توزعت اهتمامات الصحافة الفرنسية هذا الأسبوع على 3 محاور أساسية: الاهتمامات الداخلية بشقيها السياسي والاقتصادي والمحاور الساخنة في العالم وعلى رأسها مواجهة الإرهاب وتمدده من الشرق الأوسط وامتداداته إلى بلدان الساحل وصولا إلى أوروبا وأميركا الشمالية وتشعبات الحرب في سوريا والعراق وأخيرا وباء الإيبولا ومخاطره والوسائل والأدوات المسخرة لمواجهته ومنع انتشاره.
بيد أن الاهتمامات الداخلية كان لها قصب السبق. ففي الشق السياسي، المرجل يغلي في صفوف الحزب الاشتراكي (الحاكم) بسبب الانقسامات الآيديولوجية بين جناح إصلاحي يمثله رئيس الحكومة مانويل فالس ووزير الاقتصاد ماكرون ويحظى بغطاء من الرئيس فرنسوا هولاند وبين جناح تقليدي متمسك بيساريته ناقم على هولاند لأنه تخلى عن وعوده وها هو يتبع سياسة «يمينية». وذهب فالس إلى حد اقتراح تغيير اسم الحزب الاشتراكي لأن التسمية «عفا عنها الزمن». وفي الأيام الماضية انضمت الوزيرة السابقة والأمين العام السابق للحزب مارتين أوبري إلى حلقة «الناقمين» وبينهم نواب كانوا إلى أيام خلت وزراء في حكومة فالس الأولى للتنديد بالسياسة «اليبرالية» للحكومة التي يصفونها بـ«الفاشلة» والبعيدة عن تحقيق النتائج المتوخاة منها. ويدعو معسكر «الناقمين» إلى اتباع سياسة يسارية حقيقية تتجاوب مع الفئات التي تشكل القاعدة الانتخابية للاشتراكيين. وما يفاقم الأزمة غياب النمو الاقتصادي واستمرار أرقام البطالة بالقفز إلى فوق «3.5 مليون عاطل عن العمل» واتباع الحكومة لسياسة تقشفية وارتفاع الضرائب...
وصدرت صحيفة «لوموند» المستقلة يوم الخميس بعنوان رئيس على صفحتها الأولى يقول: «معركة ما بعد هولاند بدأت داخل الحزب الاشتراكي» فيما وضعت مجلة «لو بوان» على غلافها صورة هولاند مع العنوان التالي: «فرصته الأخيرة قبل الصدمة» مصحوبة بـ3 عناوين فرعية: الأزمة الاقتصادية المنذرة بالمخاطر، آخر أوراق هولاند ولعنة الإليزيه». والمفارقة أن هولاند ما زال في منتصف ولايته التي تنتهي بعد عامين ونصف. والحال أن معركة انطلقت بسبب ضعفه الشعبي كما تعكسه استطلاعات الرأي وغياب نتائج الإصلاحات التي أقرها منذ وصوله إلى الرئاسة وتدهور صورة الحكم والحكومة في الداخل والخارج. ولعل أبرز دليل على ذلك أن كافة الصحف الفرنسية رصدت مكانا بارزا لنبأ توجيه المفوضية الأوروبية كتابا للحكومة الفرنسية تطلب فيه توضيحات عن طبيعة الميزانية الجديدة التي ترى أنها لا تحترم المعايير الأوروبية لجهة العجوزات.
لكن إذا كان اليسار يتمزق، فإن اليمين ليس أفضل حالا. فالرئيس السابق نيكولا ساركوزي يتأهب للعودة رئيسا لحزب الاتحاد من أجل حركة شعبية. ومشكلته أنه يجر وراءه سيلا من الفضائح منها 5 رئيسة وأن له منافسين على رئاسة الحزب من جهة وخصوصا على المقعد الرئاسي الذي لن يشغر إلا في عام 2017. ومن بين منافسيه على التأهل للمنافسة الرئاسية رئيسا حكومة سابقان هما آلان جوبيه وفرنسوا فيون. بيد أن الأخطر بينهما هو جوبيه لأنه يحظى باحترام كبير في صفوف اليمين ويتبع نهجا معتدلا بينما أخذ ساركوزي يذهب في خطابه السياسي نحو التشدد لسحب البساط من تحت أرجل مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن. وصدرت مجلة الإكسبرس هذا الأسبوع وعلى غلافها صورة مركبة تجمع ساركوزي وجوبيه ومع عنوان: «من سيجهز على الآخر؟».
و استمرت الصحف البريطانية بتغطيتها للقضايا الاقتصادية والأمنية والعلاقة مع الاتحاد الأوروبي، ونشرت تحقيقات صحافية حول قضايا التنصت الأمني واختراق الأجهزة الأمنية للمنظمات اليسارية. وجاءت التغطية متنوعة ومختلفة بين صحيفة وأخرى لتعكس ميولها السياسية والآيديولوجية. كما تضمنت التغطية المسائل الترفيهية الخفيفة والتي جاءت من خلال نشر صور الممثلين وأفلامهم. لكن أحداثا أخرى جديدة فرضت نفسها على التغطية مثل الهجوم المسلح في كندا وسط الأسبوع.
إذ تصدر الهجوم على مبنى البرلمان الاتحادي الكندي في أوتاوا التغطية في الصحف البريطانية بعد ثاني يوم من وقوع الحادث، بعدما أطلق مسلح النار على جندي عند نصب الحزب الوطني الكندي الواقع في الجهة المقابلة للبرلمان. وتمكن المسلح من الفرار وجرى البحث عنه بين المباني الحكومية الكندية. وتناولت الصحف الدعم الذي عبر عنه العديد من قادة العالم تجاه ما تمر به كندا. وفي الصفحات الداخلية أفردت الصحف بإسهاب تحقيقات وتغطية كاملة حول العملية والشخص الذي قام بها. كما دقت ناقوس الخطر بخصوص أعمال إرهابية مشابهة من قبل عناصر متطرفة قد تقوم بأعمال في مناطق أخرى من العالم.
ونالت المسائل الاقتصادية نصيبها من التغطية، خصوصا إعلان بنك إنجلترا بأنه قد لا يزيد من رفع محتمل لمعدلات الفائدة والتي وصلت إلى أدنى معدل لها منذ 5 أعوام.
واعتبر الركود في أوروبا يعيق الانتعاش الاقتصادي في بريطانيا، وكذلك توقعات البنك المركزي بتراجع نسبة نمو الاقتصاد خلال الثلاثة شهور الأخيرة من العام، ويرجع ذلك جزئيا لانخفاض الصادرات. وبينت الصحف أن تراجع الصادرات يبرز الخطورة المتمثلة في أنه سوف يكون من الصعب على اقتصاد المملكة المتحدة أن ينمو بوتيرة أسرع من بقية الشركاء التجاريين خلال فترة طويلة دون زيادة نسبة عجز الموازنة.
وفي بداية الأسبوع تناولت صحيفة «التايمز» قضايا التنصت، التي قد تلجأ إليها الأجهزة الأمنية والشرطة من خلال استخدام بعض الثقوب في القانون يعطيها الحق في التنصت على التليفونات الجوالة لبعض الأشخاص دون الرجوع إلى وزير الداخلية من أجل الحصول على تخويل يسمح لهم بذلك.
وفي نفس عدد الاثنين تناولت الصحيفة تصريحات المفوض الأوروبي منويل باروسو حول الجوانب السلبية التي تتبعها الحكومة البريطانية والتي قد تؤدي إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتداعيات ذلك على مشروع الاتحاد الأوروبي وعلى الاقتصاد البريطاني.
وتناولت كذلك صحيفة «الديلي تلغراف» المحافظة في عدد الجمعة الماضية العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وكيف أن الاقتصاد الأوروبي يؤثر بذلك على النمو المتسارع للاقتصاد الأوروبي. الصحيفة عكست توجه التيار المحافظ الذي يرغب في خروج بريطانيا من الاتحاد. كما قامت الصحيفة بتغطية موسعة للحفل الثالث لزواج الممثل كلوني من المحامية اللبنانية أمل علم الدين. وعلى صفحتها في عدد السبت الماضي نشرت الصحيفة صورة على صفحتها الأولى لبارعة علم الدين، والدة أمل حماة جورج كلوني.
صحيفة «الغارديان» ركزت في تغطيتها على التعويضات التي ستدفعها الشرطة لضحايا نشاطات عملائها في أوساط المنظمات اليسارية والبيئية، والتي جاءت على خلفية فضح هوية أحد هؤلاء، والذي أقام علاقة مع إحدى الفتيات وكانت النتيجة أنها حملت منه وأنجبت طفلا، على الرغم من أنها لم تكن على علم بارتباطات العميل مع الأجهزة الأمنية. كما تناولت الصحيفة بتغطية موسعة ما يحصل عليه أعضاء البرلمان من أموال نتيجة نشاطاتهم الأخرى إضافة إلى عملهم كأعضاء في مجلس العموم ورواتبهم من هذا العمل.
ومع بداية الأسبوع الماضي، اهتم الإعلام الأميركي، كما ظل بالحرب ضد «داعش»، بصورة خاصة وبنشاطات الإسلاميين، بصورة عامة. وبعد إهمال فترة طويلة صار هناك اهتمام بالحرب الأهلية في ليبيا، بين «الحكومة الجديدة المعتدلة»، وأنصار «الحكومة القديمة الإسلامية» وصف صحيفة «نيويورك تايمز». والتي أشارت إلى أن «القوات الموالية للحكومة الجديدة شنت هجوما على متشددين إسلاميين، مما أسفر عن قتل 75 خلال 5 أيام».
وعن «داعش»، قالت صحيفة «واشنطن بوست» التي تنشر متوسط 3 أخبار كبيرة أو متوسطة الحجم، كل يوم عن المسلمين والإسلاميين، إن «تركيا سوف تسمح للأكراد الأتراك بعبور الحدود والانضمام إلى إخوانهم في مدينة كوباني السورية (الكردية)»
ومع بداية الأسبوع اهتمت القنوات التلفزيونية، مع صور الملابس البراقة للبابا والقساوسة، ومع صور الأماكن الدينية في الفاتيكان بمؤتمر الكاردينالات، الذي كان موضوعه التحديات التي تواجه العائلة المسيحية. وأيضا مناظر براقة لقداس لإعلاء مكانة البابا قبل السابق بول السادس. حضر الاحتفال الباب السابق بنديكتوس السادس عشر، وقرابة 100 ألف شخص. وكان هناك اهتمام خاص بوثيقة مثيرة للنقاش عن السلوك الجنسي للكاثوليك.
وفي منتصف الأسبوع مع أخبار مرض إيبولا، وأخبار الاستعدادات لانتخابات الكونغرس، عادت إيران إلى تلفزيون «فوكس» اليميني، أكثر القنوات اهتماما بإيران. ونشرت صور متظاهرين ضد إصابة نساء بجروح في هجمات بأحماض قاتلة ومشوهة بتهمة عدم ارتداء الحجاب.
واهتم تلفزيون «فوكس»، أيضا بالعدو الأول: روسيا. وأكثر من تغطية.
خبر غواصات سويدية اعترضت طائرات روسية فوق بحر البلطيق، بينما يستمر البحث عن غواصة روسية في بحر البلطيق، أيضا، يعتقد أنها كانت تتجسس على سفن حلف الناتو.
ومع نهاية الأسبوع، صارت الهجمات الإرهابية قريبة من الأميركيين. وذلك عندما أطلق شخص النار داخل مبنى البرلمان الكندي في العاصمة أوتاوا. بعد أن أطلق النار، وقتل جنديا كان يحرس النصب التذكاري، بالقرب من مبنى البرلمان، وكان الهجوم وقع في واشنطن. صارت قناة «سي إن إن»، وقنوات أخرى، تنقل مناظر مباشرة من أوتاوا، وخصوصا صور من داخل مبنى البرلمان لنواب ونائبات تجمعوا داخل قاعة اجتماعات، ووضعوا كراسيهم خلف الباب لمنع دخول الإرهابي (قتل داخل البرلمان).
ومع نهاية الأسبوع، أيضا، نشرت صحيفة «واشنطن بوست» خبرا في أعلى الصفحة الأولى، وأعادت إلى الأذهان موضوعا كاد كثير من الناس ينسوه، أو نسوه فعلا: إدانة 4 موظفين سابقين في شركة «بلاك ووتر» في قضية تتعلق بقتل 14 مدنيا عراقيا عام 2007، اعتقادا بأنهم كانوا يريدون مهاجمة فريق من جنود وحرس «بلاك ووتر». وتعددت التعليقات بين غاضب «لأننا نريد نسيان حرب العراق»، وبين مؤيد «للذراع الطولى للعدالة الأميركية».
ومع نهاية الأسبوع أيضا عادت أخبار العنف الأميركي داخل أميركا:
في بيلشوك (ولاية واشنطن)، أطلق طالب مسلح النار على زملائه، وقتل واحدا، وجرح آخرين، ثم قتل نفسه. ومرة أخرى، كان الحادث مثيرا، ولاحقته كاميرات القنوات التلفزيونية الرئيسية، ونقلت صورا مباشرة له.
ومع نهاية الأسبوع بالإضافة إلى هلع العنف في الداخل والخارج عاد هلع إيبولا: ثبتت إصابة طبيب في مدينة نيويورك بفيروس إيبولا وكان عاد من غينيا، حيث اشترك في حملة «أطباء بلا حدود» وكأن نيويورك تحتاج إلى هلع جديد: تابعت كاميرات التلفزيونات الحدث دقيقة بدقيقة: شقة الرجل المطاعم التي أكل فيها قاعة الرياضة التي تدرب فيها، سيارات التاكسي التي استقلها (اتصل سائقون قلقون، ووصفوا شخصا، أو أشخاصا).
وبسبب الهلع، سارع العمدة وعقد مؤتمرا صحافيا، وطمأن، أو حاول أن يطمئن الناس.
حروب اليمين واليسار ومعركة الرئاسة المقبلة تتصدر الصحافة الفرنسية
https://aawsat.com/home/article/209376/%D8%AD%D8%B1%D9%88%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%8A%D9%86-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%B3%D8%A7%D8%B1-%D9%88%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A8%D9%84%D8%A9-%D8%AA%D8%AA%D8%B5%D8%AF%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A9
حروب اليمين واليسار ومعركة الرئاسة المقبلة تتصدر الصحافة الفرنسية
الهجوم المسلح في كندا يفرض نفسه بقوة * الاقتصاد والقضايا الأمنية ما زالت المسائل المحببة لدى الصحف البريطانية
- لندن: عبد اللطيف جابر
- واشنطن: محمد علي صالح
- لندن: عبد اللطيف جابر
- واشنطن: محمد علي صالح
حروب اليمين واليسار ومعركة الرئاسة المقبلة تتصدر الصحافة الفرنسية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة