوا مع فصائل المعارضة في الحرب ضد نظام الأسد أُدرجوا تلقائياً في صفوف الجيش، حتى لو لم يستوفوا الشروط، وفقاً لعدة جنود وقادة.

وقال عصام الريس، المستشار العسكري البارز في مؤسسة «إيتانا» البحثية السورية، الذي تحدث إلى العديد من الأفراد السابقين في فصائل المعارضة والعاملين حالياً في الجيش، إن قادة من «هيئة تحرير الشام» يُمنحون مناصب عسكرية لأنهم مخلصون لقيادتهم حتى ولو كانوا يفتقرون لمؤهلات علمية ولتعليم عسكري رسمي.

ومعروف أن المقاتلين السابقين من فصيل «تحرير الشام»، مثل العديد من الفصائل الأخرى، لديهم سنوات من خبرة القتال غير النظامي ضد نظام الأسد. لكن معظمهم لم يخدم كضباط في جيش نظامي ذي فروع مختلفة مثل البحرية، والقوات الجوية، والمشاة، وذي هياكل قيادة صارمة، وهي معرفة تُعد مفيدة عند إعادة بناء جيش.

وأضاف الريس: «قوة الجيش تكمن في انضباطه».

ويبدأ معظم الجنود والقادة الآن بتدريب أساسي لمدة ثلاثة أسابيع، باستثناء أولئك الذين قاتلوا سابقاً إلى جانب هيئة تحرير الشام.

ووقعت الحكومة السورية اتفاقاً أولياً مع تركيا لتدريب وتطوير الجيش، حسب قتيبة إدلبي، مدير الشؤون الأميركية في وزارة الخارجية السورية. لكن الاتفاق لا يشمل توريد أسلحة أو معدات عسكرية، بسبب العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا.

العقيد علي عبد الباقي، قائد أركان الكتيبة 70 في دمشق، هو من بين قلّة من القادة الكبار (في قوات الأمن الجديدة) الذين لم يكونوا من «هيئة تحرير الشام». قال من مكتبه في دمشق إنه لو كان مكان الرئيس الشرع لبنى الجيش الجديد بالطريقة نفسها التي يبنيها الرئيس السوري. وقال العقيد، الذي قاد فصيلاً متمرداً خلال الحرب: «لن يخاطروا بأشخاص لا يعرفونهم».

وقال بعض كبار القادة العسكريين إن التعليم الديني هو محاولة لبناء الانسجام عبر الإيمان المشترك، وليس لفرض آيديولوجيا محددة على المجندين.

وقال عمر الخطيب، خريج قانون ومتمرد سابق وقائد عسكري حالياً في محافظة حلب: «في جيشنا، يجب أن تكون هناك وحدة مخصصة للتوعية السياسية ومنع الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب. هذا أهم من تدريبنا على عقيدة دينية نعرفها أصلاً».

* خدمة «نيويورك تايمز»