شنت دورية «كولمبيا جورناليزم ريفيو»، التي تصدرها كلية الصحافة في جامعة كولمبيا (في نيويورك)، وربما أكثر الدوريات الصحافية الأميركية احتراما، هجوما عنيفا على الصحافيين الأميركيين لأنهم «سكتوا 10 سنوات على فضائح كوسبي».
هذا هو بيل كوسبي، أشهر نجم تلفزيوني، وسينمائي، وثقافي أسود في أميركا. قبل 30 عاما تقريبا، اشتهر في المسلسل التلفزيوني «دكتور هاكستابل»، حيث مثل دور طبيب، ورب عائلة ميسورة الحال، وكان أول مسلسل يصور «زنوج الطبقة الوسطى» (وغير صورة «الزنجي الإجرامي»). ثم واصل كوسبي نجاحه، وصار له مسلسل تلفزيوني فكاهي باسمه. ثم صار أكاديميا، ونال دكتواره في الثقافة الأميركية (السوداء). ثم صار نشطا، يدافع عن سود أميركا (ويحللهم ثقافيا، ونفسيا). ويريد أن يرفع مكانتهم في المجتمع الأميركي. وبالإضافة إلى تطلعات السود نحوه، تمتع باحترام البيض.
لكن، فجأة في الأسبوع الماضي، هبطت سمعته، وهبطت قيادته التلفزيونية والسينمائية والشعبية. ومنه أن ألغت شركة «نيتفلكس» لمسلسلات وأفلام الإنترنت خطة فيلم عنه، كما ألغى تلفزيون «إن بي سي» خطة مسلسل يمثل فيه البطل.
لماذا؟ لأن الصحافيين الأميركيين، بعد تجاهل 10 أعوام، بدأوا يتحدثون عن فضائح جنسية تورط فيها منذ 30 عاما تقريبا. رغم أن بعض النساء اشتكين بأنه خدرهن، ثم مارس، أو حاول أن يمارس معهن، الجنس. وفي الأسبوع الماضي، تضاعفت التغطية الإعلامية. ووصلت إلى الصفحة الرئيسية في صحيفة «نيويورك تايمز». خلال العشرة أعوام، نشرت صحف قليلة جدا عن هذه الفضائح. فقط، في عام 2006، نشرت مجلة «بيبول» (الناس) قصص 5 نساء، ووافقت 3 منهن على نشر أسمائهن. لهذا، في الأسبوع الماضي، تساءلت «كولمبيا جورناليزم ريفيو»، في سخرية، إذا كان هناك اتفاق سري وسط الصحافيين للسماح لكوسبي لمواصلة نشاطاته الفنية دون أن يُسأل في برامج عام عن هذه الفضائح.
بل إن رئيس تحرير سابق لمجلة «نيوزويك»، مارك ويتاكر، نشر كتابا عن كوسبي، دون أن يشير الكتاب إلى الفضائح. لكن، بفضل الإنترنت ومواقع الاتصالات الاجتماعية، احتج عدد ليس قليلا من الناس وانتقد «الصحافي الكبير». كان واحدا من هؤلاء هو الكوميدي هانيبال بورس الذي خلال عرض في لاس فيغاس (ولاية نيفادا)، وصف كوسبي بأنه «ريبست» (مغتصب). وفي الحال، انتشر فيديو البرنامج في الإنترنت.
عندما انتشر الفيديو، دافع وتيكر، مؤلف الكتاب عن كوسبي، عن نفسه. وقال: «إن هناك رغبة من جانب كثير من الناس للحديث عن حياة المشاهير، وخصوصا حياتهم الجنسية». في الجانب الآخر، يميل الصحافيون إلى عدم استغلال ذلك. وذلك لأنه، بنشر «مزاعم غير مؤكدة، يعطون فرصة لمزيد من المزاعم غير المؤكدة».
لكن، قال صحافيون آخرون إن مجاملة المشاهير، وعدم نشر ما يؤذي سمعتهم، يحدث لأنهم مشاهير وأغنياء. وما كان سيحدث لو كانوا فقراء وغير مشهورين. وقال صحافي: «كيف يسمح الصحافيون لكوسبي، المشهور والثري ورب العائلة، أن ينقل في طائرته الخاصة نساء جميلات من ولاية إلى ولاية وهو يحاضر الأميركيين السود (وغيرهم) عن الأخلاق والعائلة؟»
قبل أسبوعين، دخلت صحيفة «واشنطن بوست» حلبة نشر فضائح كوسبي. ونشرت في صفحة الرأي رأيا عنوانه: «كوسبي اغتصبني. لماذا صمت الناس 30 عاما حتى صدقوا قصتي؟» وقالت المرأة، التي نشرت اسمها، إنها اشتكت في الصحف، واشتكت للشرطة، ولم يصدقها أي شخص. وفي نفس الوقت، في إذاعة «إن بي آر»، سأل المذيع سكوت سايمون الممثل كوسبي 3 مرات للرد على هذه الاتهامات. وفي الـ3 مرات، رفض كوسبي أن يقول أي شيء، وظل يهز رأسه، وكأنه لا يصدق أن صحافيا تجرأ، وسأله هذا السؤال. وقال المذيع لكوسبي: «أنت تهز رأسك». وكرر المذيع ذلك. ولم يتكلم كوسبي أيضا. وخلال ساعات، كان فيديو تحت عنوان «صمت كوسبي» ينتشر في طول وعرض العالم.
وقالت دورية «كولمبيا جورناليزم ريفيو» إن المشكلة بالنسبة للصحافيين، هي أن هذه الاتهامات ليست جديدة. وأن «صمت الإعلام»، مثل «صمت كوسبي». وسألت: لماذا؟
وأجابت أن ذلك سببه «عقلية القطيع». إذ يفضل الصحافي ألا يشذ عن غيره، ويذهب معهم إلى حيث هم ذاهبون، أكلا، أو كمينا. وثانيا «عمى الطموح» لنشر تقرير ناجح عن شخصية ناجحة، يتحاشى الصحافي سلبيات الشخصية.
ونصحت الدورية طلاب وشباب الصحافة أن يلاحظوا بأنه، لعشرة أعوام، أنفق كوسبي أموالا كثيرة لمحامين لنفي فضائحة. اشتري كوسبي محامين، ولم يشتر الصحافيين. لكنه، وكأنه اشتري الصحافيين.
7:57 دقيقة
«كولمبيا جورناليزم ريفيو»: لماذا أهمل الصحافيون فضائح كوسبي؟
https://aawsat.com/home/article/228491/%C2%AB%D9%83%D9%88%D9%84%D9%85%D8%A8%D9%8A%D8%A7-%D8%AC%D9%88%D8%B1%D9%86%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%B2%D9%85-%D8%B1%D9%8A%D9%81%D9%8A%D9%88%C2%BB-%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%A3%D9%87%D9%85%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D9%81%D9%8A%D9%88%D9%86-%D9%81%D8%B6%D8%A7%D8%A6%D8%AD-%D9%83%D9%88%D8%B3%D8%A8%D9%8A%D8%9F
«كولمبيا جورناليزم ريفيو»: لماذا أهمل الصحافيون فضائح كوسبي؟
صمت الإعلام لأسباب عدة منها «عقلية القطيع»
- واشنطن: محمد علي صالح
- واشنطن: محمد علي صالح
«كولمبيا جورناليزم ريفيو»: لماذا أهمل الصحافيون فضائح كوسبي؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة