محمد رُضا
صحافي متخصص في السينما
TT

أسوأ المسرحيات في التاريخ

نشر الناقد المسرحي دومينيك كافانديش في صحيفة «ذا دايلي تلغراف» التي يكتب فيها منذ سنوات، قائمة بما اعتبره أسوأ المسرحيات الموسيقية التي عُـرضت في لندن في التاريخ. نحن لا وجود فعليا للمسرح في حياتنا الثقافية والفنية لذلك لا يمكن مجاراته والتنقيب عن الأفضل والأسوأ حتى بين أعمال السنوات الـ5 الأخيرة مثلا، فما البال لو أن التقييم يمتد ليشمل السنوات المائة السابقة أو الـ50 الأخيرة مثلا.
وكان لافتا أن المسرحية التي ترد في المركز الأول في قائمة كافانديش مستوحاة من فيلم مستوحى من كتاب. المسرحية المقصودة هي «كاري» التي اقتبسها المخرج الأميركي برايان دي بالما في منتصف السبعينات عن رواية ستيفن كينغ المرعبة. كنت قرأت الرواية حتى ما قبل الصفحات الـ30 الأخيرة حتى لا يؤثر ذلك على مشاهدتي للفيلم ثم شاهدت نسخة دي بالما الجيّـدة، وسمعت عن أن الرواية تعلو خشبة برودواي في منتصف الثمانينات. في العام 1988 تم تقديمها في لندن.
أخفقت المسرحية في برودواي إخفاقا كبيرا. لم تكمل الشهر الأول. على أن هذا لم يمنع «رويال شكسبير كومباني» من محاولة تقديمها على المسرح اللندني حيث ووجهت بعاصفة من التعليقات السلبية. لم أر المسرحية لا في نيويورك ولا في لندن لكنني قرأت أن الجديد الذي تحاول أن توفّره هو أن تكون استعراضية - موسيقية. لكن كيف تسرد مسرحيا حكاية فتاة تستطيع إشعال النار في أرجاء المكان الذي هي فيه؟ أي مؤثرات تستطيع تفعيل هذا الجانب الأساسي من الرواية؟
في القائمة المذكورة محاولة أخرى لاقتباس عمل سينمائي. عمل هو أكثر صعوبة من «كاري». أكثر تحديا لكل الإبداعات التي على فناني المسرح وفنييه توفيرها في أي عمل فما البال بعمل أدبي صارم تم استنساخه سينمائيا بصعوبة وانبرى من قام بتحويله إلى مسرحية غنائية سنة 1992؟
المسرحية المقصودة هي «موبي دِك» للكاتب هرمان ملفيل. كثيرون من جيل الخمسينات شاهد ذلك الفيلم الذي أخرجه الراحل جون هيوستون سنة 1956 من بطولة غريغوري بِـك (لا يزال البعض يعتبره أفضل ما أداه هذا الممثل من أدوار). صاحب الفكرة كان المنتج البريطاني كاميرون ماكنتوش. عندما باشر المنتج في التحضيرات ارتقت طموحاته فقرر تحويل النص المسرحي من حجم يليق بالتجارب المحدودة والميزانيات المنضبطة، إلى مسرحية كبيرة أرادها بحجم «آني» و«قصّـة الجانب الغربي». لكن المسرحية المكلفة انضوت في 15 يوما. وحسب ما ورد آنذاك من تعليقات غرقت المسرحية في اليم وابتلعتها الحيتان.
بالطبع ضمّـت القائمة مسرحيات لم تكن مقتبسة عن الأدب أو السينما، لكن معظمها عبّـر عن طموح اصطدم بالعراقيل وخيِّـل للقائمين عليها بأنها عراقيل يمكن إزالتها بمجرد الوصول إلى مرحلة فتح الستارة لأول مرّة مع أناشيد وأغانٍ واستعراضات. لكن هذا لم يحدث. لا عندما قام جون كيرد بتقديم «أطفال عدن» (1991) ولا عندما انبرى مذيع الراديو مايك ريد لتقديم رؤيته حول «أوسكار وايلد» سنة 2005 أو عندما تم تقديم الجنوب الأميركي ومعاناة السود فيه في «حقول أمبروزيا» سنة 1996.