مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

وجه جديد للسعودية

في أكبر تغيير وزاري سعودي، أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، أمره بتعيين 9 وزراء جدد، وشمل التغيير الأكبر، كميا ونوعيا، في الجسد الحكومي القيادي، وزارات ذات صلة بالخدمات، وأخرى ذات صلة بتكوين وعي الإنسان السعودي.
التعديل الوزاري الكبير هو – تقريبا - وجه جديد للحكومة السعودية، وخاصة أن التعديلات أتت قبل أيام من إعلان موازنة البلاد لعام 2015.
الحقائب الوزارية التي حملها وزراء جدد هي: الزراعة، والنقل، والصحة، والشؤون الاجتماعية، والاتصالات والتقنية، والشؤون الإسلامية، والثقافة والإعلام، والتعليم العالي، كما عيّن د. عصام بن سعيد رئيس هيئة الخبراء وزير دولة عضو مجلس وزراء.
بالنسبة للوزارات الخدمية، فالمطلوب منها ليس بخافٍ على المتابعين، والناس عادة لا تفرقهم السياسات في المطالب الخدمية. الأهم والأكثر طلبا للتوضيح هو مجال تكوين الوعي والثقافة وبناء «العقل السعودي». والوزارات المتصلة بهذا الشأن، فيما تم في التغييرات الأخيرة، هي: الشؤون الإسلامية، والثقافة والإعلام، والتعليم العالي، بالإضافة طبعا لوزارة التربية والتعليم. المعركة الحالية في المقام الأول هي معركة وعي، وحينما يوجد الوعي الصلب الحصين، لا تبقى صعوبات حقيقية في بناء التنمية وتحقيق العدل واحترام القانون. القصة تبدأ من داخل العقل، وصميم الفؤاد، من هناك البداية، أو النهاية. مثلا، وزارة التعليم العالي، تشرف على أضخم برنامج ابتعاث تعليمي خارجي، هو برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي - لن نتحدث عن مسؤولية الوزارة عن الجامعات السعودية والتعليم العالي داخل البلاد - البرنامج ينضوي فيه أكثر من مائة وخمسين ألف طالب وطالبة، ناهيك بأسرهم ومرافقيهم، ويكاد يكون كل بيت سعودي متصلا بهذا البرنامج مباشرة أو مداورة.
كيف تضمن الوزارة نجاح هذا البرنامج لتحقيق مصلحة البلاد وسوق العمل منه؟ وكيف تضمن الوزارة من خلال ملحقياتها التعليمية الخارجية حماية الطلبة من دعايات الإرهاب أو التيارات السياسية المعادية للسعودية، بما فيها جماعة الإخوان المسلمين؟
وفيما يخص وزارة الشؤون الإسلامية، فكيف ستفعل الوزارة في الخطباء المنفلتين والمروجين للفتنة والتشدد، والترويج لـ«داعش» أو «النصرة»؟ وهذه حقيقة، مهما كان حجمها ضئيلا، إلا أنها ماثلة تستدعي التعامل الحازم معها؟ فماذا سيفعل الوزير الجديد بهذا الشأن حماية للدين، قبل كل أمر، وحماية للعباد والبلاد وديمومة السلم والاستقرار؟
فيما يخص وزارة الثقافة والإعلام، ماذا ننتظر من الوزارة فيما يخص ملف الثقافة تحديدا؟ هل سنشهد انطلاقة حقيقية للنشاط الثقافي، خاصة مع تحول الثقافة لصناعة واقتصاد، والشواهد العالمية كثيرة، والثقافة الحقة، خير ترياق لمحو الجهل، والجهل أسهل بوابات الولوج لجراثيم التطرف و«الدعشنة»؟ كيف ستكون الثقافة والفنون في عهد وزيرها الجديد؟
المسرح، الدراما، التشكيل، التصوير، الفنون، الكتاب، القراءة، المعارض الثقافية، كيف حالها في البلاد، وخاصة أنها كانت - قبل الجفاف الجمالي وغلبة ثقافة المطويات - قائمة على سوقها، مخضرا عودها، ومسارح الرياض وجدة شاهدة بهذا؟
التغيير مثير للأمل، يبقى العمل.
[email protected]