محمد مصطفى أبو شامة
كاتب وصحافي مصري

هنا لندن

تربطني علاقة خاصة بعاصمة الضباب البريطانية المعروفة بـ"لندن" أو "لوندرة"، كما كان يسميها أهل بلدي المحروسة قبل قرن من الزمان، فمنذ أن عرفت طريقها في السادس من يونيو(حزيران) في العام 2007، وعلاقتي بها يشوبها الكثير من التناقض، علاقة لا يختزلها جمال الإنجليزيات وصفة عقولهن، ولا تصفها تقلباتها المناخية التي تمنحها قدرا من السحر والخصوصية تجعلك مهما قاومت تعود من جديد إلى شوارعها الضيقة وحدائقها المتسعة ومبانيها العريقة ومحطاتها المزدحمة ونظامها الصارم وفضائها الحر. ما ان تتنسم هواء لندن النقي البارد، حتى تتفجر بداخلك شهوة الإبداع، إما أن تمتطيها أو تتركها شاردة تبحث عن غيرك ليتلقفها ويخلد بها أيق

رحلة «الكنال» من «الكوبانية» إلى «الطشت»

درج المصريون القدماء - قبل أكثر من مائة عام - على أن يطلقوا على كل شركة أجنبية «الكوبانية» ووصلت مع لغتنا العربية إلى «القوبانية»، والتي هي في أصلها الإنجليزي: Company. وشاء قدري أن أولد في منزل يقع أمام «قوبانية المياه» في حي روض الفرج بشبرا، لأب نشأ وترعرع في مسقط رأسه مدينة السويس الباسلة على أمل الالتحاق بالعمل في «كوبانية الكنال» وهي قصته المفضلة التي كان يحكيها لي عند كل زيارة نقوم بها إلى مدينة السويس، وبين الـTwo Companies أو «القوبانيتين» تاهت المعاني، واضطرب فهمي وعلاقتي باللغتين قبل أن تمر سنوات لأدرك أن الأمر لا علاقة له بـ«لغة» بل كان من باب «الاستغراب». ويأتي السادس من أغسطس (آب)

مقدمة لشيء مجهول

كان يقضي يومه حزينا بين ذاته ولذاته، لا معنى للمتعة في حياته، كل الأشياء تؤدي إلى لا شيء، وكل البدايات تقوده إلى مشهد النهاية الذي يخشاه ويتمنى كل ليلة عدم مجيئه. منحه التصوير الفوتوغرافي، فرصة الميلاد الجديد أو فرصة الهروب البعيد، وأصبحت كاميرا الموبايل أول طريقه لعشق هذا الفن المثير، فن التقاط اللحظة المدهشة، وتثبيت مشاعر البشر عند وهج إنساني لا يتكرر، وهج استثنائي يستحق الخلود في صورة. تطورت كاميرا الموبايل إلى كاميرا (Nicon) العلامة التجارية المعروفة في جودة التصوير العالمية، وامتلأت حقيبة سيارته بإكسسوارات "المصور" المختلفة من حامل وعدسات، وملابس مخصصة لعشاق الكاميرا، تميزهم في رحلاتهم ال

كلوا بامية.. بالفرنساوي

أعمدة الصحف العربية هي لبنات التكوين الرئيسية في مشروع أي صحافي، فهي بمثابة «درس خصوصي» يومي تمنحه الصحيفة لعشاق الكلمة ومريديها، لهذا ومنذ مرحلة «البافتة» في الكتابة، و«الحبو» في بلاط صاحبة الجلالة، وضعت لنفسي قائمة دروسي اليومية من الأعمدة الصحافية، والتي لا يمكن أن يمر اليوم إلا بها ومعها، يرافقها فنجان القهوة مع نسائم «التبغ» الألماني الصنع - حتى في أماكن حظر التدخين - فدخان سجائري هو ما يحمل الأفكار ويحملني لنحلق معًا في سماء الفكر، هذه طريقتي التي قد تغضب «حزب أعداء السجائر»، وعلى رأسهم بطل مقالي اليوم، أستاذ الصحافة المصرية وواحد من «جنرالاتها» المؤثرين، وهو عمنا صلاح منتصر، وإن كنت أعد

الحمار في المطار

على عكس السائد، تعاملتُ بجدية مع قصة ظهور «الحمار» في مطار القاهرة الدولي، التي تصدرت أجندة الإعلام المصري قبل أيام.

الطريق إلى القمة

كان الطريق إلى القمة العربية في شرم الشيخ محفوفا بالمخاطر، ومفروشا بالنيات الطيبة والأحلام الوردية التي تصاحب كل قمة عربية في موعدها السنوي، وهذا العام زادت جرعة الأمل وانخرطت الوفود الوزارية في العمل بحثا عن مخرج للمأزق العربي الراهن، وعن تصور فريد يطفئ الحرائق المشتعلة في معظم البلدان العربية، حتى أمست الدول الأعضاء في الجامعة العربية باستثناء جزر القمر - لجهلنا بها وبما يدور فيها - تناجي الله كل يوم بأن يصبح عليها النهار من دون أزمات ومشكلات وخلافات ومعارك أهلية ودعشنة دينية وصراعات مذهبية، إلى آخره من قائمة الأمراض العضال التي أصابت الجسد العربي المسكين. كان هذا هو الطريق إلى القمة حتى الس

طفلة في صندوق القمامة

لن أشغلكم بتفاصيل قصة الطفلة التي وجدت في صندوق قمامة بحي شبرا (شمال القاهرة)، ولا بسر لقائها مع رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب، الذي زينت به صحف القاهرة صدر صفحاتها، ولن أقف خلف منصة القاضي الذي يحاكم أسرة مصرية - لأي سبب يخصها - لم تجد أفضل من «صفيحة زبالة» لتتخلص فيها من ابنتها. كما أنني لن أتوقف معكم عند ما حدث لهذه الطفلة من إصابات وكسور، ولا عند أب وأم وعم وجد تجمدت قلوبهم قبل أن يلقي كل منهم بالتهمة في وجه الآخر، ولن أزيد الأمر سوادا بقصة الحالة الاقتصادية والاجتماعية لهذه الأسرة المجرمة. حقا لا أنوي أن أدمي قلوبكم على هذه الطفلة المصرية المسكينة البائسة، لأني أحتاج إلى قلوبكم سليمة ك

«بابا نويل» يرقص «المولوية» في «كريسماس» صوفي

أسعدني لقاء «بابا نويل» مع شمس التبريزي ليستقبلا معا العام الجديد ويتراقصا على أشعار مولانا جلال الدين الرومي في ساحة المسرح المكشوف بدار الأوبرا المصرية وسط العاصمة القاهرة، التي تألقت واستعدت على طريقتها لاستقبال 2015 بمشاعرها الخاصة وملامحها المتناقضة، حيث تباينت «سهرة الكريسماس» من فنادق مطلة على النيل يحييها ألمع النجوم العرب، مع حفلات أخرى تلفزيونية يقضيها البسطاء والفقراء و«البردانين» في «جزيرة القطن»؛ المصطلح الأكثر استخداما في مصر لوصف «فراش النوم» أو «السرير»، في كلمة تجمع بين الحلم والسخرية المرّة. قررت سيدة الأوبرا الدكتورة إيناس عبد الدايم، عازفة الفلوت الشهيرة، أن تسعد قلوب «العا

فطيرة زعتر.. وفلافل قطرية

أعشق المطبخ اللبناني، والأكل اللبناني، والحلويات اللبنانية، والأركيلة (الشيشة) اللبنانية، والخدمة اللبنانية، وإذا وُجدت في أي دولة في العالم - خاصة في السعودية والخليج - تسوقني معدتي للمطاعم اللبنانية، ورغم أني أذوب عشقا في الهوا اللبناني، فإن من اختطفت قلبي - ذات مرة - كانت فلسطينية، وكتبت قصتها وقصتنا شعرا في ديواني الثاني «حدوتة بنت اسمها..

«حلاق» سوري و«قفا» مصري

يحكى في الأثر أن جدي لأمي انتُدب، وقت أن كان موظفا بمصلحة البريد العمومية عقب الحرب العالمية الأولى في عشرينات القرن الماضي، ليعمل في ريف دمشق، فانتقل وحيدا من ريف مصر إلى بلاد الشام. وبعد أن انقضت أسابيع قليلة، لم يتحمل الجد وحدته.. فتزوج من سيدة سورية فائقة الجمال - بحسب وصف جدتي - وأنجب منها طفلين؛ ولدا وبنتا.