يلتقي عشاق الفنون الإسلامية والهندية والمقتنيات الفنية والتراثية النادرة يوم الثلاثاء المقبل 8 أكتوبر (تشرين الأول)، في صالة مزادات «بونهامز» بالعاصمة البريطانية للاستمتاع والاطلاع واقتناء روائع ما صنعه الفنانون والخطاطون على مدى عقود من الزمان. وستعرض في المزاد العالمي قطع فنية من فنون العالمين الإسلامي والهندي النادرة، والتي يتوقع أن تضرب بعض معروضاته الرقم القياسي في الأسعار، نظرا لجودتها وجمالها وندرتها، ويتميز هذا المزاد بمجموعة نادرة من صور وألبومات ثريا إصفندياري إمبراطورة إيران السابقة زوجة رضا بهلوي أو شاه إيران، وهي صور ساحرة جمعت بين الشرق والغرب، ومن أبرز القطع المعروضة تمثال معدني من البرونز لفرس يعود للعصر الساساني في إيران، والثمن المعروض عليه نحو 150 ألف إسترليني، ولكن من المتوقع أن يبلغ سعره أضعاف هذا الثمن عند عرضه للبيع يوم الثلاثاء المقبل، وقد انتقلت فنون العصر الساساني إلى العصر السلجوقي وانتشرت في بلاد الدولة الإسلامية، والسلاجقة هم بالأصل أتراك، وقد هاجروا إلى إيران من وسط آسيا وسيطروا عليها في منتصف القرن الحادي عشر. وقام السلاجقة باختيار أصفهان، عاصمة لدولتهم في إيران، وسيطروا أيضا على سوريا والعراق ومناطق أخرى. خلال فترة حكمهم، وصلت الفنون الإسلامية في إيران إلى ذروتها. وقد برز هذا في العمران والمباني الرائعة التي قاموا ببنائها. استمر حكم السلاجقة حتى هزيمتهم على أيدي المغول، في منتصف القرن الثالث عشر.
ويقف الجواد البرونزي متوازنا، وقد ثبتت أطرافه الأمامية والخلفية إلى قاعدة أفقية وفجوة بيضاوية في الظهر. يحفل التمثال بالتفاصيل الطبيعية من السرج واللجام والزمام والمذيلة وقلادة تتدلى من فوق جبين الحصان، أما شعر الناصية فمعقود في المنتصف يشكل زينة على الرأس، أما شعر العرف فقصير وكثيف، والأجزاء الداخلية مزودة بقضيبين معدنيين لحفظ توازن الحصان خلال مرحلة التشكيل، ويبلغ ارتفاع الحصان 22.5، وطوله 24.5، كانت تماثيل الحيوانات والحاويات شائعة في بلاد فارس عام 2000 قبل الميلاد، وهو ما كان بمثابة إنجاز ملحوظ للمصنوعات المعدنية في الفترة الساسانية وصدر الإسلام. وغلبت أشكال الحيوانات على المصنوعات الخزفية، لكن صانعي البرونز كانوا هم أصحاب المهارة الأفضل.
وخلال الحقبة الساسانية، كانت أباريق المياه تصنع في أشكال الحيوانات مثل الغزلان أو الإوزة أو الطاووس، واتخذت محارق البخور أشكال الصقر أو الديكة أو راكب الخيل. وكانت تماثيل الحيوانات في الفترة الانتقالية بين نهاية عصر الدولة الساسانية وبداية الإمبراطوريات الإسلامية تتسم بطبيعة نابضة بالحياة، على الرغم من البساطة الشديدة التي اتسمت بها مثل غزال متحف هيرميتاج، الذي يظهر انحدارا رائعا من المنحوتات الحجرية للعصر الإخميني، كتنصيب الملك أردشير الأول في نقش الروستوم، على سبيل المثال، الذي يعود إلى الفترة ما بين 226 و242 بعد الميلاد. واستمر إنتاج هذه النوع من المنحوتات في العصر السلجوقي بتغييرات طفيفة نسبيا في الملامح الأساسية للأسلوب الذي ساد في القرون الأولى للإسلام، ولعل أبرز مثالين هما أباريق المياه التي كانت تصنع على هيئة حيوانات في شكل طائر ذي ملامح طبيعية، وأضيف إليها الكتابة بخط اليد، وتحمل اسم سليمان، صانع الإبريق ويعود إلى عام 180 من الهجرة، والموجود في متحف هيرميتاج.
وكانت دار مزادات كريستيز قد عرضت في عام 2011 تمثالين على هيئة حصان يعودان للقرن الثالث عشر (الفن الإسلامي والعالم الهندي في 7 أبريل/ نيسان 2011)، والذين اتسما بالمهارة والنقوش الغائرة التي تغطي سطحيهما، وكان كلاهما مسرجا.
كانت الخيول الساسانية، تلك التي يستخدمها الملوك على الأقل، واضحة المعالم ومن سلالة غير عادية، على عكس جياد التركمان واللوريستان، والتي تشبه ما يعرف اليوم بخيول البيرشيرون، التي تتميز برؤوسها الصغيرة وعيونها الواسعة وأذنيها الصغيرة. والتماثيل المعاصرة للحقب الساسانية وما تلاها تصور خيولا مسرجة أو من دون أسرجتها، لكن الغالبية كانت من دون سرج. كانت اللبادة التي توضع تحت السرج مستطيلة في الأغلب، وكانت تربط بالحزام وأشرطة الذيل. كان بعض الملوك يمتطون الخيل دون لجام، وكان بعضهم يمتطيها دون سرج على الإطلاق، على الرغم من استخدام آخرين للجام وقضبان الخد، ورباطة الأنف غالبا ما تتصل بشريط مقدمة الرأس عبر شريط رأسي يسير بين العينين. كان عرف الحصان قصيرا وكثا، وأما ناصية الحصان فمعقودة في المنتصف، ولذا فهي تبدو كحلية على الرأس، أما الذيل فقد ربط بعناية كبيرة.
وخلال عصر النبوة كان الفرسان يمتطون صهوة الخيول دون سرج أو أنهم كانوا يستخدمون فقط اللبادة فقط أو البطاطين، فيروي البخاري، على سبيل المثال، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يركب الخيل «دون سرج، حاملا سيفه على كتفه»، وكان أول تصوير للسرج من العصر الإسلامي ذلك الذي شوهد على صورة جدارية في القصر الأموي، قصر الحير الغربي في الصحراء السورية، التي يظهر فيها سرج منخفض ورمانة مقوسة. وقد شوهد نوع مشابه لهذا السرج في المخطوطات السلجوقية التي تعود إلى الفترة بين 622 و648 هجرية.
وفي مزاد «بونهامز» أيضا أوراق من مصاحف من العصور الإسلامية المختلفة، بالإضافة إلى بعض من صفحات المصحف الكريم النادرة جدا والمكتوبة بالخط الكوفي القديم والنسخ وعلى جلد الغزال، وصفحات ومخطوطات أخرى من العصر العثماني وموقعة بأسماء خطاطيها.
ووسط الأعمال الفنية المعاصرة والحديثة تقدم دار «بونهامز» إطلالة على الفنون الإسلامية والهندية من خلال صالة تضم مجموعة أعمال تنتمي إلى تلك الحقبة، هذه الأعمال التي تجسد الفن الإسلامي، وتتباين الفنون الموجودة في الصالة بين الأواني المزخرفة واللوحات والقطع النحتية والمصاحف التي تتفاوت قيمتها التاريخية تبعا لسنة تنفيذها أو تبعا للشخصية التي كانت تحملها.
إن التجول بين معروضات مزاد «بونهامز» يحملنا إلى نوع مختلف من الفنون يبدأ من الأواني المزخرفة بالذهب، والتي تحمل النقوش الإسلامية، لينقلنا إلى صفحات المصاحف المزخرفة، منها صفحة نادرة تعود إلى شمال أفريقيا، وهي القطعة رقم 125 و126 و127، وهي مكتوبة بخط الثلث، وتعود للقرنين التاسع والعاشر الميلادي، كما يقول أحد مسؤولي قسم الفنون الإسلامية في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، وصفحات قرآنية أخرى تعود للعصر الصفوي، باسوب محمد رضا المشهدي (المزاد رقم 131)، وصفحات من سورة البقرة بخط محقق تعود للقرن الـ14 من فارس، مثل باربر زادة بن محمد تلميذ سليمان أفندي يعود تاريخها إلى القرن الـ11، وهي مكتوبة بخط النسخ على أرضية من الألوان المتجانسة والزخارف النباتية التي ميزت العصر العثماني، وهناك مخطوطة طبية لزيان الدين الشيرواي مكتوبة بخط النسخ تعود للصر العثماني من القرن الـ16، وهناك نسخة من نفس المخطوطة الطبية محفوظة في مكتبة تشيستربيتي في آيرلندا، وتعرض أيضا في نفس اليوم أوراق من مخطوطة الفردوسي «كتاب الملوك» من إيران في القرن 17، وهو مزاد يحمل رقم 132، من الطراز الفني الأصفهاني، ومن المتوقع أن تضرب بعض معروضاته الرقم القياسي في الأسعار، نظرا لجودتها وجمالها وندرتها، وهناك أيضا مجموعة من الأواني الخزفية من آزنيك، مثل القطعة الرائعة في المزاد الذي يحمل رقم 30، وهي من فارس إيران تعود للقرن الـ13، وشريط خزفي يعود للعصر التيموري يعود للقرن الـ14، بألوان التركواز والأبيض والأزرق، مموهة بألوان البريق المعدني، ويرجح أن يبلغ السعر المعروض عليها أكثر من 14 ألف إسترليني، وقطعة أخرى من سمرقند تعود للقرن الـ14، وأخرى باللونين الأزرق والأصفر تعود للقرن الـ15، وأخرى فارسية وتركية جميلة وبجميع أنواعها، وكذلك بلاطات من القيشاني المزخرف تدل على الذوق الرفيع لدى المسلمين في تلك الأيام. ويعتبر مزاد «بونهامز» التي تعد من أقدم دور المزادات العلنية في العالم ومنشؤها بريطانيا. وستعرض صالة «بونهامز» للمزادات أيضا بعض اللوحات الإسلامية والهندية النادرة والسيوف والخناجر والجواهر والأواني الجميلة التي يعود تاريخ صنع بعضها إلى أكثر من ثلاثمائة عام، وهناك أيضا مجموعة نادرة تنوعت بين القطع المعدنية والمخطوطات لأسلحة والفخاريات والمنسوجات إلى جانب الرسومات التي تحتل غرفة منفردة. المعروضات تمثل مرحلة زمنية شاسعة تمتد من القرن السابع الميلادي وحتى القرنين التاسع عشر، وكذلك شواهد قبور تعود للعصر العثماني، أحدها على شكل عمامة من الرخام الأبيض يعود تاريخها إلى القرن الـ18 الميلادي.
جدير بالذكر، أن أكتوبر من كل عام يعتبر شهر المزادات في العاصمة البريطانية، بالنسبة لصالة مزادات «بونهامز» للفنون الإسلامية والفن المعاصر والقطع الجميلة المعروضة، ومن المعروف أن مزادات «بونهامز» العالمية تأسست في عام 1793، وهي تنافس مزادات سوثبي، وتعمل حاليا في 27 دولة وتقوم عادة بتنظيم المزادات بشكل متزامن في أربع قارات. ويستمر مزاد الفنون الإسلامية والهندية الذي سيعقد الثلاثاء المقبل في وسط لندن في تلبية الطلب العالمي على الأعمال الفنية ذات الصبغة الإسلامية والهندية النادرة وذات المستوى الفني العالي. وسيضم المزاد أكثر من 400 عمل فني تغطي منطقة جغرافية وزمنية واسعة النطاق. ويحرص عشاق المقتنيات النادرة على المزايدة عليها وشرائها بقصد التمتع بروعتها والاحتفاظ بها كثروة مضمونة يزيد سعرها الجمالي والمادي عاما بعد عام.
تصاوير عثمانية ومخطوطات قرآنية وجواد برونزي ساساني وتحف من خزف آزنيك
روائع الفن الإسلامي تتألق في مزاد «بونهامز» الثلاثاء
تصاوير عثمانية ومخطوطات قرآنية وجواد برونزي ساساني وتحف من خزف آزنيك
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة