التتويج رقم 15 للأدب الفرنسي لروائي «الذاكرة وعوالم الاحتلال»

باتريك موديانو انتزع «جائزة نوبل» لأنه «مارسيل بروست عصرنا»

التتويج رقم 15 للأدب الفرنسي لروائي «الذاكرة وعوالم الاحتلال»
TT

التتويج رقم 15 للأدب الفرنسي لروائي «الذاكرة وعوالم الاحتلال»

التتويج رقم 15 للأدب الفرنسي لروائي «الذاكرة وعوالم الاحتلال»

فاز الروائي الفرنسي باتريك موديانو، بجائزة نوبل للآداب لعام 2014، يوم أمس، محدثا صدمة لا سيما في الأوساط الأنغلوفونية، التي لا تعرف جيدا الأديب الفائز؛ حيث كان كثيرون يتطلعون إلى فوز أحد الأميركيَين؛ «فيليب روث» أو «توماس بينشون»، وأعلنت لجنة الجائزة، في استوكهولم، أن موديانو استحق الجائزة بفضل «تمكنه من فن الذاكرة وإنتاجه أعمالا تعالج المصائر البشرية العصية على الفهم، وكشف العوالم الخفية للاحتلال».
وقال بيتر إنجلند، الأمين العام للأكاديمية السويدية، الذي يبدو أنه لم يفلح في الاتصال تلفونيا بالكاتب لإبلاغه بخبر فوزه، بشكل شخصي، إن «موديانو «كتب روايات تعد أصداء إحداها للأخرى، تتكرر فيها مواضيع الهوية وفقدان الأمل»، وقال إنجلند للصحافيين: «يمكننا القول إنه مارسيل بروست عصرنا».
وجرى إبلاغ ناشر موديانو، في دار «نشر غاليمار» في باريس، بخبر الفوز، التي اتصلت بدورها بالكاتب لتأتي إجابته مختصرة ومتواضعة؛ إذ اكتفى بالقول: «هذا أمر غريب».
وموديانو البالغ الـ69 من العمر، تدور غالبية أعماله حول حقبة الأربعينات من القرن الماضي، وأحداث الحرب العالمية الثانية بأبعادها الاجتماعية وتأثيراتها العبثية والفوضوية، وما تبعها من ضياع وجنوح وألم، ويعد أحد أهم الكتاب الذين سجلوا تفاصيل المعاناة الحياتية في فترة الاحتلال النازي لفرنسا، وربما أن هذا الكاتب الشغوف بتسجيل معاناة الناس في واحدة من أكثر الحروب التي عرفتها البشرية في العصر الحديث وحشية لا يأتي فوزه عبثيا في السنة التي يجري فيها الاحتفال بالذكرى المئوية للحرب العالمية الأولى في كل أوروبا.
واستطاع باتريك موديانو أن يحصد أصوات لجنة جائزة نوبل للآداب التي سمعت الكثير من الأصوات، أمس، وهي تتحدث عن غموض مقاييسها، بعد أن تفوق على منافسيه: الكاتب الكيني نغوغي واثينغو، والكاتب الياباني هاروكي موراكامي، والمحققة الصحافية البيلاروسية المؤلفة سفيتلانا أليكسيفيتش، والشاعر أدونيس.
ويأتي هذا التتويج العالمي للأديب الفرنسي من جانب جائزة نوبل، هذه السنة، بعد 6 أعوام من فوز مواطنه جان ماري غوستاف لوكليزيو بها، وليسجل الفوز رقم 15 لبلاده بنوبل في مجال الأدب.
ولد باتريك موديانو في 30 يوليو (تموز) عام 1945 على مشارف نهاية الحرب العالمية الثانية وانتهاء الاحتلال النازي لفرنسا، وذلك في بولوني بيلانكور، في ضاحية غربي باريس، لوالدين حطا في البلاد، كل آت من وجهته، والده ألبير موديانو، إيطالي من أصول يهودية، سافر وارتحل تكرارا، وأمه ممثلة من أصول بلجيكية هي لويزا كولبن. لقاء ألبير ولويزا، وولادة ولديهما باتريك ورودي، لم تجعل حياتهما أكثر هدوءا واستقرارا. أب بقيت سيرته غامضة، وغيابه أكبر من حضوره، وأم في تجوال دائم بحثا عن فرصتها الفنية في العمل، وباتريك ما بين الجدة، والمربيات، وصديقات الوالدة، والمدارس الداخلية، نشأ مفتقدا العاطفة والحضن العائلي. وفاة أخيه رودي في العاشرة من عمره، كانت مفصلا عاطفيا قاسيا، ولقاءاته المتفرقة مع والده الذي عاش فترات من التخفي، زادته إحساسا بالغبن أكثر مما منحته الطمأنينة ليقرر أن يقطع علاقته كليا به وهو في الـ16 من العمر، ولا يعرف شيئا عنه بعد ذلك، سوى أنه توفي، دون أن يعلم بمكان دفنه.
من هذه السيرة المضطربة المجنونة، نهل أدب موديانو فيما يزيد على 30 كتابا، امتلأت مؤلفاته بقصص الباحثين عن أنفسهم وهوياتهم، اللاهثين وراء الأمكنة، والحب الضائع، واللحظات المفقودة، والأحبة الذين تاهوا ولم نعد نجدهم، من هذه الحياة العاصفة استوحى عشرات القصص الممتلئة بتفاصيل عمر شخصيات قلبتها الأحداث العصية، وعصفت بها الحروب والتنقلات المفاجئة، ووضعتها أمام تحديات جسام. بقي موديانو يبحث عن والده والحب الضائع الذي فقده، منذ كتاباته الأولى. في عمر الـ22 كانت له روايتان، وكانت الفاتحة مع «ساحة النجمة» عام 1968، ثم «دائرة الليل» عام 1969K وكرت سبحة الروايات، له: «شوارع الحزام»، و«المنزل الحزين»، و«شارع الحواديت المعتمة»، و«مستودع الذكريات»، و«أيام الأحد»، و«سيرك يمر»، و«بعيدا عن النسيان»، و«دورا بروريه»، و«مجهولون»، و«الجوهرة الصغيرة»، و«حادث مرير»، و«مقهى الشباب».
خصوصية هذا الأديب، الذي لم يستنفد رغم كل ما كتب، تكمن في تلك المرحلة المفصلية من حياة فرنسا؛ حيث أحداثه وأبطاله يتحركون في باريس، العاصمة الفرنسية، شوارعها، وحاناتها، وحدائقها، ومواصلاتها، هي الأماكن الأثيرة التي يدور في حلقتها.
لا شيء يعلو على صوت الذاكرة عند باتريك موديانو، فهي المحبرة، وهي قطع البزل التي يلتقطها ليجمع حكاياته، ويخرج قصصا أخرى تتفرع ومواضيع تتشعب، «أجمل ما في الكتابة هي اللحظات التي تسبقها»؛ يقول موديانو، الأديب الذي تغوص كتاباته في التاريخ والسوسيولوجيا والتحليل النفسي.
هو أيضا ذلك التحري الذي يذهب باحثا عن التفاصيل في مواقعها الحقيقية، وعند أبطالها الفعليين، إنه ذلك الباحث عن المعنى في خضم الفوضى، ثمة حس بوليسي في رواياته، رغم أنه لم يكتب القصة البوليسية الصرفة، «ما منعني من ذلك رغم حبي له (يقول موديانو) هو أنني أرغب في أن أترك في روايتي فسحة للحلم وللسرد السيال، لكن من يتابع أعمالي، يرى مواضيع تتناولها الرواية البوليسية، مثل: الاختفاء، عطب الذاكرة، الماضي الملغز». ويتضح أكثر هذا العشق لملاحقة التفاصيل الغامضة، وجريه وراء القبض على حياة لم يعشها حين يقول: «طفولتي كانت جزءا من رواية بوليسية».
يعاود موديانو بعد كتابة نصه قراءته تكرارا، ويستعمل وهو يصف هذا الفعل عبارة لا تخلو من دلالة عن طريقته في التعامل مع رواياته، فهو لا يقول: إنه «ينقح نصه» أو «يحذف» أو «يعدل»، وإنما يقول: «أقوم بعمليات جراحية في جسد النص».
كتب موديانو للأطفال وسيناريوهات للأفلام، وكان أحد أعضاء لجنة تحكيم «مهرجان كان» السينمائي عام 2000، وأتى تتويجه من لجنة نوبل بعد 11 جائزة سبقتها، لعل أهمها: «جائزة غونكور» عام 1978، و«الجائزة الكبرى للأكاديمية الفرنسية» عام 1972، و«الجائزة الأدبية للأمير بيار في موناكو» 1984، و«جائزة المكتبات» في فرنسا عام 1976، و«جائزة الدولة النمساوية للأدب الأوروبي» عام 2011، و«جائزة مارغريت دوراس» عام 2011، وكذلك جائزة روجيه نيمييه عن روايته الأولى «ساحة النجمة» عند صدورها.
وهكذا تعود الجائزة هذه السنة إلى القارة الأوروبية بعد أن حصدتها العام الماضي الكاتبة الكندية آليس مونرو. وقد احتفى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بالخبر، مهنئا باتريك موديانو بالقول: «إنه سخر مؤلفاته لاكتشاف التباسات الذاكرة وتعقيدات الهوية».
وقال رئيس الوزراء الفرنسي، مانويل فالس: «إنه من دون أدنى شك أحد أعظم المؤلفين في السنوات الأخيرة وأوائل القرن الواحد والعشرين. هذه الجائزة استحقها عن جدارة كاتب يتحلى بالحصافة مثل أعماله الرائعة».
لموديانو 4 روايات مترجمة إلى العربية: «مجهولات» ترجمة رنا حايك، (دار ميريت)، و«شارع الحوانيت» ترجمة محمد عبد المنعم جلال، نشرتها (الهلال)، ورواية «الأفق» ترجمة توفيق سخان، وصدرت عن (ضفاف واختلاف)، و«مقهى الشباب الضائع» ترجمها الزميل محمد المزديوي، وصدرت عن «الدار العربية للعلوم».

 



احتفاء واسع في مصر بكسر عبلة كامل عزلتها الطويلة

الفنانة المصرية عبلة كامل (قناة النهار)
الفنانة المصرية عبلة كامل (قناة النهار)
TT

احتفاء واسع في مصر بكسر عبلة كامل عزلتها الطويلة

الفنانة المصرية عبلة كامل (قناة النهار)
الفنانة المصرية عبلة كامل (قناة النهار)

احتفى مصريون برسالة الفنانة عبلة كامل التي كسرت من خلاها عزلتها الطويلة التي أثارت الكثير من التكهنات والتساؤلات حول حياتها الخاصة واعتزالها الفن.

وأطلت كامل من خلال رسالة صوتية وُصفت بـ«النادرة» لبرنامج «الصورة»، الذي تقدمه المذيعة لميس الحديدي، وأعربت عن شكرها وامتنانها للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على قراره علاج كبار الفنانين على نفقة الدولة، واصفةً القرار بأنه «لفتة كريمة وحنونة».

عمليات جراحية

وأكدت عبلة كامل في رسالتها «أنها فوجئت بالقرار الذي أسعدها»، كما طمأنت محبيها على صحتها، معلنة «عن خضوعها لعمليات جراحية على نفقتها الخاصة خلال ابتعادها عن الأضواء».

وعاتبت عبلة كامل بعض الذين انتقدوا قرار علاجها على نفقة الدولة، مؤكدةً «أنها سامحتهم»، وفي نهاية رسالتها نفت بشكل قاطع «وجود صفحات سوشيالية تخصها».

وخلال الأيام الماضية تصدر اسم عبلة كامل «التريند» على بعض مواقع التواصل في مصر، بعد الإعلان عن اسمها ضمن قائمة الفنانين الذين شملهم القرار، وذلك عقب بيان أصدره نقيب الممثلين الدكتور أشرف زكي، شكر خلاله الرئيس المصري، تقديراً لتوجيهاته برعاية كبار الفنانين أصحاب التاريخ الفني الحافل، وتكفل الدولة بعلاجهم عرفاناً بما قدموه من إبداع وإثراء للوجدان على مدار عقود.

الفنانة عبلة كامل في صورة من أحد أعمالها قبيل الابتعاد عن الأضواء (يوتيوب)

إلى جانب عبلة كامل، شمل قرار العلاج أسماء أخرى لفنانين، من بينهم ضياء الميرغني، وعبد الله مشرف، ونجوى فؤاد. وفي السياق، أكد أشرف زكي خلال مداخلة لبرنامج «كلمة أخيرة» على قناة «ON» مع المذيع أحمد سالم، أن الدولة لا تتأخر عن تقديم الرعاية الصحية والاجتماعية لكبار الفنانين، موضحاً في حديثه «أن عبلة كامل بخير وفي منزلها، وليست بالمستشفى كما يقال، وأن غيابها ليست له علاقة بالمرض، بل قرارها الشخصي».

وأعرب فنانون ومتابعون ونقاد عن سعادتهم بكسر كامل لعزلتها الطويلة، وكتبت الفنانة مي كساب عبر حسابها على «إكس» قائلة: «الفنانة والإنسانة العظيمة عبلة كامل بنحبك وبنحترمك وبنقدرك ربنا يحفظك من كل شر ويبارك في عمرك ويسعدك زي ما أسعدتينا طول عمرك بفنك واحترامك وإنسانيتك هتعيشي وتعيشي تعلمينا دروس في الفن وفي الحياة بنحبك».

وفي تعليقها على احتفاء الناس برسالة عبلة كامل، أكدت الكاتبة والناقدة الفنية المصرية فايزة هنداوي أن «مظاهرة الحب التي صاحبت سماع صوتها يرجع لكونها شخصية محبوبة، ولها جمهور كبير لتلقائيتها، وعدم مبالغتها طوال مسيرتها في ظهورها، فهي تشبههم وكأنها فرد من أفراد الأسرة».

رسالة تطمين

وفق هنداوي، «فإن عبلة كامل قدمت الكثير من الأعمال الفنية الناجحة، وتشوق الناس لأي كلمة أو خبر عنها، يبرر لهفتهم وسعادتهم عقب سماع صوتها، وأنها بصحة جيدة بعد أخبار مرضها».

وفسرت الكاتبة المصرية كسر كامل لعزلتها الطويلة، بأنها رسالة تطمين لجمهورها، أو لنفي فكرة العلاج على نفقة الدولة، برغم عدم الهجوم عليها بشكل كبير بالمقارنة مع أسماء أخرى.

وعن عدم تطرقها لفكرة العودة الفنية مجدداً في رسالتها بعد ابتعاد دام نحو 7 سنوات، أشارت هنداوي إلى أن «عبلة كامل بنسبة كبيرة لن تعود للتمثيل، وهذا الأمر أعلنه بعض المقربين منها، من بينهم زوجها السابق، ووالد ابنتيها الفنان أحمد كمال بحكم علاقتهما الطيبة».

وبدأت عبلة كامل مسيرتها الفنية في ثمانينات القرن الماضي، وشاركت في بدايتها بالكثير من الأعمال، وقدمت شخصيات اجتماعية وكوميدية وصعيدية، وجسدت دور الأم والأخت، والابنة والزوجة والصديقة، ببساطة وتلقائية مما جعلها قريبة من الناس بشكل لافت. وفق نقاد.

من بين أعمال عبلة كامل مسلسلات «ليالي الحلمية»، و«ضمير أبلة حكمت»، و«المال والبنون»، و«أبناء ولكن»، و«لن أعيش في جلباب أبي»، و«هوانم جاردن سيتي»، و«امرأة من زمن الحب»، و«حديث الصباح والمساء»، و«أين قلبي»، و«عيش أيامك»، و«ريا وسكينة»، و«العندليب».

وأفلام، «سيداتي آنساتي»، و«الستات»، و«مرسيدس»، و«سواق الهانم»، و«قشر البندق»، و«اللمبي»، و«اللي بالي بالك»، و«خالتي فرنسا»، و«سيد العاطفي»، و«عودة الندلة»، و«بلطية العايمة»، بينما شهد الجزء الـ5 من مسلسل «سلسال الدم»، قبل 7 سنوات على آخر ظهور فني لها، وعقب ذلك فضلت عبلة كامل الابتعاد كلياً عن الأضواء، رغم عدم إعلانها اعتزال الفن.


مصر تُعيد تركيب تمثالين ضخمين بمعبد «ملايين السنين» بالأقصر

فريق عمل المشروع في صورة جماعية (وزارة السياحة والآثار المصرية)
فريق عمل المشروع في صورة جماعية (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر تُعيد تركيب تمثالين ضخمين بمعبد «ملايين السنين» بالأقصر

فريق عمل المشروع في صورة جماعية (وزارة السياحة والآثار المصرية)
فريق عمل المشروع في صورة جماعية (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد مرور نحو عقدين على بدء العمل بالمشروع، أزاحت مصر الستار الأحد عن تمثالين ضخمين من الألبستر للملك أمنحتب الثالث، بموقعهما الأصلي بالصرح الثالث بالمعبد الجنائزي للملك والمعروف بـ«معبد ملايين السنين»، في البر الغربي بالأقصر (جنوب مصر).

وجاء هذا العمل ضمن أعمال مشروع الحفاظ على تمثالي ميمون ومعبد الملك أمنحتب الثالث الذي بدأ عام 1998 بالتعاون بين المجلس الأعلى للآثار والمعهد الألماني للآثار بالقاهرة الذي دعم مبادرة المشروع، وبرنامج «World Monuments Watch» و«World Monuments Fund» اللذين أتاحا تصور مشروع الحفاظ على الموقع عام 1998 والشروع في تنفيذه، وجامعة يوهانس غوتنبرج في ماينتس، بهدف حماية ما تبقى من المعبد وإعادته إلى شكله الأصلي قدر الإمكان.

«إنجاز كبير»

وقد أسفرت الأعمال وفق وزارة السياحة والآثار عن اكتشاف وترميم وتوثيق وإعادة تركيب ورفع العديد من التماثيل التي كانت موجودة بالمعبد بالإضافة إلى بعض عناصره المعمارية.

ووصف شريف فتحي، وزير السياحة والآثار المصري، الانتهاء من المشروع بـ«الإنجاز الكبير والعمل المتميز الذي يستهدف الحفاظ على وإحياء أحد أهم معالم الحضارة المصرية العريقة، بما يسهم في تعزيز مكانة الأقصر كأحد أهم المقاصد السياحية والثقافية على مستوى العالم».

وأشار إلى أن «التعاون المصري - الألماني الممتد لسنوات طويلة، يمثل نموذجاً ناجحاً للتعاون الدولي المثمر، معرباً عن تطلعه إلى استمرار هذا التعاون البنّاء لسنوات عديدة قادمة بما يخدم أهداف الحفاظ على التراث الإنساني».

شريف فتحي خلال إزاحته الستار عن التمثالين الضخمين (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وكرّم الوزير مديرة المشروع الدكتورة هوريج سوروزيان، تقديراً لـ«جهودها المتواصلة وعطائها المتميز على مدار السنوات الماضية في إحياء المعبد الجنائزي للملك أمنحتب الثالث»، إلى جانب إهدائها مستنسخاً لأحد تماثيل الإلهة سخمت (إلهة الحماية)، التي تم الكشف عن عدد كبير من تماثيلها بالموقع خلال فترة إشرافها على المشروع.

ووفق الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، فإن تنفيذ أعمال ترميم وتوثيق وإعادة تركيب ورفع هذين التمثالين الضخمين، التي استمرت قرابة عقدين من الزمن، تمت وفق أحدث الأساليب العلمية والمعايير الدولية المعتمدة في مجال الترميم الأثري، بما يضمن الحفاظ على أصالتهما وقيمتهما التاريخية، وإعادتهما إلى موضعهما الأصلي داخل المعبد الجنائزي للملك أمنحتب الثالث بالبر الغربي في الأقصر.

تطوير البر الغربي

وأشار إسماعيل في مؤتمر صحافي، الأحد، بالموقع الأثري، إلى أن أعمال الترميم شملت دراسات علمية دقيقة، وتوثيقاً شاملاً لحالة التمثالين، واستخدام مواد متوافقة مع طبيعة الحجر الأثري، بما يضمن استدامتهما على المدى الطويل، مع مراعاة الظروف البيئية والمناخية المحيطة بالموقع.

ووصف الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار ما تم من أعمال بـ«الخطوة المهمة ضمن خطة متكاملة لإحياء وتطوير المواقع الأثرية في البر الغربي بالأقصر، وتعزيز تجربة الزائرين، مع الحفاظ الكامل على القيمة الأثرية والتاريخية للموقع».

وكشف عن إجراء أعمال توثيق وترميم الصرح الأول لمعبد الرامسيوم، بجانب قرب الانتهاء من الدراسات اللازمة لتحديد حالة حفظ مقبرة الملكة نفرتاري لإمكانية إعادة فتحها للجمهور.

بينما وصف الدكتور ديترش راو، مدير المعهد الألماني للآثار بالقاهرة، المشروع بأنه أحد أكبر وأهم المشروعات الأثرية المشتركة، موضحاً أن المشروع شهد تنفيذ العديد من الأعمال المعقدة، في إطار تعاون وثيق ومثمر.

أحد التمثالين الضخمين (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وواجه المشروع تحديات عدة خلال العقدين الماضيين، من أبرزها تغير منسوب المياه الجوفية بالموقع، وهو ما تطلّب حلولاً هندسية وفنية دقيقة للحفاظ على استقرار الموقع الأثري، وفق الدكتورة نايري هابيكيان، مهندسة الموقع.

كوادر مصرية

وأشارت هابيكيان إلى أن المشروع مثّل فرصة حقيقية لبناء كوادر مصرية مؤهلة، حيث تم تدريب وتأهيل أكثر من 30 مُرمماً مصرياً، إلى جانب استقطاب نحو 10 مهندسين معماريين للعمل في مجال الآثار، وذلك في إطار شراكة فعالة وتكاملية بين الخبرات المصرية والدولية.

وكانت البعثة الأثرية قد عثرت على مدار سنوات عملها بالمشروع على أجزاء من التمثالين الضخمين بصورة متفرقة بالموقع، ولكنها كانت في حالة سيئة من الحفظ حيث غمرها الطمي والمياه المالحة، كما تم استعادة بعض كتل الجرانيت المكونة لقاعدة التمثالين، من المتحف المفتوح بمعابد الكرنك، حسب الدكتورة هوريج سوروزيان.

وأضافت سوروزيان أنه في عام 2006 بدأ فريق عمل المشروع في تنظيف التمثالين وترميمهما وإجراء أعمال المسح الثلاثي الأبعاد، وإعادة تركيب الكتل المتفرقة المكونة لهما حتى تم إعادة تركيبهما ورفعهما في عام 2025 في مكان عرضهما الأصلي بالمعبد. ويتراوح ارتفاع هذين التمثالين ما بين 13.6 و14.5 متر.

«الملك جالساً»

ويصور التمثالان الملك أمنحتب الثالث جالساً، ويديه مستقرّتين على فخذيه، مرتدياً غطاء الرأس «النمس» يعلوه التاج المزدوج والنقبة الملكية ذات الطيات، وتزين ذقنه لحية احتفالية، بينما يكتمل زيه بذيل الثور التقليدي، كما يصاحب التمثالين عدد من تماثيل الملكات، تتقدمهن الزوجة الملكية العظمى «تي»، إلى جانب تماثيل للأميرة «إيزيس» والملكة الأم «موت إم ويا»، كما تزيّنت جوانب العرش بمنظر «السماتاوي» الذي يرمز إلى توحيد مصر العليا والسفلى، مع بقايا ألوان أصلية ما زالت ظاهرة على بعض العناصر الزخرفية. وفق محمد عبد البديع، رئيس قطاع الآثار المصرية.

كما تم العثور على 280 تمثالاً وأجزاء تماثيل للإلهة سخمت ذات رأس اللبؤة، وتوثيقها وترميمها، وهي حالياً في انتظار عرضها بفناء الأعمدة بالمعبد، كما تم اكتشاف وإنقاذ تمثالين من تماثيل أبو الهول من الحجر الجيري ويجري العمل على ترميمهما، بالإضافة إلى وضع خطة شاملة لإدارة الموقع وحمايته.

وزير السياحة والآثار خلال تكريمه مديرة المشروع (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وشُيِّد المعبد الجنائزي للملك أمنحتب الثالث، المعروف بمعبد «ملايين السنين»، خلال النصف الأول من القرن 14 قبل الميلاد على مدى 39 عاماً من فترة حكمه. ويُعد المعبد الأكبر بين المعابد الجنائزية وأكثرها ثراءً في عناصره المعمارية والتجهيزية. وقد تعرّض المعبد لانهيار نتيجة زلزال عنيف في عام 1200 قبل الميلاد، ثم استُخدمت بقاياه كمحجر في عصور لاحقة، قبل أن تتأثر أطلاله بالسيول التي غطت تدريجياً بطبقات الطمي النيلي عبر الزمن.

ولم يتبقَّ من معالم المعبد القائمة في مواضعها الأصلية سوى التمثالين العملاقين للملك أمنحتب الثالث عند مدخل حرم المعبد المدمَّر، المعروفين بتمثالي ممنون. أما باقي الآثار فكانت مدمرة وغارقة في المياه المالحة.


شباك التذاكر السعودي: «السلم والثعبان» يتصدر... وافتتاح قوي لـ«الست»

فيلم «الست» يحقق افتتاحاً قوياً بأكثر من مليون ريال في أسبوعه الأول (imdb)
فيلم «الست» يحقق افتتاحاً قوياً بأكثر من مليون ريال في أسبوعه الأول (imdb)
TT

شباك التذاكر السعودي: «السلم والثعبان» يتصدر... وافتتاح قوي لـ«الست»

فيلم «الست» يحقق افتتاحاً قوياً بأكثر من مليون ريال في أسبوعه الأول (imdb)
فيلم «الست» يحقق افتتاحاً قوياً بأكثر من مليون ريال في أسبوعه الأول (imdb)

واصل شباك التذاكر السعودي أداءه المستقر خلال الأسبوع الثاني من ديسمبر (كانون الأول)، محققاً إيرادات تتجاوز 14 مليون ريال، مع بيع نحو 286 ألف تذكرة، في أسبوع شهد عرض أكثر من 40 فيلماً في دور السينما، وتوزَّعت فيه اختيارات الجمهور بين الإنتاجات العربية والأفلام الأجنبية، دون هيمنة مطلقة لعنوان واحد، وإن ظلت الصدارة محصورة في نطاق محدود من الأعمال الأكثر جماهيرية، حسبما يظهر التقرير الأسبوعي لهيئة الأفلام.

وتصدَّر فيلم «السلم والثعبان» قائمة إيرادات الأسبوع، محققاً أكثر من 3 ملايين ريال، مع بيع أكثر من 58 ألف تذكرة، ليواصل حضوره القوي في الصالات للأسبوع الخامس على التوالي. هذا الأداء يعكس قدرة الفيلم على الحفاظ على زخمه بعد مرحلة الافتتاح، مستفيداً من قاعدة جماهيرية واسعة، ومن تداول إيجابي أسهم في إطالة عمره التجاري داخل دور العرض. كما تجاوزت إيراداته التراكمية منذ بدء عرضه 26 مليون ريال، ما يجعله من أبرز عناوين الشهر من حيث الاستمرارية، لا الاندفاع المؤقت.

في المركز الثاني، حلَّ فيلم «Zootropolis 2» (زوتوبيا 2)، محققاً إيرادات قاربت 3 ملايين ريال، مع بيع أكثر من 60 ألف تذكرة خلال الأسبوع. ورغم حلوله ثانياً في ترتيب الإيرادات، فإن الفيلم يتقدّم من حيث عدد التذاكر المبيعة مقارنة بالمتصدر، وهو ما يشير إلى جاذبيته الكبيرة لدى فئة العائلات، وإلى تنوُّع فئات التذاكر وأسعارها بين العروض المختلفة. ومع هذا الأسبوع، تجاوز إجمالي إيرادات الفيلم 9 ملايين ريال.

أما المركز الثالث فكان من نصيب فيلم «Five Nights at Freddy’s 2» (خمس ليالٍ في فريديز 2) الذي حقق أكثر من 2.5 مليون ريال، مع بيع نحو 52 ألف تذكرة في أسبوعه الثاني. ويُعد هذا الرقم دلالة على دخول قوي للفيلم في السوق السعودية، مستنداً إلى شعبية سابقة للجزء الأول، وإلى قاعدة جماهيرية من فئة الشباب، ما مكَّنه من تثبيت موقعه ضمن الثلاثة الأوائل بسرعة لافتة.

ويبرز عند قراءة الأرقام أن الأفلام الثلاثة الأولى استحوذت مجتمعة على نحو 60 في المائة من إجمالي إيرادات الأسبوع، وهي نسبة تعكس نمطاً مألوفاً في أسواق السينما؛ حيث تتركَّز الكتلة الكبرى من الإيرادات في عدد محدود من العناوين، بينما تتوزع بقية الإيرادات على أعمال متعددة ذات حضور أقل، ولكنها تساهم في تنويع المشهد السينمائي.

في المرتبة الرابعة، جاء فيلم «Now You See Me: Now You Don’t» (الآن تراني: الآن لا تراني) بإيرادات تجاوزت مليون ريال، مع بيع أكثر من 22 ألف تذكرة في أسبوعه الرابع، مواصلاً أداءً متماسكاً منذ بدء عرضه، مع إيرادات تراكمية قاربت 8 ملايين ريال. ويعكس هذا الأداء قدرة الفيلم على الصمود في شباك التذاكر، اعتماداً على اسمه المعروف وسلسلة ناجحة سابقاً.

أما المركز الخامس فكان من نصيب فيلم «الست» الذي يتناول سيرة المغنية أم كلثوم؛ وسجَّل حضوراً لافتاً في أسبوعه الأول، محققاً أكثر من مليون ريال، مع بيع نحو 17 ألف تذكرة. ويُعد هذا الافتتاح مؤشراً على اهتمام الجمهور بالأعمال ذات الطابع العربي والسِّيَر الذاتية؛ خصوصاً حين تتناول شخصيات ثقافية ذات حضور راسخ في الذاكرة الجمعية.

وخارج دائرة الخمسة الأوائل، واصلت أفلام عدة تحقيق إيرادات متوسطة تعكس ما يمكن وصفه بـ«الذيل الطويل» لشباك التذاكر؛ حيث جاء سادساً الفيلم المصري «ولنا في الخيال حب»، يليه سابعاً الفيلم الهندي «Kalamkaval». وفي المرتبة الثامنة فيلم «Wildcat» (وايلدكات) ثم في المرتبة التاسعة «Wicked: For Good» (ويكد: للأفضل)، وأخيراً في المرتبة العاشرة الفيلم المصري «السادة الأفاضل».

وتعكس نتائج الأسبوع الثاني من ديسمبر صورة واضحة عن نضج السوق السينمائية السعودية؛ حيث لم يعد الإقبال محكوماً بعناوين ضخمة فقط؛ بل بات الجمهور أكثر انتقائية، موزعاً اهتمامه بين الفيلم العربي والأجنبي، وبين الترفيه العائلي وأفلام الرعب أو الحركة. كما تشير الأرقام إلى استقرار متوسط العائد للتذكرة، ما يؤكد توازن العلاقة بين التسعير وحجم الإقبال.

ومع اقتراب نهاية العام، يبدو شباك التذاكر السعودي مهيأً لمواصلة هذا النسق المتوازن، في ظل جدول عروض متنوع، وجمهور بات أكثر خبرة في الاختيار، وأكثر استعداداً لمنح الأفلام ذات الجودة أو الجاذبية الجماهيرية فرصة أطول داخل الصالات.