مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

سلامات يا مايكل!

شاب كندي، اسمه مايكل زيهاف بيبو (32 سنة)، نفذ هجوما إرهابيا وقتل جنديا في أوتاوا، قبل اقتحامه مبنى البرلمان ومقتله في اشتباك مع الشرطة. الشاب نصف كندي، والدته كندية ووالده ليبي، ذكرت وسائل الإعلام الكندية أنه لا يعرف اللغة العربية، كان يود السفر إلى ليبيا لتعلم الدين واللغة، سبق له ارتكاب جنح، والده منفصل عن والدته، وذكرت أيضا أنه كان يزمع السفر لـ«داعش» بسوريا والعراق. نحن هنا أمام شخص مأزوم، متوتر، أراد التنفيس عن أزمته بـ«التدعشن» بمعنى تصدير أزمته الخاصة الوجودية على شكل فعل عام يشعر فيه بالرضا عن ذاته واستعادة التقدير، كما يتوهم، من خلال القيام بعمل يجعل أمته فخورة به.
هو جاهل تماما بالدين ولغة الدين العربية، مثله مثل المراهقتين النمساويتين، والصوماليتين البريطانيتين، اللائي يجهلن، مثل مايكل الكندي، أدنى المعلومات الدينية والتاريخية والسياسية، وصارت «داعش» بالنسبة لهؤلاء المراهقين الجهلة لعبة خيالية تشبع العطش للإثارة والخطر، مثل ألعاب الفيديو. وهذا ما تحاول «داعش» التركيز عليه، من خلال مجلتها «دابق» باللغة الإنجليزية.
هذه ظاهرة تستحق التأمل، لماذا انهماك مراهقي ومأزومي العالم، من شتى أمم الأرض، في حفلة «داعش» هذه؟ مثلا، تسجيل لشاب أسترالي محاط بثلة من «زومبي» داعش يهدد باللغة الإنجليزية كل أمم الغرب. «داعش» أمر أكبر من حصره في الجانب الديني الإسلامي.. هي ظاهرة عالمية وصرعة أممية، مثلها مثل ظاهرة المخدرات؛ يعني لو وجدت جماعة ربما في أميركا اللاتينية في زمن متقدم أو متأخر، تمارس الإرهاب بحجة أممية، عالمية، لوجدنا شبابا وشابات من العالم كله معها. أريد القول إنه، بالإضافة للتفسير الديني الخاص بالمسلمين، ثمة تفسير آخر يجب الإفاضة فيه حول داعش «العالمية».
من هنا تصبح أزمة «داعش» مسألة عالمية دولية تخص كل المجتمعات، ويجب أن تدرس من كل الزاويا، الأمر ليس خاصا بالمسلمين فقط.
في مقابلة مع قناة «سي إن إن» الأميركية قال مبين شيخ، وهو جهادي سابق مع حركة طالبان، ثم تركهم وأصبح ناقدا لهم، قال: «هناك مجموعة عوامل تدفع الشباب إلى القتال بصفوف تلك الجماعات، على رأسها حب المغامرة، والرغبة في امتلاك هوية مستقلة، إلى جانب البعد الجنسي بالبحث عن شريك مناسب وإثارة إعجاب الفتيات، وبالنسبة للفتيات حب الشاب المغامر الذي لديه الاستعداد للتضحية».
كل جنسيات الأرض منخرطة في هذا الإرهاب المعولم، حتى إني رأيت رجلا يابانيا في تسجيل مصور يقاتل مع «داعش».. سلامات أيها الأخ الياباني!
كيف نفهم شابا، أو شابة، لا يعرف اللغة العربية ولا أي معلومة جادة عن الإسلام والتاريخ الإسلامي، فضلا عن الفقه والخلافة، يقطع البحور والأجواء لينضم إلى «داعش»؟! مسألة القضاء على «داعش» مشروطة بفهم هذه الطفرة العالمية في الإغواء «الداعشي»، وهذه مسألة تعني العالم كله، بما في ذلك الإصلاح الديني، فهو أمر لم يعد خاصا بالمسلمين فقط!
[email protected]