معارضة الداخل لـ«مؤتمر إنقاذ وطني» في دمشق بـ«حماية دبلوماسية»

«هيئة التنسيق» تسعى لتشكيل «الجبهة الوطنية الديمقراطية»... وتحاور «مجلس سوريا الديمقراطية»

صورة لـ«مؤتمر الإنقاذ الوطني» في دمشق في سبتمبر 2012
صورة لـ«مؤتمر الإنقاذ الوطني» في دمشق في سبتمبر 2012
TT

معارضة الداخل لـ«مؤتمر إنقاذ وطني» في دمشق بـ«حماية دبلوماسية»

صورة لـ«مؤتمر الإنقاذ الوطني» في دمشق في سبتمبر 2012
صورة لـ«مؤتمر الإنقاذ الوطني» في دمشق في سبتمبر 2012

تسعى قوى «معارضة الداخل» السورية، بقيادة «هيئة التنسيق الوطني»، للحصول على «حماية دبلوماسية» من حلفاء دمشق، خصوصاً موسكو وطهران، لعقد مؤتمرها الموسع يوم السبت المقبل، وتشكيل «الجبهة الوطنية الديمقراطية» (جود)، بسقف سياسي يتضمن التمسك بـ«الانتقال السياسي» وتنفيذ «بيان جنيف» وقراري مجلس الأمن 2118 و2254.
كما تواصل «الهيئة» مفاوضات مع «مجلس سوريا الديمقراطية» (مسد) لإنجاز خريطة لتنفيذ اتفاق مبادئ بينهما، بعد حل عقد الخلاف والموقف من «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، و«الإدارة الذاتية» شرق الفرات.
وقال المنسق العام لـ«هيئة التنسيق»، حسن عبد العظيم، لـ«الشرق الأوسط»، إن دعوات وجهت إلى الحكومات الممثلة دبلوماسياً في دمشق، بينها روسيا وإيران والصين ومصر، لحضور افتتاح المؤتمر في دمشق يوم السبت المقبل، وإن بعض الدول على «اطلاع مسبق» بعقده، في حين أوضح أحمد العسراوي، الأمين العام لـ«حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي»، أحد مكونات «الهيئة»، أنه «لا ضمانات حتى الآن تؤكد عقد المؤتمر، وأن الحضور الدبلوماسي لا يوفر حماية».
وقال قيادي آخر لـ«الشرق الأوسط»، إن القيادي السابق في «الهيئة» عبد العزيز الخير «اختفى» بعد وصوله إلى مطار دمشق، عقب عودته من زيارة رسمية إلى الصين، في حين أضاف العسراوي «عقد المؤتمر في دمشق يعطيه 75 في المائة من أسباب النجاح، لكن ليس لدينا ضمانات من أي طرف من الأطراف».

- كتل ومؤتمرات
وتأسست «هيئة التنسيق الوطنية» في يونيو (حزيران) 2011، من 11 حزباً ومكوناً وقوى سورية معارضة من داخل وخارج سوريا؛ بهدف «التغيير الوطني الديمقراطي في سوريا»، مع رفض «التدخل الخارجي»، والمطالبة بـ«انتقال سياسي»، حسب «بيان جنيف» لعام 2012 وقراري مجلس الأمن 2118 لعام 2013 و2254 لعام 2015. وفي سبتمبر (أيلول) 2012، عقدت «الهيئة» في دمشق «مؤتمر الإنقاذ الوطني» بحضور سفراء وممثلي روسيا وإيران ومصر، الذي طالب بـ«التغيير الديمقراطي الجذري».
وافترق طريقا الحليفين، «حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي و«الهيئة»، عن بعضهما بعضاً، حيث شكل «الاتحاد» تحالفاته مع «قوات سوريا الديمقراطية»، التي تلقت دعماً لقتال «داعش» من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، إضافة إلى تأسيس «الإدارة الذاتية» في شمال شرقي سوريا.
وفي نهاية 2015، عقد في الرياض مؤتمر موسع للمعارضة، أسفر عن تشكيل «هيئة المفاوضات السورية»، وتضم 36 عضواً: 8 من «الائتلاف»، و4 من «منصة موسكو»، و4 لـ«منصة القاهرة»، و5 لـ«هيئة التنسيق»، و7 للفصائل العسكرية، و8 مستقلين، إضافة إلى عضو كردي مع «الائتلاف».

- «إنقاذ»
وقال عبد العظيم، في اتصال هاتفي أجرته «الشرق الأوسط» مساء أول من أمس، إن المؤتمر الجديد سيعقد بمشاركة مكونات «هيئة التنسيق» الـ11، وعشرة كيانات أخرى، لـ«تشكيل أوسع تحالف من القوى الوطنية المتمسكة بالحل السياسي بموجب بيان جنيف والقرارين الدوليين 228 و2254»، كما هو الحال مع «الائتلاف الوطني السوري» المعارض، الذي وُسِّع في 2012 «المجلس الوطني السوري» بضم مكونات وتحالفات أخرى.
وحسب العسراوي، فإن فكرة المؤتمر طرحت قبل سنتين، وجرى تشكيل لجنة تحضيرية، حيث جرى الاتفاق على عقده آخر مارس (آذار) الحالي. وقال لـ«الشرق الأوسط»، إنه «ليس بديلاً من المعارضة أو الائتلاف» الذي قال معارضون آخرون، إنه عرضة للنقد؛ لأنه بات قريباً جداً إلى تركيا. وأوضح عبد العظيم، أن «الائتلاف في الخارج، وله امتدادات في الداخل، ونحن في الداخل لنا امتدادات في الخارج، ونكمل بعضنا بعضاً».
وقبل انعقاد «مؤتمر الإنقاذ» في 2012، حصلت «هيئة التنسيق» على ضمانات روسية، لكن جرى لاحقاً اعتقال مشاركين فيه. لكن في هذه المرة، اكتفت «الهيئة» بالإبلاغ وتوجيه دعوة للسفارات لحضور الجلسة الافتتاحية. وفي ختام المؤتمر، سيتم الإعلان عن وثيقة سياسية مشتركة تدعو إلى «التغيير الديمقراطي والانتقال السياسي، عبر الحل السياسي».
وفي يونيو الماضي، لدى إعلان «الحزب الشيوعي السوري» بدء تشكيل «الجبهة الوطنية الديمقراطية» (جود)، قال إنها ترمي إلى عقد «مؤتمر إنقاذ وطني عام، للعمل على التغيير الجذري للنظام، وإنجاز مهمات المرحلة الانتقالية»، و«دعم العدالة الانتقالية، بما يشمل محاسبة وتعويضاً وسلاماً مجتمعياً، والإسهام في بناء نظام سياسي - اقتصادي - اجتماعي، يوفر العدالة الاجتماعية، ويسهم في انتشال أكثر الفئات فقراً وتهميشاً، ويؤمّن نمواً مستداماً مؤسساً على حقوق الإنسان».

- الانتخابات الرئاسية
وقال عبد العظيم والعسراوي، إن لا علاقة لعقد المؤتمر بالانتخابات الرئاسية السورية المقررة قبل ستين يوماً من انتهاء ولاية الرئيس بشار الأسد في 17 يوليو (تموز) المقبل. وشكلت الانتخابات نقطة خلافية بين موسكو وطهران الداعمتين لإجرائها «الاستحقاق الدستوري» بموجب الدستور الحالي لعام 2012، واعتبار الأسد «الرئيس الشرعي»، وواشنطن ودول غربية قالت، إنها لن تعترف بنتائج انتخابات لا تجري بموجب القرار 2254. ودعا عبد العظيم في بيان إلى «مقاطعة الانتخابات». وأوضح العسراوي، أن قوى معارضة الداخل «لم تشارك في الانتخابات منذ 1973». وأضاف عبد العظيم «هذه الانتخابات شكلية، وموقفنا منها هو المقاطعة، ودعوة الشعب لرفض المشاركة ترشيحا وانتخابا، وذلك لأنها تقطع الطريق على الحل السياسي التفاوضي وفقاً لبيان جنيف والقرارين 2118 و2254». وزاد «إجراء الانتخابات الرئاسية من النظام يعني رفض الحل السياسي التفاوضي، وتجاهل القرارات الدولية».

- الحوار... شرقاً
وقد يشارك في مؤتمر «جود» من القوى الكردية، كل من «الحزب التقدمي الكردي» و«حزب الوحدة الديمقراطي الكردي»، في حين تواصل «هيئة التنسيق» البناء على قرار من المجلس التنفيذي، بالحوار مع «المجلس الوطني الكردي» المنضوي في «الائتلاف»، و«مجلس سوريا الديمقراطية» (مسد)، لعقد سلسلة جلسات حوارية مع الكتلة الأخيرة، وهي الذراع السياسية لـ«قوات سوريا الديمقراطية».
وبعد جلسات عدة، تم التوصل إلى مسودة تفاهمات، تضمن إحدى نسخها التمسك بـ«وحدة سوريا»، وأن «المخرج الوحيد للحل هو التغيير الديمقراطي»، و«بناء جيش وطني، وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية، وعدم تدخل الجيش في السياسة، ودخول كل القوى العسكرية المؤمنة بالحل السياسي، وبينها (قسد)، ودمجها بالجيش»، إضافة إلى «إعادة القراءة الموضوعية لتجربة الإدارة الذاتية، والإفادة منها إيجاباً أو سلباً»، واعتبار «القضية الكردية قضية وطنية»، وتعاون «الطرفين في تجميع أوسع طيف من القوى والشخصيات الوطنية، لإشراك الجميع، ومنهم (مجلس سوريا الديمقراطية)، في العملية السياسية واللجنة الدستورية».
وحسب عبد العظيم، لا تزال هناك خلافات بين الطرفين تحول دون المضي في تنفيذ التفاهمات بينها؛ إذ إن ممثلي «مسد» يريدون انضمام «قوات سوريا الديمقراطية» ككيان مستقل إلى الجيش، يحافظ على خصوصيته، «بينما نقول نحن أن تُضَم (قسد)، وكل القوى المسلحة التي لم ترتكب جرائم حرب، بطريقة مهنية إلى الجيش السوري المستقبلي، ليس ككتلة، بل كأفراد فيه»، واعتبار «الإدارة الذاتية تجربة فرضتها الظروف، لها إيجابيات وسلبيات، تدرس في أجواء إيجابية»، في حين يرى الطرف الآخر، أن «التجربة يجب أن تعمم في سوريا». وأضاف عبد العظيم، أن وفد «الهيئة» طالب أيضاً بالتأكيد على أن «ثروات البترول والغاز هي ملك للشعب السوري، وليس لأي طرف معارض».
وقال قائد «قوات سوريا الديمقراطية»، مظلوم عبدي، لـ«الشرق الأوسط» الشهر الماضي «نحن لا نعارض في المشاركة في أي هيكلية أو جسم عسكري وطني سوري، يحقق الأهداف الوطنية السورية، في إعادة الأمن والاستقرار إلى البلاد، ويحافظ على خصوصيتنا في (قوات سوريا الديمقراطية)، وألا يكون المجلس الجديد - كما سميته أنت - ذا صبغة قومية أو دينية أو مذهبية، بل يؤمن بالدفاع عن الوطن، ولا يكون خاضعاً لأجندات أطراف خارجية». وكانت الرئيسة التنفيذية لـ«مجلس سوريا الديمقراطية» أوضحت «نسعى لتكون الإدارة الذاتية تجربة فاعلة ونموذج يحتذى بها في سوريا».

توضيح: نُشر على لسان المنسق العام لـ«هيئة التنسيق الوطنية» حسن عبد العظيم عن أن السفارة الإيرانية دُعيت إلى المؤتمر في دمشق، وأن دعوة ممثلي سفارات أخرى ترمي إلى توفير «حماية دبلوماسية» للمشاركين، ليس دقيقاً ولم يقله عبد العظيم



تصعيد «الانتقالي» الأحادي يهزّ استقرار الشرعية في اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي باليمن يتفقدون شاحنة خارج مجمع القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي باليمن يتفقدون شاحنة خارج مجمع القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

تصعيد «الانتقالي» الأحادي يهزّ استقرار الشرعية في اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي باليمن يتفقدون شاحنة خارج مجمع القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي باليمن يتفقدون شاحنة خارج مجمع القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

يشهد شرق اليمن، وتحديداً وادي حضرموت ومحافظة المهرة، واحدة من أكثر موجات التوتر خطراً منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في أبريل (نيسان) 2022، وسط تصاعد في الخطاب السياسي، وتحركات عسكرية ميدانية، وإعادة رسم للتحالفات داخل المعسكر المناهض للحوثيين؛ الأمر الذي يضع البلاد أمام احتمالات مفتوحة قد تنعكس على كامل المشهد اليمني، بما في ذلك مسار الحرب مع الجماعة الحوثية، وواقع الإدارة المحلية، ووضع الاقتصاد المنهك.

وفي هذا السياق، أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي بوضوح نيته المضي نحو تعزيز سيطرته الأمنية في وادي حضرموت. وقال علي الكثيري، رئيس الجمعية الوطنية للانتقالي، إن «الانتصارات الأخيرة شكلت بارقة أمل لأبناء حضرموت»، مشيراً إلى أن «مرحلة ما بعد التحرير تتطلب تضافر الجهود للحفاظ على المكتسبات».

رئيس مجلس الانتقالي الجنوبي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عيدروس الزبيدي (أ.ب)

وكان لافتاً حديثه عن أن «تأمين وادي حضرموت يمثل أولوية قصوى»، في إشارة مباشرة إلى مطلب الانتقالي القديم بإخراج القوات الحكومية من الوادي واستبدالها بقوات «النخبة الحضرمية» الموالية له، بالتوازي مع تأكيده أنّ الجنوب «مقبل على دولة فيدرالية عادلة»، في تكرار لرؤيته الداعية إلى إنهاء الوحدة بصيغتها الحالية.

بالنسبة للانتقالي، فإن السيطرة على وادي حضرموت والمهرة ليست مجرد توسع جغرافي؛ بل جزء من رؤية استراتيجية تهدف إلى ترسيخ النفوذ جنوباً استعداداً لأي تسوية سياسية مقبلة بخاصة في ظل مطالب المجلس باستعادة الدولة التي كانت قائمة في جنوب اليمن قبل 1990.

موقف العليمي

في المقابل، صعّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي خطابه بعد أن غادر العاصمة المؤقتة عدن بالتوازي مع تصعيد المجلس الانتقالي؛ إذ شدد بشكل واضح على «انسحاب القوات الوافدة من خارج حضرموت والمهرة» وتمكين السلطات المحلية من إدارة شؤون المحافظتين.

وجاءت مواقف العليمي من خلال تصريحاته أمام السفراء الراعيين للعملية السياسية في اليمن، وأخيراً من خلال اتصالات هاتفية مع محافظي حضرموت والمهرة، في رسالة أراد من خلالها تقديم دعم مباشر للسلطات المحلية والدفع نحو تهدئة التوتر بعيداً عن الخطوات الأحادية التي أعلنها المجلس الانتقالي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وشدد العليمي على ضرورة «عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه»، محذراً من مخاطر التصعيد على الاقتصاد والواقع الإنساني. كما دعا إلى «تحقيق شامل في الانتهاكات المرافقة للإجراءات الأحادية»، في إشارة إلى الاعتقالات والإخفاءات التي تقول جهات حقوقية إنها رافقت عمليات الانتقالي في بعض المناطق الجنوبية.

ويبرز من هذه التصريحات حجم الهوة داخل مجلس القيادة الرئاسي نفسه؛ إذ يتحرك كل طرف من أطرافه بشكل مستقل، بينما تتسع الفجوة بين مواقف العليمي والانتقالي بشأن مستقبل الإدارة الأمنية والعسكرية للشرق اليمني.

مخاوف واسعة

يثير تصاعد الأحداث في شرق اليمن مخاوف من أن تتحول حضرموت والمهرة، وهما أكبر محافظتين في البلاد مساحة، إلى بؤرة صراع داخلي قد تجرّ اليمنيين إلى فوضى جديدة. فالمنطقة، التي تمتاز بامتدادات جغرافية واسعة وثروات نفطية ومنافذ برية مهمة مع السعودية وسلطنة عُمان، حافظت لسنوات على نمط من الاستقرار النسبي مقارنة بمناطق الحرب الأخرى.

لكن دخول قوات إضافية وفرض وقائع أمنية وعسكرية قد يؤدي إلى تقويض الإدارة المحلية التي تعتمد على التوازنات القبلية والسياسية، وعرقلة إنتاج النفط الذي يمثل شرياناً اقتصادياً أساسياً، مع ارتفاع خطر الجماعات المتطرفة التي تستغل عادة الفراغات الأمنية، إضافة إلى تعميق الانقسام داخل مجلس القيادة الرئاسي وانعكاس ذلك على قدرته في إدارة ملفات الحرب والسلم.

كما يهدد التصعيد بتفاقم الأزمة الإنسانية في بلد يعيش أكثر من 23 مليون من سكانه على المساعدات، بينما تشير تقارير أممية إلى أن 13 مليوناً قد يبقون بلا دعم إنساني كافٍ خلال العام المقبل.

تنسيق الزبيدي وصالح

على خلفية هذه التطورات، أجرى طارق صالح اتصالاً برئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي، في خطوة أضافت طبقة جديدة من التعقيد، بخاصة وأن الطرفين عضوان في مجلس القيادة الرئاسي الذي يقوده العليمي.

وحسب بيان الانتقالي، ناقش الطرفان «سبل التنسيق المشترك لإطلاق معركة لتحرير شمال اليمن من الحوثيين»، مؤكدين أن «المعركة واحدة والمخاطر واحدة»، مع الإشارة إلى تعاون مستقبلي لمواجهة «الجماعات الإرهابية» بما فيها الحوثيون وتنظيم «القاعدة».

المجلس الانتقالي الجنوبي يطالب باستعادة الدولة التي كانت قائمة في جنوب اليمن قبل 1990 (أ.ف.ب)

هذا التواصل ليس عادياً؛ فهو يجمع بين قيادتين تنتميان لمدرستين سياسيتين مختلفتين، الزبيدي بمشروعه الانفصالي جنوباً، وطارق صالح بمشروع «الجمهورية الثانية» شمالاً. لكن المشترك بينهما هو الرغبة في إعادة ترتيب موازين القوة داخل المعسكر المناهض للحوثيين، وتشكيل محور عسكري قادر على التحرك خارج حسابات الحكومة الشرعية، غير أن الرهان دائماً سيكون منوطاً بالإيقاع السياسي الذي تقوده الرياض.

وحسب مراقبين، يسعى الطرفان إلى استثمار الجمود في مسار التفاوض مع الحوثيين وملء الفراغ الناجم عن التغاضي الدولي تجاه الوضع في اليمن؛ وذلك لصياغة تحالف جديد يعيد تشكيل الخريطة السياسية، ويمنح كلاً منهما مساحة أكبر للتأثير، لكن كل ذلك يبقى غير مضمون النتائج في ظل وجود التهديد الحوثي المتصاعد.

بين الحوثيين والانتقالي

تأتي هذه التطورات في وقت تتراجع فيه العمليات القتالية بين الحكومة والحوثيين على معظم الجبهات. ومع أن الحوثيين يواصلون الحشد والتجنيد، فإن خطوط الجبهة الداخلية بين شركاء «معسكر الشرعية» باتت أكثر اشتعالاً من خطوط القتال مع الحوثيين أنفسهم.

ويحذّر خبراء من أن أي انقسام إضافي داخل هذا المعسكر سيمنح الحوثيين هامشاً أوسع لتعزيز نفوذهم، خصوصاً أنهم يراقبون من كثب ما يجري في الشرق، حيث تعتمد الحكومة الشرعية على الاستقرار هناك لضمان مرور الموارد والتحركات العسكرية.

وبين دعوات الانتقالي إلى «مرحلة ما بعد التحرير»، ومطالب العليمي بعودة القوات إلى تموضعها السابق، ومحاولات الزبيدي وطارق صالح لتشكيل موقف موحد، يجد سكان حضرموت والمهرة أنفسهم أمام مشهد معقد يشبه صراع نفوذ متعدد الطبقات.

وفد سعودي برئاسة اللواء محمد القحطاني زار حضرموت لتهدئة الأوضاع (سبأ)

فالمنطقة التي لطالما عُرفت بقبائلها وامتدادها التجاري والاجتماعي مع دول الخليج، باتت اليوم ساحة اختبار لمعادلات سياسية تتجاوز حدودها، وسط مخاوف من أن يقود هذا التصعيد إلى هيمنة على السلطة تتناسب مع المتغيرات التي فرضها المجلس الانتقالي على الأرض، بالتوازي مع تحذيرات من انفجار جديد يعمّق الانقسام اليمني بدلاً من رأبه.

وفي كل الأحوال، يرى قطاع عريض من اليمنيين والمراقبين الدوليين أن العامل الحاسم يظل مرتبطاً بموقف الرياض التي تمسك بخيوط المشهد الرئيسية، وقد دعت بوضوح إلى خفض التصعيد والتهدئة، عادَّة أن أي فوضى في المناطق المحررة في الجنوب والشرق اليمني ستنعكس سلباً على جهود إنهاء الحرب مع الحوثيين، مع اعترافها الواضح أيضاً بعدالة «القضية الجنوبية» التي يتبنى المجلس الانتقالي الجنوبي حمل رايتها.


«خطط الإعمار الجزئي» لرفح الفلسطينية... هل تُعطّل مسار «مؤتمر القاهرة»؟

يستخدم أفراد الدفاع المدني حفارة للبحث عن رفات الضحايا في أنقاض مبنى مدمر في مخيم البريج للاجئين (أ.ف.ب)
يستخدم أفراد الدفاع المدني حفارة للبحث عن رفات الضحايا في أنقاض مبنى مدمر في مخيم البريج للاجئين (أ.ف.ب)
TT

«خطط الإعمار الجزئي» لرفح الفلسطينية... هل تُعطّل مسار «مؤتمر القاهرة»؟

يستخدم أفراد الدفاع المدني حفارة للبحث عن رفات الضحايا في أنقاض مبنى مدمر في مخيم البريج للاجئين (أ.ف.ب)
يستخدم أفراد الدفاع المدني حفارة للبحث عن رفات الضحايا في أنقاض مبنى مدمر في مخيم البريج للاجئين (أ.ف.ب)

حديث عن خطط للإعمار الجزئي لمناطق في قطاع غزة، تقابلها تأكيدات عربية رسمية بحتمية البدء في كامل القطاع، بعد نحو أسبوعين من تأجيل «مؤتمر القاهرة» المعني بحشد تمويلات ضخمة لإعادة الحياة بالقطاع المدمر وسط تقديرات تصل إلى 35 مليار دولار.

تلك «الخطط الجزئية» التي تستهدف مناطق من بينها رفح الفلسطينية، تقول تسريبات عبرية إن حكومة بنيامين نتنياهو وافقت على تمويلها، وهذا ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» تماشياً مع خطط أميركية سابقة حال التعثر في الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأشاروا إلى أن مؤتمر القاهرة للإعمار سيعطل فترة من الوقت؛ ولكن في النهاية سيعقد ولكن ليس قريباً ومخرجاته ستواجه عقبات إسرائيلية في التنفيذ.

ونقل موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مسؤول إسرائيلي قوله إن تل أبيب وافقت مبدئياً على دفع تكاليف إزالة الأنقاض من قطاع غزة وأن تتحمل مسؤولية العملية الهندسية الضخمة، وذلك بعد طلب من الولايات المتحدة الأميركية، وستبدأ بإخلاء منطقة في رفح جنوبي القطاع من أجل إعادة إعمارها.

ويتوقع، وفق مصادر الصحيفة، أن تكون إسرائيل مطالبة بإزالة أنقاض قطاع غزة بأكمله، في عملية ستستمر سنوات بتكلفة إجمالية تزيد على مليار دولار.

وترغب الولايات المتحدة في البدء بإعادة إعمار رفح، على أمل أن تجعلها نموذجاً ناجحاً لرؤية الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتأهيل القطاع، وبالتالي جذب العديد من السكان من مختلف أنحائه، على أن يعاد بناء المناطق الأخرى في مراحل لاحقة، وفق الصحيفة الإسرائيلية.

تلك التسريبات الإسرائيلية، بعد نحو أسبوعين من تصريحات للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، تميم خلاف، لـ«الشرق الأوسط»، أكد خلالها أن القاهرة تعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين على تهيئة البيئة المناسبة لنجاح مؤتمر «التعافي المبكر وإعادة الإعمار في قطاع غزة». في معرض ردّه على سؤال عن سبب تأجيل المؤتمر.

وفي 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قال مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن المؤتمر «لن ينعقد في موعده (نهاية نوفمبر) وسيتأجل». وأرجع ذلك إلى التصعيد الحالي بالقطاع، وسعي القاهرة إلى توفر ظروف وأوضاع أفضل على الأرض من أجل تحقيق أهدافه، تزامناً مع تقرير عن مخططات إسرائيلية لتقسيم قطاع غزة لقسمين أحدهما تحت سيطرة إسرائيلية والآخر تتواجد فيه «حماس» ولا يتجاوز نحو 55 في المائة من مساحة القطاع.

صبيان يحتميان من المطر وهما جالسان على عربة يجرها حمار في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

واعتمدت «القمة العربية الطارئة»، التي استضافتها القاهرة في 4 مارس (آذار) الماضي، «خطة إعادة إعمار وتنمية قطاع غزة» التي تستهدف العمل على التعافي المبكر، وإعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين، وذلك وفق مراحل محددة، وفي فترة زمنية تصل إلى 5 سنوات، وبتكلفة تقديرية تبلغ 53 مليار دولار. ودعت القاهرة إلى عقد مؤتمر دولي لدعم إعادة الإعمار في غزة، بالتنسيق مع الأمم المتحدة.

ويرى عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير رخا أحمد حسن، أن تلك الخطط لن يوافق عليها ضامنو وبعض وسطاء اتفاق غزة باعتبارها مخالفة للاتفاق، وتطرح مع تحركات إسرائيلية لتعطيل المرحلة الثانية بدعوى أهمية البدء في نزع سلاح القطاع أولاً.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن موافقة إسرائيل على تمويل الإعمار الجزئي وعودة الترويج له إسرائيلياً، يشير لعدم احتمال الوصول لمرحلة ثانية واللجوء لخطة بديلة تحدث عنها جاريد كوشنر صهر ترمب بالبناء في المناطق الخارجة عن سيطرة «حماس» ما دامت الحركة لم تُنهِ بند نزع السلاح، مشيراً إلى أن عودة الحديث عن خطط الإعمار الجزئي تؤخر الإعمار الشامل وتعطي رسالة للدول التي ستمول بأن ثمة عقبات، وبالتالي ستعطل عقد مسار مؤتمر القاهرة.

وفي 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أكد كوشنر، في مؤتمر صحافي بإسرائيل، أن إعادة إعمار غزة في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي «مدروسة بعناية وهناك اعتبارات جارية حالياً في المنطقة الخاضعة لسيطرة جيش الدفاع الإسرائيلي، ما دام أمكن تأمينها لبدء البناء كغزة جديدة، وذلك بهدف منح الفلسطينيين المقيمين في غزة مكاناً يذهبون إليه، ومكاناً للعمل، ومكاناً للعيش»، مضيفاً: «لن تُخصَّص أي أموال لإعادة الإعمار للمناطق التي لا تزال تسيطر عليها (حماس)».

فلسطينيون نازحون يسيرون أمام المباني المدمرة في حي تل الهوى في الجزء الجنوبي من مدينة غزة (أ.ف.ب)

تلك الخطط الجزئية تخالف مواقف عربية، وشدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، في اتصال هاتفي، الخميس، على ضرورة التنفيذ الكامل لاتفاق وقف الحرب في القطاع، وحتمية البدء في عملية إعادة إعمار القطاع، وفق بيان للرئاسة المصرية.

وفي مقابلة مع المذيع الأميركي تاكر كارلسون، بـ«منتدى الدوحة»، الأحد الماضي، قال رئيس الوزراء القطري، محمد عبد الرحمن آل ثاني «لن نتخلى عن الفلسطينيين، لكننا لن نوقّع على الشيكات التي ستعيد بناء ما دمره غيرنا».

ويعتقد عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية» أن طلب قطر قبل أيام بتحمل إسرائيل تمويل ما دمرته «تعبير عن موقف عربي صارم للضغط لعدم تكرار التدمير»، مشيراً إلى أن مصر تدرك أيضاً أن إسرائيل تتحرك في الخطة البديلة بإعمار جزئي في رفح لكن القاهرة تريد تعزيز الموقف العربي المتمسك بالإعمار الكامل، والذي سيبدأ مؤتمره مع بدء المرحلة الثانية التي تشمل انسحاباً إسرائيلياً. بينما يرى المحلل السياسي الفلسطيني أن الموقف العربي سيشكل ضغطاً بالتأكيد لكن هناك وجهات نظر متباينة، مشيراً إلى أن مؤتمر إعمار القاهرة مرتبط بحجم التقدم في المرحلة الثانية ونزع السلاح بالقطاع؛ إلا أنه في النهاية سيحدث، لكن ليس في القريب العاجل وستكون مخرجاته مهددة بعقبات إسرائيلية.


جبايات الحوثيين تعمّق الركود الاقتصادي وتغلق عشرات الشركات

ملايين اليمنيين الخاضعين للحوثيين يعيشون في ظروف صعبة جراء ضيق سبل العيش (أ.ف.ب)
ملايين اليمنيين الخاضعين للحوثيين يعيشون في ظروف صعبة جراء ضيق سبل العيش (أ.ف.ب)
TT

جبايات الحوثيين تعمّق الركود الاقتصادي وتغلق عشرات الشركات

ملايين اليمنيين الخاضعين للحوثيين يعيشون في ظروف صعبة جراء ضيق سبل العيش (أ.ف.ب)
ملايين اليمنيين الخاضعين للحوثيين يعيشون في ظروف صعبة جراء ضيق سبل العيش (أ.ف.ب)

تتواصل الأزمة الاقتصادية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بصورة متسارعة، مع تصاعد شكاوى التجار من الزيادات الجديدة في الضرائب والرسوم المفروضة عليهم، وهي إجراءات وصفوها بـ«التعسفية»، كونها تمتد إلى مختلف الأنشطة التجارية دون استثناء.

في هذا السياق، أكد تقرير دولي حديث أن الضغوط المالية المفروضة على القطاع الخاص باتت تهدد بقاء مئات الشركات الصغيرة والمتوسطة، كما دفعت بالفعل العديد منها إلى إغلاق أبوابها خلال الأشهر الماضية.

وحسب التقرير الصادر عن «شبكة الإنذار المبكر للاستجابة للمجاعة»، فإن الوضع الاقتصادي في مناطق الحوثيين «يستمر في التدهور بوتيرة متصاعدة»، نتيجة الحملات المتكررة للجبايات التي تستهدف المطاعم والمتاجر والفنادق وقطاعات التجزئة.

وأشار التقرير إلى أن سلطات الحوثيين فرضت مؤخراً رسوماً إضافية على التجار تحت مبرر دعم الإنتاج المحلي، غير أن تلك الرسوم جاءت في سياق سلسلة ممتدة من القيود المالية والتنظيمية التي أثقلت كاهل أصحاب الأعمال.

الحوثيون تجاهلوا مطالب التجار بالتراجع عن زيادة الضرائب (إعلام محلي)

واحد من أبرز هذه الإجراءات كان فرض ضريبة جمركية بنسبة 100 في المائة على السلع غير الغذائية المستوردة، وهو ما أدى -وفق التقرير- إلى إغلاق عدد كبير من محلات التجزئة والمؤسسات الصغيرة التي لم تعد قادرة على تحمّل ارتفاع التكلفة التشغيلية والانخفاض المتواصل في الطلب. وتزامن ذلك مع استمرار الحوثيين في تجاهل مطالب التجار بالتراجع عن هذه الزيادات، رغم الاحتجاجات التي شهدتها صنعاء خلال الأسابيع الماضية.

تراجع غير مسبوق

يشير التقرير الدولي إلى أن العمل بالأجر اليومي والأعمال الحرة التي كانت تشكّل مصدر دخل رئيسياً للأسر الفقيرة والمتوسطة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، باتت تواجه تراجعاً غير مسبوق نتيجة خسائر الدخل وتراجع القدرة الشرائية.

ويحذّر التقرير من أن استمرار هذا التراجع سيقلل «على الأرجح» من قدرة الأسر على الحصول حتى على الغذاء بالتقسيط، وهو إحدى آخر الوسائل التي كان يعتمد عليها السكان خلال السنوات الماضية لمواجهة الضائقة المعيشية.

المزارعون والتجار في مناطق سيطرة الحوثيين يعانون من الجبايات (رويترز)

وفي المقابل، استعرض التقرير الإجراءات الاقتصادية التي تنوي الحكومة المعترف بها دولياً اتخاذها، ومنها رفع سعر الدولار الجمركي بنسبة 100 في المائة.

وعلى الرغم من التأكيدات الحكومية أن المواد الغذائية الأساسية مستثناة من هذا التعديل، يتوقع محللون أن ترتفع أسعار السلع غير الغذائية بنحو 6 إلى 7 في المائة، وسط مخاوف من استغلال بعض التجار للوضع ورفع الأسعار بنسب أكبر في ظل ضعف الرقابة المؤسسية.

استمرار الأزمة

تتوقع «شبكة الإنذار المبكر» أن تستمر حالة الأزمة واسعة النطاق في اليمن (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي للأمن الغذائي) حتى مايو (أيار) من العام المقبل على الأقل.

ويعزو التقرير الدولي ذلك إلى تأثيرات الصراع الاقتصادي بين الحوثيين والحكومة اليمنية الشرعية الذي أدى إلى تقويض النشاط التجاري، وارتفاع تكاليف المعيشة، وتدهور بيئة الأعمال، بالإضافة إلى ضعف سوق العمل وانحسار القدرة الشرائية للمواطنين.

أما في محافظات الحديدة وحجة وتعز فيتوقع التقرير استمرار حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة)، نتيجة آثار الهجمات الأميركية والإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت البنية التحتية الحيوية مثل المنشآت والمواني في الحديدة، بالإضافة إلى عجز سلطات الحوثيين عن إعادة تأهيل هذه المرافق.

الحوثيون متهمون بتدمير مستقبل جيل يمني بكامله جراء انقلابهم (إ.ب.أ)

وقد أدى هذا الوضع إلى انخفاض شديد في الطلب على العمالة، وتراجع مصادر الدخل الأساسية للأسر في هذه المناطق.

وتناول تقرير الشبكة التطورات المتعلقة بالوديعة السعودية للبنك المركزي اليمني، وتوقعت أن تُسهم هذه المبالغ في تعزيز المالية العامة ومعالجة عجز الموازنة، بما يمكن الحكومة من استئناف بعض التزاماتها المتوقفة، بما في ذلك صرف الرواتب.

ومع ذلك، يؤكد التقرير أن هذا الدعم «قصير الأجل» ولا يعالج المشكلات الهيكلية العميقة التي يعاني منها الاقتصاد اليمني، خصوصاً في جانب الإنتاج وفرص العمل وبيئة الاستثمار.