هارولد ميرسون
TT

رسالة قد تصحح مسار الديمقراطيين

في وقت متأخر بعض الشيء، أدرك الديمقراطيون وجود قصور في حملاتهم الانتخابية للتجديد النصفي في 2014، وهو افتقارهم إلى رسالة اقتصادية.
تحمل الرسائل الاقتصادية أهمية كبيرة للديمقراطيين. ويميل الجمهوريون من جهتهم للفوز بالانتخابات، ليس عندما يطرحون رسالة اقتصادية مقنعة، وإنما عندما تخفق السياسات الاقتصادية للديمقراطيين في إقناع الكثير من الناخبين. وكان ذلك بالتأكيد هو الوضع القائم، حيث حدث تراجع شديد في أعداد الناخبين الذين يستفيدون من نجاحات الديمقراطيين في تعزيز الاقتصاد، وفي الوقت ذاته ارتفعت أعداد الأصوات التي حصدها الجمهوريون داخل المدن الكبرى بنسبة 10 في المائة عما كانت عليه عام 2012، تبعا لما كشفه مسح اقتراع الناخبين. ويعني ذلك أن الناخبين المنتمين للأقليات والطبقة العاملة في مدن مثل شيكاغو وبوسطن لم يذهبوا لمراكز الاقتراع، مما مكّن الجمهوريين من الفوز في إلينوي وماساتشوستس. واللافت أن إجمالي نسبة المشاركين من الناخبين كان الأقل منذ عام 1942، وهو عام آخر شهد تفوقا للجمهوريين.
في الواقع، فإن مشكلة الديمقراطيين لم تكن فشل إدارة أوباما في دفع الاقتصاد نحو النمو مجددا، وإنما تنامي الاقتصاد بالفعل منذ أواخر 2009، لكن المشكلة أنه لم يعد ينمو بمعدله السابق. بوجه خاص، لم يعد النمو الاقتصادي يحمل مكافآت للعمل. وتكشف بيانات خدمة العائد الداخلي أن 95 في المائة من الدخل خلال مرحلة ما بعد الركود اتجه إلى الـ1 في المائة الأكثر ثراء، مما يعني أن الاقتصاد كافأ الاستثمار وليس العمل، وكافأ رأس المال وليس العامل. وكان من شأن تعزيز قيمة المساهمين تقليص ساعات عمل وأجور العاملين، مما يفسر كيفية إحراز كثير من الشركات الكبرى أرباحا متصاعدة في الوقت الذي تجمدت أو تراجعت فيه مبيعاتها.
والتساؤل الآن: ما الذي يمكن أن يفعله الديمقراطيون في اقتصاد لم يعد نموه يعود بالنفع على الغالبية العظمى من الأميركيين، خاصة قواعدهم الانتخابية؟ ويتضح من نتائج تلك الانتخابات النصفية في أركنسو ونبراسكا وساوث داكوتا أن الأميركيين حتى داخل أكثر الولايات تأييدا للجمهوريين سيصوتون لصالح زيادة الحد الأدنى للأجور. لكن كيف يخطط الديمقراطيون لدفع الدخول المتجمدة للأميركيين الذين يتقاضون أكثر من الحد الأدنى؟ في هذا الصدد، يظل تطوير نظام التعليم ضرورة، ومع ذلك تبقى الحقيقة أن الخط الفاصل داخل اقتصادنا ليس بين أصحاب المستويات الجيدة من التعليم والآخرين أصحاب المستوى التعليمي المتدني، وإنما بين من يتكسبون لدخولهم من استثماراتهم وأولئك الذين يحصلون عليها من عملهم.
لا تزال هناك أبواب أخرى مفتوحة أمام الديمقراطيين، ذلك أنه حتى بين الناخبين المشاركين في الانتخابات الأخيرة الذين غلب عليهم الجمهوريون (36 في المائة من الناخبين أبدوا تأييدهم للجمهوريين، بينما أظهر 35 في المائة تأييدهم للديمقراطيين)، كشفت دراسات مسح اقتراع الناخبين أن 63 في المائة من الناخبين (46 في المائة منهم من الجمهوريين) يتفقون مع فكرة أن «النظام الاقتصادي الأميركي يفضل بصورة عامة الأثرياء»، بينما أعرب 32 في المائة فقط عن اتفاقهم مع فكرة أن هذا النظام «عادل تجاه غالبية الأميركيين». إذن فإن مهمة الديمقراطيين هي تعزيز السياسات التي تجعل الاقتصاد أكثر إنصافا، من دون توسيع الجهاز الحكومي، على الأقل في الوقت الراهن.
من بين سبل تحقيق ذلك تخفيض الضرائب المفروضة على الطبقة المتوسطة والفقراء. ويمكن البدء من ضريبة الأجور والرواتب، ويمكن تعويض الفاقد عبر فرض ضرائب على دخول الاستثمار، بحيث يخصص ريعها لدعم برامج الأمان الاجتماعي والرعاية الصحية. وتتمثل سبيل أخرى في تعزيز قضية الإجازات الأسرية والصحية مدفوعة الأجر. كما تمثل مسألة إصلاح ضرائب الشركات سبيلا أخرى. ويمكن للحكومة أن تدرس خفض الضرائب عن الشركات التي تمرر جزءا من زيادة عائداتها الإنتاجية إلى موظفيها عبر زيادة الرواتب، مع زيادة الضرائب على الشركات التي لا تفعل ذلك. أيضا، يمكن دراسة تخفيض الضرائب على الشركات التي لا تتجاوز معدل 100 إلى 1 فيما يخص أجر رئيسها التنفيذي مقارنة بأجور موظفيها العاديين، مع زيادة الضرائب على الشركات التي تتجاوز هذا المعدل. وهناك مقترح آخر بتخفيض الضرائب عن الشركات التي تضم ممثلين عن الموظفين بمجالس إدارتها.
الواضح أنه إذا لم يضم الديمقراطيون قضية تفاوت الدخول إلى حججهم في إطار المعركة حول إصلاح ضريبة الشركات، فإنهم بذلك قد يفقدون واحدة من الفرص الضئيلة للغاية المتاحة أمامهم لتعزيز دخول الأميركيين وقوتهم الاقتصادية.
* خدمة «واشنطن بوست»