أحمد الغمراوي
طبيب وصحافي مصري مختص بالشؤون السياسية والعلمية

أحمد زكي ونظرية «الخيار الرصين»

في إحدى ليالي صيف عام 2001، دعيت بالصدفة لحضور عرض خاص لفيلم النجم احمد زكي "ايام السادات" مع مجموعة من النقاد والفنانين. ولما كنت من المغرمين بزكي، ولطالما رأيته نجما لا يقل بحال عن حجم أقرانه العالميين، فقد لبيت الدعوة مسرعا. استمتعت بالفيلم للغاية، لدرجة انني تخيلت السادات فعليا بشحمه ولحمه أمامي.. لكن جملة واحدة في الفيلم الطويل صدمتني واستوقفتني، كان ذلك حين قال زكي لميرفت أمين، التي قامت بدور جيهان السادات: "عارفة يا جيهان.. انا النهاردة اتخذت أهم قرار في حياتي.. قررت تعيين حسني مبارك نائبا لي". كانت الجملة فجة.

«الست» والعمل التطوعي

نبدأ من الست.. و"الست"، هكذا دون أي أدوات أخرى للتعريف أو التنويه، نستخدمها في مصر - وبشكل موسع في العالم العربي - للدلالة على سيدة الغناء العربي أم كلثوم. ولا يحتاج جيلي ومن سبقه، وربما من بعده بقليل لمزيد من الشرح. بشكل شخصي، أعشق أم كلثوم، وتربّت أذني على صوتها.. على حسن اختيارها لأفضل الكلمات وأشجى الألحان، وتحمل اغنياتها باختلافها ذكريات وارتباطات في أذهان عشاق فنها، لدرجة ان سماع أغنية معينة كثيرا ما يستدعي حزمات كاملة من الذكريات الجميلة لكل هواة أم كلثوم. واسمحوا لي بملحوظة هامشية، والخروج قليلا عن النص؛ كوني شخصا مشاكسا "ينكش" دائما عما وراء الأمور البسيطة..

واتس آب يا آنسة

عندما انقطعت خدمة برنامج «واتس آب» عالميا قبل أكثر من أسبوع، كنت أحادث عددا من أصدقائي.

التسامح يمر بـ«رأس الرجاء الصالح»

بالطبع هي مصادفة بحتة، لكنها لافتة..

المدونة.. والغابة

منذ أن بدأت الكتابة في مدونة «الشرق الأوسط»، تتباين ردود فعل الأعزاء من القراء فيما أكتب. البعض «يشاكسني» بشدة، والبعض يكتفي بكلمة مدح أو ذم.. وهذا هو حال الدنيا وطبيعة الأشياء. لكن، هناك جانب آخر من تلك المناقشات، وهو الخاص بطبيعة محتوى ما أكتب. هناك من يطالبني بالتزام الموضوعات الجادة في الكتابة وأسلوب التحليل، وآخرون يدعون إلى الالتزام بطبيعة المدونات التي تميل إلى «شخصنة» المواقف وربما سرد أجواء شخصية من دون أن يكون لها أي مردود أو «إسقاط» عام. الحقيقة أنني حائر بين الأمرين، فكلاهما وجيه للغاية.

مأساة القصبجي

«رق الحبيب وواعدني.. وكان له مدة غايب عني حرمت عيني الليل من النوم.. لأجل النهار ما ييجي يطمني صعب عليا أنام.. أحسن أشوف في المنام غير اللي يتمناه قلبي سهرت استناه.. واسمع كلامي معاه وأشوف خياله قاعد جنبي». تداعت الكلمات الرقيقة لأحمد رامي تعبر عن الاشتياق لمجرد أن الحبيب «رق» قليلا لمحبه.. لكن نغمات الموسيقار محمد القصبجي حملت الكلمات إلى أبعاد خيالية، وخاصة مع قدرات كوكب الشرق أم كلثوم البالغة في الأداء. سرح عقلي مع الأغنية، وتذكرت أعمالا أخرى خالدة للقصبجي..

الحق عليه

في مطلع التسعينات من القرن الماضي، حينما كنت لا أزال طالبا بكلية الطب في جامعة القاهرة، ظهر مطرب شاب يغني لونا شعبيا مختلفا، يمزج بين مدرسة «عدوية» السابقة وموسيقى ذلك العصر، يدعى حكيم.. وانتشرت أغنياته كالنار في الهشيم. كانت إحدى أغنياته تتحدث عن هجر المحبوب، وكان المغني يلقي بكل التهم على محبوبته: «هو اللي هجرني»، «هو اللي ظلمني»، «هو اللي خان.. ومالوش أمان»، «هو اللي غدر بي.. وجرحني في قلبي»... وهكذا، بينما تردد وراءه الجوقة (الكورال): «الحق عليه.. الحق عليه» في إيقاع سريع. حكيم أراح نفسه في الأغنية من أي لوم..

قرار الاعتزال

منذ ربيع عام 2011، يطاردني السؤال بإلحاح من أغلب من يعرفونني.. أتهرب مرات بابتسامة غامضة.. أحيانا بإجابة مقتضبة، وقلة من يعرفون القصة كاملة؛ لكن حتى هؤلاء يعاودون السؤال: «لماذا اعتزلت مهنة الطب»، لعلهم يحصلون على مزيد من التفاصيل. قد تكون القصة برمتها «شخصية للغاية»، لكن لمَ لا أستغل طبيعة المدونة «المرنة» لكي أسردها، وربما خرج البعض من تفاصيلها بما ينفعه في حياته الشخصية. تتوالى الأسئلة الفرعية المبنية على أداة «هل»: «هل هو الفشل؟».. «هل هي المعوقات؟».. «هل واجهتك مشكلات؟».. «هل لم تحب المهنة؟». أرد على الأسئلة المتوالية - وخصوصا الأخير منها - بالعودة إلى البداية..

سامحك الله يا مصر

«أين وصلت الآن؟»، هكذا سألني صديقي المنتظر منذ نحو ساعتين في ضاحية المهندسين بمحافظة الجيزة المصرية، بينما أنا أكاد ألتصق بمقعد السيارة المشلولة على الطريق الدائري الذي يحيط بالعاصمة بعد أكثر من ساعتين مثلهما من انتظار «الفرج». تحرك الطريق بطيئا.. وأغرقني الملل وألم الجلوس.. ولحسن الحظ كان مكيف السيارة جيدا فلم تؤثر في الحرارة اللاسعة. وبعد أن شارفت على اليأس من الوصول تحركت السيارات التي انحشرت في أكثر من ثمانية صفوف في حارات الطريق الأربع الأصلية. كانت الحركة بطيئة في البداية؛ ثم بدأت فقرات «السيرك العالمي» في التوالي أمام عيني المنفرجتين رعبا..

مشروعنا القومي الواجب.. «المواطن المصري الجديد»

يرى بعض المتفائلين أن مصر بإمكانها عبور عنق الزجاجة الخانق الذي انحشرت فيه منذ عقود باتباع حلول بسيطة وممكنة؛ فقط مع كثير من الإخلاص والتفاني.. بينما يرجح كثير من المتشائمين أن مشكلات مصر بلا حلول آنية منظورة، ويذهب بعضهم شططا إلى حد أن مصر تحتاج إما إلى معجزة إلهية، أو كارثة طبيعية، لكي تستفيق من ثباتها الذي طال. وفي جلسة عصف ذهني مع مجموعة ممن يمكن تسميتهم قادة الجيل الأوسط؛ وهم رهط من الشباب المنفتح فكريا في مختلف مجالات الحياة، كثير منهم تلقى تعليما أو درجة علمية غربية، وكلهم على اطلاع موسع بآخر التطورات العلمية والاجتماعية في العالم..