عادل عصام الدين
صحافي سعودي
TT

دورة الخليج وصناعة الفارق!

تذكرت وأنا أشاهد مباريات دورة الخليج لكرة القدم السؤال الذي طرحه في هذه الصحيفة آندريا سكيانكي: «هل من الأفضل انتظار الخصم أم مهاجمته في نصف ملعبه؟ وهل من الأفضل الضغط بكثافة أم الانتظار بدهاء ثم إصابة الخصم في الهجمة المرتدة؟».
سكيانكي شارك بنفسه في الإجابة حين أكد أنه ليس هناك أسلوب أفضل من آخر، ولكن هناك لاعبين أفضل من آخرين، وبمرور الوقت هذا ما يصنع الفارق.
في مباراة السعودية واليمن التي انتهت بفوز الفريق السعودي بهدف جميل جدا عن طريق الفنان نواف العابد، طرح مذيع الاستوديو التحليلي سؤالا على ضيوفه من اللاعبين المعتزلين بين الشوطين: «هل سيغير الفريق اليمني تكتيكه ويبدأ بالهجوم؟!».
وجاءت الإجابة كما توقعت منذ أن طرح السؤال بالنفي رغم أن الفريق اليمني كان متخلفا بهدف، ذلك أن إمكانات الفريق اليمني لا تسمح له بالمبالغة في الهجوم أو حتى المجازفة بذلك في ظل الفارق العناصري بين السعودية واليمن، وزادت مهمة اليمن صعوبة بإصابة يعاني منها لاعبان من خط الهجوم.
انتظار الخصم، ثم مهاجمته على نحو مفاجئ لا شك أنه يعتمد على فلسفة وفكر المدرب، بيد أن مستوى اللاعبين وإمكاناتهم واستعدادهم يلعب دورا كبيرا في هذا الاتجاه؛ أي إن القرار لا بد أن يعتمد أيضا على مستوى اللاعبين فرديا، لعب الفريق اليمني مثلا بدفاع المنطقة في مبارياته الـ3 فأجاد وتألق وخطف الإعجاب، ولم يدخل مرماه إلا هدف السعودي نواف العابد، إلا أنه لم يهاجم، لأنه لا يملك المقدرة الهجومية التي تجعله يرتاح دفاعيا.
ما أجمل كرة اليوم التي تتطور بسرعة رهيبة في ظل ارتباطها بالعلم، لقد ازدادت اللعبة صعوبة وتعقيدا رغم بساطتها أصلا، باتت لعبة مساحة وزمن، لعبة كما يقول الخبير جيرارد هولييه: «كرة القدم.. سرعة ومساحة.. تكتيك وقوة جسدية»، من يمتلك المساحة مستغلا عامل الزمن يقترب من التفوق.
وقد لمسنا في «خليجي 22»، كما في كل الدورات، مدى الاهتمام بفرض النفوذ على المساحات واستغلال عامل السرعة، والحقيقة أن أي مدرب لا يستطيع أن يبسط نفوذه على المساحات إن لم يمتلك أدوات التفوق قادرا على بناء طاقة الفريق على مستوى جميع الجوانب.
كما كشفت هذه الدورة حرصا على اللعب الدفاعي وهذا ما تثبته الأرقام، ويبدو أن كل فريق مقتنع بتأمين الدفاع أولا ربما اقتناعا بالدراسة التي تشير إلى أن 75 في المائة من الفرق التي سجلت أولا حققت الفوز في حين خسرت 8 في المائة من الفرق التي بكرت بالتسجيل.
أعان الله المدربين، فقد طار مدرب قبل انتهاء مباريات الدورة، وهناك من سيلحق به بعد النهاية، وصدق رانيري حين أكد: «أن تكون مدربا أشبه بكونك قافز مظلات لا تعلم أبدا إن كانت مظلتك ستفتح أم لا..؟!».
[email protected]