عبد الرحمن الراشد
إعلاميّ ومثقّف سعوديّ، رئيس التحرير الأسبق لصحيفة «الشّرق الأوسط» ومجلة «المجلة» والمدير العام السابق لقناة العربيّة. خريج إعلام الجامعة الأميركية في واشنطن، ومن ضمن الكتاب الدائمين في الصحيفة.
TT

القائمة الإماراتية الحاسمة

صارت الإمارات الدولة الخليجية الأولى، بعد السعودية، التي تصنف تنظيم أنصار الله اليمني الحوثي إرهابيا، ولهذه الخطوة معانٍ كثيرة، أبرزها إعادة ترتيب العلاقات في المنطقة التي مرت بتبدلات سياسية خطيرة. مُنعت الجماعة لأنها تدار إيرانيا، وتوظف للاستيلاء على الدولة اليمنية ضمن حرب إقليمية.
وجماعة «الحوثي» واحدة من 84 حزبا ومنظمة صنفتها الإمارات رسميا إرهابية، وقد أثارت الخطوة الإماراتية غضب البعض، وبشكل خاص، جاءت الاعتراضات من الكتائب الإعلامية المنتمية لجماعات الإخوان المسلمين، والتي صنفت على رأس القائمة الإرهابية. وبدلا من الدفاع عن سجل الإخوان أو تبرئتهم، كانت حجتهم استنكارهم عدم تضمين حزب الله اللبناني على القائمة. طبعا، الحزب مصنف وممنوع منذ زمن بعيد. كما أن القائمة ضمت فصائل موالية له، مثل «حزب الله السعودي في الحجاز»، وهي جماعة تتبع إيران، وكذلك «حزب الله الخليجي»، ومنظمة بدر، و«عصائب أهل الحق» العراقيتين، وجميعها شيعية متطرفة. كما ضمّت القائمة الإرهابية تنظيمات سنية متطرفة مثل «القاعدة» و«داعش» «وحركة أحرار الشام» في سوريا، وكتيبة «أنصار الشريعة» في ليبيا، وجماعة «أنصار الشريعة» في تونس، وجماعة «أنصار بيت المقدس»، و«الجماعة الإسلامية»، وجماعة «أجناد» المصرية، وأحزاب «الأمة» في الخليج وهي سلفية متطرفة.
في الماضي كانت الجماعات الإرهابية محدودة العدد، ولها عناوين واضحة، لكن اليوم نتيجة للفوضى والحروب المشتعلة في ثلث الدول العربية، كثرت أعدادها واشتبهت على الناس.
دائما كانت هناك قوائم منع، ولا تزال موجودة في كل الدول، إنما لم يعد الاحتفاظ بها في ملفات وزارات الداخلية والخارجية مفيدا سياسيا. بل إن جزءا مهما من حصار الخصوم الإعلان عنهم. فأتباع الحوثي سيكتشفون أن خصمهم ليست الحكومة الانتقالية الضعيفة في اليمن، بل أيضا السعودية والإمارات، وعليهم أن يختاروا أي معسكر يفضلون.
معظم الاعتراضات على قائمة الإرهاب الإماراتية وردت من الإخوان المسلمين، والذين انخرطوا في معارك بالأصالة وبالوكالة ضد الإمارات نفسها منذ فترة. ونلاحظ أن الحجج التي يسوقونها تدينهم. فالتحجج بأن «حزب الله» اللبناني لم يدرج، عدا أنه غير صحيح، فالحزب ممنوع منذ زمن بعيد، أيضا هو حليف قديم وطويل الزمن لـ«الإخوان» أنفسهم. والحجة الأخرى أنهم جماعة فكرية وسياسية، ولا يعقل أن تمنع مثل «داعش» و«القاعدة» الإرهابيتين. وهذا صحيح في الماضي لكن أحداث مصر وغزة، وما فعلته الجماعة الإخوانية الخليجية، برهنت على أن «الإخوان» جماعة لا تتوانى عن الدعوة للعنف للوصول إلى أهدافها، كما هو الحال في مصر اليوم. وفي غزة قتلت جماعة حماس الإخوانية العشرات من رجالات فتح في سبيل الاستيلاء على السلطة، والاحتفاظ بها لسنين طويلة. وفي الخليج اندفعت الجماعات الإخوانية إلى رفع دعوة الانقضاض على الأنظمة، معتقدة أن الربيع العربي مناسبة لركوب الفوضى الجماعية والاستيلاء على السلطة. وعندما فشلت تحالفت مع الخصوم الخارجيين لهذه الدول. وقد التبس دور الجناحين، السياسي والعسكري لـ«الإخوان»، في السنوات الـ3 الماضية، وصارا يعملان بشكل متقارب ما جعل دولا، مثل الإمارات، وغيرها، تنظر إلى «الإخوان» كجماعة أخطر من «داعش».
الوضوح في الفترة الفوضوية الحالية يسهل على الجميع فهم ما يحدث، من العدو ومن الصديق.

[email protected]