رئيس الحكومة المغربية: لست خائفا على شعبيتي.. واستطلاعات الرأي تعطينا أكثر من 50 % وهذا كافٍ

عبد الإله ابن كيران يقول في حوار شامل مع {الشرق الأوسط} إن الملكية ضمانة بالنسبة للمغاربة.. والإنسان العاقل لا يغامر بضمانته

عبد الإله ابن كيران
عبد الإله ابن كيران
TT

رئيس الحكومة المغربية: لست خائفا على شعبيتي.. واستطلاعات الرأي تعطينا أكثر من 50 % وهذا كافٍ

عبد الإله ابن كيران
عبد الإله ابن كيران

قال عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية، والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية، إنه انتخب رئيسا للحكومة من المغاربة للإسهام في حل مشاكلهم، وليس للتدخل في أنماط تدينهم أو حرياتهم، مشيرا إلى أن التدين مسألة شخصية وشؤونها منظمة بإشراف إمارة المؤمنين.
وأوضح ابن كيران، في حوار شامل أجرته معه «الشرق الأوسط» في الرباط، قائلا: «إنني لست إسلاميا، بل مجرد مسلم مثل كل المسلمين، وأحاول أن أكون مستقيما قدر المستطاع، ولا أستطيع أن أدعي أنني أنجح دائما في ذلك».
وذكر ابن كيران أنه لما عين من طرف الملك محمد السادس رئيسا للحكومة.. «استشعرت أنني مسؤول في دولة لتدبير الشأن العام لكل المغاربة، ولم أشعر بأنني نبي جئت برسالة خاصة».
وتحدث ابن كيران عن خصوصية الملكية في المغرب، وقال إن الناس لا يعرفون جيدا خصوصيتها، مشيرا إلى أن الذي يطبعها بالدرجة الأولى هو التحكيم وليس التحكم. وأوضح أن النظام الملكي بالنسبة للمغاربة «ليس نظاما سياسيا والسلام، بل ضمانة لهم.. والإنسان العاقل لا يغامر بضمانته». وفيما يلي نص الحوار.

* مرت سنة على تشكيل حكومتكم الثانية بعد خروج حزب الاستقلال منها، وأنتم الآن على مشارف السنة الثالثة من الولاية الحكومية التي جاءت بعد دستور 2011، ما دروس وعبر هذه السنة من التجربة الحكومية مقارنة مع السنتين السابقتين؟

- ربما لن تكون الدروس والعبر جاهزة، ولكن يمكنني أن أتحدث معك عن ظروفها. فهذه السنة كانت نسبيا أقل تشنجا من السنتين الأولى والثانية، ففي الحكومة الحالية تشكلت أغلبية جديدة بمشاركة حزب التجمع الوطني للأحرار بعد انسحاب حزب الاستقلال، وأوجدنا نقاط تفاهم على مستوى الأغلبية، وليس على مستوى الحكومة فقط.
على مستوى الحكومة حتى في المرة الماضية كان الانسجام لا بأس به، والوزراء الجدد في الحكومة عملوا بانسجام عال مع الأخرين. أما على مستوى الأغلبية فقد طرأ الإشكال في رئاسة الاغلبية بعد تغيير الأمين العام لحزب الاستقلال، والآن و الحمد لله فإن رئاسة الأغلبية تعمل في إطار التوافق الإيجابي، وهذا ينعكس على جودة العمل الحكومي.
وإذا أردت أن أقول لك عن دروس وعبر تسيير شأن عام مثل رئاسة الحكومة في المغرب منذ البداية إلى الآن، يمكنني أن أجمل لك الموضوع في كلمتين، وهو أنه في دولة كدولتنا فرصة الإصلاح والعمل الجاد وإعادة التوازن إلى المجتمع موجودة، لكن هذه الفرصة تحتاج إلى نوع من الصبر والأناة في إطار ثقافة التعاون، وليس في إطار ثقافة الصراع، نحن لسنا دولا ديمقراطية مثل الغرب، يخرج فريق ويدخل آخر، هنالك ثوابت في دولنا وهنالك ثوابت في سياساتنا، وهنالك مجموعة عوامل ومتدخلين، في هذا المجموع كاملا فرصة إنجاز شيء إيجابي لصالح الدولة، ثم لصالح المجتمع والفئات المستضعفة بالخصوص، موجودة، ولكن هذا يتطلب وقتا أكثر لإنضاج الظروف الملائمة لإنجاز أي إصلاح في ظل الاستقرار، هذه هي العبرة الرئيسية .

* هناك من اعتبر أنك خلال السنوات الـ3 الماضية عمدت إلى وضع أجندة لحزبك ولحركة الإصلاح والتوحيد على جانب، والتصرف كتكنوقراطي ليبرالي جاء ليقلص نسبة عجز الموازنة ودعم الدولة للموارد الأساسية وإصلاح صناديق التقاعد، وابتعادك عن مفردات الأجندة الآيديولوجية للإسلاميين، بماذا تعلق على هذه الأشياء؟

- لما عينني جلالة الملك رئيسا للحكومة استشعرت أنني مسؤول في دولة لتدبير الشأن العام لكل المغاربة، ولم أشعر أنني نبي جئت برسالة خاصة، أنا مجرد مسؤول في دولة، قد أصيب وقد أخطئ في معالجة مشاكل الناس،أما الأنبياء فقد كان خاتمهم محمدا، صلى الله عليه وسلم. ولما دخلت في هذه المسؤولية على مستوى مهمة رئاسة الحكومة، جاءت الأولويات بنفسها، أولاها كانت الأولوية الاقتصادية لأن الدولة إذا لم تكن في وضعية اقتصادية على الأقل محتملة، حتى لا نقول مريحة، فإنها سوف تغرق، وساعتها لن تنفع لا آيديولوجية ولا أي شيء آخر.
لما عينني جلالة الملك وجدت نفسي في سفينة مهددة بمعطيات في الواقع المعيش أولاها هي صندوق المقاصة (صندوق دعم المواد الأساسية)، الذي كلفنا عام 2012 ربع مداخيل الدولة، كلفنا 57 مليار درهم (الدولار يساوي 8.46 درهم) في الوقت الذي كانت فيه مداخيل الدولة تصل إلى نحو 220 مليار درهم من الضرائب ومختلف العائدات. وجدت نفسي أمام أزمة تزحف علينا في قطاعي الماء والكهرباء، وهما القطاعان الرئيسيان والأساسيان كما لا يخفى عليك، سواء تعلق الأمر بالسكان وضمان تزويدهم بالماء المشروب أو الكهرباء، فضلا عن الحاجة إلى الكهرباء في النشاط الاقتصادي والمرافق العامة. وجدت نفسي أيضا أمام صناديق التقاعد يقول لي المسؤولون عنها «السيد رئيس الحكومة إذا لم نبادر إلى إصلاح هذه الصناديق فإن مستقبل التقاعد في المغرب لن يكون فقط مهددا، وإنما سينتهي، لن يكون هناك تقاعد؛ بالإضافة إلى تداعيات ذلك على الوضع الاقتصادي والاجتماعي بالبلاد. أخبرني إذن ماذا علي أن أفعل؟ وعن أي آيديولوجية تتكلم؟ هذه مشكلات واقعية وعملية، فقلت في نفسي سوف أتوكل على الله وأواجه هذه المشكلات التي ذكرت لك، وأنا لم أذكر لك المشكلات الأخرى. حتى الآن كانت النتائج إيجابية، فموازنة صندوق المقاصة انتقلت من 57 مليار درهم سنة 2012 إلى 23 مليار درهم في 2015، ومشكلة الماء والكهرباء يبدو على الأقل أننا تمكنا من حلها في أفق السنوات الـ10 المقبلة لأننا حملنا الدولة القسط الأكبر من تكلفة هذا الإصلاح وحملنا فقط المستهلك الذي يوجد في وضع اقتصادي نسبيا مريح زيادات متفاوتة، الأشطر العليا أكثر من الأشطر الدنيا، مع الحفاظ على الأسعار بالنسبة لمعظم المستفيدين أي نحو 4 ملايين و500 ألف مشترك، فهؤلاء لم نمسهم إطلاقا، ومشكلة التقاعد نحن الآن بصدد حلها. من جهة أخرى كان حاملو الشهادات يحتجون أمام البرلمان للحصول على الوظائف الحكومية فأصبحنا أمام مشكلات، هل سنوظف المغاربة جميعا؟ هل كل من حصل على شهادة الإجازة علينا أن نوظفه؟ هل هذا ممكن؟ ما هو المبرر لأن تصبح موظفا مباشرة، هل شهادة الإجازة كافية ليكون الباحث عن عمل صالحا للإدارة، أين هو العدل؟ الآن أظن أن هذه المشكلة انتهت وقررنا كذلك اقتطاع أيام الإضراب من أجرة المضربين، هل يقبل منطقيا ألا تشتغل وتأخذ الأجرة على اليوم الذي لا تشتغل فيه؟ أمور مثل هذه بدت لنا منذ البداية أمورا أساسية لتفادي مزيد من التدهور، فنحن لم نكمل كل ما نحن بصدده، ولكن في الوقت نفسه، ومن جهة أخرى، فإن هذه الحكومة، كما قال الأخ الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، ليس قدرها أن تأتي فقط لكي تصلح أمورا تظهر فيها ضحية، هي كذلك حكومة جاءت بحس اجتماعي، واستطاعت أن تحسن تقاعد نحو عشرة آلاف و500 أسرة كان بعضها يأخذ 40 أو 50 درهما في الشهر، أما الآن فأقل ما يأخذون ألف درهم، وهناك أمور أخرى من قبيل منح الطلبة مبلغا وعددا، وتوسيع المنح للتلاميذ الفقراء إلى آخره، وفي نفس الوقت حاولنا أن نصفي الأجواء بالنسبة للمقاولات لكن في كل هذه المجالات لا نستطيع أن ندعي أننا وصلنا إلى المستوى المرغوب فيه.
بالنسبة للآيديولوجية، أنا رئيس حكومة منتخب من المغاربة للإسهام في حل مشاكلهم ، وليس للتدخل في أنماط تدينهم أو حرياتهم، ولم أئت لكي أغير تدين الناس، جئت لكي أحل مشاكلهم ،والتدين مسألة شخصية وشؤونها منظمة بإشراف إمارة المؤمنين، فجلالة الملك هو أمير المؤمنين. لكن إذا كنت متدينا ذلك ينفعك في الاستقامة، في التعفف عن المال العام، ولهذا أنا أقول إنني لست إسلاميا، بل مجرد مسلم مثل كل المسلمين، وأحاول أن أكون مستقيما قدر المستطاع، ولا أستطيع أن أدعي أنني أنجح دائما في ذلك.

* لقد كان رد فعل حكومتكم صارما على قرار اتحادات عمالية شن إضراب عام وطني يوم 29 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي احتجاجا على إصلاح منظومة التقاعد، وهو ما جاء على لسان وزير الإعلام، هل من مفاوضات اللحظة الأخيرة لفتح حوار مع هذه الاتحادات أم أن الأمور وصلت معها إلى طريق مسدود؟

- لا، ليس طريقا مسدودا، وفي الحقيقة النقابات ليست كلها سواء، هناك نقابات عندها أجندة سياسية، ترتبط بأحزاب سياسية، وهذه حاولت تنظيم إضراب عام وفشلت فيه، وهي معروفة، واحدة منها يشرف عليها أمين عام حزب الاستقلال، وهناك نقابات أخرى دعت إلى الإضراب، وهي نقابات لدينا معها علاقات معقولة، بيد أننا نعيب عليها أن هذا الإضراب ليس مبررا، لأن مقترح إصلاح التقاعد ليس نهائيا، ونحن ننتظر أن تأتي الاستشارة التي طلبناها من المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وساعتها سنعرض مدارسته مع هذه النقابات لوضع الصيغة النهائية إذا استطعنا أن نتفاهم. إذن هذا الإضراب الآن، قبل أن يكون هناك المشروع النهائي الذي سنتقدم به أمام الحكومة، هو أمر غير مبرر وغير مفهوم.
إن الحوار الاجتماعي لم يتوقف. وآخر اجتماعاتي معهم كانت في مايو (أيار) الماضي، يعني قبل أول مايو الأخير اجتمعت مع النقابات الثلاث 3 مرات، مدة تتراوح بين 3 و4 ساعات، وهي المناسبة التي وصلنا فيها إلى رفع أجور الوظيفة العمومية كحد أدنى إلى 3 آلاف درهم طالت 150 ألف موظف، وبالنسبة للقطاع الخاص وصلنا إلى زيادة الحد الأدنى للأجر بنسبة 5 في المائة على سنتين أي 10 في المائة، ثم بعد ذلك التقينا في يونيو (حزيران) الماضي بسبب إصلاح نظام التقاعد. إذن الحوار لم ينقطع، ولكن فعلا كنا متفقين على أن نلتقي فيما بعد، ولكننا لم نحدد التوقيت، وأنا انتظر رأي المجلس الاقتصادي الاجتماعي والبيئي، الممثلة فيه هذه النقابات، وآنذاك سألتقي بهم إذا أرادوا أن نلتقي.

* لكنهم اعترضوا على إحالة ملف التقاعد على المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي؟

- هذا شيء ينظمه القانون. أنا طلبت رأيا استشاريا من المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وحينما أتوصل به سأجتمع معهم حتى نبحث الإجراءات الأخيرة التي يمكن أن نتفق عليها. إن مثل هذا الإضراب في المغرب يعتبر في السابق حدثا إستثنائيا، أنا على الأقل أعتقد أن الوقت ليس مناسبا، لهذا تأسفنا لهذا الإضراب ولم نتفهمه، وبطبيعة الحال هم يتحملون المسؤولية فيه كاملة وفي نتائجه، ونحن سوف نحرص على ضمان حرية العمل بالنسبة للآخرين، وإذا تراجعوا عن تنظيم هذا الإضراب سيكون ذلك جيدا، وعلى كل حال فإن الإضراب حق دستوري مكفول مثل هذا الإضراب يمكن أن ينظم في أي وقت ولكن تنظيمه الآن ليس مبررا ولا مفهوما.

* هناك أصوات داخل حزبكم بدأت تشكك من الآن في نزاهة الانتخابات، وهو أمر يبدو غريبا أن يصدر عن أصوات من الحزب الحاكم، لأنه جرت العادة أن المعارضة هي التي تشكك؛ وارتباطا بنفس الموضوع كيف تقرأون حرص الملك على سلامة العملية الانتخابية المقبلة، ثم ما تردد من تأكيد هذا الحرص خلال اجتماع المجلس الوزاري الأخير؟

- أولا، يجب أن أقول شيئا، إنه منذ أن تولى جلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، مقاليد الحكم حتى الآن لم يطعن أي حزب سياسي في أي انتخابات. كانت هنالك طعون قضائية في بعض الحالات، وكانت هنالك شكاوى من بعض رجال السلطة في مختلف الاستحقاقات، أما بالنسبة لحزب العدالة والتنمية فإن المعتمد هو البيانات الرسمية وتصريحات قيادته الوطنية، وهي لا تشكك في الانتخابات، بقي أنه كانت هنالك بعض الذكريات التي ما زالت تحوم حول أذهان بعض الأشخاص الذين عبروا عن تخوفاتهم، ولهذا نحن لا نتصور بالنسبة للمغرب أنه من الممكن أن يقع ما يجري الحديث عنه بشأن تزوير الانتخابات، لأن بلدنا يسير إلى الأمام ولا يمكنه أن يرتد ويتراجع إلى الوراء. فهذه الأمور حسمت، المغرب اختار الديمقراطية وسيمضي قدما فيها، وجعل الخيار الديمقراطي من ثوابته الدستورية. وجلالة الملك بصفته الحكم أصدر توجيها ورسمه أثناء انعقاد المجلس الوزاري الأخير بإعلانه أن الانتخابات هي مسؤولية الحكومة، إذن فمن الطبيعي أن المكلف أو المشرف الأساسي عليها هو رئيس الحكومة، بينما وزيرا الداخلية والعدل هما المكلفان متابعة تدبيرها والخروقات التي قد تقع فيها، وهذا شيء وارد، إذن فنحن في انسجام مع روح الدستور. ففي المغرب تتحسن الأمور، ولكن بطريقة تدريجية.

* كيف تلقيتم إصرار الملك على أن يكون الإشراف على الانتخابات بين يديكم كرئيس للحكومة، وما الإحساس والانطباع الذي كان لديك؟

- بطبيعة الحال، لا بد أن أشكر جلالة الملك على ذلك. إذ إنه لا يمكن أن يكون ذلك من دون أن تكون هنالك ثقة في رئيس الحكومة، ومن جهة أخرى، وعلى المستوى الديمقراطي، فإن هذا ترسيخ لمكانة رئيس الحكومة حاليا ومستقبليا، وتعزيز لمكانة الحكومة كمؤسسة دستورية مسؤولة، مثل هذا القرار، كان يجب أن يجري الترحيب به بحرارة، لكن بطبيعة الحال ربما بعض الناس كانوا مسرورين بهذا القرار بيد أنهم تمنوا أن لا يكون متعلقا برئيس الحكومة الحالي.

* كيف تتصورون تدبير هذا الملف بينكم وبين وزير الداخلية، وما هو حجم فرص التلاقي والتوافق، وما احتمالات الاختلاف في تدبيره؟

- دعني أقل لك، حتى الآن إنه يقع تشاور أولي ثم تعرض مقترحات على الأحزاب السياسية، وتؤخذ ملاحظاتها بعين الاعتبار، ثم بعد ذلك تقع مصادقة أخيرة قبل أن تعرض مشاريع القوانين على مجلس الحكومة. لقد قلت لك، في المغرب، كل شيء ممكن إصلاحه تدريجيا في إطار التعاون والتوافق الإيجابي والمنتج.

* السياسة هي فن الممكن.. في حكومتكم الحالية تحالفتم مع حزب التجمع الوطني للأحرار بعد خصومة لدودة، وهذا يدفعني لسؤالك: ما إمكانية التحالف مع خصمكم اللدود حزب الأصالة والمعاصرة إذا تطلبت نتائج الانتخابات المقبلة ذلك؟

- أولا أود أن أوضح أن الخصومة مع الأحرار كانت طارئة ولم تكن أصلية، هذا حزب منذ سنوات طويلة، حتى وهو في الحكومة ونحن في المعارضة، كان في العموم هنالك نوع من التعاطف والود بين نوابنا ونوابهم، وفي مرحلة من المراحل الانتخابية بالخصوص وقع بسبب المنافسة بطبيعة الحال، شيء من ارتفاع الحرارة فقط، أما على المستوى الشخصي لم تكن هناك قط خصومة، لهذا فالمقارنة بينه وبينه حزب الأصالة والمعاصرة ليست في محلها. وفي تقديري أنه في السياسة يجب عدم رهن المستقبل، المستقبل في علم الغيب، والغيب لا يعلمه إلا الله، فحزبنا حزب عنده منطق في مقاربة الأشياء، هذا المنطق يجعل دائما مصلحة البلد سابقة على مصلحة الحزب، وهذا المنطق أعتقد أننا سنحترمه في المستقبل كما احترمناه في الماضي ولولا احترامنا له في الماضي لما كنا في الوضعية التي نحن فيها اليوم.

* لوحظ أن الملك محمد السادس لأول مرة وأكثر من أي وقت مضى واجه بوضوح الأصوات العدمية التي تبخس الإنجازات التي عرفها المغرب، والتراكمات الإصلاحية التي تحققت في البلد عبر عقود، واعتبر ذلك مسيئا لصورة البلد ولا علاقة له بحرية التعبير والرأي.. كيف تنظرون إلى هذا؟

- ربما لا يعرف الناس جيدا خصوصية الملكية في المغرب، الملكية في المغرب الذي يطبعها بالدرجة الأولى هو التحكيم وليس التحكم، وهذا قديم في بلدنا، ويمتد لقرون، هذا التحكيم هو أن جلالة الملك يتدخل لإرجاع الأمور إلى نصابها في بعض القضايا والحالات بمبادرة منه أو بطلب من الأطراف، وهذا ليس وليد اليوم، بل حتى إبان ما كان يسمى «سنوات الرصاص»، كانت دائما هذه المرجعية لدى الملك يحافظ عليها ويتفاعل معها الآخرون وهي التي سمحت بأن نجتاز الكثير من الظروف الصعبة باعتبار أنه في بعض الأحيان قد تطغى فئة على أخرى أو تتجاوز معها الحدود، ولكن يأتي تدخل الملك ليرجع الأمور، في قضية أو إشكالية معينة بين أطرافها، إلى نصابها. جلالة الملك في أكثر من مرة أنصف الحكومات السابقة باعتبار أنها حققت للمغرب أمورا إيجابية وهذا لا ينفي أنه ربما كانت هنالك أمور سلبية كذلك، وفي الخطاب الأخير أثنى كذلك على الحكومة الحالية وعلى ما قامت به، أظن أن هذا إنصاف يناسب رأي المجتمع في هذه الحكومة، لأن هذه الحكومة رافقتها منذ البداية حملة إعلامية فاقدة للصواب تحاول أن تسود اللوحة مطلقا، بطبيعة الحال هذا ليس معقولا. فقرار واحد من قرارات الحكومة تكفي لإعطائها ميزة حسن عن السنوات الخمس الكاملة من ولايتها، إذ يكفي الحديث عن استعادة المبادرة في التحكم في التوازنات الماكرو - اقتصادية التي كانت تخنق البلد ليكون ذلك كافيا.

* لوحظ أن هنالك عودة إلى الهدوء والتريث في الإدلاء بالتصريحات من طرف قياديين وبرلمانيين محسوبين على تيار الصقور في حزبكم، هل يمكن القول إن هذا الأمر كان يسبب مضايقة وإحراجا وإكراها وإرباكا للعمل الحكومي، وأيضا بالنسبة لعلاقتك مع مكونات الأغلبية وأطراف وازنة في الدولة، هل نفهم أو هل يمكن القول إن لكم دورا في الحد أو التقليل من ذلك؟

- هل ذلك كان يحرج؟ بالتأكيد، لأنه يجب ألا تنسى أن حزبنا هو حديث عهد بالمعارضة، وفي المعارضة بطبيعة الحال يكون النفس العام احتجاجيا، ولا شك أن بعض الإخوة في الحزب في مختلف مستويات المسؤولية لم يستوعبوا التحول الذي وقع بسرعة، فكانت بعض التصريحات محرجة بكل صراحة، لكن أضرارها جعلت الإخوة ينتبهون، وقد يراجعون تقدير المسؤولية في تلك التصريحات.

* لقد انتخبت حركة التوحيد والإصلاح (الجناح الدعوي للحزب) على رأسها رجلا معروفا باعتداله وتغليبه لجانب التعقل السياسي على التشدد الدعوي، هل يمكن القول إنه بصعود عبد الرحيم الشيخي إلى رئاسة الحركة تقطعون مع مرحلة سيطرة الفقهاء والعلماء على التوجيه العام للحركة؟

- ليست القضية قضية فقه، بالعكس فالمطلوب دائما هو الفقه في الدين، والمطلوب أيضا هو العلم بالواقع. التشدد ليس مرتبطا بالفقهاء والعلماء، التشدد يكون هنا وهناك، ويكون أكثر حيث لا يكون الفقه الصحيح هو الغالب، لكن اختيار الأخ عبد الرحيم الشيخي دليل على أن مؤسسات الحركة تقدر جيدا المرحلة، وتقدر جيدا حاجتها إلى شخص معتدل ومتزن وهادئ وقادر على تدبير مرحلة فيها حرج . وأظن أنه كان توفيقا من الله سبحانه وتعالى، لأنه ونحن ذاهبون إلى الجمع العام لم يكن هذا الاسم راجحا. صحيح، لقد جرى فرزه ضمن المرشحين الـ5 بيد أنه لم يكن راجحا من حيث الترتيب الأولي، وجاء اسمه في آخر لائحة المرشحين. إذ كانت تسبقه 4 أسماء، إذن، أرى أن هذا الاختيار بعد توفيق الله تعالى هو من بركة الشورى الحقيقية داخل الحركة.

* لديكم حساسية تجاه التمويل الأجنبي للجمعيات الفاعلة في المجتمع المدني، حيث يبدو أنكم تشرفون على التنسيق بين المجلس الأعلى للحسابات والأمانة العامة للحكومة من أجل تفعيل إجراءات المراقبة والتقييم والتتبع، هل تخشون من اختراقات يقوم بها المال الأجنبي في قضايا تعتبرون أنها تمس مقومات وهوية البلد وثوابته؟

- القضية ليست مرتبطة بحساسية أو عدم حساسية، الدولة اليوم أي دولة يجب ألا تكون نائمة، بل مستيقظة، وتعرف ماذا يقع، المشكلة ليست مشكلة تمويل أجنبي أو داخلي، المشكلة هي مشكلة قانون، هل تحترم القانون أو لا تحترمه؟ إذا كنت تحترم القانون لا يمكن أن يقع لك أي شيء، إذا لم تكن تحترم القانون ربما استفدت من مرحلة كان فيها تساهل أو غض الطرف، لكن الظروف الدولية تسير في اتجاه أن تكون أكثر حرجا. فلا بد للدولة أن تنتبه إلى أوضاعها وظروفها وما يجري فيها، وتميز ما يقع، وما هو خطير وما ليس بخطير، ثم كذلك لا بد للدولة أن تحرص على تطبيق القانون، لهذا فقد تكلمت مع السيد وزير الداخلية بشأن ذلك أكثر من مرة، وهو يرى أن القضية بالنسبة لنا هي قضية تطبيق القانون. والذي لا يطبق القانون لا يجب أن يعتبر نفسه مسموحا له أن يفعل ما بدا له، ربما بعض الجمعيات لم تألف هذا من الدولة في السابق، واليوم ترى تصرفا مختلفا، لكن في كل الأحوال نحن نجتهد في احترام القانون.

* ما فتئتم تؤكدون على ضرورة احترام الهوية في البرامج التعليمية والدعوة إلى تقوية المدرسة العمومية، والإعلاء من شأن اللغة مع الانفتاح على اللغات الأخرى، هل تعتقدون أن هذه الرؤية قد تجد وسائل لتنفيذها في الوقت الذي يعرف عن وزير التربية أنه ذو ميولات فرانكفونية، وأنه يشجع إحداث نظام بكالوريا (ثانوية عامة) دولية فرنسي وإسباني في المدرسة العمومية، ما تعليقكم على ذلك؟

- الحوار بشأن هذه المواضيع في المغرب قديم، هناك توجهات مختلفة، وهناك من يظن أن مشكلة التعليم هي في لغة التدريس وهناك من عنده صورة مختلفة ويظن أن المشكلة ليست في لغة التدريس، وإنما المشكلة في الارتخاء والتهاون الذي أصاب المنظومة التعليمية بحيث هناك اليوم ما يشبه الإجماع على أن تلك المنظومة لا تقوم بالدور الذي يجب أن تقوم به، وكما لا يخفى عليك، فإن جلالة الملك، في المرحلة الأخيرة، أعاد إحياء المجلس الأعلى للتعليم بعد أن توقف منذ سنة 2008، وداخل المجلس في صيغته الجديدة هناك فرصة للحوار بين الأطراف المعنية بالموضوع ذلك أنه توجد فيه تمثيلية واسعة ستصدر عنه توجهات هي بطبيعة الحال ليست ملزمة، ولكنها توجهات أساسية ورئيسة، وسيكون لها أثر في تسيير الشأن العام التربوي. وبالنسبة للسيد الوزير، فهو يعرض علي مبادراته في هذا المجال وفيما يخص البكالوريا الدولية، فليس الوزير الحالي هو من أحدثها، بل الوزير الذي سبقه، وهي نتيجة اتفاق سابق جرى عام 2008، أي قبل مجيء هذه الحكومة. وعموما فإن هناك عزيمة كاملة لإصلاح منظومة التعليم بما يلزم، لكن ليس هنالك بعد اتفاق شامل على المقاربة التي ستنبني عليها هذه الإصلاحات.

* أعلنتم مرارا أنكم ستواصلون اتخاذ قرارات اقتصادية ومالية واجتماعية تراعي المصلحة العامة للبلد، ولا تخشون عواقبها وتأثيراتها السلبية على شعبيتكم وعلى رصيدكم الانتخابي في الانتخابات المقبلة، إذا سجل تراجع في رصيدكم الانتخابي هل سيكون ذلك أمرا مقبولا ومفهوما خصوصا أن الملك في خطابه الافتتاحي أمام البرلمان قال بوضوح إنه يرفض الطعن السياسي في الانتخابات من طرف من يخسرون؟

- أولا الطعن السياسي تكلمنا عنه ولم يعد واردا. ثانيا، ليس هناك حكومة ستنجز أمورا لصالح البلد لا تتأثر شعبيتها، لأن الإصلاحات على الأقل في مراحلها الأولى تقتضي تدابير وإجراءات لا تكون مريحة، خذ شخصا عنده زراعة أراد أن يستبدلها بزراعة أخرى أكثر إنتاجية، مثلا شخص يزرع الحبوب في أرضه كلها قرر أن يعوض الحبوب بأشجار الزيتون، سيحتاج أن يقنع أسرته بأن تقتصد خلال 3 إلى 5 سنوات الأولى من زراعته لشجر الزيتون إلى أن تبدأ في الإنتاج فتستبدل خيرا بخير أكبر، لأن شجرة الزيتون لن تعطيك كالحبوب في السنة الأولى، وستكون بداية عطائها بعد 3 أو 5 سنوات، حسب الأنواع، ولكن إذا صبرت وتفهمت تأتيك الحبوب مما تبقى من الأرض والزيت يأتيك من الجديد ويكون غذاؤك أحسن. فالإصلاح مكلف دائما لكن مع ذلك أنا لست انتحاريا، يعني لست هنا لكي أنتحر وحزبي سياسيا، فهذا أمر غير معقول، لأن الحزب هو أداة من أدوات الإصلاح فلا بد من الحفاظ على أداتك لضمان استمرارية الإصلاح، وبالتالي لا بد من التوازن. وحين أصرح بأنني لا آخذ بعين الاعتبار نتائج الانتخابات .فهنالك سببان، الأول، هو أن الحزب جاء ليخدم الدولة، يجب أن تكون الأمور واضحة، إذا هناك أولوية للدولة قبل الحزب، لأن الدولة مطلوب منها أن تستمر وتتقوى، لأنها إذا استمرت وتقوت حتى من لم يصل إليه شيء اليوم يمكن أن يصل إليه غدا. المسألة الثانية هي أنني مقتنع كذلك بأن المغاربة سيحسنون تقدير هذه الإصلاحات أثناء الانتخابات، وهذا الآن بدأ يقال بصراحة، جريدة نشرت أخيرا خبرا مفاده أن شخصا في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي قال إن إصلاح التقاعد ضروري، ولكن لا أريده أن يحسب لصالح هذه الحكومة، المغاربة مختلفون عن الأوروبيين، في أوروبا إذا مسست شخصا في مداخيله يقوم ضدك. في المغرب الشخص يرى ماذا تقصد؟ إذا علم أن ما تريده في الحقيقة هو مصلحته في النهاية سوف يناصرك داخليا، وإن استطاع خارجيا. والمغاربة مقتنعون أن ما قمنا به سواء تعلق الأمر بقضية صندوق المقاصة أو أسعار المحروقات أو قضية الماء والكهرباء أو ما تعلق بالإصلاحات الأخرى، في صالحهم، والآخرون يشعرون أنهم ضحية حملة تسميم إعلامي، ويلاحظون أن الجهات التي تقوم بها، هم يعرفونها ومستوى مصداقيتها، هم يعرفون حميد شباط (أمين عام حزب الاستقلال المعارض)، ومن شابهه ومن دخل في حلفه، ويعرفون إلياس العماري (نائب الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة المعارض) ويعرفون إدريس لشكر (أمين عام حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض)، وانظر إلى استطلاعات الرأي فهم مجتمعون لا يصلون إلى 20 أو 30 في المائة، وأولهم لا يصل إلى نسبة 14 في المائة، المغاربة يعرفونهم ويقولون «هؤلاء لا يريدون الخير للبلد. هؤلاء أصحاب مصالح». والحكومة الحالية تحاول الإصلاح، لذلك أنا لست خائفا على شعبيتي وشعبية حزبي، على كل حال ما زالت استطلاعات الرأي تعطينا أكثر من 50 في المائة، وأنا أظن أن هذا كاف.

* لقد استطاعت حكومتكم الصمود والبقاء في مكانها رغم أن الربيع العربي أصبح خريفا، ما كلمة سر ذلك، وما هي الوصفة السحرية التي جعلت المغرب استثناء في بحر عربي متلاطم؟

- نحن عنصر في هذا التميز، ولسنا صانعيه. وللحقيقة فإن هذا التميز المغربي قديم منذ المولى إدريس (مؤسس دولة الأدارسة) رحمه الله، نحن شعب بقدر الله، وبخصوصية أبنائه لم نخضع لما خضعت له الجغرافيا العربية الإسلامية إلى حدود الجزائر، حتى نكون واضحين، فليس صدفة أن النفوذ العثماني جاء إلى الجزائر وتوقف، والنفوذ الفرنسي وقف عند حدود الجزائر أيضا من 1830 إلى 1912، وحتى حين دخل الفرنسيون إلى المغرب دخلوا في شكل حماية ولم تتجاوز مدتها 4 عقود وبضع سنوات. هذا الشعب لديه هذه الخصوصية وهذا التميز، وحتى بعد الاستقلال استمر هذا التميز فالتيار الذي جاء من الشرق، وكانت لديه صبغة عروبية وقومية ويسارية وثورية، عصف بدول سابقة وغير أنظمتها، وجاء بالبعث في العراق وسوريا، والشيوعيين في اليمن الجنوبية. كان له كذلك تأثير في المغرب، ولكن هذا التأثير في إطار التميز المغربي تحول إلى ظاهرة استفاد منها المغرب، وإن كان قد عانى من ذلك، ومن جهة أخرى، لم ترتبك، إذا شئنا أن نقول، التوازنات الأصلية للبلاد، وهو ما وقع أيضا لما جاءت رياح الربيع العربي، المغرب تأثر وخرج الناس من مدن متعددة، ولكنَّ أمرين وقعا هما أن الناس لم يخرجوا عن بكرة أبيهم، إذ كان هنالك شعور بالخطر إذا خرج الناس عن بكرة أبيهم، بل خرج المئات والآلاف في كل المدن، ولم يصلوا إلى حد ما وقع في الدول الأخرى أي المطالبة بإسقاط النظام. وفي هذا الإطار برز دورنا، حيث دعونا إلى الإصلاح تجاوبا مع مطالب الشارع مع الحفاظ على استقرار البلد ونظامه الذي هو بالنسبة للمغاربة ليس نظاما سياسيا والسلام، بل ضمانة. المغاربة عندهم شعور أن النظام الملكي هو ضمانة لهم، وأن لديهم تاريخا ويخشون من طغيان الفئات والمؤسسات والهيئات والقبائل والأجناس واللغات، بعضها على بعض، ولهذا ستلاحظ شيئا ربما في المغرب وحده، كل فئة تحتج ترفع صورة الملك، حتى شخص واحد يحتج يرفع صورة الملك، إذا أخرج من بيته يحتج ويرفع صورة الملك، قبيلة إذا ظلمت في مائها أو في مرعاها أو في أرزاقها تخرج وترفع صورة الملك، إدارة إذا خرجت تحتج ترفع صورة الملك. فالملكية في المغرب وطبيعتها ضمانة بالنسبة للمغاربة. والإنسان العاقل لا يغامر بضمانته، يمكن أن تكون عنده ملاحظات على السياسات، هذا أمر طبيعي. لكن بين هذا وبين المغامرة بالأساس الذي بني عليه الأمر، فهذا يجب ألا يكون.

* ذكرت الجزائر.. المراقبون يرون أن البلد الجار يعيش فوق بركان قابل للانفجار في أي لحظة، ماذا فعلتم أو هل تفكرون في المغرب بتدابير للحيلولة دون أن تصل إلينا شرارات أي انفجار محتمل؟

- نحن أولا وقبل كل شيء عواطفنا كدولة مع الدولة الجزائرية هي أننا نرجو أن لا يقع فيها أي مكروه، هذه عواطف طبيعية للأخوة في حقوق الإخوة، ولكن هناك أيضا مصالحنا. مصالحنا هي ألا يقع في الجزائر أي مكروه لأنه لا قدر الله إذا وقع شيء سيئ لا يمكن أن لا يتأثر البلد المجاور بذلك، إن كان خيرا سيكون خيرا وإن كان شرا سيكون شرا. المسألة الثالثة تكمن في أن الظروف الدولية لا تسمح اليوم بأن تضطرب الجزائر لا قدر الله، لكن مع الأسف الشديد أظن أن إخواننا في الجزائر لا يفكرون بنفس المنطق، ولكن نحن عندنا منهج منذ عهد الملك الحسن الثاني رحمه الله، بل من قديم، هو أننا لا نتدخل في شؤون الدول المجاورة بصفة عامة، واحتياطاتنا هي أن نحمي حدودنا وما بعد حدودنا إلى الداخل، أما لو طلبت منا أي دولة أخرى من دول الجوار شيئا فنحن مستعدون، لكن خارج ذلك نحن فقط نتكفل ببلدنا وهذا هو توجه الدولة.

* شهدت الآونة الأخيرة ارتفاع أصوات صحافية تنتقد موقف حزبكم من الوضع السياسي القائم حاليا في مصر منذ إزاحة الرئيس الأسبق محمد مرسي وصولا إلى انتخاب عبد الفتاح السيسي رئيسا، حيث لم يعد خافيا تضامنكم المطلق مع تجربة «الإخوان» في الحكم بمصر، الأمر الذي يعرض حسب هذه الأصوات علاقة الدولة المغربية بالدولة المصرية للانتكاسة، ما حقيقة موقفكم؟

- أولا وقبل كل شيء السياسة الخارجية، حتى أكون واضحا معك، هي أمر استراتيجي، وفي الأمور الاستراتيجية الذي يرسم السياسات ويتخذ القرارات الكبرى هو جلالة الملك. فعلاقتنا بمصر، الذي يرسم توجهاتها ويتخذ قراراتها هو جلالة الملك، وأنا بصفتي رئيسا للحكومة ملزم بسياسة الدولة، لا يمكن أن نتلاعب في هذه الأمور. الأشخاص أو الجمعيات في المغرب لا يمكن أن نتحكم فيها أو فيما تقول أو تفعل، هذا يجب أن يفهم. لأن المغرب بلد يحترم حرية الأشخاص والأفراد والهيئات، ولكن سياسة الدولة الخارجية التي يرسمها جلالة الملك، ملزمة للحكومة، وأنا احترمها، وأنا ملزم بها، ولم يصدر ولن يصدر عني أي موقف مخالف لهذا، ولكن لا يمكني أن أتدخل في تفاصيل هذا الشاب أو هذه الشابة أو هذه الحركة بشأن موقفها من هذا أو ذاك.
أما فيما يخص التقدير العام، فنحن اليوم بصدد النظر إلى أمة وإلى وطن أساسي هو مصر، كما بالنسبة لبلدنا وبالنسبة للبلدان الأخرى «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه». نحن الذي نريده هو أن ينجو البلد أولا، وإذا كان من الممكن ألا تقصي العملية السياسية وتوفر فرصا لإدماج كافة مكونات المجتمع فهذا أصوب وارشد.

* هل من زيارة قريبة لمصر؟

- ليس الآن.. ليس هنالك شيء مرتبط بهذه الزيارة لا من جهة الأجندة الشخصية، ولا من جهة توجيهات جلالة الملك.

* كانت حكومتكم سباقة في المنطقة العربية في تقديم مشروع قانون يجرم الالتحاق بتنظيم داعش، كيف تقرأون ظهور «داعش» في هذه الظرفية الحرجة التي يمر بها العالم العربي، وإلى أي مدى خلط ظهور هذا التنظيم الأوراق لدى الجماعات الإسلامية أو الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، وما هو موقفكم صراحة منه؟

- أنت تتحدث عن مشروع قانون قدمناه، وتسألني عن موقفي، هذا ليس موقفا وإنما هو قانون يجرم الخروج من البلد في اتجاه أي بلد آخر للقيام بأعمال إرهابية، هذا الموقف واضح وضوح الشمس في الظهيرة، نحن تقديرنا أن هذه الظاهرة تبقى إلى حد الآن غير مفهومة لا في نشأتها ولا في أسلوبها.

* تقصد ظاهرة شيطانية؟

- لا أريد أن أدخل في هذه التفاصيل، لكن الذي لا شك فيه هو أن تردد المنتظم الدولي في القيام بواجبه الإنساني في الوقوف بوجه النظام السوري في وقت معين لما كان الناس يقتلون بالمئات يوميا، وخصوصا لمَّا قُتل الناس الآمنون في بيوتهم بالمواد الكيماوية، وكذلك لما بالغ رئيس الحكومة العراقية السابق غير المأسوف عليه، في قمع وإرهاب سكان المناطق السنية في العراق، حضرت الظروف لبروز شيء ما والذي يبدو، والله أعلم، أنه كان بتدبير أجهزة سوريا، لكن لا أستطيع أن أقول لك ماذا وقع بالضبط، لكن تقديري أن هذه الظاهرة غير قابلة للحياة. بالنسبة للمجتمع الإسلامي، هذه الظاهرة شبيهة بظواهر أخرى كانت في وقت من الأوقات في الأمة الإسلامية، هؤلاء أشبه الناس بالخوارج. لم تعش هذه الظاهرة في العالم الإسلامي،وجدت وأزعجت في مرحلة من المراحل ثم توقفت. كذلك هذه الظاهرة لا يمكن أن تكون مقبولة في هذا العصر، ولكن المشكلة تكمن في الإرادة الحازمة للمجتمع الدولي في معالجة أسبابها، هذه هي المشكلة الحقيقية، وخطاب جلالة الملك الذي تلوته في الأمم المتحدة، أشار إلى أنه بصفة عامة هذه الظواهر التي تسمى إرهابية معالجتها لا تكون بالمقاربة الأمنية وحدها، بل لا بد من معالجة أسبابها ودوافعها في الصميم، في نفس الوقت الذي لا بد فيه كذلك من وجود مقاربة أمنية.



هيئة بريطانية: تقرير عن انفجارين قرب سفينة جنوب عدن

تعرضت عدة سفن لهجمات من قبل جماعة الحوثي رداً على حرب غزة (رويترز)
تعرضت عدة سفن لهجمات من قبل جماعة الحوثي رداً على حرب غزة (رويترز)
TT

هيئة بريطانية: تقرير عن انفجارين قرب سفينة جنوب عدن

تعرضت عدة سفن لهجمات من قبل جماعة الحوثي رداً على حرب غزة (رويترز)
تعرضت عدة سفن لهجمات من قبل جماعة الحوثي رداً على حرب غزة (رويترز)

أعلنت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية اليوم (الثلاثاء)، أنه تم الإبلاغ عن انفجارين بالقرب من سفينة تجارية على بعد 82 ميلاً بحرياً جنوب مدينة عدن اليمنية، بحسب «رويترز».

وذكرت الهيئة أن السفينة وجميع أفراد الطاقم بخير، مشيرة إلى أن السلطات تحقق في الأمر.

وتشن جماعة الحوثي التي تسيطر على الأجزاء الأكثر اكتظاظاً بالسكان في اليمن، هجمات على السفن في المياه قبالة البلاد منذ أشهر تضامناً مع الفلسطينيين ضد الحملة الإسرائيلية في غزة.

وينفذ الحوثيون هجمات متكررة بطائرات مسيرة وصواريخ في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن منذ نوفمبر (تشرين الثاني).

وأجبر ذلك شركات الشحن على تغيير مسار السفن لتسلك طرقاً أطول وأكثر تكلفة حول الطرف الجنوبي لأفريقيا، وأثار مخاوف من اتساع نطاق حرب غزة في المنطقة.


مصر ترفع مستوى التأهب في شمال سيناء

جانب من عمليات القصف الإسرائيلي لمناطق في رفح الفلسطينية (أ. ف. ب)
جانب من عمليات القصف الإسرائيلي لمناطق في رفح الفلسطينية (أ. ف. ب)
TT

مصر ترفع مستوى التأهب في شمال سيناء

جانب من عمليات القصف الإسرائيلي لمناطق في رفح الفلسطينية (أ. ف. ب)
جانب من عمليات القصف الإسرائيلي لمناطق في رفح الفلسطينية (أ. ف. ب)

رفعت مصر مستوى الاستعداد العسكري في منطقة شمال سيناء المتاخمة لقطاع غزة بعدما بدأت إسرائيل عملية عسكرية في مدينة رفح بجنوب القطاع الفلسطيني، بحسب ما نقلت وكالة «رويترز» للأنباء عن مصدرين أمنيين

ومن جانبها، نشرت وزارة الخارجية المصرية بيانا على صفحنها على «فيسبوك» تحذر فيه من مخاطر العملية العسكرية إسرائيلية المحتملة بمنطقة رفح الفلسطينية وما ينطوي على ذلك من «مخاطر إنسانية بالغة تهدد أكثر من مليون فلسطيني يتواجدون في تلك المنطقة».

وقالت وزارة الخارجية «إن مصر طالبت إسرائيل بممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وتجنب المزيد من التصعيد في هذا التوقيت
بالغ الحساسية في مسار مفاوضات وقف إطلاق النار، وحقنا لدماء المدنيين الفلسطينيين الذين يتعرضون لكارثة إنسانية غير مسبوقة منذ بدء الحرب على قطاع غزة».
وأكدت مصر، وفقا للبيان، على أنها تواصل اتصالاتها على مدار الساعة مع كافة الأطراف من أجل الحيلولة دون تفاقم الوضع أو خروجه عن السيطرة.


«حماس»: أي عملية عسكرية في رفح لن تكون «نزهة» للجيش الإسرائيلي

جانب من الدمار في رفح عقب هجوم إسرائيلي (أ. ف. ب)
جانب من الدمار في رفح عقب هجوم إسرائيلي (أ. ف. ب)
TT

«حماس»: أي عملية عسكرية في رفح لن تكون «نزهة» للجيش الإسرائيلي

جانب من الدمار في رفح عقب هجوم إسرائيلي (أ. ف. ب)
جانب من الدمار في رفح عقب هجوم إسرائيلي (أ. ف. ب)

قالت حركة «حماس» في بيان، اليوم (الاثنين)، إن أي عملية عسكرية إسرائيلية في رفح بجنوب قطاع غزة لن تكون «نزهة» للجيش الإسرائيلي، وذلك في وقت تتصاعد فيه المخاوف بشأن اجتياح محتمل للمدينة.

وبحسب «وكالة أنباء العالم العربي»، أكدت حركة «حماس» إن الخطوات التي يتّخذها الجيش الإسرائيلي تحضيراً لاجتياح محتمل لمدينة رفح المكتظة بقرابة المليون ونصف المليون من المواطنين والنازحين، وإنذاره بإخلاء المناطق الشرقية منها تؤكد عزم الحكومة الإسرائيلية على المضي في «حرب الإبادة» ضد الشعب الفلسطيني.وشددت الحركة على جاهزية المقاومة الفلسطينية للتصدي للهجوم الإسرائيلي المحتمل، ونددت بالخطوات الإسرائيلية بوصفها تظهر «إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على المضي قدما في الإبادة وتهربه من استحقاقات أي اتفاق».ودعت «حماس» المجتمع الدولي «للتحرك العاجل لوقف هذه الجريمة، التي تهدد حياة مئات الآلاف من المدنيين العزّل من أطفال ونساء وشيوخ»، كما طالبت الحركة المنظمات والهيئات الإنسانية، وعلى رأسها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، إلى البقاء في أماكنها في مدينة رفح وعدم مغادرتها والاستمرار في القيام بدورها في تقديم العون للنازحين المدنيين العزل.

في سياق متصل، قال عزت الرشق القيادي في الحركة في بيان إن أي عملية عسكرية إسرائيلية في رفح جنوب غزة ستضع المفاوضات في مهب الريح.

وكانت الحركة قد أكدت، الاثنين، مواصلة المفاوضات بـ«إيجابية وقلب منفتح» رغم دعوة إسرائيل سكان المناطق الشرقية من رفح إلى إخلائها.

وقال المتحدث باسم الحركة عبد اللطيف القانوع، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «قيادة الحركة في حالة تشاور داخلي وفصائلي بعد جولة المفاوضات الأخيرة في القاهرة».

وأضاف: «مستمرون بإيجابية في المفاوضات وبقلب منفتح للوصول لاتفاق كامل غير مجتزأ يقضي بوقف دائم لإطلاق النار وتحقيق مطالب شعبنا».

ودعا الجيش الإسرائيلي، الاثنين، سكان المناطق الشرقية في مدينة رفح بجنوب قطاع غزة، إلى إخلائها.

وألقى الجيش منشورات ورقية على الأحياء الشرقية لمدينة رفح جاء فيها «جيش الدفاع الإسرائيلي سوف يعمل بقوة شديدة ضد المنظمات الإرهابية في مناطقكم، مثلما فعل حتى الآن».

وتضمّنت المنشورات أيضاً تحذيراً بأن «كل من يوجد بالقرب من المنظمات الإرهابية يعرّض حياته وحياة عائلته للخطر».

وتجري مصر وقطر والولايات المتحدة وساطة في محاولة للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل وحركة «حماس» في قطاع غزة.

وتركّز مباحثات الهدنة على وقف القتال لمدة أربعين يوماً، وإفراج «حماس» عن رهائن محتجزين لديها منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، مقابل معتقلين فلسطينيين لدى إسرائيل. والأحد، انتهت جولة المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين دون إحراز تقدم.


قادة الانقلاب في اليمن ينهبون موارد قطاع الاتصالات

مقر شركة «تليمن» المزود الرئيسي لخدمة الاتصالات الخاضع للحوثيين في اليمن (إكس)
مقر شركة «تليمن» المزود الرئيسي لخدمة الاتصالات الخاضع للحوثيين في اليمن (إكس)
TT

قادة الانقلاب في اليمن ينهبون موارد قطاع الاتصالات

مقر شركة «تليمن» المزود الرئيسي لخدمة الاتصالات الخاضع للحوثيين في اليمن (إكس)
مقر شركة «تليمن» المزود الرئيسي لخدمة الاتصالات الخاضع للحوثيين في اليمن (إكس)

يعاني قطاع الاتصالات في اليمن تدهوراً كبيراً، بفعل ممارسات الفساد التي تضرب مؤسساته التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية في صنعاء، والتي تنفق مبالغ ضخمة تحت مسميات شراء معدات، وأجهزة، بينما تذهب تلك المبالغ إلى حسابات خاصة تتبع أبرز قيادات الجماعة، فيما تسيطر جهة مجهولة تابعة للجماعة على الأجهزة المشتراة.

وكشفت مصادر خاصة في قطاع الاتصالات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مبالغ شهرية تقدر بما يعادل 19 مليون دولار تذهب إلى حسابات عدد من القادة، أبرزهم محمد علي الحوثي ابن عم زعيم الجماعة، وعبد الكريم الحوثي عم زعيم الجماعة، وأبو علي عبد الله الحاكم رئيس الاستخبارات العسكرية في الجماعة، وأحمد حامد مدير مكتب مجلس الحكم الانقلابي.

مبنى شركة «يمن موبايل» الخاضعة للحوثيين في صنعاء (إكس)

وذكرت المصادر أن تقريراً داخلياً حديثاً أظهر أنه جرى في الربع الأول من هذا العام إنفاق ما يزيد عن 132 مليون دولار (نحو 70 مليار ريال يمني) من حساب المؤسسة العامة للاتصالات تحت مسميات شراء أجهزة ومعدات وبناء أبراج توسعة تغطية الشبكات، بينما لم يتم تنفيذ أي من ذلك.

واتضح – طبقاً للمصادر - أن الأجهزة والمعدات التي تم شراؤها سُلِّمت، وبحسب توجيهات مسفر النمير المعين وزيراً للاتصالات في حكومة الجماعة غير المعترف بها، إلى جهة تتبع الجماعة، لم يجر تسميتها.

وكانت مصادر عسكرية يمنية توقعت مطلع العام الحالي أن الجماعة الحوثية بصدد إنشاء شبكة اتصالات خاصة بها، واستبدال الشبكة الحالية بعد حصولهم على أجهزة ومعدات جديدة وصلت من إيران، بهدف السيطرة التامة على قطاع الاتصالات، واحتكار الخدمة، ومنع وجود البدائل التنافسية، ورفع تكلفة الاتصالات ومضاعفة الإيرادات.

وسبق أن تم إنفاق ما يزيد عن 188 مليوناً ونصف المليون دولار (نحو 100 مليار ريال يمني) مقابل شراء نفس الأجهزة والمعدات، ومن ذات الجهة، نهاية العام الماضي، إلا أن تلك الأجهزة لم تصل، وتحجج حينها القيادي مسفر النمير وزير الجماعة، وصادق مصلح المعين مديراً عاماً للاتصالات، بحجز ومصادرة تلك الأجهزة والمعدات في المنافذ الجمركية لدى الحكومة اليمنية.

ولم تعلن أي جهة حكومية شرعية، في تلك الفترة، عن احتجاز أو مصادرة أي أجهزة أو معدات اتصالات كانت متوجهة إلى الجماعة الحوثية كما جرت العادة، ما يرجح أن تلك الحجة كانت لتبرير إنفاق تلك المبالغ واختلاسها.

فساد واختلاس

طبقاً للمصادر اليمنية المطلعة في صنعاء، عين مسفر النمير وزير الاتصالات في حكومة الانقلابيين غير المعترف بها، بداية العام الماضي قيادياً حوثياً هو إسماعيل حميد الدين مديراً لقطاع الإنشاءات في المؤسسة العامة للاتصالات، وهو أحد الذين اشتهروا بالفساد في الفترة التي سبقت سيطرة الجماعة على مفاصل مؤسسات الدولة، وسبقت إحالته إلى نيابة الأموال العامة بسبب تهم فساد واختلاس ما يقرب من ثلاثمائة مليون ريال يمني خلال رئاسته قسم المشاريع في فرع المؤسسة (نحو 600 ألف دولار).

قادة حوثيون يضعون حجر الأساس لمشروع في قطاع الاتصالات لم يرَ النور منذ سنوات (إعلام حوثي)

ولم يكتفِ النمير بتعيين حميد الدين، بل وأقر له - بحسب المصادر - ما يزيد عن 3 ملايين و773 ألف دولار (نحو ملياري ريال يمني) شهرياً، كميزانية إعادة بناء وإعمار بعض مكاتب ومقرات المؤسسة، تصرف له من حساب المؤسسة العامة للاتصالات.

وتؤكد المصادر أنه، ومنذ تعيين حميد الدين في هذا المنصب، واعتماد ذلك المبلغ له، لم تشهد مؤسسات قطاع الاتصالات أي إنشاءات جديدة، أو أعمال صيانة، أو توسعة، ولا يُعلم مصير المبالغ التي يتقاضاها شهرياً، سواه والقيادي النمير.

وإلى جانب ذلك جرى تعيين حميد الدين عضواً في مجلس إدارة شركة «يمن موبايل» الحكومية للهاتف الجوال.

يذكر أن شبهات فساد كبيرة رافقت تدشين الجماعة الحوثية نهاية العام قبل الماضي مشروع النطاق العريض اللاسلكي بتقنية الجيل الرابع، عبر المؤسسة العامة للاتصالات الخاضعة للجماعة في صنعاء، حين ألزمت كل مشترك في هذه الخدمة بدفع 75 دولاراً (نحو 40 ألف ريال يمني)، بينما لا يتعدى ثمن جهاز موائم الإشارات (المودم) 8 دولارات.

واتضح لاحقاً - طبقاً للمصادر - أنه جرى شراء الأجهزة التي تم بيعها للمشتركين من إحدى الشركات التجارية بأكثر من 56 دولاراً (30 ألف ريال يمني) لكل جهاز، وأن تلك الشركة تتبع القيادي الحوثي أحمد حامد مدير مكتب مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي (مجلس الحكم الانقلابي).

تدهور كبير يعاني منه قطاع الاتصالات في اليمن منذ الانقلاب الحوثي (إكس)

ولكي يضمن القادة الحوثيون المسيطرون على المؤسسة العامة للاتصالات إعادة ذلك المبلغ الذي تم دفعه للشركة التابعة لأحمد حامد، أعلنت المؤسسة احتكار بيع أجهزة (المودم)، وعدم تشغيل الخدمة إلا عبر الأجهزة المبيعة من طرفها.

وبينما تشهد مؤسسات قطاع الاتصالات في مناطق سيطرة الحوثيين كل وقائع الفساد هذه، يؤكد الموظفون أنهم يعانون من الحرمان من أبسط حقوقهم، في الوقت الذي يؤكد المراقبون الفنيون زيادة الإيرادات، وارتفاع حجم المبالغ المحصلة من المشتركين والمستفيدين من خدماتها.


مؤيدون للحوثيين يشتكون الظلم ويقرّون بتعرضهم للخديعة

الحوثيون اهتموا بتجنيد صغار السن والصفقات مع تجار الأسلحة والمبيدات (إعلام حوثي)
الحوثيون اهتموا بتجنيد صغار السن والصفقات مع تجار الأسلحة والمبيدات (إعلام حوثي)
TT

مؤيدون للحوثيين يشتكون الظلم ويقرّون بتعرضهم للخديعة

الحوثيون اهتموا بتجنيد صغار السن والصفقات مع تجار الأسلحة والمبيدات (إعلام حوثي)
الحوثيون اهتموا بتجنيد صغار السن والصفقات مع تجار الأسلحة والمبيدات (إعلام حوثي)

مع تصاعد الخلافات حول الفساد وتورط قيادات نافذة بجماعة الحوثي في حماية الفاسدين وتجار المبيدات الزراعية المحرَّمة، وجّهت مجموعة من أبرز النشطاء السياسيين الذين ساندوا الجماعة عند اقتحام صنعاء في 2014 انتقادات حادة إليها، قائلين إنها خدعتهم بشعاراتها في البداية وعند إمساكها بالسلطة مارست من الظلم والفساد ما لم يمارسه أحد من قبل.

هذه الانتقادات أتت مواكبةً لتصاعد الخلافات داخل صفوف الجماعة التي تسيطر على أجزاء من شمال اليمن مع تبادل الاتهامات بين مسؤوليها حول التورط في إدخال كميات كبيرة من المبيدات المحرمة وحماية الفساد، ومع حملة الاعتقالات التي طالت نشطاء ساندوها في انقلابها على الشرعية، انتقاماً من حملتهم على تجار المبيدات الزراعية المحرمة.

نائف القانص يظهر إلى يمين بشار الأسد حين كان سفير الحوثيين في دمشق (إعلام حوثي)

كان نايف القانص، وهو العضو السابق فيما تسمى اللجنة الثورية التي تولت حكم مناطق سيطرة الحوثيين عقب الانقلاب، هو الأقوى في انتقاده، إذ قال إن «عصابة الفساد» وتجار المبيدات المسرطنة المسيطرين في صنعاء، تعتقل المقاوم للفساد والفاسدين، الكاشف لفسادهم بالأدلة القطعية والموثَّقة، في إشارةٍ إلى واقعة اعتقال الناشط الإعلامي خالد العراسي.

وحسب القانص الذي عُيِّن أيضاً سفيراً للحوثيين في سوريا قبل إزاحته، فإن الناشط العراسي في طرحه لم يتهم أحداً دون أن يكون لديه الدليل القطعي حتى أصبح الجميع يحترمه ويقدِّر دوره وشجاعته في مقارعة الفساد من داخل صنعاء.

وأكد أنهم خُدعوا في الجماعة التي بعد أن تمكنت مارست ظلماً وفساداً ما لم يمارسه أحد من قبلها، وقال: «لا أعتقد أننا سنرى في المستقبل من يصل إلى مستوى ظلمها وفسادها وديكتاتوريتها».

من جهته أشار الناشط السياسي أيمن الحوثي، إلى أنه «غسل يديه من الحوثيين» ولم يعد يثق بأحد، ولم يعد يصدق أي حرف لهم، وقال: «سنوات ونحن نغالط أنفسنا ونقول إن الأمور غداً ستسير للأحسن، للأفضل، للأعدل.. ضحكنا على أنفسنا عاماً بعد عام وبعدها أعوام، ولم نجد غير الظلم والفساد ينخر، والاستقواء والكذب يعظم، وقلة الحياء والمناطقية تتبجح أكثر».

واتهم الحوثي الجماعة بتمكين المتردية والنطيحة وقال: «لقد خُدعنا. نعم خُدعنا، وهذه هي الحقيقة، وكفاية أننا ضحكنا على أنفسنا كل هذه السنوات ننتظر الوهم، هذه هي الحقيقة المرة التي لا نريد الاعتراف بها».

انتقاد غير مسبوق

أما السياسي اليمني عبد الله سلام الحكيمي الذي عُرف بدفاعه المستميت عن الحوثيين وبوصفه ضيفاً على محطاتهم التلفزيونية، فإنه يؤمِّل أن تطلق الجماعة القاضي عبد الوهاب قطران من محبسه حياً وليس محمولاً على نعش، في إشارةٍ إلى وفاة عدد من المعارضين في سجون الجماعة.

أمر قبض قهري بحق تاجر المبيدات الموالي للحوثيين دغسان (نشطاء يمنيون)

وفي مواقف غير مسبوقة ذكَّر الحكيمي الحوثيين بأن أي حكم لا يدوم أبداً ويستمر إلا بحفظ حقوق الناس وإقامة العدل والمساواة بين أفراد المجتمع، وقال: «يخطئ خطأ قاتلاً مَن يظن أنه بالإرهاب والقمع والعنف والدماء يدوم حكم أو يستقر أو يطوِّر بلاداً، فكل هذه الوسائل السلبية لا تُنتج إلا كوارث ومآسي وخراباً وفوضى وحروباً لا تُبقي ولا تذر».

في السياق نفسه، قال الناشط الإعلامي الحوثي عبد الوهاب الشرفي، الذي سبق أن هُدد لإرغامه على السكوت عن فساد الجماعة: «إنه في الوقت الذي انتظر الناس القانون والذمة والضمير للتحرك ضد المبيدات ومَن ساهموا في غسيلها وإدخالها بكميات هائلة والإفراج عن جزء منها بعد انتهاء صلاحيتها، وبعد التقارير الرسمية التي تبين وجود قفزة هائلة ومفجعة في عدد المسجلين لدى مركز علاج الأورام، جاء التحرك لاعتقال العراسي».

من جهته يقول الكاتب مجدي عقبة إنهم لم يعودوا يطالبون بوقف الاعتقالات التي تطول أصحاب الرأي، بل أصبحوا يطالبون باعتقالهم وفق القانون بغضّ النظر عن هل المعتقل مذنب أم بريء.

علاقات مصالح ربطت الحوثيين مع تجار محافظة صعدة وفي مقدمتهم عائلة دغسان (إعلام محلي)

الانتقادات الحادة التي وُجهت إلى القيادات المتنفذة في جماعة الحوثي شارك فيها أيضاً المذيع في قناة «الساحات» المموَّلة من إيران عبد الحافظ معجب، وصلاح الدكاك، رئيس تحرير صحيفة «لا» التي يموّلها الحوثيون وتصدر في صنعاء.

وسبق ذلك أن أعلن القيادي السابق في اللجنة الثورية الحوثية محمد المقالح، اعتزال الكتابة في مواقع التواصل الاجتماعي، رداً على اعتقال القاضي عبد الوهاب قطران، وهو صديقه الشخصي وأحد الذين عملوا معه خلال الفترة التي سبقت اجتياح صنعاء.​


اعتقالات في صنعاء بتهمة التخابر مع «حارس الازدهار»

مطار صنعاء الدولي الواقع تحت سيطرة الجماعة الحوثية (رويترز)
مطار صنعاء الدولي الواقع تحت سيطرة الجماعة الحوثية (رويترز)
TT

اعتقالات في صنعاء بتهمة التخابر مع «حارس الازدهار»

مطار صنعاء الدولي الواقع تحت سيطرة الجماعة الحوثية (رويترز)
مطار صنعاء الدولي الواقع تحت سيطرة الجماعة الحوثية (رويترز)

بينما تواصل الجماعة الحوثية في صنعاء اختطاف عدد من أتباع الطائفة البهائية منذ عام، أفادت مصادر يمنية مطلعة بأن الجماعة شنت حملة ملاحقات لموظفين عموميين في مناطق سيطرتها، بتهمة التخابر مع تحالف «حارس الازدهار» الذي تقوده الولايات المتحدة لحماية السفن من هجمات الجماعة.

وذكرت المصادر أن ما يسمى جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، اختطف خلال الأسابيع الماضية عدداً من الموظفين العموميين العاملين في مطارات صنعاء والحديدة، والهيئة العامة للطيران والأرصاد الجوية، للتحقيق معهم حول جمعهم معلومات عن مخابئ ومواقع لتجميع وتجهيز الأسلحة المستخدمة في هجمات البحر الأحمر، من صواريخ وطائرات مُسيَّرة، وإرسالها إلى القوات الأميركية.

بمحاذاة مطار صنعاء الدولي قاعدة عسكرية جوية تستخدمها الجماعة الحوثية (رويترز)

وكشفت المصادر لـ«الشرق الأوسط» عن أن شكوك الجماعة الحوثية بوجود عملاء ومخبرين من الموظفين العموميين في تلك الهيئات، جاءت بعد الغارات التي استهدفت مطار صنعاء وقاعدة الديلمي الجوية المحاذية له خلال الأسابيع الماضية؛ إذ نجم عن تلك الغارات إصابات دقيقة لمخابئ الأسلحة وتدميرها.

وأوضحت المصادر أن أحد مديري الأقسام في الهيئة العليا للطيران الخاضعة للجماعة في صنعاء، جرى اعتقاله من مقر عمله بينما كان يطالب بالإفراج عن أحد زملائه الذي اختُطف من الشارع، ولم يعلم أحد من عائلته أو أصدقائه أو زملائه بأن جهاز الأمن والمخابرات الحوثي اختطفه، إلا بعد أكثر من أسبوع من البحث الذي أوصلهم إلى مقر احتجازه.

وتم اعتقال الآخر بحجة وجود تواطؤ أو تعاون مع زميله الأول في تسريب الإحداثيات، الأمر الذي تسبب في شعور عدد من الموظفين بالخوف، والتغيب عن العمل خشية أن تلاحقهم تلك الشكوك.

وبينما رجحت المصادر أن تكون هذه الإجراءات والاتهامات مجرد وسيلة لإقصاء عدد من الموظفين من مواقعهم، وتعيين بدلاء لهم من أتباع الجماعة الحوثية، أفادت عائلة أحد المختطفين بأن قريبها يواجه تهماً بالتواصل مع قيادات في الحكومة الشرعية؛ خصوصاً أنه غادر مناطق سيطرة الجماعة مرات عدة خلال الأشهر الماضية، لزيارة أقاربه والسفر للعلاج خارج البلاد.

وبيَّنت العائلة أنه يجري التحقيق مع قريبها حول تحركاته وأنشطته خلال فترات سفره خارج مناطق سيطرة الجماعة، والشخصيات التي التقى بها، وأسباب امتلاكه أكثر من خط هاتفي، إلى جانب سؤاله عن الأشخاص الذين يظهر معهم في عدد من الصور في هاتفه.

اضطهاد طائفي

قالت منظمة حقوقية يمنية، إنّ نحو عام مرَّ منذ مداهمة قوة مسلحة تابعة للجماعة الحوثية اجتماعاً سلمياً للبهائيين في العاصمة صنعاء، واعتقال كثير من البهائيين والبهائيات، وانتهاك حقوقهم المدنية، وتعريضهم لضغوط شديدة لإجبارهم على التراجع عن دينهم، والمشاركة في الدورات الثقافية الحوثية.

وقفة احتجاج قبلية في صنعاء رفضاً لممارسات الجماعة الحوثية (إ.ب.أ)

واتهمت المبادرة اليمنية للدفاع عن حقوق البهائيين الجماعة الحوثية، بالضغط النفسي والفكري على البهائيين، وازدراء معتقدهم، ورفض كافة الدعوات المحلية والإقليمية والدولية لإطلاق سراح 5 من البهائيين الذين ما زالوا في غياهب المعتقلات في ظروف مقلقة، دون أي مراعاة لحقوق الإنسان وكفالة الدستور اليمني لحرية المعتقد.

واستنكرت المبادرة تلك المداهمات والانتهاكات التي تمثل جزءاً مما وصفته بسلسلة مستمرة من الانتهاكات الصارخة لحقوق المواطنين اليمنيين البهائيين في صنعاء، وخطة منهجية للإبادة الثقافية والتطهير الديني لهذه الأقلية، داعية إلى مساندة المعتقلين لإطلاق سراحهم، والتوقف عن ملاحقة آلاف من أتباع الطائفة البهائية، وإيقاف المساعي الحوثية لإبادتهم كما جاء في بيانها.


منظمة «التعاون الإسلامي» تندد بـ«الإبادة» في غزة

أمين عام منظمة «التعاون الإسلامي» حسين إبراهيم (رويترز)
أمين عام منظمة «التعاون الإسلامي» حسين إبراهيم (رويترز)
TT

منظمة «التعاون الإسلامي» تندد بـ«الإبادة» في غزة

أمين عام منظمة «التعاون الإسلامي» حسين إبراهيم (رويترز)
أمين عام منظمة «التعاون الإسلامي» حسين إبراهيم (رويترز)

ندّدت منظمة «التعاون الإسلامي» مجدداً، الأحد، بـ«الإبادة الجماعية» في غزة، ودعت دولها الأعضاء البالغ عددها 57 دولة إلى «فرض عقوبات» على إسرائيل، وذلك في البيان الختامي لقمتها في بانغول عاصمة غامبيا.

وطالب المؤتمر في البيان الذي اطلعت عليه «وكالة الصحافة الفرنسية»، الدول الأعضاء، بـ«ممارسة ضغوط دبلوماسية وسياسية وقانونية»، وفرض «عقوبات» على جميع المستويات «الاقتصادية والرياضية والثقافية والدولية» ضد إسرائيل.

كما دعت منظمة «التعاون الإسلامي» إلى «وقف فوري ودائم وغير مشروط لإطلاق النار».

وبالإضافة إلى ذلك، دعت منظمة «التعاون الإسلامي» في بيانها الختامي، إلى «وقف تصدير الأسلحة والذخائر التي يستعملها جيشها للقيام بجريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة»، من دون تقديم مزيد من التفاصيل.

وأوفد أغلب زعماء البلدان الأعضاء في المنظمة ممثلين لهم إلى القمة، لكن عدداً من رؤساء الدول الأفريقية، مثل رئيس السنغال، شاركوا شخصياً.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، اجتمعت المنظمة بالرياض في قمة مشتركة مع جامعة الدول العربية، ودانت هجمات القوات الإسرائيلية في غزة.

وسلطت تلك القمة الضوء على الانقسامات الإقليمية حول كيفية التعامل مع الحرب، على خلفية المخاوف من توسع النزاع في المنطقة.

واتجهت الأنظار في نهاية الأسبوع بشكل أكبر إلى مصر، حيث جرت مفاوضات حول مقترح هدنة في غزة.

واندلعت الحرب في غزة إثر هجوم نفذته «حماس» جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، وأدى إلى مقتل أكثر من 1170 شخصاً، ، بحسب حصيلة لوكالة «الصحافة الفرنسية» تستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية.

وخلال الهجوم، تم اختطاف أكثر من 250 شخصاً ما زال 128 منهم محتجزين في غزة، من بينهم 35 لقوا حفتهم، وفقاً للجيش الإسرائيلي.

ورداً على هجوم «حماس»، تعهدت إسرائيل بتدمير الحركة وشنت هجوماً واسع النطاق في غزة أدى حتى الآن إلى مقتل 34683 شخصاً، معظمهم من المدنيين.


هنية: حريصون على التوصل لاتفاق شامل ينهي الحرب ويحقق صفقة تبادل جدية للأسرى

رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية (د.ب.أ)
رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية (د.ب.أ)
TT

هنية: حريصون على التوصل لاتفاق شامل ينهي الحرب ويحقق صفقة تبادل جدية للأسرى

رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية (د.ب.أ)
رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية (د.ب.أ)

أكد رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية اليوم (الأحد) أن الحركة ما زالت حريصة على التوصل إلى اتفاق شامل ومترابط لإنهاء الحرب وضمان الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة وتحقيق صفقة تبادل «جدية» للأسرى.

وبحسب «وكالة أنباء العالم العربي»، قال هنية في بيان إن الأولوية لدى «حماس» هي «لوقف العدوان على شعبنا وهو موقف جوهري ومنطقي ويؤسس لمستقبل أكثر استقراراً».

وأضاف: «ما مفهوم الاتفاق إذا لم يكن وقف إطلاق النار أولى نتائجه؟»

وألقى هنية باللائمة على الحكومة الإسرائيلية في فشل مباحثات «ورئيسها (بنيامين نتنياهو) يريد اختراع مبررات دائمة لاستمرار العدوان وتوسيع دائرة الصراع وتخريب الجهود المبذولة عبر الوسطاء والأطراف المختلفة».

وكان طاهر النونو المستشار الإعلامي لهنية أبلغ «وكالة أنباء العالم العربي» أمس بأن الحركة تتمسك بأربع نقاط أساسية هي «وقف العدوان بشكل كامل على قطاع غزة، أي وقف إطلاق النار الدائم والمستدام، والنقطة الثانية انسحاب الاحتلال الكامل والشامل من قطاع غزة، النقطة الثالثة صفقة تبادل مشرفة وجادة، والنقطة الرابعة هي الإعمار وإنهاء الحصار ودخول احتياجات الشعب الفلسطيني».

وتابع النونو: «بالتالي لا يمكن أن يكون هناك اتفاق إلا بوقف إطلاق النار، وإلا ما هو معنى اتفاق دون وقف إطلاق النار».


انقلابيو اليمن يخضعون قطاع محو الأمية للتعبئة

الحوثيون يكثفون برامجهم الطائفية لاستهداف المجتمع اليمني (إعلام حوثي)
الحوثيون يكثفون برامجهم الطائفية لاستهداف المجتمع اليمني (إعلام حوثي)
TT

انقلابيو اليمن يخضعون قطاع محو الأمية للتعبئة

الحوثيون يكثفون برامجهم الطائفية لاستهداف المجتمع اليمني (إعلام حوثي)
الحوثيون يكثفون برامجهم الطائفية لاستهداف المجتمع اليمني (إعلام حوثي)

أخضعت الجماعة الحوثية منتسبي قطاع محو الأمية في المناطق تحت سيطرتها للتعبئة، حيث أجبرت الكادر التعليمي والوظيفي والدارسين على الالتحاق بالمعسكرات الصيفية التي دشنتها لتلقينهم الأفكار ذات الصبغة الطائفية، وفق ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط»

ودفع الانقلابيون الحوثيون - حسب المصادر- نحو 5 آلاف و700 موظف ومتعاقد، وآلاف الدارسين أغلبهم من النساء في المركز الرئيسي لجهاز محو الأمية في العاصمة المختطفة صنعاء ونحو 12 فرعاً تابعاً له في المحافظات لتلقي أنشطة ودروس تعبوية تحت اسم «دورات صيفية» يُشرف على تنفيذها معممون استقدمتهم الجماعة من صعدة معقلها الرئيسي.

الحوثيون يجبرون دارسي محو الأمية على تلقي دروس تعبوية (إعلام حوثي)

واتهمت المصادر الجماعة الحوثية بتحويل مراكز محو الأمية الخاضعة لها من أماكن للتعلم والحد من الأمية إلى أماكن للتعبئة والتلقين الفكري واستهداف آلاف الموظفين والدارسين من مختلف الأعمار بأنشطة تبث العنصرية، وتحرّض على القتل والكراهية.

وجاء الاستهداف الحوثي تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه شقيق زعيم الجماعة يحيى بدر الدين الحوثي المعين وزيراً للتربية والتعليم في الحكومة غير المعترف بها، والقيادي أحمد الكبسي المنتحل لصفة رئيس جهاز محو الأمية.

وخلص الاجتماع - طبقاً للمصادر- إلى تشكيل ما سمته الجماعة اللجنة الإشرافية واللجان الفرعية لإطلاق المعسكرات الصيفية لمنتسبي جهاز محو الأمية والدارسين فيه بصنعاء وبقية المحافظات تحت سيطرتها.

وأعلنت الجماعة الحوثية - بموجب الاجتماع - آلية تنص على تشكيل غرفة عمليات مركزية بديوان الجهاز لمتابعة واستقبال تقارير مكاتب محو الأمية وتعليم الكبار في المحافظات، وإقرار خطة نزول مركزي للإشراف ميدانياً على نشاط المراكز الصيفية.

استهداف مستمر

يعد التحرك الحوثي في قطاع محو الأمية امتداداً لسلسلة استهدافات سابقة ضد منتسبي الجهاز وفروعه، حيث حرمت الجماعة آلافاً منهم في السنوات الماضية من الحصول على نصف الراتب أسوة ببقية الموظفين في القطاعات الحكومية.

قطاع تعليم الكبار في اليمن مستهدف حوثياً بالتجنيد والحشد (فيسبوك)

ويستهدف جهاز محو الأمية الذي تأسس في صنعاء عام 1990 الفئات العمرية من 10 سنوات إلى أكثر من 40 سنة، حيث لا تقتصر أنشطته على تعليم القراءة والكتابة فحسب، بل يرافق ذلك إقامة كثير من البرامج والأنشطة التوعوية والصحية والمهارية لمختلف الحرف والمهن للدارسين فيه من الرجال والنساء.

وبينما يعاني مئات آلاف من الموظفين اليمنيين، من أوضاع بائسة وحرمان من أقل الحقوق في مقدمها الراتب، اشتكى معلمون وموظفون في جهاز محو الأمية بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من إجبارهم بين كل فينة وأخرى على حضور دورات تعبوية.

وسعت الجماعة عبر عشرات الدورات التي أقامتها سابقاً إلى غسل أدمغة منتسبي جهاز محو الأمية، وعلى نشر «ملازم» مؤسس الجماعة حسين الحوثي بين فئات كبار السن من الذكور والإناث، وإقناعهم بأفكارها المتطرفة.

وأجبر سلوك الجماعة أحمد وهو ابن إحدى الملتحقات في مركز لمحو الأمية بصنعاء، إلى إقناع والدته بالانسحاب من المركز؛ لكي لا تقع ضحية لأفكار الجماعة.

ويذكر أحمد لـ«الشرق الأوسط» أن الغرض من تسجيل والدته مريم (65 عاماً) قبل نحو شهر كان لتعلم القراءة والكتابة، وبعض تعاليم الدين المتعلقة بالصلاة والصيام وغيرها، وليس للخضوع لخطب زعيم الجماعة ومؤسسها.

ارتفاع الأعداد

استهداف الجماعة الحوثية لقطاع محو الأمية جاء مع إقرارها بارتفاع أعداد الأميين في مناطق سيطرتها، وتسجيلها أعلى النسب على مستوى العالم.

وأوضح القيادي الحوثي أحمد الكبسي المعين في منصب رئيس جهاز محو الأمية في تصريحات بثتها وسائل إعلام الجماعة أن عدد الأطفال اليمنيين المتسربين من التعليم تجاوز 350 ألف طفل سنوياً ضمن الفئة العمرية بين 6 و10 سنوات.

عناصر حوثيون أثناء افتتاح مركز محو أمية (إعلام حوثي)

ووفقاً لآخر التقديرات الصادرة عن النسخة الحوثية من الجهاز المركزي للإحصاء، فإن عدد الأميين في الفئة العمرية من عشر سنوات فأكثر بلغت ستة ملايين و380 ألفاً و763 أمياً وأمية، أي ما يمثل 29.2 في المائة من إجمالي عدد السكان.

من جهتها، اعترفت منظمة «انتصاف» الحوثية بوجود معاناة ومشكلات تواجهها المناطق تحت سيطرة الجماعة فيما يخص العملية التعليمية ومجال محو الأمية وتعليم الكبار، وأكدت ارتفاع نسبة الأمية من 45 في المائة قبل اندلاع الحرب في عام 2014 إلى أكثر 65 في الوقت الحالي.

ووفق التقرير الحوثي، فإن نسبة الأمية في أوساط النساء تزيد على 60 في المائة في بعض المحافظات، مثل الحديدة التي تصل فيها أعداد الأميين والأميات إلى أكثر من 1,2 مليون شخص، 62 في المائة منهم من الإناث.

وفي حين أبدى تقرير الجماعة اعترافاً بوجود معوقات وتحديات كبيرة يواجهها قطاع التعليم بشكل عام ومراكز محو الأمية على وجه الخصوص، كشف مسؤولون وعاملون في هذه المراكز عن حالة من التدهور الكبيرة وغير المسبوقة بسبب سلوك الحوثيين، وانقطاع الرواتب، وتحريف المناهج.

واتهم العاملون في حديثهم لـ«الشرق الأوسط» عناصر الجماعة الحوثية بمصادرة الدعم المقدم محلياً وخارجياً لمراكز محو الأمية، وإيقاف المحفزات المقدمة للملتحقين والملتحقات ببرامج محو الأمية، وتحويل عدد من مدارس محو الأمية إلى ثكنات عسكرية ومخازن للأسلحة، ومجالس لتلقين الطائفية.


«يونيسكو»: الصحافيون في اليمن يواجهون مخاطر أزمات البيئة

السيول جرفت الأراضي الزراعية وسببت خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (إعلام حكومي)
السيول جرفت الأراضي الزراعية وسببت خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (إعلام حكومي)
TT

«يونيسكو»: الصحافيون في اليمن يواجهون مخاطر أزمات البيئة

السيول جرفت الأراضي الزراعية وسببت خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (إعلام حكومي)
السيول جرفت الأراضي الزراعية وسببت خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (إعلام حكومي)

أكدت منظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة (يونيسكو) أن المخاطر التي يواجهها الصحافيون في اليمن لا تقتصر على تناول القضايا السياسية فقط، بل إنها تمتد إلى تناول وتغطية الأزمات البيئية في هذا البلد، الذي صنف عالمياً بأنه أحد البلدان شديدة التأثر بالتغيرات المناخية.

وفي تقرير لمكتب المنظمة في منطقة الخليج بمناسبة اليوم العالمي للصحافة، ذكر المكتب أنه وفي خضم الاضطرابات المستمرة، يواصل الصحافيون اليمنيون تحدي المخاطر للإبلاغ عن القضايا الحاسمة، بما في ذلك الأزمات البيئية التي تؤثر على بلادهم.

منع الحوثيون استكمال تنظيف الناقلة «صافر» ومنعوا سحبها للتخلص منها (شركة بوسكاليس)

وأكد التقرير أن هذا البلد المثقل أصلاً بالصراع، يواجه عدداً لا يحصى من التحديات البيئية، كما أن الكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ، بما في ذلك الفيضانات والأعاصير والانهيارات الأرضية والجفاف، تسببت في أضرار واسعة النطاق على مدى العقد الماضي.

ووفق «يونيسكو»، فإن من بين القضايا الأكثر إلحاحاً الأعاصير الكثيرة التي ضربت اليمن، مما أدى إلى أضرار جسيمة في الإسكان والبنية التحتية، وغمر مئات الهكتارات من الأراضي الزراعية، وفقدان آلاف الأطنان من المحاصيل، مما أثر بشكل مباشر على سبل عيش اليمنيين.

وأكدت المنظمة أن إعصار «تيج» الذي ضرب المناطق الساحلية الشرقية من البلاد نهاية العام الماضي، أثّر على ما يقدر بنحو 100 ألف أسرة، بما في ذلك 3 آلاف امرأة حامل؛ وفقاً للتقرير الصادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان.

تحديات متنوعة

نقل تقرير «يونيسكو» عن حسين اليعبري، من «مبادرة حلم أخضر»، وهي مؤسسة بيئية تهدف إلى تعزيز الوعي بالتحديات البيئية - القول إن هذه التحديات تفاقمت بسبب الصراع، حيث زادت الكوارث التي صنعها الإنسان، مثل إزالة الغابات، والاستخدام غير الآمن للمبيدات الحشرية، وتسرب النفط، وسوء إدارة النفايات؛ لأن ذلك زاد من الضغط على موارد البلاد.

ويُبين اليعبري أن بلاده واجهت كثيراً من التحديات البيئية الكبيرة خلال العام الماضي، التي تفاقمت بسبب الصراع المستمر، وتدهور الظروف الإنسانية والاقتصادية والبيئية. ونبه إلى أن الوعي بجميع جوانب الأزمة البيئية وعواقبها أمر ضروري لبناء السلام. ولهذا فإن العمل الصحافي أمر بالغ الأهمية لهذا الغرض؛ لأنه يزود الجمهور بمعلومات موثوقة، وتحليلات ثاقبة، وفهم شامل للقضايا التي تؤثر عليهم بشكل مباشر.

سفينة الشحن «روبيمار» غرقت بعد أن تعرضت لهجوم صاروخي حوثي (إ.ب.أ)

ورأى اليعبري أن التهديد الأكبر الذي كان يواجه الناس والبيئة في اليمن هو ناقلة النفط المتهالكة صافر، التي تم إنقاذها. وذكر أن مبادرة «حلم أخضر» قامت برفع مستوى الوعي بهذه القضية من خلال الحملات، ونشر الأفلام والتحذيرات عبر وسائل الإعلام المحلية والدولية؛ لأنه من دون ذلك «لن تعرف المجتمعات بذلك التهديد».

ونبهت المبادرة إلى أنه وعلى الرغم من الأولويات المتنافسة في أوقات الصراع، فإن من المهم إعطاء الأولوية لإعداد التقارير البيئية، لأن الإبلاغ عن القضايا البيئية أثناء الأزمات أمر بالغ الأهمية، حيث يؤدي الصراع إلى تفاقم التدهور البيئي، مما يؤثر بشكل مباشر على سبل العيش.

وقالت المبادرة إنها أعطت الأولوية لنهج يوازن بين الإلحاح والتأثير، وحاجة الجمهور إلى المعرفة، والإبلاغ عن الأزمات التي تُشكّل تهديدات مباشرة على صحة الإنسان وسُبل عيشه، مثل ندرة المياه أو النفايات السامة أو الانسكابات النفطية. من خلال ربط القضايا البيئية بالقصص الإنسانية المستمرة، وربط تغير المناخ بالفشل الزراعي وانعدام الأمن الغذائي.

ووفق المبادرة التي تنشط في مجال البيئة والتغير المناخي، فإن الصراع في اليمن استنزف الموارد، بما في ذلك الوقود والكهرباء والاتصال بالإنترنت، ما جعل الصحافيين يواجهون صعوبات في جمع البيانات وإجراء المقابلات ونقل التقارير.

وقالت: يعيق انقطاع التيار الكهربائي، ومحدودية الوصول إلى التكنولوجيا إعداد التقارير في الوقت المناسب، في حين يؤدي الصراع إلى زيادة انتشار المعلومات الخاطئة، مما يجعل التحقق من المعلومات ضرورياً ومكافحة المعلومات المضللة.

عقبات كبيرة

أكدت «يونيسكو» في تقريرها أن الصحافيين اليمنيين يواجهون عقبات كبيرة في البحث عن المعلومات حول مختلف القضايا ونشرها، خاصة في بلد مزقته الحرب، واستشهدت بالتقرير الربع سنوي الأول لنقابة الصحافيين اليمنيين لعام 2024، الذي وثق 17 حالة انتهاك ضد الحريات الإعلامية في البلاد.

وشملت تلك الانتهاكات التضييق على الحريات، والاعتداء على الصحافيين والمؤسسات الصحافية، ومصادرة الممتلكات.

وقالت المنظمة الأممية إنه وبالإضافة إلى التعامل مع التهديدات الجسدية والاقتصادية والسياسية والنفسية والرقمية والقانونية، قد يكون الوصول إلى معلومات موثوقة في أوقات الأزمات أمراً صعباً.

ووفق مرصد الحريات الإعلامية وصل إجمالي الانتهاكات التي مورست ضد الصحافة والصحافيين في اليمن، وتحديداً منذ بداية عام 2015 وحتى أبريل (نيسان) الماضي 2024، إلى 2,536 انتهاكاً، من بينها 54 حالة قتل لصحافيين وصحافيات.