روجر كوهين
كاتب, نيويورك تايمز

الصين في مواجهة أميركا

دعونا نتعامل مع الفكرة التالية باعتبارها حقيقة مؤكدة: إن النظام العالمي الذي ظهر بعد عام 1945 ولعبت فيه أميركا دور القوة المهيمنة قد بدأ في التفكك، وأن الصين في صعود مستمر نحو وراثة الكوكب، وأن الكثير من المصاعب التي نجابهها حاليا على صلة بهذه الفترة الانتقالية الصعبة، وأن الصراع المسلح هو عنصر طبيعي ملازم لفترات انتقال تاج الهيمنة من قوة عظمى لأخرى. ورغم خروج أميركا من الحرب العالمية الثانية قوة عظمى، فإنه بنهاية هذه الحرب كان العالم قد تحول لميدان فسيح يعج بالجثث. ودعونا نفترض أيضا أن الجنس البشري تعلم من تاريخه، وهي فرضية بعيدة الاحتمال. إذن علينا العمل على الحيلولة دون اندلاع حريق آخر.

الازدواجية حول أميركا

اتسمت المواقف في أوروبا حول أميركا التي تعيد تجميع نفسها اليوم بازدواجية شديدة. ويسيطر هذه الأيام على مناقشات الأوروبيين الحديث عن آخر حلقات مسلسل «هاوس أوف كاردز» أو «هوملاند» أو «ماد مين». وقال لي دبلوماسي فرنسي، إن كل اجتماع حضره في البيت الأبيض خلال جولته في واشنطن كان ينتهي بسؤال أحد الحاضرين ما إن كان يمكن مشاهدة مسلسل «ويست وينغ». وكان يجد ذلك محرجًا. ويشتكي الأوروبيون من المعلومات الشخصية المخزونة في ثغرات الضرائب والتي استغلتها مواقع مثل «أمازون» و«فيسبوك» و«غوغل» و«تويتر».

المستحيل يحدث أحيانا

تشق سيارات الشحن المليئة بالجثث طريقها في جميع أنحاء أوروبا. فبعد أكثر من أسبوعين من القتال في غزة، لقي ما لا يقل عن 150 طفلا فلسطينيا حتفهم، وفقا لأرقام الأمم المتحدة. وأطلقت حماس آلاف الصواريخ تجاه إسرائيل، وقتل 32 جنديا إسرائيليا وهم يقاتلون بداعي إنهاء هذا الإرهاب. عندما يموت الأطفال بهذه الأرقام، وعندما يطعن مرة أخرى في مطالب الشعب الإسرائيلي في قطعة من الأرض، عندما يصيح نشاز من كل جانب قائلا بأن {حقائقه} تطغى، يبدو التقدم البشري ضربا من الخيال.

وضع دموي راهن

دعت صحيفة «شيلدون أديلسون» التابعة لجناح اليمين «إسرائيل حايوم»، وهي الأكثر توزيعا في إسرائيل، إلى «إعادة غزة إلى العصر الحجري». ودعا وزير إسرائيلي خلال حملة قصف غزة الأخيرة عام 2012 إلى «جعل غزة تعيش في العصور الوسطى». وكانت قبل ذلك حرب غزة 2008 - 2009 التي قُتل فيها 1166 فلسطينيا، و13 إسرائيليا، بحسب قوات الدفاع الإسرائيلية. وتمضي القصة أكثر فأكثر، فليس هناك حل عقدة لها. ولم تنحدر غزة، ذلك المكان الصغير المكتظ بالسكان، إلى العصر الحجري أو الحديدي أو العصور الوسطى أو غيرها. ولم تُسوَّ بالأرض كما اعتزم مرة بعضهم.

غاندي ومانديلا

لدى وصولي إلى هذا المكان، عقب وفاة نيلسون مانديلا، بعد نحو قرن من إنهاء غاندي لإقامته المؤقتة التي استمرت لمدة 21 سنة في جنوب أفريقيا وعودته إلى الهند، كان لزاما أن تتداخل شخصية هذين الرجلين الفذين المقاومين للاستعمار في القرن العشرين مع بعضهما من وجهة نظري. وصم غاندي، في جنوب أفريقيا، بسبة عنصرية عندما أطلق عليه «المحامي غير البارع»، وزج بمانديلا في نفس السجن في جوهانسبورغ مثلما كان الحال مع غاندي من قبل.

بندول الشرق الأوسط

عاد رجال الشرق الأوسط الأشداء. فالثورة المضادة تجري على قدم وساق، وثمة معركة بين الإسلاميين والعلمانيين، وهناك صراع من نوع ما بين الطائفتين السنة والشيعة. أما اتفاق السلام الإسرائيلي - الفلسطيني على أساس حل الدولتين فيبدو مستحيلا. وصارت الحرية مكافئة للفوضى.