بموازاة الاجتماع العسكري الموسع في قاعدة أندروز الأميركية الجوية، أمس، الذي خصص لبلورة استراتيجية عسكرية جديدة لمواجهة تنظيم داعش، شهدت باريس في اليومين الأخيرين حراكا دبلوماسيا واسعا انصب في جزء كبير منه على الوضع في سوريا والعراق وعلى مواجهة الإرهاب. كذلك دخل الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند على خط الضغوط الممارسة على تركيا لدفعها من أجل فتح حدودها وتسهيل مساعدة أكراد كوباني (عين العرب) في دفاعهم المستميت عنها في وجه «داعش».
وشكل وجود وزير الخارجية الأميركي جون كيري في العاصمة الفرنسية، منذ أول من أمس، المحور الذي دارت حوله المشاورات، إذ إنه اجتمع عصر أمس بنظيره الروسي سيرغي لافروف، كما أنه كان قد التقى، مساء أول من أمس، بالوزير الفرنسي لوران فابيوس. وعقد الأخير اجتماعا تشاوريا مسائيا أمس مع لافروف، كما التقى وزيري خارجية عربيين هما الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد والليبي محمد الدايري.
من جهته، اجتمع الرئيس هولاند بالأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، وفق بيان صحافي صادر عن قصر الإليزيه. ورغم أن اللقاء تركز على مسائل البيئة والقمة المنتظرة في فرنسا العام المقبل، فقد تناول موضوع الحرب على الإرهاب.
واغتنم الرئيس هولاند مناسبة تدشين معرض «المغرب المعاصر» ظهر أمس في معهد العالم العربي لتوجيه رسالة مزدوجة ومباشرة إلى المسؤولين الأتراك من جهة، وإلى الأطراف التي لم تنضم إلى التحالف الدولي لمحاربة «داعش»، من جهة أخرى. وفي السياق الأول، اعتبر هولاند أن هناك «ضرورة قصوى» لأن تفتح تركيا حدودها بوجه المقاتلين الأكراد الذين يرغبون في مساعدة إخوانهم المقاتلين في كوباني. وفي السياق الثاني، حث الرئيس الفرنسي «جميع الدول المعنية» من أجل توفير المساعدة لمن يقاتلون الإرهاب و«توفير الدعم الذي ينتظرونه منا، أي ببساطة وسائل الدفاع عن النفس بوجه الإرهاب». وقال هولاند «كلنا متضامنون مع الذين يقاتلون الإرهاب. أفكر في ما يجري اليوم في كوباني، المدينة الشهيدة، المدينة الرمز. إن قررنا التدخل كما قررنا بالنسبة لفرنسا في العراق، فعلينا أن نوفر للمعارضة السورية المعتدلة، تلك التي نعترف بها وحدها كمعارضة شرعية في سوريا، كل المساعدة اللازمة».
بيد أن الدعوة الفرنسية لتركيا لا يبدو أنها ستلقى آذانا صاغية في أنقرة، رغم أن هولاند كان الزعيم الغربي الوحيد الذي أعلن دعمه لمطلب تركيا بإقامة منطقة عازلة على الحدود مع سوريا. وهذا الطلب هو أحد الشروط الثلاثة التي تفرضها أنقرة لقبول التحرك المباشر في الملف السوري. والشرطان الآخران هما إقامة منطقة حظر جوي، والعمل على ألا يستفيد النظام السوري من التدخل العسكري ضد «داعش». فضلا عن ذلك، تطالب تركيا بـ«استراتيجية شاملة» لمحاربة «داعش» وليس الاقتصار على الضربات الجوية.
وما زالت باريس مترددة في المشاركة في الضربات الجوية في سوريا. إلا أنها، في كل حال، اقتصرت مشاركتها على القيام بضربتين جويتين في العراق وعلى القيام بطلعات استكشافية في سماء العراق. وتفيد مصادر وثيقة الاطلاع بأن لفرنسا (كما لبلدان أوروبية وأميركية أخرى) وحدات كوماندوز ميدانية لكنها لا تشارك في العمليات القتالية. وفي أي حال، فإن محدودية الدور الفرنسي لم تمنع الوزير الأميركي من «شكر فرنسا» لمشاركتها في التحالف الدولي ضد «داعش».
الملف السوري - العراق، والحرب على الإرهاب بشكل عام، كان أحد الملفات الثلاثة التي دار حولها اجتماع كيري - لافروف (إلى جانب ملفي أوكرانيا والنووي الإيراني) الذي جرى في منزل السفير الأميركي في باريس. ورغم أن التعارض الأميركي - الروسي بشأن سوريا قد خفت حدته في الأشهر الأخيرة بسبب بروز ظاهرة «داعش» وتحول مواجهتها إلى هدف يتمتع من الزاوية الأميركية (كما الروسية) بالأولوية، فإن موسكو ما زالت تشكك في نوايا واشنطن وتتخوف من أن تغتنم التوافق الدولي على محاربة «داعش» من أجل استهداف النظام السوري، حليف موسكو.
8:17 دقيقة
مشاورات دولية موسعة في باريس محورها الوضع السوري ـ العراقي والحرب على «داعش»
https://aawsat.com/home/article/201671
مشاورات دولية موسعة في باريس محورها الوضع السوري ـ العراقي والحرب على «داعش»
الرئيس هولاند يضغط على تركيا لفتح حدودها من أجل نجدة المقاتلين الأكراد في كوباني
- باريس: ميشال أبونجم
- باريس: ميشال أبونجم
مشاورات دولية موسعة في باريس محورها الوضع السوري ـ العراقي والحرب على «داعش»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة