بقايا الطبقة الوسطى السورية تسقط في هوّة الفقر

سيدتان تعدّان أوراقاً نقدية في المصرف السوري المركزي في 13 يناير 2012 (أ.ب)
سيدتان تعدّان أوراقاً نقدية في المصرف السوري المركزي في 13 يناير 2012 (أ.ب)
TT

بقايا الطبقة الوسطى السورية تسقط في هوّة الفقر

سيدتان تعدّان أوراقاً نقدية في المصرف السوري المركزي في 13 يناير 2012 (أ.ب)
سيدتان تعدّان أوراقاً نقدية في المصرف السوري المركزي في 13 يناير 2012 (أ.ب)

كانت مروة، وهي أم معيلة في الأربعينات من عمرها، مستيقظة في وقت متأخر من الليل، في شقتها التي تستأجرها في جرمانا. وكانت معتادة على متابعة الإخطارات الواردة على هاتفها المحمول من تطبيق «سوريا للتجارة»، وهي مؤسسة مملوكة للحكومة، تبيع سلعاً بأسعار مدعومة، لتعرف موعد تسلمها البضائع الخاصة بها.
كانت مروة قد تمكنت من شراء 4 كلغ من الأرز و3 كلغ من السكر، بأسعار مدعومة من أجل أسرتها، لتوفر بذلك نحو 3 دولارات تقريباً، مقارنةً بأسعار السوق. لكنّ تطبيق الهاتف لم يعد يبعث لها إخطارات كالمعتاد. قالت في نفسها: «في الشهرين الماضيين، لم أتلقَّ الرسالة في الوقت المناسب، أما هذا الشهر فقد حالفني الحظ».
تقضي مروة ساعات عدة كل يوم في طوابير طويلة لشراء الخبز المدعوم، لتعود بعدها إلى منزلها وتجلس في الظلام والبرد بسبب انقطاع الكهرباء والارتفاع الشديد في أسعار وقود التدفئة. واضطرت منذ وقت قريب إلى بيع الهاتف المحمول الخاص بابنتها كي تتمكن من سداد نفقات طبية.
مروة، وهي موظفة سابقة في الحكومة، فقدت شقيقها وابنتها في هجمات «داعش» وهجمات أخرى شنتها قوات النظام. وتبدو قصتها شبيهة بقصص كثير من أبناء الطبقة الوسطى الآخذة في التلاشي داخل سوريا، والتي سقطت اليوم في هوة الفقر.
قبل عام 2011، كانت سوريا بين الدول منخفضة الدخل، وبلغ إجمالي الناتج المحلي بالنسبة للفرد عام 2010 ما يقدر بـ2806 دولارات، تبعاً لتقديرات صندوق النقد الدولي. وكان هذا المستوى معادلاً لنظيره في سريلانكا، ويقل قليلاً فقط عما هو عليه في المغرب ومصر. اليوم، يعيش قرابة 90% من المقيمين داخل سوريا تحت خط الفقر، في وقت تتفشى مشكلة الجوع يوماً بعد آخر.
منذ عشر سنوات، لم تكن غالبية السوريين من الأثرياء، لكن البلاد اتسمت بوجود طبقة وسطى واسعة، تتمتع بمستوى معيشة مريح نسبياً. ومع هذا، تسببت إجراءات تحرير الاقتصاد، التي بدأت في تسعينات القرن الماضي، في اتساع الفجوة بين الأثرياء والفقراء. وتراجعت الخدمات، وكذلك الدعم الذي تقدمه الدولة لأسعار المواد الأساسية، لا سيما أسعار الوقود، كما تقلصت أموال الدعم الموجهة للمزارعين، الذين شكّلوا في وقت مضى فئة موالية للنظام يمكن الوثوق بها، أو على الأقل أكثر فئات المجتمع هدوءاً.
وباشتعال الانتفاضات العربية، أواخر عام 2010، ساد شعور في أوساط قطاعات كبيرة من الطبقة الدنيا، التي كانت تقيم في المناطق الريفية وداخل الأزقة على أطراف المدن الكبرى، بأنه ليس هناك ما يمكن خسارته، وثارت هي الأخرى.
ومع ذلك، ظلت الطبقة الوسطى الحضرية السورية، وكذلك الأقليات الدينية، هادئة في معظمها، أو داعمة للنظام.
اليوم، تشعر هذه القطاعات من المجتمع بأن العقد الاجتماعي المسكوت عنه بينها وبين النظام، والذي بمقتضاه تبقى هذه القطاعات على هدوئها، مقابل الحصول على خدمات ووظائف من الدولة، قد جرى خرقه.
شفيق، المقيم في ريف اللاذقية، والذي تم تسريحه من الجيش منذ عام، قال لـ«الشرق الأوسط»: «خدمت في الجيش لثماني سنوات في ظروف يسودها الإذلال والمهانة والظلم. اليوم، لا عمل لديّ ولا مستقبل. أضعت تلك السنوات مقابل لا شيء، وليس بإمكاني تحقيق أي شيء لنفسي».

مكابدة يومية للنجاة من الجوع والبرد... والظلام
يواجه السوريون أزمات عدة، تتسبب كل واحدة منها في تفاقم الأخرى، ما أدى إلى تحويل الحياة إلى صراع متواصل لتأمين الضرورات الأساسية للعيش، للبقاء بمنأى عن الجوع والبرد. وجاء التأثير الأكبر للعقوبات المفروضة ضد النظام، متمثلاً في انخفاض إمدادات المنتجات النفطية من إيران، في أعقاب تشديد العقوبات الأميركية ضد النظام الإيراني والشبكات التي تتولى على نحو غير قانوني توفير النفط منذ أواخر عام 2018. وأسفر نقص الوقود والغاز الطبيعي عن تداعيات واسعة النطاق على مختلف جوانب الاقتصاد السوري.
ويقضي السوريون، في مختلف أرجاء البلاد، الجزء الأكبر من أيامهم في الظلام، مع انقطاع الكهرباء على نطاق واسع، حتى داخل الأماكن التي يوليها النظام أولوية، مثل مدينة اللاذقية وريفها، أو الضواحي التي تقطنها الطبقات الغنية في دمشق، مثل ضواحي «المهاجرين» و«أبو رمانة» و«مشروع دمَّر».
من جهتها، أقرت الحكومة السورية سياسة تقنين الكهرباء. لكن، حتى خلال الساعات التي يفترض أن الكهرباء ستتوافر فيها، والتي يضع السوريون خططهم اليومية بناءً عليها، لشحن هواتفهم المحمولة وأجهزة تخزين الطاقة، غالباً ما يكون التيار الكهربائي متقطعاً فيها.
وعن هذا الأمر، قال وائل، المقيم في ضاحية جنوب دمشق: «عادةً، تتوافر الكهرباء لدينا لساعتين في اليوم. ومنذ وقت قريب، جاء محافظ ريف دمشق لزيارة المنطقة، لذلك كنسوا الشوارع قبل مجيئه، وأبقوا على الكهرباء لمدة ساعة ونصف الساعة. وبعد رحيله، انقطعت الكهرباء عن المنطقة من جديد».
من ناحية أخرى، فإن لتر المازوت قفزت تكلفته من 20 ليرات قبل عام 2011، إلى قرابة 1400 ليرة، اليوم، في السوق السوداء. ومن المفترض أن يتوافر المازوت الخاص بالتدفئة مقابل سعر مدعوم يبلغ 180 ليرة للتر، لكنه، في الواقع، غير متوافر بهذا السعر، في معظم المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، إلا لأفراد ينتمون لشبكات الفساد وأمراء الحرب.
ويحتاج كل منزل بين 60 و150 لتراً من الوقود، شهرياً، من أجل التدفئة في فصل الشتاء، حسب درجة الحرارة في الخارج، أي ما تبلغ تكلفته 84000 ليرة في أدنى تقدير، ما يعادل قرابة ضعف متوسط الراتب الشهري. ولهذا، يستحيل على غالبية السوريين تدفئة منازلهم، علماً بأن درجات الحرارة تنخفض إلى ما دون الصفر في المناطق المرتفعة من البلاد، مثل اللاذقية والجبال المحيطة بدمشق.
عن هذا الأمر، قالت جميلة، وهي جدة تبلغ 65 عاماً، وتعيش في منطقة جبلية قرب دمشق: «يجلس غالبية الناس تحت الأغطية، لكن من الصعب إبقاء الأطفال تحتها. لذلك، يمرض الأطفال باستمرار، ويتعين عليك حينها توفير الدواء لهم، وتوفير ملابس ثقيلة تجعلهم يشبهون دببة الباندا».
من ناحية أخرى، توقفت منظومة النقل العام داخل سوريا، في الجزء الأكبر منها. ونظراً لارتفاع أسعار المازوت في السوق السوداء، وانخفاض الأجرة التي يتقاضاها سائقو سيارات الأجرة الجماعية (السرفيس) من الركاب، يشعر هؤلاء السائقون أن من حقهم الحصول على المازوت بأسعار مدعومة، لكونهم يقودون سيارات أجرة تنتمي للمواصلات العامة، لكنهم يبيعون الوقود المدعوم الذي يتسلمونه، في السوق السوداء، ويبقون في منازلهم، بدلاً من الخروج بسياراتهم لتوصيل المواطنين إلى وجهاتهم.
ويعني هذا الأمر بدوره، اضطرار السوريين إلى الانتظار ساعات طويلة، في بداية ونهاية كل يوم عمل، من أجل إيجاد مقعد داخل وسيلة مواصلات. وإضافة إلى تأخرهم عن أعمالهم، ارتفعت أسعار المواصلات بدرجة هائلة، إلى حدٍ أجبر بعض الموظفين على التغيب عن أعمالهم لأيام عدة من الأسبوع.
ومن بين هؤلاء منى، المدرِّسة في ريف اللاذقية، والتي وصفت صعوبة هذا الوضع على المدرِّسين. وقالت: «بدلاً من الذهاب إلى العمل في جميع أيام الأسبوع، يذهب المعلمون للمدرسة مرة كل يومين، ويحرص الناظر على إبقاء سير جدول الحصص منتظماً. أما من يملكون واسطة، فقد توقفوا تماماً عن الذهاب إلى العمل، ومع ذلك فهم مستمرون في تلقي رواتبهم. أما من ليس لديهم واسطة، فيضطرون إلى الحضور إلى العمل، ما يجبرهم على إهدار كامل رواتبهم على المواصلات، فقط من أجل الحفاظ على وظيفة حكومية، لما تحمله من مميزات أخرى».
وأضافت منى: «بطبيعة الحال، يؤثر هذا الأمر على مستوى التعليم. وفي الواقع، الجيل القادم يتعرض للتدمير».
في الوقت ذاته، أصبح الآباء والأمهات يعتمدون على نحو متزايد على التعليم في المنزل، وعلى مدرسين خصوصيين، يُقدم كثيرون منهم على هذا العمل لضمان الحصول على راتبٍ ثانٍ.
تدهور تاريخي لسعرالليرة و{ارتفاع صاروخي} في الأسعار
فقدت العملة السورية ما يزيد على 98.5% من قيمتها على مدار السنوات العشر الماضية. وفي مطلع 2011، كان الدولار الأميركي الواحد يساوي 47 ليرة سورية. وبدأت العملة السورية تفقد قيمتها مع بداية الانتفاضة، ومع توقف مصادر العملة الصعبة، مثل السياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة، والصادرات. وبدأ التراجع السريع في قيمة العملة في أعقاب الأزمة المصرفية اللبنانية عام 2019 والتي أدت إلى تجميد حسابات بالدولار في البنوك اللبنانية، مملوكة لسوريين من أبناء الطبقتين المتوسطة والعليا، وكذلك لشركات سورية. ووصل سعر الصرف أمس إلى اكثر من 4500 ليرة ليرة للدولار.
وتراجعت العملتان اللبنانية والسورية على نحو حاد لتصلا إلى أدنى مستوى لهما على الإطلاق. وبالنسبة إلى دولة تعتمد على نحو متزايد على الواردات، يعد هذا الانهيار في العملة كارثة. وكان من شأن سياسة الأرض المحروقة التي انتهجها النظام، وفقدان السيطرة على المناطق الغنية بالموارد، وفرار رجال الصناعة السوريين إلى خارج البلاد، ونهب المصانع من جميع أطراف الصراع، والعقوبات الغربية، أن تؤدي إلى تقليص القدرة الإنتاجية لسوريا.
جدير بالذكر في هذا الصدد، أن سوريا كانت قد حققت الاكتفاء الذاتي، أو كانت على وشك تحقيقه، في مجالات إنتاج الشعير والقمح والبيض والدواء والزيوت. أما اليوم، فإنها أصبحت مضطرة إلى استيراد معظم استهلاكها من هذه السلع الأساسية. وحتى القطاعات الإنتاجية التي تمكنت من البقاء على قيد الحياة خلال سنوات الحرب، مثل القطاع الزراعي والدواجن ومصانع معينة، تضررت هي الأخرى بسبب اضطرارها إلى شراء مواد أساسية، مثل الديزل وعلف الماشية والبذور والأسمدة، بأسعار مرتبطة بسعر صرف الدولار.
ونتيجة انهيار العملة، شهدت أسعار السلع الأساسية ارتفاعاً صاروخياً. وتبعاً لتقديرات الأمم المتحدة، فإنه خلال الفترة بين ديسمبر (كانون الأول) 2019 وديسمبر 2020 ارتفعت أسعار السلة الأساسية من السلع بنسبة 236%. وبحلول نهاية عام 2020، وقبل حدوث ارتفاعات أخرى في الأسعار، قدرت الأمم المتحدة أن 60% من السوريين يعانون من انعدام الأمن الغذائي، ما يعني أنهم لا يعلمون ما إذا كانوا سيتمكنون من تأمين الوجبة التالية.
وتحفل شبكة «فيسبوك» بصفحات أنشأتها مجموعات من المقيمين داخل مناطق يسيطر عليها النظام، تحوي الكثير من المنشورات التي تتضمن نصائح بخصوص أرخص الوجبات التي يمكن طهوها. وغالباً ما تدور النصائح حول البرغل والأرز والبطاطا المطهوة (وليست المقلية، نظراً لارتفاع أسعار الزيت) والمعكرونة. وفي مطلع عام 2020، كان كثيرون لا يزالون يقترحون وجبة «جظ مظ» (الشكشوكة السورية)، لكن البيض آنذاك كان أرخص مصدر للبروتين. أما اليوم، فقد ارتفع سعره على نحو هائل، ما اضطر السوريين إلى تناسيه، كما تناسوا اللحم والفاكهة ومنتجات الألبان، بل حتى الخضراوات، وأصبحوا يعتمدون على نحو متزايد على نظام غذائي غير صحي، قوامه الكربوهيدرات.
وتشير محادثات مع مقيمين عبر المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، إلى أن الجوع أصبح أكثر تفشياً بكثير، مع بدء ظهور نقصٍ في الخبز المدعوم في فبراير (شباط) 2020، وأصبح أشد حدة في أغسطس (آب) 2020، ونتيجة سيطرة قوى أخرى، غير قوات النظام، على المناطق المنتجة للقمح داخل سوريا، إضافة إلى ارتفاع أسعار القمح الذي يبيعه المزارعون للسلطات المحلية في المناطق الواقعة خارج سيطرة النظام، لم يتمكن النظام من شراء سوى أقل من 20% من المحصول السوري لعام 2020.
وبسبب الأزمة المصرفية اللبنانية، وتراجع احتياطات العملات الأجنبية لدى النظام، وارتفاع أسعار القمح عالمياً، واجهت الحكومة السورية صعوبة في إنجاز صفقات لاستيراد القمح.
تجدر الإشارة هنا إلى أن الخبز لطالما شكل عنصراً رئيسياً في النظام الغذائي في منطقة الهلال الخصيب، لكن الفقر المتفاقم الذي عاناه السوريون على مدار سنوات الحرب دفعهم نحو الاعتماد على الخبز بدرجة أكبر. وقبل اشتعال الانتفاضة، بلغ السعر الرسمي للخبز المدعوم 15 ليرة مقابل 8 أرغفة، لكن أزمات نقص القمح والوقود والفساد الحكومي، تسببت في ظهور سوق سوداء، حيث يجري بيع الخبز ذاته، والذي أصبح اليوم يتسم بجودة أقل، مقابل ما يتراوح بين 3 و12 ضعف السعر الرسمي، حسب المنطقة.
ودفعت الزيادة الحادة في أسعار المنتجات الغذائية الأساسية السكان إلى الاعتماد بشكل متزايد على السلع المدعومة، التي يجري بيعها تبعاً لأسعار محددة عبر منافذ تتبع مؤسسة «سوريا للتجارة» الحكومية. ووجد سكان المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، الذين سبق أن وصفوا السكر والأرز اللذين يجري بيعهما في هذه المنافذ بأنهما لا يصلحان للأكل، وانتقدوا أولئك الذين يتكدسون في صفوف أمام هذه المنافذ، بسبب عدم التزامهم بالتدابير الاحترازية ضد فيروس «كوفيد - 19»، وجدوا أنفسهم مضطرين للتزاحم في الصفوف نفسها بعد أشهر قليلة فقط.
أما النظام، فقد قلص من جانبه كميات السلع المدعومة، إلى درجة أنها لم تعد كافية لتغطية ولو نسبة ضئيلة من احتياجات الأسر السورية، مع حصول أسر على ما لا يزيد على 3 كيلوغرامات من الأرز، و4 كيلوغرامات من السكر في الشهر، وذك للأسر الأكثر عدداً. كما زادت الحكومة أيضاً أسعار السلع المدعومة، ولا تزال عاجزة على نحو متزايد عن توزيع حتى هذه الكميات الصغيرة على السكان.
انكماش الرواتب الهزيلة... واتساع الانتقادات للنظام
قبل عام 2011، ورغم تفاقم الفجوة ما بين الأغنياء والفقراء، ضمّت سوريا طبقة وسطى ضخمة، تتألف في معظمها من موظفين حكوميين، وذلك في إطار ميثاق اجتماعي ظهر عبر أرجاء المنطقة، يقضي بأن توفر الأنظمة الوظائف داخل هيكل خدمة مدنية منتفخ، مقابل الحصول على هدوء سياسي. في ذلك الوقت، بلغ متوسط راتب الموظف الحكومي 20000 ليرة سورية، أي نحو 400 دولار تقريباً. ورغم الزيادات المتكررة للرواتب، فإنها عجزت عن مضاهاة التضخم، وأصبحت قيمة متوسط الرواتب حالياً، البالغ 55000 ليرة سورية، لا تزيد على 15 دولاراً في مارس (آذار) 2021.
وبالنظر إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، لا يكفي هذا الراتب لتوفير احتياجات ثلاثة أيام من السلع الأساسية لأسرة متوسطة تتكون من خمسة أفراد. وعليه، ليس من المثير للدهشة أن يحاول موظفو الحكومة السورية زيادة مداخيلهم بالحصول على وظائف إضافية.
ومع ذلك، ورغم الرواتب الهزيلة، لا يزال التوظيف في الدولة نعمة يقاتل من أجلها كثيرون، وذلك بسبب عدم توافر البدائل، إلا فيما ندر، إلى جانب الشعور بالاستقرار الذي توفره هذه الوظائف، وما تحمله من ميزات مادية إضافية، قانونية وغير قانونية، مثل الرشى، وكذلك القروض المصرفية بأسعار فائدة منخفضة.
ونظراً للتنافس الشديد على الوظائف الحكومية، فإنه لا ينالها سوى أصحاب المستوى الأعلى من الواسطة، ومن ينظر إليهم بوصفهم مخلصين للنظام.
رسمياً، تولي الحكومة معاملة تفضيلية لأقارب الدرجة الأولى للجنود القتلى، وكذلك الجنود الذين أنجزوا فترة التجنيد التي عادةً ما تمتد لثماني سنوات. لكن، حتى داخل صفوف من يحظون بمثل هذه المعاملة المميزة، تبقى معدلات البطالة عالية.
تجدر الإشارة، في هذا الصدد، إلى أن 28000 جندي جرى تعيينهم في القطاع العام في الفترة الأخيرة، ممن جرى تسريحهم من الجيش منذ أكثر من عام.
- «مناطق التسويات» المهملة
يعاني سكان المناطق التي كانت خاضعة في السابق للمعارضة، والتي تمكن النظام وحلفاؤه من إعادة السيطرة على الجزء الأكبر منها عام 2018، من ظروف معيشية شديدة القساوة. كانت هذه المناطق، مثل الغوطة الشرقية والغربية قرب دمشق، والقلمون، وريف حمص الشمالي، قد خاضت سنوات من الحصار والتفجيرات والقصف، أنهكت أجساد سكانها، ودمرت كثيراً من البنى التحتية والمنازل فيها.
كذلك عانت درعا، ومدينة حلب الشرقية، ومدينة حمص الغربية، من أضرار واسعة جراء سنوات من القصف.
واليوم، يمتنع النظام الذي يعاني من الإفلاس وتملأه الرغبة في الانتقام، عن إعادة بناء هذه المناطق، وكذلك الحال مع الوكالات التابعة للأمم المتحدة ومنظمات دولية غير حكومية، والتي يبدو أن أولوياتها تتبع إرشادات النظام.
يُذكر أن سكان المناطق التي كانت تسيطر عليها المعارضة من قبل، والذين ظلوا في هذه المناطق، بدلاً من الفرار للعيش تحت سيطرة النظام، غالباً ما كان يجري فصلهم من وظائفهم الحكومية ولا يعودون إليها. وبسبب المظاهرات الضخمة التي اشتعلت في هذه المناطق، والضربات الجوية التي لم تتوقف، تعرض كثير من رجال هذه المناطق للاعتقال أو القتل أو التهجير القسري، مخلّفين وراءهم أسراً دون معيل.
عن ذلك، قال منير، المقيم في مدينة دوما بالقرب من دمشق، والتي تعرضت لخمس سنوات من الحصار الخانق من جانب نظام الأسد، إن الجوع يبدو ظاهراً بين سكان المدينة. وأضاف: «وصلت القدرة الشرائية لسكان دوما إلى مستوى شديد الضآلة. ويتكون كثير من الأسر من يتامى وأرامل فحسب. وتبدو آثار الفقر واضحة على الناس والشوارع. أما المتاجر، فمعظمها خاوية، ولا يستطيع سوى قليل من الأفراد شراء الحلوى أو الأطعمة الجاهزة. في المقابل، تعتمد الغالبية على الاستدانة، وبيع ممتلكات من منازلها، وعلى المساعدات الإنسانية، لكن كل هذا لا يكاد يكفي».
من ناحية أخرى، من الواضح أن نظام المساعدات الذي تقوده الأمم المتحدة، والموجود حالياً في دمشق، غير مجهّز للحيلولة دون حدوث مشكلة جوع على نطاق واسع. وقد وثّق باحثون وصحافيون ونشطاء في مجال حقوق الإنسان، قيام النظام بتحويل المساعدات إلى من يعدهم موالين له، بما في ذلك أعضاء ميليشيات، وحرمان أولئك الذين يعدهم النظام غير موالين.
ولا يزال هذا النمط مستمراً حتى اليوم، ذلك أن المناطق والمدن والأقاليم التي تعد موالية للنظام أو مقرّبة من مسؤولين في النظام، مرشحة أكثر من غيرها للحصول على مساعدات والاستفادة من مشروعات تديرها الأمم المتحدة أو منظمات دولية غير حكومية، تتخذ من دمشق مقراً لها.
واعترف موظفون في منظمات غير حكومية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بأنه لا يُسمح لهم باتخاذ قرارات نهائية بخصوص اختيار المستفيدين، وليس بإمكانهم منع مسؤولي الاستخبارات السورية أو مسؤولين محليين أو أعضاء في «حزب البعث» من استبعاد من يرونهم غير موالين للنظام، من قوائم المستفيدين من المساعدات، أو إضافة قوائم بأسماء مقربين منهم. وبالنظر إلى أن الغالبية الكاسحة من الشعب السوري تعيش اليوم تحت خط الفقر، فمن المنطقي ألا تكون الأمم المتحدة قادرة على تلبية احتياجاتهم جميعاً.
وبدلاً من تقديم المساعدة إلى من هم في أمسّ الحاجة إليها، والذين يعيش كثيرون منهم في مناطق كانت تخضع من قبل لسيطرة المعارضة، غالباً ما تكون المعايير الأساسية لتوزيع المساعدات ذات طابع سياسي. ويتوافد أفراد في سيارات فارهة للحصول على سلال مساعدات تخص الهلال الأحمر السوري، حسبما ذكرت إحدى المقيمات في قرية قرب القرداحة، التي تنتمي إليها عائلة الأسد. وأضافت: «لقد خرج الفساد عن السيطرة».
من جهتها، بررت عضوة في حزب «البعث» في حرستا، تدخل الحزب الحاكم في اختيار المستفيدين من المساعدات، وتوفير سلال مساعدات غذائية لموظفي الحكومة الذين بقوا في وظائفهم، لأنه جرى اعتبارهم موالين للنظام، بقولها: «البعض يعارض اختيار المستفيدين بقوله: لماذا يحصل موظفون حكوميون على مساعدات؟ وإنه يجب توجيه جميع المساعدات لمن ليست لديهم وظيفة. أود أن يعلم من يعارضون هذا الأمر أن موظفي الدولة يكافحون هم أيضاً من أجل سداد الفواتير المستحقة عليهم».
- اتساع الفساد
الواضح أن الفساد هو الآخر يتفاقم. والمعروف أن الفساد شكّل عنصراً أساسياً في الحكم داخل سوريا لعقود، مع سماح النظام لموظفي القطاع العام باستغلال مناصبهم داخل الدولة والمؤسسات التابعة للنظام، لابتزاز المواطنين، والتربح من التهريب والنشاطات غير القانونية الأخرى، مقابل ضمان ولائهم. وكان سوء استغلال السلطة من جانب السلطات السورية واحداً من المحفزات الرئيسية للانتفاضة التي اشتعلت عام 2011 وكان من شأن الغياب المتزايد للقانون عن سوريا خلال سنوات الحرب، وازدهار اقتصاد الحرب، وتراجع قيمة رواتب موظفي الدولة السورية، أن يؤدي إلى تشجيع الفساد وفتح المجال واسعاً لازدهاره.
وشكّلت أزمات نقص السلع المختلفة والمتفاقمة أرضاً خصبة للفساد. ففي سوريا، يمكن شراء جميع السلع المدعومة غير الموجودة في المتاجر والمخابز من السوق السوداء، والتي تأتي إمداداتها من مسؤولين كبار في النظام يسرقون السلع، كما تأتي هذه السلع من مؤسسات حكومية.
على سبيل المثال، لم يحصل المزارعون في شرق حماة على حصة فبراير من المازوت، التي تعد ضرورية لرعاية محاصيل القمح الخاصة بهم. وعن هذا، قال أحد المزارعين: «حرصت على الذهاب إلى محطة الوقود يومياً، لكنها كانت مغلقة. وعدت إلى اتحاد المزارعين فأخبروني بأن مالك المحطة تلقى المازوت ولا يرغب في توزيعه، ولا يمكن لأحد الاعتراض عليه لأنه أحد المقربين من المسؤولين».
يُذكر أن مالك محطة البنزين تلك، الواقعة في قرية «تل جديد»، يعمل في تهريب الوقود، ويتولى تمويل ميليشيات موالية للنظام، إضافةً إلى كونه عضواً في مجلس الشعب السوري. وفي الوقت الذي من المفترض أن يتمكن المزارعون من شراء المازوت مقابل 180 ليرة للتر، يُضطر القادرون منهم إلى شرائه من السوق السوداء مقابل 8 أضعاف هذا السعر.
وفي سياق متصل، فإن الخبز المدعوم منخفض الجودة، والذي من المفترض بيعه مقابل 100 ليرة في المخابز التابعة للدولة، يُباع مقابل 300 ليرة على الأقل في السوق السوداء، وقد يصل سعره أحياناً إلى 1200 ليرة، بعد سرقته من جانب موظفي المخابز ومسؤولي الاستخبارات والجنود، بل ومفتشي وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، الذين يفترض أن مهمتهم الحيلولة دون وقوع هذه التجاوزات.
ومع استمرار معاناة الاقتصاد السوري طوال سنوات الحرب، زاد جنود النظام وعناصر الميليشيات والمخابرات من نهبهم للمواطنين. تجدر الإشارة إلى أن الفرقة الرابعة التي يقودها شقيق بشار الأسد، ماهر، تتولى الإشراف على شبكة منتشرة في مختلف أرجاء البلاد، تُدعى «الترفيق»، بمعنى توفير مرافقة مسلحة توفر الحماية للقوافل التجارية من الحواجز العسكرية التي تنتمي لـ«الفرقة الرابعة» ذاتها، وكذلك نقاط التفتيش التي تجمع إتاوات غير رسمية، لا ينتهي بها الحال في خزائن الدولة.
وتبعاً لما ذكره مزارعون من اللاذقية وحماة، زادت أعداد نقاط التفتيش على مدار العام الماضي، الأمر الذي ربما يعكس الحاجة المتزايدة لدى المسلحين لتعويض مداخيلهم المنكمشة.
أيضاً، تتورط «الفرقة الرابعة»، وميليشيات مدعومة من إيران، في عمليات تهريب عبر الحدود إلى لبنان والأردن والعراق. وتتيح شبكات التهريب تلك للتجار بيع منتجاتهم الزراعية وسلع صناعية في دول مجاورة مقابل أسعار أعلى، ما يقلص بدوره المعروض من السلع داخل سوريا، ويرفع الأسعار في الداخل.
وبسبب الفساد المستشري في المؤسسات السورية، تتعرض أي جهود رامية لمكافحة الفساد للفشل، أو ربما تسهم في الفساد وتفاقمه. على سبيل المثال، يسهم مفتشو وزارة التجارة الداخلية، الذين تقع على عاتقهم مسؤولية منع التلاعب بالأسعار، في ارتفاع الأسعار، من خلال حصولهم على رشى من التجار الراغبين في بيع السلع بأسعار أعلى مما يسمح بها القانون.
كذلك، نجد أن حرس الحدود المكلفين بمهمة منع التهريب، يتولون هم أنفسهم، تيسير عمليات التهريب تلك، بعد حصولهم على رشى. كما أن القضاة الذين جرى تعيينهم لسجن الفاسدين يحصلون هم أيضاً على رشى للسماح بفرار الفاسدين من قبضة العدالة.
ونظراً لاعتماده المستمر على جهازه القمعي، لجأ النظام إلى المخابرات، في محاولة لاحتواء انهيار الليرة السورية، من خلال محاولة فرض إرسال حوالات إلى سوريا من خلال القنوات المعترف بها رسمياً فقط، مع فرض سعر تصريف أقل بكثير مما هو موجود في السوق السوداء. وتعوق هذه السياسة قدرة السوريين على معاونة بعضهم بعضاً. وأدت حملة إجراءات لإلقاء القبض على أصحاب مكاتب الحوالات غير الرسمية إلى ارتفاع رسوم التحويل، بسبب الرشى التي يجري دفعها مقابل إطلاق سراح موظفي مكاتب الحوالات، والتي يجري تحميلها في نهاية الأمر على عاتق الزبائن.
وبسبب الحظر المفروض على استخدام الدولار، وعمليات الاعتقال سالفة الذكر، والمراقبة الشديدة، خصوصاً داخل المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة المعارضة، أصبحت مسألة تلقي أي من المقيمين في هذه المناطق حوالةً من الخارج أمراً ينطوي على مخاطرة هائلة.
من جانبه، شرح منير، المقيم في دوما، أنه رغم الفقر الطاحن، قليلون فقط من يتجرأون على تلقي أموال محوّلة من الخارج. وأضاف: «يلجأ الناس إلى الحوالات في الظروف الاستثنائية فحسب، ويعتمدون على الأقارب الذين يحملون الأموال النقدية إلى داخل سوريا، الأمر الذي يثير شكوكاً أقل».
واليوم، بعد عشر سنوات من خروج ملايين السوريين ثائرين ضد نظام وحشي وفاسد، واحتجاجاً على توزيع غير عادل للثروة، تبدو سوريا أكثر فساداً من أي وقت مضى، بينما تبدو الطبيعة الوحشية لأعمال العنف فيها واضحة للعيان. كانت السنوات العشر الأخيرة قد جرّدت النظام السوري من كثير من المظاهر المدنية السطحية التي كان يختفي خلفها. وسمحت هذه المظاهر لبعض السوريين بالتظاهر، أو ربما بالاعتقاد عن حق بأنهم يعيشون في ظل دولة مؤسسات تشكل الضامن الوحيد للاستقرار المالي والأمني.
اليوم، أصبحت الطبيعة الفاسدة والعنيفة للنظام، التي تشبه ما يسود داخل عصابات المافيا، واضحة للعيان. والآن، أصبحت النقاشات الخاصة الدائرة في أوساط السوريين الذين لم يثوروا ضد النظام منذ عشر سنوات، إما بسبب الخوف وإما لرغبتهم في الحفاظ على الاستقرار، تشبه على نحو متزايد نبرة حديث الثوار الذين خرجوا ضد النظام عام 2011. ومع ذلك، فإنه بخلاف الثوار، لا يزال هؤلاء السوريون أسرى حالة من الخوف الشديد والانهزام، تَحول دون خروجهم في وجه النظام.
* باحثة في جامعة برنستون



سيول في المهرة تخلف أضراراً في البنى التحتية والممتلكات

السيول خلّفت دماراً واسعاً في الطرقات بمحافظة المهرة اليمنية (إكس)
السيول خلّفت دماراً واسعاً في الطرقات بمحافظة المهرة اليمنية (إكس)
TT

سيول في المهرة تخلف أضراراً في البنى التحتية والممتلكات

السيول خلّفت دماراً واسعاً في الطرقات بمحافظة المهرة اليمنية (إكس)
السيول خلّفت دماراً واسعاً في الطرقات بمحافظة المهرة اليمنية (إكس)

خلَّفت السيول الجارفة الناجمة عن مياه الأمطار في محافظة المهرة اليمنية أضراراً واسعة في البنى التحتية والطرقات والممتلكات الخاصة والعامة، وسط تدخل سعودي إغاثي وتوجيه رئاسي للحكومة بسرعة مساندة السلطات المحلية.

وشهدت المحافظة التي تقع في أقصى شرق اليمن منذ أيام منخفضاً جوياً أدى إلى هطول أمطار شديدة نجم عنها سيول ضربت الطرقات والمزارع والبنى التحتية وسط مساندة من قوات الجيش للسلطات المحلية في الإنقاذ.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

ونقل الإعلام الرسمي أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي أجرى اتصالاً هاتفياً بمحافظ المهرة محمد علي ياسر، وذلك للاطمئنان على الأوضاع في المحافظة التي تشهد أمطاراً غزيرة، وسيولاً جارفة، بسبب المنخفض الجوي وحالة الطقس غير المستقرة.

وذكرت وكالة «سبأ» أن العليمي استمع من محافظ المهرة، إلى إيجاز أولي بشأن الأضرار التي خلفتها السيول والأمطار الغزيرة في الممتلكات العامة والخاصة، والحيازات الزراعية والطرقات والبنى التحتية، والخدمات الأساسية في مدينة الغيضة وأنحاء متفرقة من المحافظة.

كما استمع رئيس مجلس الحكم في اليمن إلى إحاطة حول الجهود المنسقة مع الجهات المعنية والمنظمات الإقليمية والدولية، وفي المقدمة تدخلات مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، للحد من تداعيات المنخفض الجوي، وتقديم العون، وعمليات الإنقاذ والمساعدة للمتضررين والعائلات المنكوبة.

وفي حين أشاد العليمي بجهود قيادة السلطة المحلية، والمكاتب التنفيذية في محافظة المهرة، وما اتُخذ من إجراءات وتدابير للحد من آثار الكارثة الطبيعية، أصدر توجيهات لرئيس مجلس الوزراء أحمد عوض بن مبارك، بتكليف وزارة الأشغال العامة والمؤسسات التابعة لها والجهات المعنية بالتدخل العاجل لفتح الطرق الداخلية والدولية، واستئناف تشغيل الخدمات الأساسية، والشروع في إعادة تأهيل البنى التحتية المدمرة.

السلطات المحلية في محافظة المهرة اليمنية تكافح لتجاوز آثار السيول (إكس)

وفي وقت سابق، أفادت السلطات المحلية في المهرة بأن قوات الجيش بمحور الغيضة تجري عملية إنقاذ ونقل السكان المحاصرة بيوتهم بالسيول ومن هم على الخطوط العامة إلى مراكز الإيواء.

وطلبت السلطة المحلية ولجنة الطوارئ من جميع الساكنين بمحاذاة الأودية ومجاري السيول مغادرة منازلهم والنزوح إلى أماكن آمنة، حيث يتوقع قدوم سيول كبيرة.

كما نبهت السلطات إلى ضرورة الابتعاد عن مجاري السيول وبطون الأودية والشعاب حرصاً على سلامتهم، وحذرت من خطورة الاقتراب من الكابلات والمحولات الكهربائية وخطوط الضغط العالي أثناء وبعد هطول الأمطار.

مساعدات سعودية

على وقع الأضرار التي ضربت محافظة المهرة اليمنية جراء السيول دشن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، توزيع المساعدات الإيوائية الطارئة للمتضررين في مديرية المسيلة.

وأشاد مدير مكتب مدير عام مديرية المسيلة محمد بن حويل، بتدخلات مركز الملك سلمان للإغاثة في مساعدة الأسر المتضررة جراء السيول والأمطار كأول جهة داعمة تتدخل لمساعدة الأهالي في المديرية.

من جهته، أوضح مدير مكتب ائتلاف الخير للإغاثة الإنسانية بمحافظة المهرة الشريك المنفذ للمشروع أيمن مزيون، أن التدخل يتضمن توزيع 121 خيمة و165 حقيبة إيوائية يستفيد منها نحو 1155 فرداً من المتضررين من السيول والأمطار في مديرية المسيلة.

ووفق الإعلام الرسمي اليمني حضر التدشين رئيس لجنة التخطيط والتنمية بمديرية المسيلة سالم مولى الدويلة، والمساعد اللوجيستي طلال ناصر بن حريز، ومساعد المتابعة والتقييم المهندس عوض سعيد كعيتي، وممثل الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في مديرية المسيلة يونس باعباد.

وكان المركز قد وزع مساعدات إيوائية طارئة لمتضرري السيول والأمطار في عددٍ من المديريات بمحافظة حضرموت المجاورة، بسبب المنخفض الجوي الذي ضربها أخيراً، شملت 276 خيمة و1000 حقيبة إيوائية.

وأثنى وكيل محافظة حضرموت عمرو بن حبريش، بتدخلات مركز الملك سلمان للإغاثة، وتقديمه المساعدات الطارئة لمتضرري السيول، مشيراً إلى أن هذه المساعدات ستسهم في تخفيف معاناة الأسر المتضررة.

وتأتي تلك المساعدات في إطار الجهود الإغاثية التي تقدمها السعودية عبر ذراعها الإنسانية مركز الملك سلمان للإغاثة، لتخفيف معاناة اليمنيين جراء الأزمة الإنسانية التي تعصف بهم.


صندوق النقد يحذر من آثار سلبية على اليمن جراء التصعيد البحري

ممثلو صندوق النقد الدولي مع المسؤولين اليمنيين في ختام اجتماعاتهم في عمان (إعلام حكومي)
ممثلو صندوق النقد الدولي مع المسؤولين اليمنيين في ختام اجتماعاتهم في عمان (إعلام حكومي)
TT

صندوق النقد يحذر من آثار سلبية على اليمن جراء التصعيد البحري

ممثلو صندوق النقد الدولي مع المسؤولين اليمنيين في ختام اجتماعاتهم في عمان (إعلام حكومي)
ممثلو صندوق النقد الدولي مع المسؤولين اليمنيين في ختام اجتماعاتهم في عمان (إعلام حكومي)

حذر صندوق النقد الدولي من آثار سلبية على اليمن بسبب التصعيد في البحر الأحمر، وأكد أن توقف صادرات النفط منذ هجوم الحوثيين على موانئ تصديره في أكتوبر (تشرين الأول) 2022 حرم الحكومة من نصف عائداتها.

وذكر الصندوق أن التقديرات تشير إلى أن النمو في اليمن تقلص بنسبة 2 في المائة خلال العام الماضي، في حين بقي معدل التضخم مرتفعاً على الرغم من تراجع أسعار الأغذية عالمياً.

صندوق النقد الدولي حض الحكومة اليمنية على تسريع الإصلاحات المالية (إعلام حكومي)

وفي ختام اللقاء التشاوري السنوي بين السلطات اليمنية وصندوق النقد الدولي الذي استضافته العاصمة الأردنية عمّان، ومثَّل الجانب الحكومي فيه محافظ البنك المركزي أحمد غالب وسالم بن بريك وزير المالية، أكدت جويس وونج، رئيسة بعثة الصندوق أن النقاشات تناولت آخر المستجدات الاقتصادية والسياسية والنظرة المستقبلية والتقدم الذي حققته الإصلاحات الرئيسية.

وأوضحت وونج في بيان أن التقديرات تشير إلى أن الخسارة في الصادرات النفطية اليمنية، التي مثلت أكثر من نصف الإيرادات الحكومية (ما يعادل 4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي)، قد عملت على اتساع العجز في المالية العامة إلى نسبة 4.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، «الأمر الذي فرض ضغوطات على الاحتياطات الأجنبية وعلى سعر الصرف».

وضع صعب

بيان بعثة صندوق النقد الدولي أكد أن الوضع الإنساني في اليمن يظل صعباً، مع وجود 17 مليون شخص يواجهون حالة انعدام الأمن الغذائي، وأشار إلى أن الدفعات المنصرفة من حزمة الدعم من بلدان مجلس التعاون الخليجي، واستقرار تحويلات المغتربين لا تزال تعد عوامل تسهم في تخفيف حدة الأوضاع، لكن البعثة نبهت إلى أنه في العام الحالي، قد يتفاقم الوضع الهش بفعل التوترات الإقليمية.

وقال الصندوق إن تصعيد التوتر في البحر الأحمر يمكن أن يؤثر سلباً على النشاط الاقتصادي من خلال قنوات التجارة والقنوات المالية، إلى جانب تأثيره على انخفاض الدعم الخارجي، الذي يشمل المساعدات الإنسانية.

مسؤولون يمنيون ناقشوا مع صندوق النقد الدولي التحديات الاقتصادية والنقدية (إعلام حكومي)

ومع ذلك، بينت بعثة الصندوق أنه على الرغم من وضع اليمن الذي تكتنفه التحديات، فإن السلطات تبقى ملتزمة التزاماً ثابتاً بإجراء الإصلاحات، ومنها الاستمرار في القضاء على تعددية أسعار الصرف في تنفيذ المعاملات الحكومية، وتيسير نظام مزادات العملات الأجنبية. وذكر البيان أن السلطات اليمنية قامت بتعزيز إدارة السيولة النقدية مع ضبط الإنفاق، وترتيب الأولويات بطريقة أفضل.

ووفق ما جاء في بيان بعثة صندوق النقد الدولي، فقد أسهمت التدابير التي اتخذتها الحكومة اليمنية في الحد من العجز في الموازنة، واللجوء إلى التمويل النقدي، والضغوط التضخمية المصاحبة لها.

تسريع الإصلاحات

في خضم هذه الحال من ارتفاع مستوى انعدام اليقين، حث صندوق النقد الحكومة اليمنية على الاستمرار في تسريع الإصلاحات في المالية العامة، بما في ذلك، تحسين إدارة الإيرادات، والعمل في الوقت نفسه على تعزيز إعادة ترتيب أولويات الإنفاق والرقابة عليه.

ووفق بعثة الصندوق الدولي فإن ضمان اتساق مزادات العملات الأجنبية في اليمن، وقابلية التنبؤ بها سوف يساعد البنك المركزي اليمني على المحافظة على مصداقيته التي حققها بشق الأنفس في خضم موارد العملات الأجنبية المقيدة. وقالت إن تعزيز وظيفة الحوكمة لدى البنك المركزي اليمني، مع العمل في الوقت نفسه على تحسين عملية جمع البيانات، سوف يعزز الشفافية والمساءلة.

وشدد صندوق النقد على أهمية الاستمرار في المحافظة على استقرار القطاع المالي في اليمن، وتعزيز الامتثال مع المعايير الدولية ومنها معايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والتشريعات المحلية، والتي من شأنها تيسير ممارسة التجارة وحوالات المغتربين، وكلاهما يمثل شرايين الحياة الرئيسية للشعب اليمني.

تصعيد الحوثيين البحري يهدد بحدوث آثار سلبية على الاقتصاد اليمني والوضع الإنساني (إ.ب.أ)

وجزمت بعثة الصندوق أن الدعم المالي الخارجي سيظل عاملاً بالغ الأهمية في المساعدة على تخفيف شدة الضغوط المالية، والحد من التمويل النقدي، والمحافظة على استقرار الأسعار. وقالت إن التفاعل النشط مع المانحين لأجل تلبية الاحتياجات القائمة، مع تحسين توافر التمويل، والمحافظة على استمراره، تعد عوامل حاسمة في تحقيق تلك الغاية.

وفي حين تعهد صندوق النقد الدولي بأن يستمر في تقديم المساعدات الفنية الشاملة لليمن لكي يواصل عمليات تعزيز قدراته المؤسسية، قامت بعثته بعقد مباحثات مع الشركاء وأصحاب المصلحة الرئيسيين لتعزيز أوجه التعاون، وتحسين مستوى تنسيق المساعدات الخارجية.

وأعرب الصندوق عن تقديره العميق للسلطات اليمنية وللخبراء الفنيين ولجميع النظراء على ما أبدوه من التعاون الممتاز والمباحثات الصريحة، وتطلع إلى مزيد من التواصل الوثيق والمستمر.


تهكّم يمني من دعوة الحوثيين الطلبة الأميركيين للدراسة في صنعاء

المدخل الرئيسي لجامعة صنعاء الخاضعة للجماعة الحوثية (إعلام محلي)
المدخل الرئيسي لجامعة صنعاء الخاضعة للجماعة الحوثية (إعلام محلي)
TT

تهكّم يمني من دعوة الحوثيين الطلبة الأميركيين للدراسة في صنعاء

المدخل الرئيسي لجامعة صنعاء الخاضعة للجماعة الحوثية (إعلام محلي)
المدخل الرئيسي لجامعة صنعاء الخاضعة للجماعة الحوثية (إعلام محلي)

وسط موجة تهكّم يمنية من دعوة الجماعة الحوثية لطلبة الجامعات الأميركية للدراسة في جامعة صنعاء، أفادت مصادر أكاديمية باتساع الفساد المالي والإداري في الجامعة التي تتعرض مبانيها ومرافقها للإهمال والتهالك.

وكشفت مصادر في جامعة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن وقائع فساد مالي وإداري تتمثل باختفاء مبالغ كبيرة من النفقات التشغيلية لعدد من الكليات، مع زيادة في مصروفات القادة الحوثيين المعينين في مناصب عليا في الجامعة، في حين يتم تهديد الموظفين الإداريين بالفصل بسبب مطالبتهم بصرف مستحقاتهم المالية المتوقفة.

الجماعة الحوثية استخدمت جامعة صنعاء لاستقطاب وتجنيد المقاتلين بذريعة نصرة غزة (إعلام حوثي)

وذكرت المصادر أن القاسم محمد عباس، المُعيّن من قِبل الجماعة رئيساً للجامعة، خصص لنفسه ما يقارب ألفي دولار (مليون ريال شهرياً، والدولار يساوي 530 ريالاً في مناطق سيطرة الجماعة) كبدل مواصلات شهرياً، ومنح ما يقارب ثلث هذا المبلغ (600 دولار) لكل قيادي من المعيّنين عمداء لكليات الجامعة، وما يقارب 300 دولار لكل رئيس قسم.

ويتقاضى هؤلاء هذه المبالغ كبدل مواصلات، على الرغم من أنه يجري تعبئة سياراتهم بكميات متفاوتة من الوقود عبر محطة تعاقدت معها رئاسة الجامعة المُعيّنة من قِبل القيادي الحوثي أحمد حامد لتزويد مركبات الجامعة ومعداتها بالوقود.

وبحسب المصادر، فإنه لم يعرف مصير أكثر من 15 ألف دولار من النفقة التشغيلية لكلية الطب، مرجّحة وجود تواطؤ بين من ينتحلون صفات عميد الكلية وأمينها العام ومديرها المالي في إخفاء هذا المبلغ، خصوصاً مع رفضهم الرد على تساؤلات عدد من طاقم الكلية حول مصير هذا المبلغ، وتهديد الموظفين بإجراءات عقابية حال تداول معلومات أو وثائق حوله.

وأوضحت المصادر أن منتحل صفة المدير المالي للكلية يلزم الموظفين بإضافة ما يساوي 20 في المائة من ثمن المشتريات، ويعمل على استقطاعها من دون سندات لصالحه، في ظل صمت منتحلي صفتي العميد والأمين العام، وتجاهل الشكاوى التي تقدم بها عدد من موظفي وطاقم إدارة الكلية وأساتذتها، ورفض مناقشتها حتى داخل الاجتماعات.

إهمال وتَرَدٍ

إلى جانب كل ذلك، تعتزم الجماعة الحوثية رفع رسوم الخدمات في جامعة صنعاء، وتحويل إيرادات الكليات إلى حساب رئاسة الجامعة ونيابة شؤون الطلاب، والتحكم بجميع مصروفات الكليات والمراكز والرقابة عليها مركزياً، في حين يشكو أكاديميو وموظفو وطلاب الجامعة من تدهور المرافق وتردي الخدمات وعدم توفير الصيانة لها.

جانب من عرض في ساحات جامعة صنعاء للمقاتلين الذين جنّدهم الحوثيون (إعلام حوثي)

وأخيراً ،تعرضت أجزاء كبيرة من سور كلية الطب للانهيار جراء الأمطار والسيول الغزيرة، دون أن تجري الجماعة الحوثية أي جهود لتدارك الأمر، خصوصاً وأن الانهيار ألحق أضراراً بممتلكات السكان قرب الكلية، أو لمنع باقي أجزاء السور من الانهيار، رغم شكاوى السكان ومخاوفهم.

وأغرقت السيول فناءات كليات الجامعة ومبانيها، وتسببت بانتشار المستنقعات وتوسعها دون أن تبذل أي جهود لإصلاح الأضرار، في ظل اتهامات للجماعة الحوثية بإهمال جميع مرافق الجامعة.

وطال الإهمال المرافق الداخلية للجامعة وكلياتها، حيث يشتكي الأكاديميون من إهمال النظافة في عدد من المرافق، وحصرها على تلك التي يستخدمها عمداء الكليات.

ولفت أحد الأكاديميين لـ«الشرق الأوسط» أنه ينتقل غالباً من إحدى الكليات التي يدرس فيها إلى كلية مجاورة لاستخدام دورات المياه؛ بسبب عدم قدرته على احتمال الروائح التي تنبعث من دورات مياه كليته، رغم الشكاوى والمطالب بإصلاحها والاهتمام بها.

وأوضح الأكاديمي الذي طلب التحفظ على بياناته أن غالبية عمداء الكليات يعمدون إلى حصر النظافة على دورات المياه التي تتبع مكاتبهم، ويغلقونها أمام أي أكاديمي يحاول استخدامها، ويلزمون عمال النظافة بتنظيف مكاتبهم فقط، في حين يرفض غالبية العمال تنظيف باقي المرافق نظراً لعدم دفع مستحقاتهم.

الطلاب الأميركيون في صنعاء

أثار موقف الجماعة الحوثية بشأن مظاهرات طلاب الجامعات الأميركية المناهضة للحرب على غزة، سخرية وتهكّماً واسعين، بعد إعلان الجماعة عن فتح أبواب جامعة صنعاء للطلاب الأميركيين الذين تعرّضوا للفصل والقمع بسبب تلك المظاهرات.

وكان القيادي القاسم عباس أصدر إعلاناً باستعداده لاستقبال الطلاب والأكاديميين الأميركيين الذين تعرّضوا للفصل، واستيعابهم في جامعة صنعاء وفي جميع التخصصات، ونشر في إعلانه بريداً إلكترونياً لاستقبال طلبات الانضمام للجامعة.

بيان صادر عن الجماعة الحوثية بفتح أبواب جامعة صنعاء لاستقبال الطلاب المفصولين من الجامعات الأميركية (إكس)

وتنوعت مواقف اليمنيين الساخرة من الإعلان ما بين التساؤل عن مرتبات الأكاديميين اليمنيين التي أوقفتها الجماعة الحوثية منذ قرابة العقد، والتذكير بالتردي الذي أصاب الدراسة في جامعة صنعاء بسبب ممارسات الجماعة وإدخال أدبياتها الطائفية ضمن المقررات المفروضة على الطلاب، وإلزام الأكاديميين بتدريس تلك المضامين.

وتساءل عدد من رواد مواقع التواصل عمّا إذا كانت الجماعة ستتمكن من فتح تخصصات في الفيزياء النووية أو علوم الفضاء، وهل ستجبر الطلاب الأميركيين على دراسة ما يعرف بملازم حسين الحوثي مؤسس الجماعة، والاستماع إلى خطابات شقيقه الذي يتزعمها حالياً.

وذهبت التساؤلات إلى إمكانية سماح الجماعة الحوثية للطلاب والطالبات الأميركيين بالاختلاط داخل جامعة صنعاء، وهي التي أقرّت الفصل بين الجنسين داخل الجامعة، واتخذت عدداً من الإجراءات لذلك، وصلت حد بناء جدران داخل القاعات الدراسية للفصل بينهما، إلى جانب الملاحقة الأمنية والإجراءات التعسفية بحق الطلاب والطالبات لمجرد إجراء محادثات عابرة بينهم في أفنية الجامعة.

ومن بين الذين تهكّموا على القرار القيادي في الجماعة نائف القانص الذي سبق وجرى تعيينه سفيراً لها في دمشق، قبل أن تقوم السلطات السورية أخيراً بطرده مع طاقمه، وإعادة السفارة إلى الحكومة اليمنية.

وطالب القانص بنقل من كتب البيان إلى مستشفى الأمراض النفسية، منتقداً الوضع المعيشي والاقتصادي الذي يعيشه السكان في مناطق سيطرة الجماعة بسبب ممارساتها وفسادها.

من جهتها، ذكّرت منصة «واعي» الاجتماعية بنادي الخريجين الذي أنشأته الجماعة الحوثية للسيطرة على الأنشطة والفعاليات الطلابية، وإجبار الطلاب والطالبات على الالتزام بالضوابط والمعايير الأخلاقية التي أقرتها، ومارست تعسفاً بحقهم.

وعلى سبيل السخرية، أنذرت المنصة الطلاب الأميركيين بمواجهات إجراءات قاسية من قِبل هذا النادي، كما دعت الجماعة إلى ترجمة ملازم حسين الحوثي إلى الإنجليزية وضمّها إلى المناهج التي ستقدم لهؤلاء الطلاب.


نقاش يمني – غربي لدعم الاقتصاد والإصلاحات المالية والمصرفية

اختتام الاجتماعات التشاورية السنوية بين اليمن وصندوق النقد الدولي (سبأ)
اختتام الاجتماعات التشاورية السنوية بين اليمن وصندوق النقد الدولي (سبأ)
TT

نقاش يمني – غربي لدعم الاقتصاد والإصلاحات المالية والمصرفية

اختتام الاجتماعات التشاورية السنوية بين اليمن وصندوق النقد الدولي (سبأ)
اختتام الاجتماعات التشاورية السنوية بين اليمن وصندوق النقد الدولي (سبأ)

عقد مسؤولون يمنيون لقاءات في العاصمة الأردنية عمّان مع سفراء غربيين عقب اختتام الاجتماعات التشاورية السنوية مع صندوق النقد الدولي؛ وذلك سعياً لدعم الاقتصاد اليمني والإصلاحات المالية والمصرفية.

وكانت الاجتماعات مع مسؤولي صندوق الدولي في العاصمة الأردنية عمّان استمرت خمسة أيام بمشاركة وزير المالية اليمني سالم بن بريك ومحافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب المعبقي، حيث تطرقت إلى التحديات التي يواجهها الاقتصاد اليمني في ظل الهجمات الحوثية وتوقف تصدير النفط.

محافظ البنك المركزي اليمني أجرى لقاءات مع سفراء غربيين في عمّان (سبأ)

وذكر الإعلام الرسمي أن محافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب عقد لقاءات منفصلة مع سفراء الولايات المتحدة ستيفن فاجن، والمملكة المتحدة عبدة شريف، وفرنسا كاترين قرم كمون، وهولندا جانيت سيبن؛ وذلك لمناقشة آخر المستجدات الاقتصادية على الساحة اليمنية.

ونقلت وكالة «سبأ» أن اللقاءات تطرقت إلى التطورات في المجال المالي والمصرفي، والدعم المقدم للبنك المركزي في مجال بناء القدرات، وتعزيز الرقابة، والإشراف على القطاع المصرفي، والإجراءات الاحترازية المتخذة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

من جهته، ناقش وزير المالية اليمني سالم بن بريك، مع سفيرة المملكة المتحدة عبدة شريف، والسفير الأميركي ستيفن فاجن في لقاءين منفصلين التطورات الاقتصادية والمالية في بلاده، والجهود الحكومية للتعامل مع الأوضاع الصعبة الراهنة، وتنفيذ الإصلاحات الشاملة في الجوانب الاقتصادية والمالية والنقدية والإدارية بدعم إقليمي ودولي، من أجل تحسين الأوضاع العامة وتخفيف المعاناة الإنسانية.

وأورد الإعلام الرسمي أن اللقاءين تطرقا إلى مدى تفاقم معاناة اليمنيين والأوضاع الاقتصادية والخدمية والمعيشية، في ظل استمرار حرب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران على اليمن واليمنيين، ومواصلة تصعيد حربها الاقتصادية، والتصعيد في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن تكريسها الانقسام المالي، واستغلالها الموارد المالية بمناطق سيطرتها لدعم ما يُسمى «المجهود الحربي».

مسؤولون يمنيون مجتمعون في عمّان مع السفيرة البريطانية (سبأ)

كما تناول النقاش جهود المجتمعَين الإقليمي والدولي والأمم المتحدة لتحقيق السلام في اليمن، وسُبل تعزيز التعاون في الجوانب المالية والاقتصادية، وما تقدمه بريطانيا وواشنطن من دعم فني في مجالات بناء القدرات لتعزيز جهود وزارة المالية والمصالح التابعة لها.

واستعرض الوزير اليمني التحديات الكبيرة التي تواجه المالية العامة في بلاده، وجهود الحكومة في سبيل تنفيذ الإصلاحات الشاملة ومحاربة الفساد المالي والإداري، وتحقيق استقرار وتحسن الاقتصاد الوطني، بما يساهم في تمكين الحكومة من مواجهة التحديات والإيفاء بالتزاماتها الحتمية.

وأشار وزير المالية اليمني إلى انعكاسات التطورات الاقتصادية والمالية بشكل سلبي على الأوضاع في مختلف قطاعات ومجالات الحياة ومعيشة مواطنيه، وجهود الحكومة وخياراتها للتعامل مع الظروف الصعبة الراهنة، وبمقدمها الحرص على تعزيز موارد الدولة، وخصوصاً الموارد غير النفطية في المحافظات المحررة، والجهود الحكومية لتنفيذ حزمة الإصلاحات الشاملة ومحاربة الفساد.

وأكد بن بريك، أهمية مواصلة المانحين تقديم الدعم للإسهام بإسناد جهود الحكومة في مواجهة الظروف الصعبة للحرب الحوثية التي ألقت بظلالها السلبية القاتمة على مجمل الأوضاع اليمنية، مشيداً بالدعم الإقليمي والدولي، وخصوصاً من السعودية والإمارات.

تحديات نقدية

أفاد الإعلام الرسمي اليمني بأن نقاش الجانب الحكومي مع خبراء صندوق النقد الدولي برئاسة جويس وونغ، تناول مجمل الأوضاع والتحديات في القطاعات الاقتصادية والمالية والنقدية في ظل استمرار حرب الحوثيين المدعومين من إيران.

وطبقاً لوكالة «سبأ»، ناقشت الاجتماعات على مدى خمسة أيام، بمشاركة ممثلين عن وزارتَي المالية والنفط والمعادن، والبنك المركزي، والبنك الدولي وخبراء اقتصاديين، حزمة من القضايا المرتبطة بتفاقم الأوضاع العامة والخدمية والمعيشية للمواطنين بسبب مواصلة الحوثيين تصعيد حربهم الاقتصادية، وكذا التصعيد الحوثي في البحر الأحمر وخليج عدن.

مسؤولون يمنيون ناقشوا مع صندوق النقد الدولي التحديات الاقتصادية بسبب تصعيد الحوثيين (سبأ)

وشملت النقاشات - بحسب الوكالة - السياسات الحكومية اليمنية في الجوانب المالية والنقدية، ومستوى سير تنفيذ الإصلاحات في الجوانب الاقتصادية والمالية والنقدية والإدارية بدعم من شركاء الحكومة اليمنية، وجهود الأخيرة في سبيل تعزيز موارد الدولة لتحسين الأوضاع العامة وتخفيف المعاناة الإنسانية، والاحتياج من الدعم المالي والفني لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والنهوض بمستوى العمل وبناء القدرات بالقطاعين المالي والنقدي.

وأكدت الاجتماعات اليمنية مع خبراء صندوق النقد الدولي أن توقف صادرات النفط مستمر في التأثير على النشاط الاقتصادي، وتقييد موازنة الحكومة والاحتياطيات الأجنبية، وذكرت أن سبب توقف تصدير النفط الخام الذي يشكّل ما نسبته 65 إلى 70 في المائة من إجمالي الموارد العامة للدولة، منذ نحو عام ونصف العام يعود، إلى إقدام ميليشيا الحوثي على استهداف المنشآت الحيوية لتصدير النفط.

إلى ذلك، أكدت الاجتماعات، أن تحسن الآفاق الاقتصادية مرتبط بالتقدم الإيجابي على صعيد محادثات السلام، واستمرار الالتزام بإجراء الإصلاحات الشاملة، وشددت على ضرورة استقرار القطاع المالي والالتزام بمعايير الدولة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وكذا تواصل التمويل الخارجي من أجل الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي، وتمويل الاحتياجات الإنسانية، واستقرار الأسعار، ودعم عملية الإصلاح.

وأشارت الاجتماعات اليمنية مع صندوق النقد الدولي إلى صعوبة الوضع الإنساني، خصوصاً وأن نحو 17 مليون يمني يواجهون حالة انعدام الأمن الغذائي.


تقرير أممي: 30 % من مخيمات النازحين اليمنيين عُرضة للسيول

منذ سنوات تتكرر معاناة النازحين في اليمن جراء الفيضانات (إعلام حكومي)
منذ سنوات تتكرر معاناة النازحين في اليمن جراء الفيضانات (إعلام حكومي)
TT

تقرير أممي: 30 % من مخيمات النازحين اليمنيين عُرضة للسيول

منذ سنوات تتكرر معاناة النازحين في اليمن جراء الفيضانات (إعلام حكومي)
منذ سنوات تتكرر معاناة النازحين في اليمن جراء الفيضانات (إعلام حكومي)

في الوقت الذي أكد فيه تقرير أممي أن 30 في المائة من مخيمات النزوح في اليمن معرَّضة لخطر الفيضانات، انتقد مسؤول حكومي أداء المنظمات الإغاثية، وقال إنه من المعيب أن يتم الحديث بعد ثمانية أعوام عن المخاطر التي تواجه هذه المخيمات بدلاً من وضع حلول ومعالجات. ورأى في ذلك دليلاً على فشل الأداء الإغاثي.

وعبَّر نجيب السعدي رئيس الوحدة الحكومية لإدارة مخيمات النازحين في اليمن عن أسفه جراء مخاطر السيول والأمطار التي تهدد مخيمات النازحين، مع إن كان من المفترض أن يكون قد تم إيجاد حلول وبدائل فعَّالة وتمَّت معالجة المشكلة من جذرها خلال السنوات السابقة.

مسؤول يمني ينتقد أداء المنظمات الإغاثية في بلاده (إعلام حكومي)

ورأى السعدي في حديثه إلى «الشرق الأوسط» أن ذلك يمكن عدّه أحد الإخفاقات للمنظمات الدولية التي تقود العمل الإنساني، وأعاد المطالبة بالتفكير في حلول جذرية لهذه المشكلة وللنزوح بشكل عام، ومن ضمن ذلك التحول نحو الحلول الدائمة.

وقال إن هذا التوجه تم البدء به خلال العام الحالي، متمنياً أن يتم تلافي الأخطاء السابقة التي تسببت في تفاقم الأزمة الإنسانية.

وحسب المسؤول عن مخيمات النزوح في اليمن فإن أخطاء المنظمات تكمن في أنها تعمل بدلاً عن الدولة، وطالب بأن تقود مؤسسات الدولة العمل لمعالجة النزوح والمشكلات المرتبطة به، ويبدأ ذلك من تقديم الدعم الفني وبناء القدرات للجهات الحكومية لتصبح قادرة على أداء دورها في معالجة الأزمة الإنسانية.

وشدد السعدي على وجوب أن تقود مؤسسة الدولة العملية الإنسانية في جميع مراحلها من التخطيط وتحديد الأولويات والتنفيذ وتقييم التدخلات. وقال إنه من دون ذلك ستستمر الأزمة الإنسانية في التفاقم، كما في خطر السيول على المخيمات.

وبيَّن المسؤول اليمني أنه حتى لا تصبح البلاد ثقباً أسود يلتهم كل المساعدات الإنسانية، فإنه يدعو المجتمع الدولي لمساعدة المؤسسات الحكومية لتؤدي دورها وأن يكون دور المنظمات هو مساعدة الحكومة على ذلك وفق الأولويات التي تحددها. كما دعا إلى ضرورة تقديم مزيد من التمويلات كون نسبة التمويل انخفضت بشكل كبير خلال هذا العام.

السيول في اليمن تتسبب موسمياً في أضرار مادية وبيئية (إ.ب.أ)

وأعاد السعدي التذكير بأن كثيراً من المخيمات أنشأها النازحون بأنفسهم بشكل عشوائي، خصوصاً ما قبل 2019، ولهذا أُقيمت على مجاري السيول، وذلك أصبح تحدياً كبيراً يتطلب البحث عن مناطق بديلة، لكنَّ ذلك يواجه انعدام التمويل لنقل المخيمات إلى جانب رفض النازحين الانتقال إلى مكان آخر لارتباطهم بمصالح مثل مكان العمل وكسب العيش.

ويشير المسؤول اليمني إلى جانب آخر، وهو أن معظم المخيمات لها بين ثماني وخمس سنوات منذ إقامتها، وأصبحت مهترئة وغير قادرة على مقاومة أي أمطار، وهذا ما ضاعف من الكارثة.

مخاطر عالية

كانت مجموعة إدارة وتنسيق المخيمات ومنظمة الهجرة الدولية ومبادرة «ريتش» ذكرت في تقرير مشترك عن مخاطر الفيضانات على مواقع النازحين في اليمن أن 672 موقعاً تستضيف ما مجموعة 747.143 ألف نازح في 17 محافظة ذات درجة «حرجة» أو «عالية» في التعرض لخطر الفيضانات خلال العام الجاري 2024.

ووفق ما أورده التقرير فإن 20 موقعاً تضم 11.778 ألف نازح صُنفت في مستوى «مخاطر حرجة»، و652 موقعاً يقيم فيها 735.365 ألف نازح تقع في مستوى «مخاطر عالية» لتأثيرات الفيضانات المدمّرة، فيما أن 318 موقعاً ذات مخاطر متوسطة، و840 موقعاً ذات خطر منخفض، بينما 455 موقعاً آخر لا تتوافر أي معلومات أو بيانات عنها.

وأكد التقرير أن مواقع النازحين المعرَّضة لمخاطر عالية للفيضانات خلال هذا العام تمثل نسبة 30 في المائة من إجمالي مواقع النزوح البالغ عددها 2285 موقعاً، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 5 في المائة مقارنةً بالعام الماضي، الذي كانت فيه نسبة المواقع المعرَّضة لخطر الفيضانات لا تزيد على 25 في المائة.

النازحون اليمنيون بنوا مخيماتهم بعد أن فروا من قمع الحوثيين (إعلام حكومي)

وحسب نتائج التقرير، فقد تصدرت محافظة شبوة قائمة 17 محافظة في عدد المواقع التي تواجه مخاطر عالية من الفيضانات، وبنسبة 82 في المائة من إجمالي المواقع الموجودة فيها، تليها محافظة إب (62 في المائة)، ثم الضالع (53 في المائة)، وذمار (47 في المائة)، وتعز (38 في المائة)، وأبين (36 في المائة)، ومأرب (34 في المائة)، وصنعاء وحضرموت (32 في المائة في كل منهما)، ولحج (31 في المائة)، وحجة (27 في المائة)، والحديدة (26 في المائة)، والجوف وصعدة (23 في المائة في كل منهما)، والبيضاء (22 في المائة)، وعمران (15 في المائة)، فيما كانت عدن أقل المحافظات خطراً على النازحين بنسبة 10 في المائة.

وطالب التقرير بإجراء مزيد من التحليل للمواقع المصنَّفة «حرجة» أو «عالية» لتحديد الأولويات للأنشطة المطلوبة والاستعدادات لمواجهة الفيضانات والإجراءات الاستباقية اللازمة لذلك، بسبب القيود على التمويل في هذا العام، مع توفير الإغاثة قصيرة المدى حالة الاستجابة للفيضانات الكبرى المفاجئة وغير المتوقَّعة.


ضربات غربية في الحديدة... والحوثيون تبنّوا هجمات ضد 107 سفن

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

ضربات غربية في الحديدة... والحوثيون تبنّوا هجمات ضد 107 سفن

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

خلال الشهر السادس من الهجمات الحوثية البحرية والضربات الغربية الدفاعية والاستباقية للحد من الهجمات، أقرّت الجماعة بتلقي خمس غارات في مطار الحديدة جنوب المدينة، الخميس، في حين تبنى زعيمها عبد الملك الحوثي مهاجمة 107 سفن منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشنّ هجماتها نصرةً للفلسطينيين في غزة، عبر منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، وكذا السفن الأميركية والبريطانية، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة إيران في المنطقة وتسعى للهروب من استحقاقات السلام.

السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر جراء هجوم حوثي (رويترز)

إعلام الحوثيين أقرّ بخمس غارات قال إنها استهدفت مطار الحديدة وهو مطار خارج عن الخدمة، من دون إيراد تفاصيل حول نتائج الضربات التي وصفها بأنها «أميركية وبريطانية».

ولم يتبنّ الجيش الأميركي الغارات فوراً، لكنه أفاد بتدمير زورق حوثي مسيّر، وهي الضربة التي اعترفت الجماعة الحوثية بحدوثها في منطقة «رأس عيسى» شمال الحديدة على البحر الأحمر.

ومع حديث الجماعة عن تحليق مكثف للطيران الحربي والاستطلاعي في أجواء محافظة الحديدة التي تتخذها منطلقاً لشنّ الهجمات في البحر الأحمر، تبنى زعيمها عبد الملك الحوثي مهاجمة 107 سفن في أحدث خطبة له الخميس.

وزعم الحوثي في خطبته التي بثتها قناة «المسيرة» الذراع الإعلامية للجماعة بأن هناك 10 قطع بحرية حربية أميركية وأوروبية انسحبت من البحر الأحمر في ظل «الشعور باليأس والإخفاق» في منع عمليات جماعته أو الحد منها على حد وصفه.

وتبنى زعيم الجماعة إطلاق 111 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة باتجاه إسرائيل، و606 صواريخ باليستية، ومجنحة وطائرات مسيّرة ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي. كما ادعى تنفيذ ثماني عمليات خلال أسبوع واحد ضد السفن، استخدمت خلالها 33 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة.

طائرة من دون طيار أطلقها الحوثيون من مكان غير معروف لمهاجمة السفن (رويترز)

وتقول الحكومة اليمنية إن الحل ليس في الضربات الغربية لوقف هجمات الحوثيين، ولكن في دعم قواتها المسلحة لاستعادة الأراضي كافة من قبضة الجماعة، بما فيها الحديدة وموانئها.

ومنذ بدء التصعيد الحوثي تعرضت 107 سفن للهجمات وأصيب 17 منها بأضرار، وغرقت إحداها، وفي مقابل ذلك أقرّت الجماعة بمقتل 34 عنصراً من عناصرها خلال الضربات الغربية التي تقودها أميركا.

مصالح 55 دولة

أثّرت هجمات الحوثيين على مصالح أكثر من 55 دولة وفقاً للجيش الأميركي، وهدّدت التدفق الحر للتجارة عبر البحر الأحمر وهو حجر أساس للاقتصاد العالمي؛ إذ دفعت الهجمات أكثر من 10 شركات شحن كبرى إلى تعليق عبور سفنها عبر البحر الأحمر، ما تسبب في ارتفاع أسعار التأمين على السفن في المنطقة.

وإلى جانب قرصنة السفينة «غالاكسي ليدر»، واحتجاز طاقمها، تسببت إحدى الهجمات الحوثية، في 18 فبراير (شباط) الماضي، في غرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس». وفي مقابل ذلك، أقرّت الجماعة بمقتل 34 عنصراً من مسلحيها جراء الضربات الأميركية والبريطانية.

وكانت واشنطن أطلقت تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمَّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض. وانضم لها الاتحاد الأوروبي ضمن عملية «أسبيدس».

ونفذت الولايات المتحدة منذ تدخلها عسكرياً، أكثر 400 غارة على الأرض ابتداءً من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي؛ لتحجيم قدرات الحوثيين العسكرية، أو لمنع هجمات بحرية وشيكة. وشاركتها بريطانيا في 4 موجات من الضربات الواسعة.

وتسبب تصعيد الحوثيين في إصابة مساعي السلام اليمني التي يقودها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ بالجمود؛ إذ تسود المخاوف من انهيار التهدئة الهشة المستمرة منذ عامين، وعودة القتال على نطاق أوسع.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في مأرب قرب خطوط التماس مع الحوثيين (سبأ)

وفي أحدث تصريحات رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، التي أطلقها من مدينة مأرب هاجم الجماعة وتوعد بفرض السلام، كما ظهر على خطوط التماس في إحدى الجبهات المحيطة بالمدينة.

وشدّد رئيس مجلس الحكم اليمني على مضاعفة الجهود لتطوير القطاعات العسكرية كافة، وقال: «إن الميليشيا الحوثية أثبتت أنها ليست شريكاً جاداً لصنع السلام، وإنما تتخذ من الحديث عن السلام نوعاً من الخداع والتحضير لحروب جديدة؛ وهو ما يحتم العمل بكل جهد واستعداد لفرض السلام المنشود».

وخلال اجتماع آخر مع قيادة السلطة المحلية في مأرب خاطب العليمي الحاضرين بالقول: «نؤكد لكم أننا سننطلق من هنا ومن كل المحافظات لتحرير المناطق التي ما زالت تحت سيطرة ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، وسيتحقق النصر من خلال القوات المسلحة بتشكيلاتها كافة، والمقاومة الشعبية المساندة لها».


القاهرة وأنقرة تتطلعان إلى تعزيز التعاون العسكري

محادثات عسكرية مصرية - تركية رفيعة في أنقرة (المتحدث العسكري المصري)
محادثات عسكرية مصرية - تركية رفيعة في أنقرة (المتحدث العسكري المصري)
TT

القاهرة وأنقرة تتطلعان إلى تعزيز التعاون العسكري

محادثات عسكرية مصرية - تركية رفيعة في أنقرة (المتحدث العسكري المصري)
محادثات عسكرية مصرية - تركية رفيعة في أنقرة (المتحدث العسكري المصري)

تتطلع مصر وتركيا إلى زيادة أوجه التعاون العسكري بين البلدين خلال المرحلة المقبلة؛ وهو ما عدّه مصدر مصري «خطوة على طريق استعادة العلاقات وتطبيعها» بين البلدين، بعد سنوات من القطيعة.

وأنهى الفريق أسامة عسكر، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، زيارة رسمية إلى أنقرة، استمرت أياماً عدة، بدعوة من الجنرال متين غوراق، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة التركية.

ووفق بيان للمتحدث العسكري المصري، الخميس، عقد الفريق عسكر جلسة مباحثات موسّعة مع رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة التركية تناولت «علاقات التعاون العسكرية والأزمات الإقليمية والدولية المؤثرة على الأمن القومي لكلا البلدين، وتوافق الرؤى ووجهات النظر تجاهها»، وأكد الجانبان «تطلعهما إلى زيادة أوجه التعاون العسكري بين البلدين في الكثير من المجالات خلال المرحلة المقبلة».

التقى رئيس الأركان المصري، خلال الزيارة، يشار غولر، وزير الدفاع التركي، ونقل البيان المصري عن الوزير التركي «إشادته بتوافق الرؤى بين البلدين فيما يتعلق بتطوير التعاون العسكري المصري - التركي، وثمّن الدور المصري المؤثر والفاعل بمنطقة الشرق الأوسط». كما التقى رئيس هيئة الصناعات الدفاعية التركية، واستمع إلى عرض تقديمي لمجموعة من الشركات المتخصصة في الصناعات الدفاعية، وقام بجولة تفقدية شملت عدداً من الشركات، منها شركة «بايكار» للطائرات، وكذا زيارة مقرّ القوات الخاصة التابعة للقوات المسلحة التركية.

وأنهت مصر وتركيا التوتر الدبلوماسي، بسبب دعم أنقرة تنظيم «الإخوان» المحظور في مصر، عقب ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013، بشكل كامل في الأشهر الأخيرة، في حين صدرت تصريحات إيجابية مشتركة حول ملفات عدة كانت مثار خلاف بين البلدين.

وتعد زيارة رئيس الأركان المصري، التي بدأت الاثنين الماضي، أرفع زيارة لمسؤول عسكري مصري إلى تركيا منذ ما يزيد على عقد.

وبينما تحدثت تقارير إعلامية عن تحركات لتعزيز مسارات التعاون العسكري بين القاهرة وأنقرة. قال مصدر مصري لـ«الشرق الأوسط»: «إن التعاون العسكري بين البلدين ليس نقلة استراتيجية كبيرة، وإنما مجرد خطوة على طريق استعادة العلاقات وتطبيعها».

وفي فبراير (شباط) الماضي، أعلن وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، الموافقة على «تزويد مصر بالطائرات التركية المسيّرة التي تحظى بشعبية متزايدة»، مؤكداً «ضرورة أن ترتبط بلاده بعلاقات جدية مع مصر من أجل الأمن في البحر الأبيض المتوسط».

وتستبق المباحثاتُ العسكرية الأخيرة، زيارةً مرتقبةً للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى تركيا، الشهر الحالي، وفق مصادر تركية؛ تلبيةً لدعوة الرئيس رجب طيب إردوغان، الذي زار مصر في فبراير الماضي.

وكانت من بين الاتفاقيات التي تم توقيعها خلال زيارة الرئيس التركي لمصر إعادة تشكيل اجتماعات مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين البلدين بعد توقف دام لنحو 11 عاماً.


ارتفاع البطالة في اليمن إلى 3 أضعاف ما قبل الانقلاب

عاطلون عن العمل على رصيف أحد الشوارع في صنعاء (الشرق الأوسط)
عاطلون عن العمل على رصيف أحد الشوارع في صنعاء (الشرق الأوسط)
TT

ارتفاع البطالة في اليمن إلى 3 أضعاف ما قبل الانقلاب

عاطلون عن العمل على رصيف أحد الشوارع في صنعاء (الشرق الأوسط)
عاطلون عن العمل على رصيف أحد الشوارع في صنعاء (الشرق الأوسط)

يتجمع مئات من العمال عند تقاطعات شوارع في صنعاء صباح كل يوم تقريباً، أملاً في الحصول على ساعات من العمل تمكّنهم من تغطية احتياجاتهم لعدة أيام إلى حين الحصول على فرصة عمل أخرى؛ إذ فقد مئات الآلاف أعمالهم وارتفعت البطالة إلى ثلاثة أضعاف ما قبل الانقلاب الحوثي أواخر 2014.

يقول عبد الله ناجي، وهو عامل بالأجر اليومي، إنه وغيره يدورون على تقاطعات الشوارع كل يوم على أمل الحصول على فرصة عمل، لكنهم في الغالب لا يجدون.

الجبايات الحوثية تلاحق أصحاب كل المهن بمن فيهم الحرفيون (إعلام محلي)

«الناس تبحث عن لقمة العيش، ومجموعة بسيطة من المشرفين الحوثيين هم من يبنون عمارات شاهقة»، يذكر عبد الله ناجي أنه يجد فرصة عمل ليوم واحد ويظل ثلاثة أيام أخرى ينتظر فرصة مماثلة، وينفق ما كسبه في ذلك اليوم على متطلبات معيشته.

ومع انقضاء تسعة أعوام على الحرب التي فجرها الحوثيون، يتذكر العمال في اليمن المأساة التي يعيشونها جراء تلك المغامرة، حيث إن مئات الآلاف من الموظفين دون مرتبات، فيما فقد العاملون في القطاع الخاص وعمال اليومية مصادر أرزاقهم بسبب إيقاف كل المشاريع والتدمير الذي تعرض له القطاع التجاري.

وبحسب أحمد يحيى، وهو موظف حكومي في مناطق سيطرة الحوثيين، فإنه وغيره من العمال والموظفين لم يهتموا بعيد العمال لأنهم يعملون دون رواتب ويُهدَّدون من الحوثيين بالفصل من وظائفهم إذا انقطعوا عن العمل. وذكر لـ«الشرق الأوسط» أنه يعمل في إحدى ورش الزجاج في فترة المساء لتوفير الاحتياجات أسرته المكونة من خمسة أشخاص.

غير أن ناصر محمود، وهو عامل في أحد المطاعم، يرد ساخراً عند سؤاله عما يمثله عيد العمال له، ويقول إنه وزملاءه يعملون كل يوم حتى في هذا اليوم، ولا يعرفون شيئاً عن هذا العيد إلا في وسائل الإعلام، ويرى أنهم في وضع أفضل من الموظف الحكومي؛ لأنهم يحصلون على راتب نهاية كل شهر إلى جانب وجبات الطعام المجانية.

تقلص الفرص

بينت مصادر في الغرفة التجارية بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن البطالة تضاعفت ثلاث مرات عما كانت عليه قبل الحرب خاصة في مناطق سيطرة الحوثيين، وأكدت أن مضاعفة الجماعة الجبايات على التجار والباعة اضطر الكثيرين إلى خفض عدد العمال، كما خفض الكثيرون منهم مبالغ المساعدات التي كانت توزع على الأسر الفقيرة؛ لأن عائداتهم أصبحت متدنية جداً، وبعضهم أعلن إفلاسه.

وذكرت المصادر أن قرار الحوثيين السيطرة على أرباح البنوك التجارية والديون المحلية بحجة مكافحة الربا ومنع الأنشطة المصرفية أدى إلى إصابة القطاع المصرفي بالشلل، وتوقف أي أنشطة للقطاع التجاري الذي كان يحصل على تسهيلات بنكية يعكسها في مشاريع تستوعب جزءاً كبيراً من العمالة، وتوفر أيضاً أرباحاً للمودعين.

ملايين اليمنيين يفتقدون للخدمات ويعيشون تحت طائلة الفقر ونقص الغذاء (إ.ب.أ)

هذه الأوضاع تأتي متزامنة مع تأكيد تقارير رسمية حديثة وأخرى تابعة للأمم المتحدة، أن الأزمة الاقتصادية الخانقة الناتجة عن الحرب، تسببت في ارتفاع معدل التضخم إلى نحو 40 في المائة، وارتفاع نسبة البطالة إلى 35 في المائة من 14 في المائة قبل الحرب.

كما توضح هذه البيانات أن الفقر ازداد إلى نحو 78 في المائة ليجد الشبان الذين يشكلون 70 في المائة من إجمالي السكان، البالغ عددهم 32.6 مليون، أنفسهم أمام طريق مسدود.

أرقام مأساوية

بحسب بيانات وزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية، فإن نسبة الفقر في البلاد، ارتفعت إلى 80 في المائة، كما انكمش الاقتصاد بنسبة 50 في المائة، في ظل الصراع الذي يشهده اليمن منذ 9 سنوات.

وتشير البيانات إلى أن اليمن يواجه أزمة متفاقمة في مختلف المجالات، حيث وصلت نسبة انعدام الأمن الغذائي إلى 60 في المائة بين السكان، وهناك 80 في المائة يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، فضلاً عن نزوح نحو 4.3 مليون إنسان، وهؤلاء يفتقرون إلى الخدمات الأساسية.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن المديونية الخارجية ارتفعت، وانكمش الاقتصاد بأكثر من 50 في المائة من الناتج المحلي، وتراجعت الإيرادات العامة، كما ارتفعت نسبة الفقر إلى نحو 80 في المائة.

وزاد من تفاقم الوضع المالي للحكومة استهداف الحوثيين موانئ تصدير النفط بالطيران المسير، ما أدى إلى تضرر الموانئ وتوقف تصدير النفط الذي يمثل ما نسبته 65 في المائة من الإيرادات العامة.


رعاية حوثية للغش في امتحانات المرحلتين الأساسية والثانوية

طلبة ثانوية عامة في صنعاء يستعدون لدخول لجانهم الامتحانية (إ.ب.أ)
طلبة ثانوية عامة في صنعاء يستعدون لدخول لجانهم الامتحانية (إ.ب.أ)
TT

رعاية حوثية للغش في امتحانات المرحلتين الأساسية والثانوية

طلبة ثانوية عامة في صنعاء يستعدون لدخول لجانهم الامتحانية (إ.ب.أ)
طلبة ثانوية عامة في صنعاء يستعدون لدخول لجانهم الامتحانية (إ.ب.أ)

يبدي أحمد، وهو اسم رمزي لطالب ثانوية عامة، استياءً من مظاهر الغش التي تشهدها معظم المراكز الامتحانية لطلبة المرحلتين الثانوية والأساسية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء ومدن أخرى، وذلك تحت إشراف مباشر من رؤساء لجان ومراقبين تابعين لجماعة الحوثي الانقلابية.

ويتهم طلبة يمنيون الجماعة بإدخال أتباعها في سير العملية الامتحانية، من خلال سماحهم منذ أول يوم امتحاني، بالغش مقابل مبالغ مالية، وإدخالهم قيادات ومشرفين حوثيين مع جوالاتهم وأوراق غش لمساعدة ذويهم في حل أسئلة الامتحان.

طلبة في صنعاء يؤدون امتحانات الثانوية العامة (أ.ف.ب)

يخشى أحمد ومعه الطلبة المجتهدون في صنعاء ممن راجعوا دروسهم جيداً في الأشهر الماضية للحصول على درجات مرتفعة، من أن تلقي الفوضى في الامتحانات بتبعاتها الكارثية على مستقبلهم.

خالد طالب مرحلة أساسية في صنعاء، تعرّض للتهديد بالطرد على يد مراقب حوثي من إحدى قاعات الاختبار في مديرية معين، بسبب عدم دفعه مبلغاً مالياً، واشتكى لـ«الشرق الأوسط» من تعسف المراقب الذي كاد أن يحرمه من تأدية امتحان مادة التربية الإسلامية لولا تدخل أحد زملائه في القاعة وقيامه بدفع المبلغ بدلاً منه.

وأعلن قادة الجماعة الحوثية المسيطرون على قطاع التعليم مطلع الأسبوع توجه نحو نصف مليون طالب وطالبة في المحافظات الخاضعة لهم إلى أكثر من 4 آلاف مركز امتحاني لنيل الشهادتين الأساسية والثانوية.

وأفادت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، باستبعاد الجماعة الانقلابية قبيل تدشين الامتحانات بنحو أسبوعين لأكثر من 43 ألف معلم من أصل 70 ألفاً من كشوفات أسماء رؤساء اللجان الامتحانية والمراقبين، وأتت بآخرين مؤهلهم الوحيد الانتماء إلى صفوفها.

وأرجعت المصادر سبب الاستبعاد الحوثي إلى رفض عدد كبير من المعلمين الأساسيين المشاركة بامتحانات العام الماضي بسبب سرقة الجماعة لمستحقاتهم المالية الزهيدة المخصصة لهم لرئاسة اللجان والمراقبة، وتوقف رواتبهم منذ سنوات عدة، إلى جانب تمكين الأتباع من العبث بسير العملية الامتحانية عبر سماحهم بالغش مقابل دفع الطلبة مبالغ مالية.

تجهيل المجتمع

أنتج الانقلاب الحوثي والحرب المستمرة منذ تسع سنوات، ظروفاً مادية ومعيشية حرجة، جعلت عشرات الآلاف من الطلبة في مناطق سيطرة الجماعة يعجزون عن دفع ما يُفرض عليهم من جبايات غير قانونية، فيما تتيح الجماعة عملية الغش مقابل الأموال بغرض تجهيل المجتمع.

تلاميذ في فصل دراسي بإحدى مدارس صنعاء (إ.ب.أ)

ويؤكد ناصر، وهو معلم في صنعاء، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن التعليم فقد كامل قدسيته، ولم يعد كما كان سابقاً، بسبب استمرار سيطرة الجماعة الحوثية عليه. لافتاً إلى سعي الجماعة بكل وسائلها لتجهيل المجتمع ومحاربة التعليم، وإضعاف دوره في نهضة وتنمية المجتمع اليمني.

وكانت تقارير يمنية كشفت عن توسع ظاهرة الغش، التي تتم وفق طرق وأساليب مختلفة، في الامتحانات الأساسية والثانوية والجامعية، وذلك في ظل استمرار سيطرة الجماعة على جميع المفاصل التعليمية، مؤكدة أن تلك الإجراءات رافقها أيضاً عمليات تسريب حوثية منظمة لنماذج الامتحانات لطلبة موالين لها.

وسبق للحكومة اليمنية أن سحبت في منتصف العام الماضي الاعتراف بشهادة الثانوية العامة الصادرة من مناطق سيطرة الحوثيين نتيجة شيوع الغش وتسريب الأسئلة وتغيير المناهج وغيرها من الممارسات الحوثية الرامية إلى تدمير قطاع التعليم.

وأكدت مصادر في وزارة التربية والتعليم اليمنية أن القرار جاء بعد التلاعب الكبير من قبل الحوثيين بالمناهج الدراسية، وتضمينها دروساً طائفية إلى جانب شيوع ظاهرة الغش، وإجراءات اختبارات خاصة لأبناء قادتهم وأبناء المتنفذين من أتباعهم. وإغراء طلاب المدارس العامة بمنحهم درجات عالية نظير إلحاقهم بجبهات القتال.


الأمم المتحدة: حجم الدمار في غزة أكبر من أوكرانيا

يحتاج قطاع غزة إلى مئات الملايين من الدولارات لجعل غزة آمنة للسكان (أ.ف.ب)
يحتاج قطاع غزة إلى مئات الملايين من الدولارات لجعل غزة آمنة للسكان (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة: حجم الدمار في غزة أكبر من أوكرانيا

يحتاج قطاع غزة إلى مئات الملايين من الدولارات لجعل غزة آمنة للسكان (أ.ف.ب)
يحتاج قطاع غزة إلى مئات الملايين من الدولارات لجعل غزة آمنة للسكان (أ.ف.ب)

أعلنت الأمم المتحدة أن كمية الأنقاض والركام التي يتوجب إزالتها في غزة أكبر مقارنة بأوكرانيا، وهي تمثل مهمة مكلفة وخطيرة بشكل كبير في القطاع الفلسطيني الضيق بالنظر إلى وجود قنابل غير منفجرة فيها عدا عن مادة الأسبستوس.

وبحسب «وكالة الصحافة الفرنسية»، أعلن مسؤول عمليات نزع الألغام في الأمم المتحدة عن قطاع غزة الذي يتعرض لقصف متواصل تشنه إسرائيل في حربها مع «حماس» اليوم (الأربعاء) أن كمية الأنقاض والركام التي يتوجب إزالتها في غزة أكبر مقارنة بأوكرانيا.

وأوضح مونغو بيرتش، المسؤول عن دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام في غزة، خلال مؤتمر صحافي في جنيف أنه «لفهم مدى ضخامة الأمر؛ جبهة القتال في أوكرانيا تبلغ 600 ميل (نحو 1000 كيلومتر) في حين أن غزة لا يزيد طولها على 25 ميلاً» وهي كلها جبهة قتال.

ولكن المشكلة لا تقتصر على حجم الأنقاض البالغ 37 مليون طن، أو 300 كيلوغرام لكل متر مربع، وفقاً لتقدير أجرته الأمم المتحدة في منتصف أبريل (نيسان).

وأضاف بيرتش: «يُعتقد أن هذه الأنقاض تحتوي على عدد كبير من القنابل غير المنفجرة، وسيكون تنظيفها أكثر تعقيداً بسبب المخاطر الأخرى الموجودة في الركام».

وقال: «نقدر أن هناك أكثر من 800 ألف طن من الأسبستوس، فقط في حطام غزة»، وهذه المادة الخطرة للصحة تتطلب احتياطات خاصة.

وتشير التقديرات إلى أن ما بين 10 إلى 15% من الذخائر التي يتم إطلاقها في النزاع لا تنفجر، وتشكل بالتالي تهديداً دائماً للسكان المدنيين.

40 مليون دولار

وعبّر بيرتش عن أمله في أن تكون دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام في نهاية المطاف «قادرة على أن تكون هيئة تنسيق لإزالة الألغام في غزة وتأسيس فرقنا الخاصة لتفكيك الألغام والقنابل».

وبخصوص التمويل، حصلت دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام على خمسة ملايين دولار ولكن «لمواصلة عملنا خلال الـ12 شهراً المقبلة، نحتاج إلى 40 مليون دولار إضافية»، بحسب المسؤول الأممي.

لكن «سيحتاج القطاع إلى مئات الملايين من الدولارات على مدى سنوات عدة لجعل غزة آمنة للسكان».

أنقاض غير مسبوقة

وقبل أسبوعين، عقدت الأطراف الرئيسية في هذه العمليات المستقبلية اجتماعاً في عمان، بإشراف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

ويتولى البرنامج مسؤولية الإشراف على خطة التنظيف وقد بحث المشاركون في الوسائل والأساليب التي يجب وضعها عندما يحين الوقت.

وأكد بيرتش أن «المشكلة تتمثل في حجم الأنقاض غير المسبوق. وعلينا أن نتوصل إلى أفكار جديدة حول كيفية إزالة الألغام».

وكان بير لودهامار، المسؤول في دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام، قد أكد أن «65% من المباني المدمرة سكنية». كما أشار خلال تصريح صحافي إلى أن إزالة الألغام ستستغرق 14 عاماً على افتراض استخدام نحو مائة شاحنة.

وأقر بيرتش: «نحن لا نزال في مرحلة التخطيط»، نظراً لأن عمليات إزالة الألغام تتطلب عدداً كبيراً من المعدات الثقيلة والشاحنات.

ولفت أيضا إلى أن «المنهجية الخاصة بكيفية القيام بذلك لا تزال قيد المناقشة بسبب حجمها».

ويمكن لدائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام أن تعتمد بشكل خاص على تجربتها في العراق فقد سبق وتولى لودهامار المهمة نفسها في الموصل حيث كان يتعين إزالة 7 ملايين طن من الركام والأنقاض.

المجهول في الشمال

لا يزال تقدير الوضع بدقة في غزة مستحيلاً في ظل استمرار القتال والقصف العنيف وتعذر الوصول.

وبالتالي ما دام لا يمكن الوصول إلى الشمال لإجراء تقييم، لن نتمكن من تقدير حجم التلوث بالقنابل غير المنفجرة، بحسب بيرتش.

وأشار إلى أن «المعلومات التي تصلنا تقول إن التلوث شديد بشكل غير مسبوق في شمال غزة»، مضيفاً: «نعتقد أن ذلك سيمثل مشكلة كبيرة في المستقبل».