مجلس قيادة ثورة جديد في سوريا من 100 فصيل لترتيب الداخل

محمد علوش لـ («الشرق الأوسط») المجلس مفتوح لأي فصيل غير إسلامي

مقاتلون في الجيش الحر يصلّون بالقرب من قذائف مورتر على جبهة حندرات، قرب حلب (رويترز)
مقاتلون في الجيش الحر يصلّون بالقرب من قذائف مورتر على جبهة حندرات، قرب حلب (رويترز)
TT

مجلس قيادة ثورة جديد في سوريا من 100 فصيل لترتيب الداخل

مقاتلون في الجيش الحر يصلّون بالقرب من قذائف مورتر على جبهة حندرات، قرب حلب (رويترز)
مقاتلون في الجيش الحر يصلّون بالقرب من قذائف مورتر على جبهة حندرات، قرب حلب (رويترز)

بعد 4 أشهر من العمل في مبادرة «واعتصموا» بين فصائل المعارضة السورية العاملة على الأرض، تم الإعلان، أول من أمس، في مدينة غازي عينتاب التركية عن تشكيل «مجلس قيادة الثورة»، بحضور أكثر من مائة ممثل عن الفصائل الفاعلة على الأرض في سوريا.
وانتخب المستشار والقاضي قيس الشيخ رئيسا للمجلس، وهو الذي كان مرشحا لوزارة العدل في حكومة أحمد طعمة المؤقتة، واستقال منها لينضم إلى هذا الجسم الجديد. وانتخب المؤتمر مجلسا تنفيذيا برئاسة ممثل المنطقة الجنوبية صبحي الرفاعي (من مدينة القنيطرة)، وثلاثة رؤساء هيئات في مجلس قيادة الثورة، حيث تم اختيار محمد علوش رئيسا للهيئة السياسية، واللواء محمد الحاج علي رئيسا للهيئة العسكرية، بالإضافة لرامي الحبيب رئيسا للهيئة المدنية.
وجاء الإعلان بعد اجتماعات وجلسات تشاورية عُقدت على مدار 3 أيام، مدة انعقاد المؤتمر. كما انتُخب أحمد الراغب نائبا للرئيس، وناجي النهار أمينا للسر.
وتشكلت هيئة عامة للمجلس تضم 219 عضوا عن كامل سوريا، بينهم 73 عضوا للقيادة العامة (معينون من قبل جبهاتهم)، وقد اختار هؤلاء المكتب التنفيذي الذي يضم 17 عضوا، وتم توزيع التمثيل في المجلس إلى 6 مناطق، وهي المنطقة الشمالية (19 مقعدا)، المنطقة الوسطى (12 مقعدا)، المنطقة الجنوبية (12 مقعدا)، المنطقة الشرقية (7 مقاعد)، المنطقة الساحلية - اللاذقية (8 مقاعد)، دمشق وريفها 15 مقعدا.
محمد علوش رئيس الهيئة السياسية قال لـ«الشرق الأوسط» إن تشكيل هذا الجسم الجديد تم بناء على حاجة داخلية تنظم العمل داخل البلاد، فالحكومة المؤقتة غير مستقرة، ولم تعلن تشكيلتها الأخيرة حتى الآن.
وقال إن معايير تشكيل هذا المجلس «تختلف عن معايير تشكيل المجلس الوطني والائتلاف، فلم يعنه البحث عن تمثيل كل المكونات بالمطلق، بل اعتمد على عنصري المشاركة بالثورة والعمل على الأرض. لذا فإن محافظة مثل طرطوس غير موجودة في التمثيل، لأنها محافظة غير ثائرة».
وعند سؤاله عن مدى التعاون أو التناقض الذي قد يحدث مع الحكومة المؤقتة التي يرأسها د. أحمد الطعمة، قال: «هناك حالتان تنظيميتان للسوريين الآن؛ حالة خارج البلاد (الشتات)، وحالة قائمة داخل البلاد. والحكومة السورية المؤقتة تقيم خارج الأراضي السورية ولا يمكنها إدارة الوضع داخله».
ويشير علوش إلى أن أحد أشكال الاختلاف مع الحكومة المؤقتة اعتمادها القوانين السورية التي يعتمدها النظام السوري، وبحسب هذه القوانين يمكن تجريم 9 ملايين سوري.. «كيف يمكن تطبيق قوانين العدو على المنتفضين عليه؟». أما القوانين البديلة، بحسب رئيس الهيئة السياسية للمجلس، فهو القانون العربي الموحد مع إدخال بعض التعديلات عليه.
ولدى المجلس تجارب، مثل المحاكم الشرعية ومجلس القضاء الموحد في الغوطة، والمحاكم تتوزع على المدني، الشرعي، والجزائي. وأضاف أن التعاون والتفاهم رغم ذلك سيكونان مفتوحين مع الحكومة السورية المؤقتة.
ويتطلع المجلس لأن يكون أول أعماله تأسيس قوة مركزية لم يتم الاتفاق على تفاصيلها بعد، وذلك متروك لأعمال المجلس للتوافق حولها.
وعن غلبة المكون الإسلامي على المجلس وعلاقته بالمكونات السورية الأخرى، قال محمد علوش الذي هو أيضا مسؤول التنسيق السياسي في «جيش الإسلام»، وابن الغوطة الشرقية في ريف دمشق، إنه «كما تعايش المسلمون لمدة 1400 سنة شوهها حزب البعث والرئيس حافظ الأسد ومن بعده ابنه بشار الأسد، سيكون المسيحيون وبقية المكونات مواطنون متساوين أمام القضاء، ولن تُهضم حقوقهم». وقال: «لو أن أي فصيل مسيحي أو غيره تكون على الأرض، فيمكنه أن ينضم للمجلس».
وتأسيس مجلس قيادة الثورة نتاج تحضيرات واجتماعات استمرت عدة أشهر، قام بها مجموعة من العلماء تحت اسم مبادرة «واعتصموا»، التي هدفت إلى توحيد القوى والفعاليات الثورية في الداخل السوري، للوصول إلى قرار سوري موحد ومستقل، بعيدا عن الضغوط التي تمارسها القوى الدولية على معظم تشكيلات الثورة السورية.
وجمع الجسم الجديد أكثر من 100 فصيل عسكري معارض في كيان واحد، ليس بينهم جبهة «النصرة» ولا «داعش» بالطبع.
ويقول علوش إن المبادرة أرسلت خطابا في بداية انطلاقتها لقادة النصرة كي يلتحقوا بها، إلا أنهم لم يستجيبوا بأي رد.
ومن الألوية المعروفة التي دخلت إلى المجلس جيش الإسلام، الجبهة الإسلامية، جيش المجاهدين، الزنكي، أجناد الشام، أحرار الشام، فيلق حمص، لواء الحق، ثوار تلبيسة، جبهة ثوار سوريا، حزم، جبهة التركمان، الجبهة الكردية (إسلامية)، صقور الشام، الفرقة الأولى، الفرقة 13. لواء الإيمان، فصائل حوران (10 فصائل عسكرية تساهم للمرة الأولى في مكون كبير مثل هذا).
ردود الأفعال حول تشكيل هذا الجسم غلب عليها الترحيب به. وقال د. برهان غليون المفكر السوري والرئيس السابق لأول جسم سياسي شكلته المعارضة السورية بعد الثورة (المجلس الوطني السوري)، في اتصال لـ«الشرق الأوسط»، إن «وجود هذا المجلس سيعمل على ضبط الفصائل على الأرض، وضبط الأمن والانفلات من سرقات وغيرها وضبط القضاء»، وإن الأسماء المعلنة في التشكيل تمثل فصائل مهمة على الأرض.
ويعتقد د. برهان غليون أن هذا الاتفاق يستجيب لحاجتين أساسيتين: توحيد الصف، وإعطاء دور أكبر ووزن أهم للفصائل الثورية الفاعلة على الأرض في أي قرار يمس مصير الثورة والبلاد، إذ يؤكد المجلس في ميثاقه على أهداف يجمع عليها كل السوريين الأحرار، وهي التصدي لجميع صور الإرهاب التي يمارسها النظام وحلفاؤه ضد الشعب السوري، وقف الممارسات الخاطئة والمضرة بالناس، بما في ذلك ظاهرة التكفير بغير حق. أيضا حشد الحاضنة الشعبية وتعبئتها لمواصلة الثورة. والعمل على ضمان وحدة سوريا أرضا وشعبا، ورفض جميع مشاريع التقسيم وكل ما يمهد لها، وسعيه لإدارة المناطق المحررة بما يخدم مصالح المواطنين.
وعن رأيه في إمكانية تصادم هذا الجسم مع الحكومة المؤقتة، يرى غليون أن مهمة الحكومة خلق مشاريع للمناطق المحررة ولن يتعارض هذا مع مهام «مجلس قيادة الثورة» التي تشكل على أساسها.



غوتيريش في العراق للاحتفال بانتهاء مهام بعثة «يونامي»

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يصل إلى بغداد... ووزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في مقدمة مستقبليه (مكتب رئيس الوزراء العراقي)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يصل إلى بغداد... ووزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في مقدمة مستقبليه (مكتب رئيس الوزراء العراقي)
TT

غوتيريش في العراق للاحتفال بانتهاء مهام بعثة «يونامي»

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يصل إلى بغداد... ووزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في مقدمة مستقبليه (مكتب رئيس الوزراء العراقي)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يصل إلى بغداد... ووزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في مقدمة مستقبليه (مكتب رئيس الوزراء العراقي)

وصل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى بغداد، اليوم (السبت)، للمشاركة في الاحتفالية الكبرى التي ستنظمها الحكومة العراقية بمناسبة انتهاء مهام بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) ومغادرتها البلاد في 31 من الشهر الحالي.

وأكد الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق رئيس بعثة «يونامي» محمد الحسان، في تصريحات صحافية، أن مهمة البعثة أُنجزت بنجاح، وأن مغادرتها جاءت بناء على طلب عراقي، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

وقال الحسان إن «بعثة (يونامي) جاءت إلى العراق بطلب من العراقيين، وإنهاء عملها جاء أيضاً بطلب منهم»، مؤكداً أن «الأمم المتحدة تحترم رغبات الدول التي تستضيف بعثاتها، ولا يمكن أن تعمل أي بعثة دون موافقة الدولة المضيفة واستعدادها للتعاون».

وأضاف أن «العراقيين استضافوا البعثة لأكثر من عقدين، وكان العمل شاقاً، إلا أنهم وجدوا أن المهمة الموكلة إلى (يونامي) حققت أهدافها، وحان الوقت ليأخذوا الأمور بأيديهم مثلهم مثل بقية دول العالم».

الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق رئيس بعثة «يونامي» محمد الحسان (الأمم المتحدة)

وأوضح الحسان أن «مهمة البعثة أُنجزت بنجاح، ولم يتبقَّ سوى ثلاثة ملفات، تتعلق بالمفقودين من دولة الكويت ورعايا الدول الثالثة منذ فترة الحرب وغزو الكويت، إضافة إلى ملف ممتلكات الكويتيين، والأرشيف الوطني الكويتي».

وذكر أن «هذا لا يعني انتهاء وجود الأمم المتحدة في العراق؛ إذ ستبقى من خلال الوكالات المتخصصة، إضافة إلى التواصل بين العراق بصفته عضواً في مجلس حقوق الإنسان والمفوضية السامية لحقوق الإنسان».

وأُسست بعثة الأمم المتحدة للدعم في العراق، وهي بعثة سياسية، عام 2003. وفي الحادي والثلاثين من مايو (أيار) صوّت مجلس الأمن بالإجماع على قرار تمديد ولاية البعثة لمرة أخيرة حتى 31 ديسمبر (كانون الأول) 2025 بناء على طلب رسمي من الحكومة العراقية.


تصعيد «الانتقالي» الأحادي يهزّ استقرار الشرعية في اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي باليمن يتفقدون شاحنة خارج مجمع القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي باليمن يتفقدون شاحنة خارج مجمع القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

تصعيد «الانتقالي» الأحادي يهزّ استقرار الشرعية في اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي باليمن يتفقدون شاحنة خارج مجمع القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي باليمن يتفقدون شاحنة خارج مجمع القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

يشهد شرق اليمن، وتحديداً وادي حضرموت ومحافظة المهرة، واحدة من أكثر موجات التوتر خطراً منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في أبريل (نيسان) 2022، وسط تصاعد في الخطاب السياسي، وتحركات عسكرية ميدانية، وإعادة رسم للتحالفات داخل المعسكر المناهض للحوثيين؛ الأمر الذي يضع البلاد أمام احتمالات مفتوحة قد تنعكس على كامل المشهد اليمني، بما في ذلك مسار الحرب مع الجماعة الحوثية، وواقع الإدارة المحلية، ووضع الاقتصاد المنهك.

وفي هذا السياق، أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي بوضوح نيته المضي نحو تعزيز سيطرته الأمنية في وادي حضرموت. وقال علي الكثيري، رئيس الجمعية الوطنية للانتقالي، إن «الانتصارات الأخيرة شكلت بارقة أمل لأبناء حضرموت»، مشيراً إلى أن «مرحلة ما بعد التحرير تتطلب تضافر الجهود للحفاظ على المكتسبات».

رئيس مجلس الانتقالي الجنوبي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عيدروس الزبيدي (أ.ب)

وكان لافتاً حديثه عن أن «تأمين وادي حضرموت يمثل أولوية قصوى»، في إشارة مباشرة إلى مطلب الانتقالي القديم بإخراج القوات الحكومية من الوادي واستبدالها بقوات «النخبة الحضرمية» الموالية له، بالتوازي مع تأكيده أنّ الجنوب «مقبل على دولة فيدرالية عادلة»، في تكرار لرؤيته الداعية إلى إنهاء الوحدة بصيغتها الحالية.

بالنسبة للانتقالي، فإن السيطرة على وادي حضرموت والمهرة ليست مجرد توسع جغرافي؛ بل جزء من رؤية استراتيجية تهدف إلى ترسيخ النفوذ جنوباً استعداداً لأي تسوية سياسية مقبلة بخاصة في ظل مطالب المجلس باستعادة الدولة التي كانت قائمة في جنوب اليمن قبل 1990.

موقف العليمي

في المقابل، صعّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي خطابه بعد أن غادر العاصمة المؤقتة عدن بالتوازي مع تصعيد المجلس الانتقالي؛ إذ شدد بشكل واضح على «انسحاب القوات الوافدة من خارج حضرموت والمهرة» وتمكين السلطات المحلية من إدارة شؤون المحافظتين.

وجاءت مواقف العليمي من خلال تصريحاته أمام السفراء الراعيين للعملية السياسية في اليمن، وأخيراً من خلال اتصالات هاتفية مع محافظي حضرموت والمهرة، في رسالة أراد من خلالها تقديم دعم مباشر للسلطات المحلية والدفع نحو تهدئة التوتر بعيداً عن الخطوات الأحادية التي أعلنها المجلس الانتقالي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وشدد العليمي على ضرورة «عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه»، محذراً من مخاطر التصعيد على الاقتصاد والواقع الإنساني. كما دعا إلى «تحقيق شامل في الانتهاكات المرافقة للإجراءات الأحادية»، في إشارة إلى الاعتقالات والإخفاءات التي تقول جهات حقوقية إنها رافقت عمليات الانتقالي في بعض المناطق الجنوبية.

ويبرز من هذه التصريحات حجم الهوة داخل مجلس القيادة الرئاسي نفسه؛ إذ يتحرك كل طرف من أطرافه بشكل مستقل، بينما تتسع الفجوة بين مواقف العليمي والانتقالي بشأن مستقبل الإدارة الأمنية والعسكرية للشرق اليمني.

مخاوف واسعة

يثير تصاعد الأحداث في شرق اليمن مخاوف من أن تتحول حضرموت والمهرة، وهما أكبر محافظتين في البلاد مساحة، إلى بؤرة صراع داخلي قد تجرّ اليمنيين إلى فوضى جديدة. فالمنطقة، التي تمتاز بامتدادات جغرافية واسعة وثروات نفطية ومنافذ برية مهمة مع السعودية وسلطنة عُمان، حافظت لسنوات على نمط من الاستقرار النسبي مقارنة بمناطق الحرب الأخرى.

لكن دخول قوات إضافية وفرض وقائع أمنية وعسكرية قد يؤدي إلى تقويض الإدارة المحلية التي تعتمد على التوازنات القبلية والسياسية، وعرقلة إنتاج النفط الذي يمثل شرياناً اقتصادياً أساسياً، مع ارتفاع خطر الجماعات المتطرفة التي تستغل عادة الفراغات الأمنية، إضافة إلى تعميق الانقسام داخل مجلس القيادة الرئاسي وانعكاس ذلك على قدرته في إدارة ملفات الحرب والسلم.

كما يهدد التصعيد بتفاقم الأزمة الإنسانية في بلد يعيش أكثر من 23 مليون من سكانه على المساعدات، بينما تشير تقارير أممية إلى أن 13 مليوناً قد يبقون بلا دعم إنساني كافٍ خلال العام المقبل.

تنسيق الزبيدي وصالح

على خلفية هذه التطورات، أجرى طارق صالح اتصالاً برئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي، في خطوة أضافت طبقة جديدة من التعقيد، بخاصة وأن الطرفين عضوان في مجلس القيادة الرئاسي الذي يقوده العليمي.

وحسب بيان الانتقالي، ناقش الطرفان «سبل التنسيق المشترك لإطلاق معركة لتحرير شمال اليمن من الحوثيين»، مؤكدين أن «المعركة واحدة والمخاطر واحدة»، مع الإشارة إلى تعاون مستقبلي لمواجهة «الجماعات الإرهابية» بما فيها الحوثيون وتنظيم «القاعدة».

المجلس الانتقالي الجنوبي يطالب باستعادة الدولة التي كانت قائمة في جنوب اليمن قبل 1990 (أ.ف.ب)

هذا التواصل ليس عادياً؛ فهو يجمع بين قيادتين تنتميان لمدرستين سياسيتين مختلفتين، الزبيدي بمشروعه الانفصالي جنوباً، وطارق صالح بمشروع «الجمهورية الثانية» شمالاً. لكن المشترك بينهما هو الرغبة في إعادة ترتيب موازين القوة داخل المعسكر المناهض للحوثيين، وتشكيل محور عسكري قادر على التحرك خارج حسابات الحكومة الشرعية، غير أن الرهان دائماً سيكون منوطاً بالإيقاع السياسي الذي تقوده الرياض.

وحسب مراقبين، يسعى الطرفان إلى استثمار الجمود في مسار التفاوض مع الحوثيين وملء الفراغ الناجم عن التغاضي الدولي تجاه الوضع في اليمن؛ وذلك لصياغة تحالف جديد يعيد تشكيل الخريطة السياسية، ويمنح كلاً منهما مساحة أكبر للتأثير، لكن كل ذلك يبقى غير مضمون النتائج في ظل وجود التهديد الحوثي المتصاعد.

بين الحوثيين والانتقالي

تأتي هذه التطورات في وقت تتراجع فيه العمليات القتالية بين الحكومة والحوثيين على معظم الجبهات. ومع أن الحوثيين يواصلون الحشد والتجنيد، فإن خطوط الجبهة الداخلية بين شركاء «معسكر الشرعية» باتت أكثر اشتعالاً من خطوط القتال مع الحوثيين أنفسهم.

ويحذّر خبراء من أن أي انقسام إضافي داخل هذا المعسكر سيمنح الحوثيين هامشاً أوسع لتعزيز نفوذهم، خصوصاً أنهم يراقبون من كثب ما يجري في الشرق، حيث تعتمد الحكومة الشرعية على الاستقرار هناك لضمان مرور الموارد والتحركات العسكرية.

وبين دعوات الانتقالي إلى «مرحلة ما بعد التحرير»، ومطالب العليمي بعودة القوات إلى تموضعها السابق، ومحاولات الزبيدي وطارق صالح لتشكيل موقف موحد، يجد سكان حضرموت والمهرة أنفسهم أمام مشهد معقد يشبه صراع نفوذ متعدد الطبقات.

وفد سعودي برئاسة اللواء محمد القحطاني زار حضرموت لتهدئة الأوضاع (سبأ)

فالمنطقة التي لطالما عُرفت بقبائلها وامتدادها التجاري والاجتماعي مع دول الخليج، باتت اليوم ساحة اختبار لمعادلات سياسية تتجاوز حدودها، وسط مخاوف من أن يقود هذا التصعيد إلى هيمنة على السلطة تتناسب مع المتغيرات التي فرضها المجلس الانتقالي على الأرض، بالتوازي مع تحذيرات من انفجار جديد يعمّق الانقسام اليمني بدلاً من رأبه.

وفي كل الأحوال، يرى قطاع عريض من اليمنيين والمراقبين الدوليين أن العامل الحاسم يظل مرتبطاً بموقف الرياض التي تمسك بخيوط المشهد الرئيسية، وقد دعت بوضوح إلى خفض التصعيد والتهدئة، عادَّة أن أي فوضى في المناطق المحررة في الجنوب والشرق اليمني ستنعكس سلباً على جهود إنهاء الحرب مع الحوثيين، مع اعترافها الواضح أيضاً بعدالة «القضية الجنوبية» التي يتبنى المجلس الانتقالي الجنوبي حمل رايتها.


«خطط الإعمار الجزئي» لرفح الفلسطينية... هل تُعطّل مسار «مؤتمر القاهرة»؟

يستخدم أفراد الدفاع المدني حفارة للبحث عن رفات الضحايا في أنقاض مبنى مدمر في مخيم البريج للاجئين (أ.ف.ب)
يستخدم أفراد الدفاع المدني حفارة للبحث عن رفات الضحايا في أنقاض مبنى مدمر في مخيم البريج للاجئين (أ.ف.ب)
TT

«خطط الإعمار الجزئي» لرفح الفلسطينية... هل تُعطّل مسار «مؤتمر القاهرة»؟

يستخدم أفراد الدفاع المدني حفارة للبحث عن رفات الضحايا في أنقاض مبنى مدمر في مخيم البريج للاجئين (أ.ف.ب)
يستخدم أفراد الدفاع المدني حفارة للبحث عن رفات الضحايا في أنقاض مبنى مدمر في مخيم البريج للاجئين (أ.ف.ب)

حديث عن خطط للإعمار الجزئي لمناطق في قطاع غزة، تقابلها تأكيدات عربية رسمية بحتمية البدء في كامل القطاع، بعد نحو أسبوعين من تأجيل «مؤتمر القاهرة» المعني بحشد تمويلات ضخمة لإعادة الحياة بالقطاع المدمر وسط تقديرات تصل إلى 35 مليار دولار.

تلك «الخطط الجزئية» التي تستهدف مناطق من بينها رفح الفلسطينية، تقول تسريبات عبرية إن حكومة بنيامين نتنياهو وافقت على تمويلها، وهذا ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» تماشياً مع خطط أميركية سابقة حال التعثر في الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأشاروا إلى أن مؤتمر القاهرة للإعمار سيعطل فترة من الوقت؛ ولكن في النهاية سيعقد ولكن ليس قريباً ومخرجاته ستواجه عقبات إسرائيلية في التنفيذ.

ونقل موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مسؤول إسرائيلي قوله إن تل أبيب وافقت مبدئياً على دفع تكاليف إزالة الأنقاض من قطاع غزة وأن تتحمل مسؤولية العملية الهندسية الضخمة، وذلك بعد طلب من الولايات المتحدة الأميركية، وستبدأ بإخلاء منطقة في رفح جنوبي القطاع من أجل إعادة إعمارها.

ويتوقع، وفق مصادر الصحيفة، أن تكون إسرائيل مطالبة بإزالة أنقاض قطاع غزة بأكمله، في عملية ستستمر سنوات بتكلفة إجمالية تزيد على مليار دولار.

وترغب الولايات المتحدة في البدء بإعادة إعمار رفح، على أمل أن تجعلها نموذجاً ناجحاً لرؤية الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتأهيل القطاع، وبالتالي جذب العديد من السكان من مختلف أنحائه، على أن يعاد بناء المناطق الأخرى في مراحل لاحقة، وفق الصحيفة الإسرائيلية.

تلك التسريبات الإسرائيلية، بعد نحو أسبوعين من تصريحات للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، تميم خلاف، لـ«الشرق الأوسط»، أكد خلالها أن القاهرة تعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين على تهيئة البيئة المناسبة لنجاح مؤتمر «التعافي المبكر وإعادة الإعمار في قطاع غزة». في معرض ردّه على سؤال عن سبب تأجيل المؤتمر.

وفي 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قال مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن المؤتمر «لن ينعقد في موعده (نهاية نوفمبر) وسيتأجل». وأرجع ذلك إلى التصعيد الحالي بالقطاع، وسعي القاهرة إلى توفر ظروف وأوضاع أفضل على الأرض من أجل تحقيق أهدافه، تزامناً مع تقرير عن مخططات إسرائيلية لتقسيم قطاع غزة لقسمين أحدهما تحت سيطرة إسرائيلية والآخر تتواجد فيه «حماس» ولا يتجاوز نحو 55 في المائة من مساحة القطاع.

صبيان يحتميان من المطر وهما جالسان على عربة يجرها حمار في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

واعتمدت «القمة العربية الطارئة»، التي استضافتها القاهرة في 4 مارس (آذار) الماضي، «خطة إعادة إعمار وتنمية قطاع غزة» التي تستهدف العمل على التعافي المبكر، وإعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين، وذلك وفق مراحل محددة، وفي فترة زمنية تصل إلى 5 سنوات، وبتكلفة تقديرية تبلغ 53 مليار دولار. ودعت القاهرة إلى عقد مؤتمر دولي لدعم إعادة الإعمار في غزة، بالتنسيق مع الأمم المتحدة.

ويرى عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير رخا أحمد حسن، أن تلك الخطط لن يوافق عليها ضامنو وبعض وسطاء اتفاق غزة باعتبارها مخالفة للاتفاق، وتطرح مع تحركات إسرائيلية لتعطيل المرحلة الثانية بدعوى أهمية البدء في نزع سلاح القطاع أولاً.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن موافقة إسرائيل على تمويل الإعمار الجزئي وعودة الترويج له إسرائيلياً، يشير لعدم احتمال الوصول لمرحلة ثانية واللجوء لخطة بديلة تحدث عنها جاريد كوشنر صهر ترمب بالبناء في المناطق الخارجة عن سيطرة «حماس» ما دامت الحركة لم تُنهِ بند نزع السلاح، مشيراً إلى أن عودة الحديث عن خطط الإعمار الجزئي تؤخر الإعمار الشامل وتعطي رسالة للدول التي ستمول بأن ثمة عقبات، وبالتالي ستعطل عقد مسار مؤتمر القاهرة.

وفي 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أكد كوشنر، في مؤتمر صحافي بإسرائيل، أن إعادة إعمار غزة في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي «مدروسة بعناية وهناك اعتبارات جارية حالياً في المنطقة الخاضعة لسيطرة جيش الدفاع الإسرائيلي، ما دام أمكن تأمينها لبدء البناء كغزة جديدة، وذلك بهدف منح الفلسطينيين المقيمين في غزة مكاناً يذهبون إليه، ومكاناً للعمل، ومكاناً للعيش»، مضيفاً: «لن تُخصَّص أي أموال لإعادة الإعمار للمناطق التي لا تزال تسيطر عليها (حماس)».

فلسطينيون نازحون يسيرون أمام المباني المدمرة في حي تل الهوى في الجزء الجنوبي من مدينة غزة (أ.ف.ب)

تلك الخطط الجزئية تخالف مواقف عربية، وشدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، في اتصال هاتفي، الخميس، على ضرورة التنفيذ الكامل لاتفاق وقف الحرب في القطاع، وحتمية البدء في عملية إعادة إعمار القطاع، وفق بيان للرئاسة المصرية.

وفي مقابلة مع المذيع الأميركي تاكر كارلسون، بـ«منتدى الدوحة»، الأحد الماضي، قال رئيس الوزراء القطري، محمد عبد الرحمن آل ثاني «لن نتخلى عن الفلسطينيين، لكننا لن نوقّع على الشيكات التي ستعيد بناء ما دمره غيرنا».

ويعتقد عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية» أن طلب قطر قبل أيام بتحمل إسرائيل تمويل ما دمرته «تعبير عن موقف عربي صارم للضغط لعدم تكرار التدمير»، مشيراً إلى أن مصر تدرك أيضاً أن إسرائيل تتحرك في الخطة البديلة بإعمار جزئي في رفح لكن القاهرة تريد تعزيز الموقف العربي المتمسك بالإعمار الكامل، والذي سيبدأ مؤتمره مع بدء المرحلة الثانية التي تشمل انسحاباً إسرائيلياً. بينما يرى المحلل السياسي الفلسطيني أن الموقف العربي سيشكل ضغطاً بالتأكيد لكن هناك وجهات نظر متباينة، مشيراً إلى أن مؤتمر إعمار القاهرة مرتبط بحجم التقدم في المرحلة الثانية ونزع السلاح بالقطاع؛ إلا أنه في النهاية سيحدث، لكن ليس في القريب العاجل وستكون مخرجاته مهددة بعقبات إسرائيلية.