زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

متحف الفن الإسلامي

سعدت جدا بزيارة الدكتور ممدوح الدماطي، وزير الآثار لمتحف الفن الإسلامي، وبصحبته الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير دولة الإمارات، وقد أعلنا عن إعادة ترميم المتحف بمنحة إماراتية.. وقلت في مناسبات كثيرة إن عملية ترميم المتحف - بعد حادث التفجير الإرهابي لمبنى مديرية أمن القاهرة المواجه لمبنى المتحف - ليس أمرا صعبا، فالدول الإسلامية يمكن أن تساهم في عملية ترميم المتحف وافتتاحه مرة أخرى، خاصة أنه أعظم متحف للفن الإسلامي في العالم كله، ولا يوجد مثيل للآثار والكنوز الإسلامية التي يضمها المتحف من مختلف أقطار العالم الإسلامي. وكانت المشكلة الغريبة هي أن المسؤول السابق عن الآثار كان يرفض التوقيع على أي خطاب، ولا يوافق على أي مشروع من أجل الآثار خوفا من المسؤولية! الأمر الذي عطل إعادة ترميم المتحف كل هذه الشهور!
وقد لا يعرف الكثيرون ما تم من تطوير في هذا المتحف قبل الحادث الأليم؟ وكيف أصبح ينافس متاحف العالم، ونال جوائز عالمية في العرض المتحفي؟ ويوجد بمتحف الفن الإسلامي أكثر من 100 ألف قطعة أثرية تعتبر من نفائس العمارة والفنون الإسلامية المختلفة من كافة الصور الإسلامية.. وللأسف! كان مبنى المتحف متهالكا ويقع فوقه مباشرة دار الكتب، ويعود عمر المبنى إلى أكثر من 100 عام، ويشترك مع دار الكتب في بدروم واحد، والقطع المعروضة بصالاته وأروقته كانت أشبه بالقطع المُخزنة في الظلام، فلا يتمكن الزائر من رؤية عظمة هذه الآثار.
وكان لا بد من إنقاذ المتحف وتطويره، وعندما اكتملت الدراسات العلمية بدأنا في عزف سيمفونية عمل رائع بمشاركة الأثريين والمعماريين والمرممين، والكثير من التخصصات الأخرى، واتفقنا على ضرورة اختيار ما لا يزيد على 2000 قطعة للعرض المتحفي.. واتصلت بصديقي لويس مونريال، أمين عام مؤسسة الأغا خان، الذي وافق على تمويل المتحف، وأمدنا بمرمم إسباني لترميم القطع الأثرية، وكذلك النافورة التي لا يوجد مثيل لها والموجودة بالمتحف. وتم اختيار منسق متاحف عالمي للعمل معنا، وفي الوقت نفسه، اتخذنا قرارا بعدم نقل آثار المتحف إلى القلعة، كما كانت الفكرة قبل بدء أعمال التطوير. وأذكر أنني حاولت الاتفاق مع متحف اللور للاشتراك معنا في وضع سيناريو العرض المتحفي الجديد، ولكننى فوجئت بهم يطلبون وضع اسم اللور على كل شيء بالمتحف، وبالطبع رفضت ذلك الأمر الأشبه بالتصرفات الاستعمارية من الأزمنة البائدة.
وقام المصريون بعمل سيناريو عرض متحفي راق؛ بحيث يعرض 2000 قطعة فقط، ويتم تغيير العرض كل 3 شهور من خلال اختيار قطع من المخزن، وبذلك يمكن أن نحافظ على جمال المتحف، ونضمن حرص الزائر على تكرار زيارته، لأنه في كل مرة يعلم أنه سيرى شيئا جديدا.
وافتتح المتحف قبل شهور قليلة من قيام ثورة يناير 2011، وكان العرض المتحفي مبهرا، والمتحف في أجمل حالاته.. وللأسف! خرجت شائعات كثيرة بعد الثورة، منها أن الآثار نقلت إلى القلعة، وعادت إما في حالة سيئة أو سُرقت! بل نشر كاتب، هو في الأصل شاعر، 3 مقالات عن سرقة كل آثار المتحف الإسلامي! وبالطبع، لم يكن هناك كلمة واحدة مما قال صحيحة، وهو نفسه الذي كتب أن كل محتويات القصور الرئاسية قد سرقت! واتضح أن كل محتويات القصور سليمة لم تمس! وإلى الآن، لا أفهم ماذا كان يريد بهذه الشائعات؟! وما أن انتهينا من حرب الشائعات على المتحف حتى أصيب في حرب الإرهاب، كما قدمنا. ورغم الكتابات المسمومة ورغم الإرهاب سيفتح متحف الفن الإسلامي أبوابه ليستقبل زائريه، ويستكمل رسالته التنويرية منتصرا على خفافيش الظلام.