حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

جمعية خيرية ونجاح باهر!

دائما من المتوقع والمنتظر أن يكون الحديث عن قصص نجاح في عالم الأعمال والسياسة والاقتصاد والرياضة والفنون بكل أنواعها؛ فهذه النوعية من الحالات كثيرة وتمتلئ بها عناوين الوسائل الإعلامية بمختلف أشكالها، ولكن أن تكون قصة نجاح آتية من القطاع «الخيري»، فهذه وحدها مسألة تستحق أن يتم الوقوف أمامها، والتمعن فيها بدقة وعمق.
في المملكة العربية السعودية نهم كبير باتجاه العمل الخيري والتبرع بشكل عام والحرص على المساعدات مهما كان شكلها، وذلك بحكم التعاليم الإسلامية والعادات الاجتماعية التي جميعها تحرص على ذلك الأمر بشكل قوي ومتواصل، وكان هذا النوع من العمل الخيري مليئا بالنيات الطيبة، ولكنه كان أيضا مليئا بالعمل العشوائي، وهذا الأمر بطبيعة الحال غير قابل للاستدامة، إذ كان مصير الكثير من الصروح الخيرية التي بُنيت على توجهات وأهداف ورؤى عظيمة، ولكن بسبب انعدام الإدارة المؤهلة والخطط السليمة، الإهمال والإغلاق. ولذلك، فإن الحديث عن إحدى قصص النجاح النادرة في هذا المجال مسألة تدعو للإعجاب والفخر، وخصوصا في ظل ندرة هذا الأمر.
جمعية الأمير ماجد بن عبد العزيز للتنمية المجتمعية هي إحدى قصص النجاح النادرة في مجال العمل الخيري.. هي تحمل اسم أمير أحبه الناس وأجمعوا على احترامه وتقديره في حياته وبعد رحيله - رحمه الله - وكان قرار تأسيسها يعود لابنه البار الأمير مشعل بن ماجد، الذي حرص بحكمة وهدوء على إحياء اسم والده في شكل صدقة جارية استثنائية تعود بالنفع «المستمر» و«المتواصل» على شرائح مختلفة ومتنوعة من الناس.
أدخل الأمير على مجلس إدارة الجمعية شخصيات لافتة وناجحة من المجتمع، من قطاع الأعمال الخاص ومن القطاع الخيري، فكان مجلس إدارة حقيقيا وليس صوريا؛ أقام ندوات وورش عمل تعريفية للكوادر البشرية التي تعمل في الجمعية تماما على أفضل مستوى محترف ومهني كما يكون عليه الحال في أهم الشركات التجارية الكبرى، وأقام ندوات على أعلى المعايير لتعريف المجتمع بشكل شفاف ومفتوح بطبيعة الأنشطة التي تقوم بها الجمعية والأهداف المرجوة منها بشكل كان يسبق ما وضعته وزارة الشؤون الاجتماعية نفسها من معايير ومقاييس، واستثمرت الجمعية في كوادرها البشرية، واستطاعت استقطاب أفضل الكوادر الشابة التي كان يتنافس على الحصول على خدماتها شركات وبنوك ومصانع عملاقة، ولكن بيئة العمل والمناخ الجيد والسمعة المهمة للجمعية كانت عناصر جذب مقنعة لهم جعلتهم يوافقون على الانضمام ويبدعون في العمل، ويقود هذه الكتيبة الرائعة شاب سعودي هو مصدر فخر واعتزاز لكل من عرفه وتعامل معه، وهو همام زراع.
همام شاب هادئ وعاقل وحكيم ومتزن جدا يعمل بشكل عملي ومدروس جدا، يؤمن بالخطط والأهداف وقلة الكلام، ويجعل نتائجه وأرقامه هي التي تتحدث، ويؤمن بتطوير بيئة العمل بشكل دقيق عبر تكثيف وسائل وأدوات تطوير الذات، بحيث يكون المناخ نفسه في الجمعية محفزا على الإنتاج ودافعا على التألق والإنجاز بشكل مميز واستثنائي ولافت. يؤمن جدا بتأسيس فريق للعمل، ومنح هذا الفريق الثقة والصلاحية بناء على منظومة واضحة الملامح للثواب والعقاب مكنت همام من أن يكون أحد «الخبرات العربية» التي يتم اللجوء إليها للتحكيم وأخذ الرأي في كفاءات الشباب ومشاريعهم على مستوى العالم العربي.
جمعية الأمير ماجد بن عبد العزيز للتنمية المجتمعية إحدى قصص النجاح الاستثنائية التي تستحق أن يُفتخر بها ويُعاد تكرارها بالشكل المدروس الذي يتم العمل به.. فيها تجارب يمكن الاستفادة منها.