فاضل السلطاني
محرر الثقافة والكتب في «الشرق الأوسط» منذ عام 1997. نشر عدة كتب شعرية وترجمات. وفي الدراسات له «خمسون عاماً من الشعر البريطاني» و«الأرض اليباب وتناصها مع التراث الإنساني». وأصدر بالانجليزية «فيليب لاركن شاعراً منتمياً» و«ثلاثة شعراء محدثون». مُجاز في الآداب من جامعة بغداد، وحاصل على درجة الماجستير في الأدبين الأوروبي والأميركي من جامعة لندن.

أية مغفرة ترجى؟

أية مغفرة ترجى؟

استمع إلى المقالة

يبدو أننا كنا واهمين، كعادتنا. كنا نتصور أن نظريات الفلاسفة العظام عبر التاريخ منذ سقراط الذي تجرع السم من أجل الحقيقة، وأفلاطون بجمهوريته الفاضلة، وورثتهما.

لا تستغربوا أن الأمم الأخرى لا تقرأنا

فجأة، ونحن في منتصف جلستنا المسائية المعتادة، انتفض صاحبي متسائلاً، ويكاد الشرر يحرق عينيه.

ثمن الإبداع الباهظ

ثمن الإبداع الباهظ

استمع إلى المقالة

مفجعة تلك القصص التي تسردها الكاتبة والناقدة الإنجليزية، أوليفيا لاينغ، في كتابها «الرحلة إلى إيك سبريتغ... عن الكتّاب والشرب»-

مئوية نازك الملائكة... هل تزيح بعضاً من «مظلوميتها»؟

لعل مئوية الشاعرة نازك الملائكة (1923 - 2007)، واختيارها من قبل المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) «رمزاً للثقافة العربية في 2023»، يحفزان نقادنا على إعادة قراءة إرث الملائكة الشعري والنقدي، الذي يبدو أن وهجه قد خبا بعض الشي ، قراءة موضوعية تسائله نقدياً، في ضوء التطورات الشعرية والفنية والنقدية لتكشف لنا عن مواطن القوة أو الضعف فيه، كما في اية عملية نقدية سليمة لآثار أي مبدع.. صحيح، أن اسم الملائكة حاضر دائماً في كتاباتنا ونقدنا، ولكن فقط بشكل مدرسي..... بمعنى إننا نذكرها حين نتحدث الشعر الحديث باعتبارها واحدة من رواده.

لا عدل في الموت كما في الحياة

تهرب الكلمات أمام الفواجع الكبرى. تختفي في لا مكان. ربما حياء. ربما تعرف أنها ستسقط في أول اختبار. لا جدوى من انتظارها أن تصعد إليك من قلب الجحيم الممتد عميقاً في الأرض، أو ربما هي تستعر الآن تحت الرماد الكثيف، كثافة التاريخ. حتى فولتير البليغ هربت منه الكلمات أمام هول زلزال لشبونة عام 1799، كما يذكر الزميل هاشم صالح، فراح يصرخ ويلعن ويهذي من هول ما سمع، ولم ير، فكيف إذا كان قد رأى ما نرى من هول يتناسل أمام أعيننا، ويطاردنا، لكننا نقف عاجزين حتى عن إطلاق صرخة، كأننا فقدنا أصواتنا...

الحداثة... المصطلح الذي أسأنا استخدامه

لعل مصطلح الحداثة هو الأكثر شيوعاً في كتاباتنا وحتى أحاديثنا، لكن هناك لبساً كبيراً مستمراً منذ زمن طويل في استخدامنا لهذا المصطلح؛ إذ إننا نخلط بين الحداثة (Modernity) بمعناها الشامل وبين الحداثة الأدبية والجمالية (Modernism)، وهما مختلفتان تماماً، وكذلك اعتدنا أن نعتبر كل جديد حديثاً مقابل القديم، وكل حاضر أو معاصر (Contemporary) حديثاً.

من يغربل شعراءنا؟

أصدر الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي قبل فترة قصيرة مختارات شعرية له اقتصرت على خمسين قصيدة ارتأى أنها تعكس أهم معالم عالمه الشعري طوال ستة وخمسين عاما. وهي عملية أشبه بعملية جراحية كبرى ولكن بلا تخدير، بل على العكس تتطلب وعيا يقظاً، وحساً نقدياً عالياً يمارسه الشاعر على نفسه، بل على حياته الإبداعية كلها، وهي مهمة شاقة ومؤلمة. فليس سهلاً على أي مبدع أن يتخلى عن شيء من نتاجه خاصة أن الأمر لا يتعلق بنتاجات أولى قد تفتقر للنضج الفني، وبالتالي من السهل إهمالها، وإنما يطال حتى النتاج المتأخر.

أين ذهب الفلاسفة وأين اختفى الشعراء؟

أين مضى الفلاسفة؟ وإلى أين هاجر الشعراء؟ أين اختفت تلك الروايات الكبرى التي يتصارع فيها الخير والشر، والخداع والحقيقة، والنور والظلام، والشك واليقين؟ لقد ملأ «صناع العالم» من الفلاسفة والشعراء والروائيين، فضاء البشرية منذ فجرها أحلاماً بهية بمدائن فاضلة تصبح فيها الحقيقة هي الجمال، والجمال هو الحقيقة، ويرتفع في أفيائها الإنسان فوق شرطه الوجودي البائس، وارثاً كل ما راكمته الإنسانية من حكمة ومعرفة.

من يتغير... اللغة أم نحن؟

طرح الزميل توفيق السيف، في مقاله «لغة ضيقة»، المنشور في «الشرق الأوسط» بتاريخ 4/5، عدة قضايا متشابكة وشائكة لا يزال العلماء والمتخصصون منذ قديم الزمان يتجادلون ويختلفون حولها. وبالتأكيد لا تسمح مساحة صغيرة بالتعمق فيها، وإنما الهدف هو طرح الأسئلة، وإثارة التفكير في جوانب إشكالياتها وانعكاساتها اجتماعياً وثقافياً، وهي مهمة ليست سهلة إطلاقاً. من هذه القضايا، قضية اللغة، التي عدها المقال قابلة للتطور مثلها مثل أي عنصر ثقافي آخر. وفي الحقيقة، ليس من الدقة اعتبار اللغة عنصراً ثقافياً لتتطور مع تغير الأزمنة.

الآيديولوجيا حين تتحكم بالترجمة

في مقابلة خاصة نُشرت في «الشرق الأوسط» عام 1999، سألنا الشاعرة البريطانية كاثلين رين، التي رحلت عام 2004 عن خمسة وتسعين عاماً، وتعد واحدة من أكبر الشعراء البريطانيين في القرن العشرين، إذا ما كان هناك شعر عظيم هذه الأيام، أو شاعر عظيم على مستوى ييتس، التي عاصرته في أيامه الأخيرة، أو بمستوى إزرا باوند أو تي. إس. إليوت، فأجابت بالنفي. ثم استدركت بقولها إنها مؤمنة بأن الشعر العظيم سيأتي من الشرق ومن روسيا بالتحديد، لأن الثقافة الغربية المادية، حسب رأيها، لم تعد تسمح بظهور شاعر عظيم...