الحوثيون.. ينقلون تجربة «حزب الله» ويستغلون ضعف الدولة

أسواق السلاح تخضع لسيطرتهم بسبب قدرتهم على التفاوض والشراء بكميات كبيرة

حوثيون خلال احتجاج مناهض للحكومة بصنعاء في سبتمبر الماضي (غيتي)
حوثيون خلال احتجاج مناهض للحكومة بصنعاء في سبتمبر الماضي (غيتي)
TT

الحوثيون.. ينقلون تجربة «حزب الله» ويستغلون ضعف الدولة

حوثيون خلال احتجاج مناهض للحكومة بصنعاء في سبتمبر الماضي (غيتي)
حوثيون خلال احتجاج مناهض للحكومة بصنعاء في سبتمبر الماضي (غيتي)

في جبال مرّان الوعرة يقف ضريح ومزار حسين الحوثي مهندس انتقال الزيدية المعتدلة إلى تشيع سياسي حادّ سرعان ما تحول إلى شعلة من الثورة الدائمة لتكرار تجربة الثورة الإيرانية أو على الأقل التحول إلى «حزب الله» اليمني في خاصرة الخليج.. شيد الضريح الفارسي التصميم وبات مزارا يقصده الأطفال وأمهاتهم الثكالى في طقوس رمزية كربلائية سميت «يوم الصرخة» يجمعهم زي موحد وتفرقهم أهواء عديدة.
وفي ما يلي ملخص لتحقيق موسع نشر في عدد الشهر الحالي من الشقيقة «المجلة» بشأن استنساخ الحوثيين لتجربة «حزب الله» ومحاولة تطبيقها في اليمن.

شكّل حضور أنصار الله («حزب الله» اليمني المستنسخ) مفاجأة مدوية في الأيام الماضية بمشروعه الانقلابي الذي استغل تردي الأوضاع في اليمن وانشغال العالم بـ«داعش»، ليعيد ترتيب الأوراق والأولويات والمكونات السياسية ونفوذها في صنعاء؛ حيث مركزية العاصمة التي لا يمكن تمرير أي أجندة في اليمن دون السيطرة عليها.
استغل الحوثيون (أنصار الله) تردي الأوضاع اليمنية لينفذوا ككل المنظمات والتيارات الأصولية التي تمثل أسوأ نماذج الإسلام السياسي بشقيه الشيعي والسني عبر بوابة الملفات الاجتماعية الحقوقية، وكان من أبرزها قضية رفع أسعار الوقود، القضية الشعبية الأبرز في تثوير الحالة اليمنية منذ سقوط نظام علي عبد الله صالح الذي بدا مقامرا بصمته على تمدد الحوثيين نكاية في حكومة هادي القادمة على أكتاف «الربيع العربي» الهزيلة.
تنسدل جدائل هذا التنظيم العنيف والسياسي الذي يتحرك بتوازن ما بين حضوره السياسي والآيدلوجي، وما بين تمثيله الأمين لأجندة إيران في المنطقة، لكن بخصوصية محلية إلى الانسلاخ الذي عرفته الطائفة الزيدية في اليمن عن جلدها والتحول من التشيع المتسنن، كما كان يقال إلى التشيع السياسي المنتمي إلى مرجعية إيران في محاولة للوصول إلى خصوصية تجربة «حزب الله» اللبناني.
هذا الانسلاخ يمكن رصد بداياته مبكرا، إلا أنه على مستوى المسار التنظيمي بدأ في مطلع التسعينات عندما أراد الحوثيون تدشين منتجهم الأصولي الجديد «الشباب المؤمن» في منطقة صعدة 240 كم شمالا عن صنعاء، وهي منطقة ذات أغلبية شيعية كاسحة تقودها مرجعية دينية قوية ومتماسكة وموحدة تتمتع بكاريزما الزعامة الدينية التي يفتقدها الإسلام السني المتذرر منذ منتصف الـتسعينات حين أضعفت التنظيمات الأصولية التابعة للإسلام السياسي على المؤسسات الدينية التقليدية بمرجعياتها.
بدر الدين الحوثي الأب الروحي للحوثيين وأحد أهم مراجع المذهب الزيدي الجارودي في اليمن الذي ينحو إلى التجديد ورفض التقليد ودعا إلى محاربة علماء الزيدية التقليديين بسبب تقصيرهم في التقارب مع المذاهب غير السنية، وأبرزها المذهب الاثنا عشري الجعفري الذي يشكل نسغ ومركزية المذهب الشيعي في العالم.

* أزمة توازنات
* واحد من مآزق التمدد «الحوثي» في اليمن هو استغلال النظام السياسي آنذاك بقيادة علي عبد الله صالح، الشخصية الأبرز في اللعب بوصفه ضابط إيقاع بين القوى الدينية المختلفة التي تفترق على غيره وتجتمع عليه، لا سيما حضوره القوي في أوساط السلفيين التقليديين من أهل الحديث في دماج في منطقة صعدة، وهي معادلة ومفارقة كان يستخدمها صالح في الإبقاء على السلفيين في تلك المناطق لإحداث توازن عقائدي طمعا في التوازن السياسي، بينما كان ينظر الزيديون إليها بوصفها محاولات إرباك للهوية الزيدية، وبالتالي ساهم تمدد الصحوة السلفية التي قاد شقها العلمي أهل الحديث بدماج والسلفيون في اليمن، وشقها الحركي والسياسي حزب الإصلاح المحسوب على الإخوان في تفريغ الزيدية التقليدية من محتواها وإضعافها، وبالتالي تحول الأجيال الجديدة من شباب الزيدية باتجاه مقولات الحوثي في مواجهة الحصار المناطقي والسلفي والإصلاحي، برعاية حكومية لأسباب تتصل بمدى قرب أو بعد هذه التنظيمات من استراتيجية علي عبد الله صالح في مراحل حكمه المختلفة، وقدرته على ارتداء قبعة حامي الهوّية الزيدية التي تشكل نصفه الأول، والمحافظ على الخطاب السلفي المهيمن على معظم مناطق اليمن في تراجع للمدرستين الشافعية والزيدية التقليديتين.
اتجه حسين بدر الدين الحوثي - الذي يعد بمثابة «سيد قطب الزيدية - بداية إلى القبائل طارحا فكرة تنظيمه الجديد «أنصار الله» الآن، وترافق ذلك مع تدشين مؤسسات خيرية وتعليمية على طريقة «حزب الله» في الجنوب اللبناني، وساهم تراجع وإخفاق الدولة إلى تحول منطقة صعدة إلى ما يشبه فكرة المجتمع المنفصل أو الدولة داخل الدولة.
وفي اشتداد ضربات الولايات المتحدة لتنظيم القاعدة في اليمن وتركيزها على مسألة الإرهاب القاعدي نشطت الحركة الزيدية الجديدة الثائرة في تدعيم صفوفها وإعادة بناء نفسها مستخدمة كل الشعارات التسويقية ومقتفية آثار «حزب الله» وتكنيكاته حتى قيل في تلك الأيام إن عناصر كثيرة من الحزب تسللت على فترات متباعدة لإعطاء التوجيهات، والتأكد من تمدد الهوية الزيدية السياسية الجديدة التي اتخذت شعارها «الله أكبر.. الموت لأميركا.. الموت لإسرائيل.. اللعنة على اليهود.. النصر للإسلام».

* لحظة المواجهة
* تغلب تنظيم أنصار الله بقيادة حسين الحوثي على الزيدية التقليدية خلال أعوام من الحشد والتأليب والتثوير للمذهب الزيدي الذي ساعد تردي الأوضاع، وارتفاع منسوب الطائفية في اليمن إلى انتقال الأجيال الجديدة لموالاة تنظيم الشباب المؤمن الذي اكتمل عقد مؤسساته المستقلة، وقدرته على الاستقلال الذاتي ليس عسكريا، وإنما حتى على مستوى التمويل والتحالفات السياسية المستقلة.
لاحقا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) التي ألقت بظلالها على الجسد السني بكل تشكلاته معتدليه ومتطرفيه، وحتى المدارس والتيارات التقليدية ذات الطابع السلمي تأثرت بذلك الحدث، مما أتاح الفرصة للأقليات المذهبية والفقهية الصغيرة أن تعيد النمو في ظل الحرب على الإرهاب إما بتقديم نفسها بديلا أو حتى محاولاتها الدؤوبة لإعادة الاعتبار لذاتها باعتبارها تجليات معتدلة، ومن هنا بدأت سلسلة من السجالات العنيفة بين الحوثيين الجدد والسلفيين في اليمن، لا سيما أهل الحديث في دماج، وساهم انفلات الوضع الأمني وانتعاش سوق السلاح والتهريب إلى تمدد الحوثيين داخل مناطقهم؛ مما استدعى لحظة المواجهة التي اتخذت عدة نسخ ولأسباب مختلفة، إلا أنها جميعا منذ الحرب الأولى في يونيو (حزيران) 2004 التي شهدت مقتل حسين الحوثي قائد التنظيم ساهمت في تعزيز الانفصال بين الزيدية الجديدة المتحولة باتجاه الإسلام السياسي الشيعي وبقية مكونات المجتمع اليمني، ولم يستطع حتى علي صالح ولا قبائل حاشد إيقاف هذا النزيف، ولاحقا التصدي للاستقلالية التي كان ينظر إليها بوصفها عاملا للضغط، وإيجاد التوازن ضد اجتياح واكتساح حزب الإصلاح الإخواني الذي تزامن تضخم دوره السياسي على الدعوي.

* فوضى التسليح
* وإذا كان من ملمح لافت في مسألة التقارب في تجربة «حزب الله» وأنصار الله، فهو التشابه على مستوى التسليح والخبرات العسكرية العريقة، الحوثيون بدورهم أطلقوا صواريخ الكاتيوشا في الحرب السادسة عام 2010 وهي ذات الصواريخ التي استخدمها «حزب الله»، الذي تشاع الأخبار أنه بعث بمدربين تابعين له في منطقة صعدة، وثمة تقارير دولية كثيرة ذكرت ارتباط قاعدة إيران العسكرية في إريتريا بمعسكرات الحوثيين التي تستمد السلاح عبر الشواطئ القريبة وأبرزها ميناء «ميدي» وميناء أقرب الموانئ من صعدة، وعادة ما يستخدم المهربون قوارب الصيد التي لا تلفت الأنظار.
أسواق السلاح من جهة أخرى خضعت لسيطرة الحوثيين بسبب قدرتهم على التفاوض والشراء بكميات كبيرة هناك على سبيل المثال سوق «الطلح» الأهم والأبرز في إمداد المقاتلين من أنصار الله، هذا عدا الاستفادة من غنائم الحرب مع الميليشيات الحكومية أو المستقلة.
من أجل تأسيس الانفصال الأبدي لأنصار «حزب الله» (النسخة اليمنية) لم يستعجل الحوثيون بل استغلوا فترة الكمون في مطلع الألفية إلى اللحظة المناسبة لإعلان استقلالهم الفكري والتنظيمي وكانت معركة 2004 التي أعلن عن مقتل قائد التنظيم، تلتها حرب مارس (آذار) 2005 التي قادها الأب بدر الدين الحوثي، وكانت لحظة انصهار الزيدية في الحوثية لأسباب تتصل بطبيعة الانزياح في المواقف السياسية للأقليات العقائدية التي تتجه في أوقات الحروب والأزمات إلى الانكفاء على الذات والتطرف والخروج من جسد المجتمع.
الحرب الثالثة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2005 أكدت على استقلالية الأجنحة الحوثية وتحولها إلى تنظيم عسكري عقائدي مسيّس يستلهم التجربة الإيرانية في نسختها اللبنانية التي يقودها «حزب الله» الأكثر تأثيرا وصيتا بسبب اتكائه على مفهوم المقاومة وسمعته الجيدة في المنطقة لدى الإسلام السياسي السني الذي اقترب كثيرا منه في حرب 2006، لكن ذلك كان بعد سنة من طرح الحوثيين لقائدهم الشاب الجديد عبد الملك الحوثي الأخ الأصغر لحسين الرمز المغدور في نظر الحوثيين، بعدها بسنتين اندلعت الحرب الرابعة في تأكيد على أن حالة الغليان اليمنية التي يغفل عنها العالم لم تأتِ في يوم وليلة، بل كانت سياقا لجدلية وصراعا على الشرعية في الشمال اليمني يقابلها انفصال بطيء عن جسد الدولة الواحدة في الجنوب، وتعملق للإسلام السياسي ودخول القاعدة بمنتجها «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب» القابع في المناطق الجنوبية الذي يستغل تلك الحروب بين الحوثيين والدولة في تعزيز مناطقه وإعادة الحشد والاستقطاب على اعتبار أن قضيته الأساسية ليست اليمن، وإنما استهداف المصالح الغربية في المنطقة ومحاولة التأثير على الاستقرار السعودي.
ورغم أن صراع الحكومة والحوثيين كان على إعادة تعريف «اليمن» الواحد، فإنه كان يتخذ شعارات وأسبابا مختلفة من حماية الدولة إلى الحرب على محاولات الانفصال وصولا إلى حماية الأقلية اليهودية في صعدة التي اتهم الحوثيون بأنهم من وقف وراءها.
وبعد أقل من سنة تحولت الحروب بين الدولة والحوثيين إلى مواجهات ذات طابع «تكسير العظم» تجاوزت منطقة صعدة لتمتد إلى مناطق يتقاسمها الطرفان، لكن يدين غالب أهلها بالمذهب الزيدي التقليدي، فبينما تحاول الدولة استقطاب ما تبقى من الزيدية التي تحولت إلى ما يشبه الهوية القبلية، وبين محاولات عبد الملك الحوثي وأنصار الله والشباب المؤمن إلى استقطاب تلك البقية الباقية التي تقبع في مناطق قريبة جدا من صنعاء العاصمة. لم تعلن الحكومة اليمنية لأسباب تتصل بطبيعة نظامها السابق الذي قاده علي صالح ببراغماتية شديدة وذكية، لكنها ذات طابع ابتزازي لم تعلن عن علاقة الحوثيين بإيران إلا بعد الحرب السادسة في منتصف 2009 التي أعلنت الدولة آنذاك عن مخابئ للسلاح كبيرة جدا يملكها الحوثيون، لكن تم اكتشاف أنها إيرانية الصنع ولم تحو الأسلحة الخفيفة، بل شملت صواريخ قصيرة المدى ومدافع رشاشة، وحصلت أزمة السفينة الإيرانية الشهيرة التي كشفت للعالم وجها جديدا للنزاع اليمني ودخول إيران على الخط.

* استهداف السعودية
* الانكشاف الإيراني في صعدة عقب الحرب السادسة قاد الحوثيين إلى الذهاب إلى أبعد من ذلك، واستعراض قوتهم واستهداف السعودية في خطأ استراتيجي سيكلف الحوثيين لاحقا كشف مخططاتهم الصريحة باستنساخ تجربة «حزب الله» في لبنان، وإعادة موضعتها في اليمن، فكانت خطة التنظيم استدراج السعودية في المعركة السابعة بعد الاعتداء على الحدود السعودية، ولاحقا التمركز في جبل الدخان القابع على الحدود في إشارة إلى جرأة الحوثيين على ملف الحدود المتفق عليها، لكن اللعب كقوة مستقلة عن الدولة اليمنية قادرة على خلط الأوراق، لكن التصدي السعودي القوي الذي رافقه مساندة لا محدودة للدولة اليمنية التي كانت تعيش لحظة انهيار محقق ما بعد الربيع العربي، وخروج حزب المؤتمر، وعلي عبد الله صالح، من اللعبة السياسية ظاهريا، لكن الانغماس في الشأن اليمني أكثر فأكثر وإعلان نفسه زعيما حتى بعد رحيله، قادر على التحالف مع مكونات المجتمع اليمني السياسية والتأثير عليها وبها على المنطقة والإقليم.
في مارس 2014 وقعت حرب عمران التي ولدت بسبب انهيار الدولة اليمنية وتحول الجيش اليمني إلى جيش مفروز قبليا وطائفيا؛ مما ساهم في اختراقات كبيرة وواسعة وتحول الجيش إلى مجرد ألوية ومدرعات تتبع قوى يمنية مسيطرة على المشهد اليمني، وهو ما فتح شهية أنصار الله إلى التقدم نحو صنعاء على اعتبار أن التاريخ اليمني الحديث برمته يطبخ في العاصمة المركزية، فكما قيل قديما من يمسك بزمام صنعاء يقود اليمن كيفما أراد.
الحرب السابعة كانت إعلانا مبدئيا باستقلال الحوثي الجديد عن الجسد السياسي اليمني وارتهانه إلى ما بات يعرف ب«الهلال الشيعي» الذي يعكس حالة التمدد السياسي لإيران في المنطقة عبر أذرعتها الآيديولوجية التي تزداد قوة يوما بعد يوم بسبب الانشغال بما بعد الربيع العربي، وظهور موجات عنف للإرهاب السني يخلق حالة فراغ على المشهد، وينتج تحدياته الخاصة على الأنظمة السياسية المحاصرة بدوائر الإرهاب والعنف والمعارضة السياسية إضافة إلى تجارب استنساخ أحزاب عقائدية على طريقة «حزب الله» وأنصار الشريعة أو حتى إيجاد منافذ عبر مشاريع إغاثية وتعليمية في مناطق جديدة من أبرزها القرن الأفريقي.

* الاستقواء بإيران
* المفارقة عدم استقواء الحوثيين بإيران ظاهريا في محاولة ذكية لإنتاج أنفسهم جزءا من نسيج المجتمع الزيدي اليمني؛ بحيث لا يجري الالتفات لهم من قبل المجتمع الدولي والأنظمة الإقليمية وجيران اليمن المكترثين بأمره، بينما يقدمون أنفسهم في الداخل بوصفهم حماة للهوية الزيدية، وفي الوقت ذاته يستلهمون تجربة «حزب الله» بكل مفرداتها مع تواصل مباشر مع كل القوى السياسية، لا سيما الاشتراكيون والناصريون الذين يرون التعامل مع الإسلام السياسي الشيعي جدوى أكثر من نظيره السني الذي يعاني من أزمة فهم التعددية السياسية، وما يمكن تسميته اليقين السياسي المبني على شرعية الشارع المطلقة.
خرج الحوثيون من عباءة الآيديولوجيا الضيقة إلى رحاب التحالف مع القوى السياسية باعتبارهم ندا لا يستهان به تنظيميا وعسكريا بعد 7 معارك لم يستطع النظام ولا «الإصلاح» والميلشيات المتحالفة مع القاعدة وجماعات التطرف بقيادة علي محسن الأحمر، الأخ غير الشقيق لعلي عبد الله صالح، الذي تعزى له أدوار كبرى في المهمات القذرة بين المكونات السياسية المختلفة، مجابهتهم.. لكنه عاد فاستغل لحظة الربيع لينقلب على كل رفاق الأمس.
السؤال الذي يطرحه تمدد الحوثيين باتجاه صنعاء ثم احتلالها بشكل أقرب إلى المسرحية الهزلية، هو ذات السؤال الذي جرى طرحه مع «داعش»، لماذا تتغلغل هذه القوى ذات العدد والعدة الأقل من جيوش الدول النظامية بهذه السرعة؟ ولماذا تنهار العواصم العربية أمام تلك الميليشيات؟
من الصعب حقا الإجابة الوثوقية على سؤال بهذا الحجم يفترض معرفة الأسباب والدوافع غير المعلنة للمكونات السياسية داخل اليمن أو حتى في الأقطار التي سقطت سريعا، لكن يمكن القول: إن عددا كبيرا من القوى الفاعلة على الأرض لا تتدخل إلا حين تمس مصلحتها الخاصة، كما أن «إطلاق اليد» الذي تلعبه الأنظمة السياسية لمجموعة مسلحة متطرفة على حساب مجموعة أخرى ودعمها لتصفية الخصوم بهذه الطريقة، أصاب بنية الجيوش النظامية بانهيارات وانكسارات عميقة.
في الحالة اليمنية تكمن الإشكالية في تعدد الجبهات المفتوحة أمام النظام السياسي غير المستقر والمشدود تارة إلى النظام السابق بما يحمله من قوة وثقل على الأرض، فالدولة اليمنية لا تسيطر على ما بات يعرف بالحراك الجنوبي، وهو تيار ضخم بداخله مجموعات صغيرة تهدف إلى تقويض الوحدة اليمنية ولو في شكلها الظاهري، وتطالب بالانفصال عن اليمن، كما تواجه القاعدة في مناطق أبين وما حولها، في الوقت ذات الذي ترقب فيه تمدد الحوثيين حتى قبل وصولهم إلى صنعاء.
القتال على طريقة العصابات تبرع فيه كل المكونات المسلحة في الداخل اليمني، وكان عنصر تفوق الدولة عادة هو سلاح الجو كما كان ملاحظا في الحرب السابعة مع الحوثيين.
لكن الأكثر أهمية هو غياب مرجعية سنية مؤثرة وبارزة لا سيما بعد تراجع شعبية حزب الإصلاح، وتشرذم التيارات السلفية وخروجها من مشهد التأثير السياسي رغم براعتها في التمدد على المستوى الاجتماعي حتى في مناطق الشمال.
إضافة إلى أن هناك تحالفات كبيرة بين التيارات المناوئة للسلفيين والإصلاح كالتيارات الزيدية التقليدية والتيارات المتصوفة وحتى فلول العائدين من أفغانستان الذين لا يرون في الإصلاح مظلة آيديولوجية فكرية يمكن العمل من خلالها.
الأهم أيضا هو أن حزب الإصلاح يمر بتحولات عميقة كما هو الحال لكثير من تجليات الإسلام السياسي في نسخته الإخوانية، فهي أحزاب مترهلة تعاني من عقدة التمييز الحركي، لكنها الآن تعيد أكثر لحظاتها ضعفا بسبب تحول قياداتها إلى كتلة معارضة نخبوية منفصلة عن الشارع الذي ما زال تحت لحظة ارتباك ما يجري.
وفي تضاعيف الأزمة الحوثية هناك مجال واسع للحديث عن تحالفات غير معلنة من قبل النظام السابق وأنصاره ساهمت في تمدد أنصار الله حتى لحظة الوصول إلى صنعاء، وإن كانت قد تركزت من حيث الدعم وإطلاق اليد في منطقة عمران.
الحوثيون تلقوا إشارات ارتباك المشهد اليمني وضعف الحكومة الحالية، فقدموا أنفسهم ثوارا من أجل الخبز والحرية، ومن هنا استطاعوا النفاذ إلى مجموعات كبيرة من عامة الشعب اليمني غير المسيس، ولا الطائفي، عبر برامج مجتمعية وإغاثية كبيرة، كما أنهم على مستوى النخب قاموا بجولات تعريفية والتقوا عددا كبيرا من الإعلاميين والصحافيين المناوئين للإسلام السياسي وحزب الإصلاح وأداء الحكومة الحالية التي لم تفعل سوى تعميق الأزمات بصمتها وترددها بل هناك مؤتمرات وورش عقدت برعاية من «حزب الله» في لبنان خلال السنوات الماضية.

* شعارات مستهلكة
* قامت فكرة «أنصار الله» على إعادة إنتاج شعارات الثورة الإيرانية و«حزب الله»، بل وإصباغ ذلك بنكهة المقاومة ومحاولة التركيز على قضية فلسطين والمظلومية التي تجد طريقا أسرع إلى قلوب العامة.
«الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، النصر للإسلام» الشعار الذي يفاجئك في كل مكان على السيارات وجدران البيوت وعلى لوحات الإعلان وفي كل مكان فيما يشبه الاحتلال الرمزي المفاهيمي والحضور الطاغي على طريقة حملات العلاقات العامة، وفي المحصلة لم يمت أميركي واحد بسبب الحوثيين، بل مئات الأبرياء اليمنيون في الشارع الذين قذفهم القدر أمام مرمى حرب العصابات أو المافيات السياسية، فاللعنات التي يطلقها أنصار الله من الحوثيين لا تصيب إلا اليمنيين الذين ذهبوا وقودا لحرب الارتزاق السياسي.

* شرارة الانطلاق
* بداية الـتسعينات كانت انطلاقة شرارة انتقال الحوثيين من تيار زيدي مناطقي لا يسعى إلى أبعد من التمدد في منطقة صعدة التي تشكل عمقه الاستراتيجي لولا مناوشات السلفيين هناك، لكن بلدة «مران» في محافظة صعدة شهدت ولادة تنظيم جديد على خطى «حزب الله» استطاع خلال عقدين منا لزمان الإطاحة برأس النظام السابق من خلال التحالف مع المكونات السياسية الأخرى ومنها الإصلاح، ثم وقف على قدميه بمشاركته في الحوار الوطني 2013 الذي أقيم في مارس وهدف إلى إعادة ترتيب موازين القوى ما بعد الربيع العربي.
البداية التنظيمية لم تكن ذات بال أو لتلفت أحدا أن هذه المجموعة الحوثية المنشقة عن الزيدية يمكن أن تفعل كل هذا، فأنصار الله الحوثيين كانت مجرد مجموعة شبابية تشكلت في منتدى الشباب المؤمن الذي عقد 1992 على يد «محمد عزان» و«محمد بدر الدين الحوثي» لينهار المنتدى ويظفر حسين بدر الدين الحوثي قتل في حرب 2004 المتشرب لتجربة «حزب الله» بهذه المجموعة ويقرر تكوين تنظيم جديد يحمل اسم «الشباب المؤمن» ثم أنصار الله لاحقا، ويضطر إلى ترك منصبه في البرلمان اليمني بصفته نائبا عن محافظة صعدة، في الوقت ذاته يتعاظم دور والده بصفته مرجعية دينية كبرى بعد ضمور واضمحلال دور الزيدية التقليدية التي غاب دورها كما غاب تأثير أبرز رموزها مجد الدين المؤيد.
النظام السابق ساهم في إطلاق يد المجموعات والجماعات الشيعية الزيدية الصغيرة، لإيقاف تعاظم دور حزب الإصلاح الإخواني الذين رأى نفسه شريكا في الحكم والوحدة بعد أدواره الكبيرة التي لعبها في حرب الانفصال والوحدة، وظهرت تنظيمات مثل «الحق» و«اتحاد القوى الشعبية».
في نهاية 2001 انقلب حسين الحوثي على «تنظيم الشباب المؤمن» وأعلن رفض منهجه وأهدافه، وجعل من محاضراته منهجا ثوريا انقلابيا على طريقة الخميني وسيد قطب في استنباط معان انقلابية ثورية من القرآن الكريم مباشرة فيما يشبه الإحلال المفاهيمي للفكر الزيدي.
تجاوز «حسين الحوثي» الهادوية الزيدية ليقترب من ولاية الفقيه على الطريقة الإيرانية أو ما يعرف بالتشيع السياسي فيكفر بالنظام الجمهوري والدستور اليمني وينفصل عن مرحلة الارتباط بالأئمة الذين حكموا البلاد لعقود.

* صوب طهران
* من المتوقع جدا أن يكون لتأثير الثورة الإيرانية الخمينية أدوار بارزة في اليمن منذ الـثمانينات، وتشير تقارير كثيرة إلى أن نقطة العبور لليمن كانت مبكرة في عام 1982 على يد فقيه زيدي بارز هو العلامة صلاح فليتة في محافظة صعدة الذي أنشأ على إثر ذلك اتحاد الشباب 1986 ودرست فيه مواد عن الثورة الإيرانية ومبادئها.
إلا أن الانفصال عن الجسد اليمني تأخر حتى 1990 بسبب إعادة التغلغل عبر الدستور الجديد لليمن الذي يكفل التعددية السياسية وحق الأحزاب في الإعلان عن نفسها، وهو ما طبّق على مصطبة الفرز الطائفي والحركي في كل التجارب العربية، واستفادت حركة الحوثيين التي كانت تعمل قبل ذلك بشكل سري من الانفتاح السياسي، وبزوغ نجم «حسين الحوثي» لتكرار تجربتها فانسلت حركات وتيارات محسوبة على الإسلام السياسي الشيعي أو الزيدي مثل حزب الثورة الإسلامية، و«حزب الله»، وحزب الحق، واتحاد القوى الشعبية اليمنية.
التمدد السياسي والنديّة التي ظهر عليها أنصار الله في مؤتمر الحوار الوطني مارس 2013 كانت كفيلة لتجاوز مرحلة الحوثية المبكرة ودخول أنصار الله بصفته طرفا سياسيا مستقلا يقارع بقية الأحزاب ويطمح للتحول إلى مظلة كبرى للإسلام السياسي الشيعي في اليمن، ومن هنا نشأت بنية تحتية للحوثيين في صعدة فيما يشبه الدولة المستقلة المنفصلة، وأنشأت معسكرات تدريب على مستوى عال مكنت الحوثيين من الصمود طيلة الحروب الـ7، كما مكنته من إحكام السيطرة على عمران ومنها اتجه نحو صنعاء.



اليمن يتجاوز الحالة المدارية الماطرة بأقل الخسائر

السلطات اليمنية بدأت فتح الطرقات وإزالة آثار السيول في المهرة (إعلام حكومي)
السلطات اليمنية بدأت فتح الطرقات وإزالة آثار السيول في المهرة (إعلام حكومي)
TT

اليمن يتجاوز الحالة المدارية الماطرة بأقل الخسائر

السلطات اليمنية بدأت فتح الطرقات وإزالة آثار السيول في المهرة (إعلام حكومي)
السلطات اليمنية بدأت فتح الطرقات وإزالة آثار السيول في المهرة (إعلام حكومي)

بأقل الخسائر تجاوز اليمن الحالة المدارية التي ضربت الأجزاء الشرقية من البلاد خلال اليومين الماضيين، وأعلن عن تسجيل حالة وفاة واحدة، واقتصرت الأضرار على الطرقات والأراضي الزراعية التي جرفتها السيول المتدفقة، وسط تأكيد مركز الأرصاد الجوية استمرار الحالة المطرية.

يأتي هذا في حين طلبت السلطة المحلية بمحافظة مأرب من السكان الذين يقطنون منازل أو خياما في ممرات السيول الإخلاء الفوري لهذه المواقع خشية تضررها، حيث تتوقع الأرصاد الجوية هطول أمطار غزيرة وتدفق السيول خلال الساعات المقبلة.

السيول جرفت الطرق في اليمن وألحقت أضراراً كبيرة بالأراضي الزراعية (إعلام حكومي)

وفي محافظة المهرة تفقد المحافظ محمد علي ياسر الأعمال الجارية لفتح الطرقات عقب السيول التي تدفقت في عدد من الأودية إثر المنخفض الجوي الذي تأثرت به المحافظة خلال الأيام الثلاثة الماضية، خاصة في وادي الجزع (المدخل الشمالي لمدينة الغيضة والواقع على الخط الدولي الساحلي).

وأثنى المحافظ على الجهود التي تقوم بها مؤسسة الطرق والجسور ومكتب الأشغال العامة في فتح الطرق وتصفية ممرات السيول أمام حركة السير، وطالب بمضاعفة الجهود في إصلاح وصيانة بقية الطرق المتضررة بما يمكن من انسيابية الحركة وتسهيل تنقل المواطنين. وأكد استعداد السلطة المحلية لتقديم المزيد من الدعم وتذليل الصعوبات التي تواجه عمل مؤسسة الطرق.

وفاة واحدة

في محافظة حضرموت ذكرت السلطات المحلية أن شخصا فارق الحياة في مدينة المكلا عندما جرفته السيول، وهي حالة الوفاة الوحيدة المسجلة حتى الآن، فيما جرفت السيول عددا من السيارات ومساحات من الأراضي الزراعية في وادي حضرموت تحديدا.

وأصدرت غرفة الأرصاد والتنبؤات بحضرموت تنبيها أكدت فيه استمرار تدفق السيول في أجزاء واسعة من مديريات الهضبة الغربية والجنوبية، وأكدت أن الأمطار الغزيرة تتوسع على تلك المناطق مع نشاط للسحب الركامية.

بدوره أكد المركز الوطني اليمني للأرصاد والإنذار المبكر أن 8 من محافظات البلاد شهدت خلال اليومين الماضيين أمطارا متفاوتة الشدة، حيث سجلت محطات الرصد الجوي مستوى الأمطار في بعضها، ومنها مدينة المكلا (56 ملم) ومنطقتي المعافر (10.5 ملم)، والضالع (0.4 ملم)، أما في المناطق خارج نطاق محطات الرصد الجوي فقد هطلت أمطار متفرقة، بعضها غزيرة على ساحل حضرموت وأجزاء من محافظات إب والبيضاء وأبين وشبوه وحضرموت والمهرة.

سيول تتدفق في قلب مدينة المكلا مركز محافظة حضرموت (إعلام محلي)

ونبه المركز إلى استمرار هطول الأمطار الرعدية متفاوتة الشدة على أجزاء متفرقة في 12 محافظة يمنية مصحوبة بسيول جارفة، واضطراب بحري في عدد من السواحل، خلال الساعات المقبلة، وذكر أن هطول الأمطار الرعدية متفاوتة الشدة سيؤدي إلى تدفق السيول على صحار وهضاب وسواحل محافظات شبوة وحضرموت والمهرة، إضافة إلى أجزاء متفرقة من محافظات ريمة وذمار وإب وتعز والضالع وأبين والبيضاء ومأرب ومرتفعات لحج.

وبين المركز أن الأمطار المتفاوتة الشدة ستشمل أيضا أجزاء من محافظات صعدة وحجة والمحويت وعمران وصنعاء، في غرب وشمال البلاد، وطالب السكان في المناطق التي ستشهد أمطار غزيرة بعدم الوجود في بطون الأودية ومجاري السيول أثناء وبعد هطول الأمطار، والبقاء بعيدا عن العواصف الرعدية والرياح الشديدة وتساقط حبات البرد، حفاظا على سلامتهم.

كما نبه سائقي المركبات للتدني في مدى الرؤية الأفقية، بسبب هطول الأمطار وتشكل الضباب، وإمكانية حدوث الانهيارات الصخرية خاصة في المناطق الجبلية، ونصح بعدم عبور الجسور الأرضية أثناء تدفق السيول، كما حذر الصيادين ومرتادي البحر من اضطراب البحر وارتفاع الموج على السواحل الشرقية والجنوبية ومضيق باب المندب.

تدابير في مأرب

في محافظة مأرب اليمنية حذرت لجنة الطوارئ من يسكنون في الأودية وبالقرب من ممرات ومجاري السيول ‏من تدفق السيول، ودعتهم إلى الابتعاد الفوري والعاجل عن تلك المناطق، وتجنب البقاء فيها أو الاقتراب منها، حفاظا على الأرواح والممتلكات، وحملت كل من يخالف هذه التعليمات المسؤولية الكاملة.

رجل يتفقد سيارة انقلبت بسبب الفيضانات الناجمة عن الأمطار الغزيرة في مدينة المكلا اليمنية (رويترز)

ووفق تقرير أصدره صندوق الأمم المتحدة للسكان مطلع العام الحالي تضرر أكثر من 300 ألف شخص خلال العام الماضي جراء الظروف المناخية القاسية، واستمرار الصراع، وأجبروا على ترك منازلهم في معظم أنحاء اليمن.

وأكد الصندوق الأممي أن تفاقم الصراع والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ، مثل الأعاصير والفيضانات والأمطار الغزيرة؛ أديا إلى تضرر 45 ألف أسرة تتكون ممّن 319445 شخصا؛ حيث أجبر هؤلاء على الفرار من منازلهم في 20 محافظة.

وبحسب ما ذكر التقرير فإن الغالبية العظمى أو ما نسبته 75 في المائة من إجمالي المتضررين، كانت بسبب الكوارث الطبيعية المرتبطة بالمناخ التي أدت إلى نزوح 239 ألف شخص نتيجة الفيضانات ونحو 37 ألف شخص بسبب الأعاصير، كما حدث في محافظات المهرة وحضرموت وسقطرى التي ضربها إعصار «تيج» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.


جبايات طاردة للمزارعين ورؤوس الأموال في اليمن

بضائع المستوردين تتكدس في جمارك الجماعة الحوثية المستحدثة بسبب الضرائب الباهظة (إعلام حوثي)
بضائع المستوردين تتكدس في جمارك الجماعة الحوثية المستحدثة بسبب الضرائب الباهظة (إعلام حوثي)
TT

جبايات طاردة للمزارعين ورؤوس الأموال في اليمن

بضائع المستوردين تتكدس في جمارك الجماعة الحوثية المستحدثة بسبب الضرائب الباهظة (إعلام حوثي)
بضائع المستوردين تتكدس في جمارك الجماعة الحوثية المستحدثة بسبب الضرائب الباهظة (إعلام حوثي)

فرضت الجماعة على مزارعي المحافظة جبايات جديدة، في وقت ينوي فيه التجار ورجال الأعمال الإضراب الشامل وتنظيم احتجاجات على الزيادات الجمركية.

ويعتزم التجار في مناطق سيطرة الجماعة تنفيذ إضراب شامل واعتصامات في المراكز الجمركية بسبب رفع الرسوم الجمركية بنسبة 100 في المائة، تطبيقاً لقرار القيادي في الجماعة رشيد أبو لحوم المعين وزيراً للمالية في حكومتها غير المعترف بها.

وكان أبو لحوم منح التجار المستوردين مهلة ستة أشهر لبدء الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، والتوقف عن الاستيراد عبر ميناء عدن الذي يخضع للحكومة الشرعية، وهو القرار الذي يصفه العديد من الباحثين الاقتصاديين بأنه غير قانوني أو دستوري، وسيؤدي إلى رفع أسعار جميع السلع التي تدخل عبر البر من المناطق المحررة.

جبايات على «القات»

أخيراً فرضت الجماعة الحوثية جبايات جديدة على المزارعين وتجار نبتة «القات» (نبتة يتناولها اليمنيون على نطاق واسع وتصنف بأنها مخدرة في الكثير من الدول) في عدد من المحافظات بنسبة تصل إلى 500 في المائة بمسمى الضرائب، ما أدى إلى توقف الكثير منهم عن مزاولة أنشطتهم.

وذكرت مصادر محلية في محافظات إب والبيضاء والضالع أن تجار نبتة «القات» فوجئوا خلال أيام عيد الفطر بالرسوم الجديدة التي فرضت عليهم، واضطروا لدفعها خشية أن يتم منعهم من البيع، خصوصاً وأن العيد يعد موسماً لازدهار تجارتهم، نظراً لإقبال اليمنيين على الإكثار من تعاطي هذه النبتة خلال الإجازات.

وفي حين تراجعت الجماعة عن هذه الزيادات لاحقاً في محافظة الضالع، أقرتها في بقية المحافظات كرسوم ضريبية بنسبة 500 في المائة، بعد أن توقع التجار والمزارعون أنها ستكون مؤقتة بسبب العيد، وطمع مشرفي وقيادات الجماعة في مقاسمتهم الأرباح التي يحصلون عليها في مثل هذا الموسم.

أسعار «القات» في اليمن ترتفع بسبب الزيادات الضريبية وتباهي أثرياء الحرب بتعاطي أغلى أنواعه (أ.ف.ب)

وفسر الناشط الاجتماعي اليمني جابر اليزيدي، وهو من سكان مديرية دمت التابعة لمحافظة الضالع، تراجع الجماعة الحوثية عن هذه الزيادة لتخوفها من تراجع إيراداتها من الجبايات والضرائب المفروضة على نبتة «القات» في محافظة الضالع، إذا ما أوقف مزارعو الأجزاء المحررة من المحافظة بيع «القات» للتجار في الأجزاء الواقعة تحت سيطرة الجماعة بسبب هذه الزيادات، حيث لا تستطيع الجماعة معاقبة هؤلاء المزارعين.

وأضاف اليزيدي لـ«الشرق الأوسط»، أن الجماعة تخشى أيضاً من ردة فعل سكان الأجزاء الواقعة تحت سيطرتها من المحافظة، خصوصاً وأن مديرية دمت شهدت في الأعوام السابقة احتجاجات متنوعة بسبب الجبايات والضرائب المتزايدة والأوضاع المعيشية، وظهرت أخيراً بوادر احتجاج ومطالبة السكان بصرف الرواتب.

هجرة المزارعين

تعد الضالع إحدى أكثر المحافظات اليمنية إنتاجاً لنبتة «القات»، في حين يعد «القات» المزروع فيها من أكثر الأنواع جودةً، ويُباع بأسعار باهظة في مختلف محافظات جنوب البلاد التي تندر زراعته فيها، غير أنه لا يصل إلى المحافظات الشمالية إلا بشكل محدود، حيث تنتشر زراعة أنواع مختلفة منه.

ويقول ناشط اجتماعي في محافظة إب لـ«الشرق الأوسط»، إن الجبايات التي تعمل الجماعة الحوثية على زيادتها بشكل دوري على مختلف المزروعات، خصوصاً «القات»، أجبرت الكثير من المزارعين والباعة على ترك هذه المهنة والتوجه إلى مهن أخرى أو الهجرة خارج المحافظة أو خارج البلاد.

وأشار الناشط، الذي طلب التحفظ على اسمه، إلى أن قرية أقاربه التي لا يزيد تعداد سكانها عن ألف شخص، شهدت خلال السنوات الماضية هجرة ما يزيد على 200 من شبابها ممن كانوا يعملون في زراعة وتجارة «القات» إلى خارج البلاد، بسبب زيادة الأعباء عليهم نتيجة فرض الإتاوات المتزايدة.

الضرائب الحوثية تسببت في الإضرار بالمزارعين وتجار «القات» (أ.ب)

وينبه الباحث الاقتصادي عبد القادر المقطري إلى أن الجبايات والضرائب التي تفرض على زراعة وتجارة نبتة «القات» تؤدي إلى زيادة الأعباء الاقتصادية على العائلات التي ليست لها موارد اقتصادية سوى هذا النشاط، ورغم زيادة أسعار هذه النبتة، فإن الإقبال على تناولها لا يتراجع، نظراً لصعود طبقة تثري من تجارة الحرب والفساد.

ويذهب المقطري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن تجارة الحرب والفساد ساهما في زيادة أسعار نبتة «القات»، بعيداً عن الإتاوات والضرائب المفروضة عليها باستمرار، نظراً لأن الطبقات التي نشأت عنهما يتنافس أفرادها في الحصول على أجود الأنواع والتباهي بذلك خلال «جلسات المقيل»، حيث يتم مضغ النبتة.

إلا أن هذه الزيادات الهائلة في الأسعار لا تصل إلا لنسبة محدودة من كبار التجار، وهم في الغالب باعة الأنواع الباهظة الثمن، بينما يعاني صغار التجار والمزارعون من تضاؤل هامش الربح باستمرار نظراً للضرائب والجبايات المفروضة وغيرها من الأعباء المفروضة عليهم.


هيئة بحرية بريطانية: على السفن التجارية في الخليج وغرب المحيط الهندي البقاء في حالة حذر

طائرات مسيرة تظهر خلال مناورة قتالية للجيش الإيراني في سمنان - إيران 4 يناير 2021 (إيران)
طائرات مسيرة تظهر خلال مناورة قتالية للجيش الإيراني في سمنان - إيران 4 يناير 2021 (إيران)
TT

هيئة بحرية بريطانية: على السفن التجارية في الخليج وغرب المحيط الهندي البقاء في حالة حذر

طائرات مسيرة تظهر خلال مناورة قتالية للجيش الإيراني في سمنان - إيران 4 يناير 2021 (إيران)
طائرات مسيرة تظهر خلال مناورة قتالية للجيش الإيراني في سمنان - إيران 4 يناير 2021 (إيران)

قالت شركة أمبري البريطانية للأمن البحري، اليوم (الجمعة)، إنها توصي السفن التجارية في «الخليج العربي وغرب المحيط الهندي»، بالبقاء في حالة حذر تأهبا لزيادة نشاط الطائرات المسيرة في المنطقة.

وقالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، اليوم، إنه لا توجد مؤشرات حالياً على أن سفناً تجارية كانت الهدف المقصود للضربة الإسرائيلية ضد إيران.


زعيم الحوثيين يتبنّى مهاجمة 98 سفينة منذ بدء التصعيد البحري

صاروخ استعرضته الجماعة الحوثية في صنعاء (رويترز)
صاروخ استعرضته الجماعة الحوثية في صنعاء (رويترز)
TT

زعيم الحوثيين يتبنّى مهاجمة 98 سفينة منذ بدء التصعيد البحري

صاروخ استعرضته الجماعة الحوثية في صنعاء (رويترز)
صاروخ استعرضته الجماعة الحوثية في صنعاء (رويترز)

تبنّى زعيم الجماعة الحوثية في اليمن عبد الملك الحوثي، الخميس، مهاجمة 98 سفينة منذ بدء التصعيد البحري في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتباهى بالرد الإيراني على إسرائيل، مهدداً باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي.

وفيما يدعي الحوثي أن هجمات جماعته نصرة للفلسطينيين في غزة، جدّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي تفنيد هذه السردية الحوثية، متهماً الجماعة وحلفاءها في لبنان والعراق بتنفيذ أجندة إيران.

الجماعة الحوثية سخرت الموارد والأموال للتعبئة العسكرية على حساب ملايين الجوعى (إعلام حوثي)

وفي خطبة بثها تلفزيون المسيرة (الذراع الإعلامية للجماعة)، تبنى الحوثي تنفيذ 14 هجوماً في البحر الأحمر وصولاً إلى المحيط الهندي، وفق زعمه باستخدام 36 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيرة، قال إنها استهدفت 8 سفن، ما يرفع عدد السفن المستهدفة إلى 98 سفينة.

وخصص الحوثي مساحة واسعة من خطبته لمديح الرد الإيراني على إسرائيل، مدعياً مشاركة ما يسمى «محور المقاومة» في هذا الرد في إشارة إلى جماعته «حزب الله» اللبناني، والفصائل العراقية الموالية لطهران.

وبخلاف الرواية الإيرانية الرسمية التي أكدت أن ردها على إسرائيل كان بسبب مقتل جنرالاتها في الضربة التي استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق، زعم الحوثي أن الرد كان من أجل مناصرة فلسطين.

وشدّد الحوثي على أتباعه للتظاهر والاحتشاد في صنعاء والمناطق الخاضعة للجماعة، الجمعة، كما دعا إلى استمرار عمليات التعبئة والتجنيد، بعد توقفها خلال إجازة عيد الفطر.

ويقول الجيش الأميركي إن الحوثيين هاجموا السفن في 122 مناسبة، وإن قواته نفذت قرابة 50 ضربة على الأرض لتقليص قدرات الحوثيين ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي.

مقاتلة من طراز «إف 18» على متن حاملة طائرات مشاركة في حماية الملاحة من هجمات الحوثيين (الجيش الأميركي)

وطبقاً للقيادة المركزية الأميركية، أثرت هجمات الحوثيين على مصالح أكثر من 55 دولة، وهدّدت التدفق الحر للتجارة عبر البحر الأحمر، الذي هو حجر الأساس للاقتصاد العالمي، حيث دفعت الهجمات أكثر من عشر شركات شحن كبرى إلى تعليق عبور سفنها عبر البحر الأحمر؛ ما تسبب في ارتفاع أسعار التأمين على السفن في المنطقة.

وكانت واشنطن أطلقت تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمَّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض. وانضم لها الاتحاد الأوروبي للمساهمة في حماية السفن دون توجيه ضربات مباشرة للحوثيين.

ومنذ تدخل الولايات المتحدة عسكرياً، نفَّذت أكثر من 400 غارة على الأرض ابتداء من 12 يناير الماضي لتحجيم قدرات الحوثيين العسكرية، أو لمنع هجمات بحرية وشيكة. وشاركتها بريطانيا في 4 موجات من الضربات الواسعة.

في مقابل ذلك، أُصيبت 16 سفينة على الأقل خلال الهجمات الحوثية، إلى جانب قرصنة «غالاكسي ليدر»، واحتجاز طاقمها، وتسببت إحدى الهجمات، في 18 فبراير (شباط) الماضي، في غرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

كما تسبب هجوم صاروخي حوثي في 6 مارس (آذار) الماضي في مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس».

نفي سردية الحوثيين

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي في تصريحات لوسائل إعلام مصرية، عدم وجود أي علاقة بين الحوثيين في البحر الأحمر وادعاءاتهم بمناصرة غزة.

وقال العليمي إن «المليشيات الحوثية وحلفاءها في العراق ولبنان والمنطقة يستخدمون قميص غزة لخدمة المصالح والأجندة الإيرانية، مدللاً على ذلك بالتناغم بين النشاط الذي تقوم به الميليشيات في العراق والنشاط الذي تقوم به الميليشيات في سوريا ولبنان واليمن، وفقاً لمصالح إيران والحوارات غير المعلنة بينها وبين المجتمع الغربي».

رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وأضاف: «نحن نعرف أن هناك حوارات مستمرة بين الغرب، وبين إيران وهي تطرح شروطها بوضوح بما فيها رفع العقوبات مقابل وقف التصعيد».

وأشار إلى حرص بلاده على إحداث تحول في الاستراتيجيات لصالح المنطقة ولصالح اليمنيين، وضد المشاريع التخريبية والتدميرية في المنطقة، إلى جانب الحرص على تماسك المجتمع الدولي في مجلس الأمن، وإبقاء العلاقات جيدة مع كل الأطراف.

وتابع: «لا نريد أن يدخل اليمن في صراع أو طرف في الصراعات الدولية، فنحن لدينا من الهموم ما يكفي، وبالتالي نحاول أن نحقق نوعاً من التوازن في علاقتنا الخارجية لكي نحقق أهدافنا في استعادة مؤسسات الدولة، وإسقاط الانقلاب، وتحقيق سلام شامل وعادل يعتمد على المرجعيات».

وأوضح العليمي أن الجماعة الحوثية بدأت منذ نشأتها في الثمانينات القيام بأعمال إرهابية، ثم شكلت بعد ذلك ما أطلق عليه الشباب المؤمن، ثم حشدت عناصرها ومونتهم بالأسلحة والأموال من إيران، وبدأت بمواجهة الدولة في عام 2004.

وتعرض رئيس مجلس الحكم اليمني لمشروع الحوثيين السياسي، المتمثل في أحقيتهم بالحكم سواء في اليمن أو في المنطقة العربية، ووصفه بـ«العنصر العقائدي في مشروعهم السياسي»، مشيراً إلى سعيهم إلى إعادة نظام الإمامة في اليمن بدعم إيراني.

مدمرة غربية تشارك في التصدي للهجمات الحوثية (الجيش الإيطالي)

وأعاد التذكير باستغلال الحوثيين لما عرف بالربيع العربي وما تلاه من ترتيبات لمرحلة الانتقال السياسي في اليمن من أجل الانقلاب على الدولة ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الذي دعت إليه المبادرة الخليجية، وشارك فيه الحوثيون بنحو 36 عضواً، وصولاً إلى مشاركتهم في إعداد مشروع مسودة دستور اليمن الجديد.

وقال العليمي إن إيران حققت عبر الحوثيين أهدافها بالقضاء على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني، وأدخلت اليمن في النفق المظلم والصراع والحرب الذي لا يزال مستمراً حتى اليوم.

واتهم إيران بأنها تستخدم القضايا العربية العادلة لأغراض غير عادلة وغير أخلاقية بما في ذلك زعزعة أمن واستقرار المنطقة العربية، مشيراً إلى أن القضية اليمنية واحدة من هذه القضايا التي تستخدمها إيران لتحقيق مصالحها على حساب مصلحة الشعب اليمني والمصلحة العربية عموماً.

وقال العليمي: «نحن لدينا معلومات عن كيفية استغلال إيران لميليشياتها سواء في اليمن أو في سوريا أو في العراق أو في لبنان لتحقيق مصالحها سواء فيما يتعلق بالعقوبات، وفك الحظر عن الأرصدة، أو فيما يتعلق ببرنامجها النووي، ومستقبل نفوذها في المنطقة».

وأضاف «أعتقد أن المصالح الإيرانية اليوم هي التي تتحكم بميليشياتها في المنطقة ومنها اليمن، حيث تغلب مصلحة إيران على مصالح هذه الشعوب، وهي الكارثة الكبرى التي يجب أن نواجهها اليوم جميعا». وفق تعبيره.


زعيم الحوثيين: نفّذنا 14 عملية في أسبوعين وصولاً إلى المحيط الهندي

مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلّق فوق سفينة الشحن «غالاكسي ليدر» في البحر الأحمر يوم 20 نوفمبر 2023 (رويترز)
مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلّق فوق سفينة الشحن «غالاكسي ليدر» في البحر الأحمر يوم 20 نوفمبر 2023 (رويترز)
TT

زعيم الحوثيين: نفّذنا 14 عملية في أسبوعين وصولاً إلى المحيط الهندي

مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلّق فوق سفينة الشحن «غالاكسي ليدر» في البحر الأحمر يوم 20 نوفمبر 2023 (رويترز)
مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلّق فوق سفينة الشحن «غالاكسي ليدر» في البحر الأحمر يوم 20 نوفمبر 2023 (رويترز)

قال عبد الملك بدر الدين الحوثي، زعيم جماعة الحوثي اليمنية الموالية لإيران، اليوم (الخميس)، إن الحوثيين نفّذوا 14 عملية بالبحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وصولاً إلى المحيط الهندي في غضون أسبوعين، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء.

وأضاف في خطاب بثه التلفزيون: «لا خطر على الملاحة التابعة للدول الأوروبية التي لا تتجه إلى العدو الإسرائيلي ويمكنها المرور بأمان وسلام».


اليمن: حملات الانقلابيين استهدفت 3200 منشأة تجارية في 40 يوماً

متجر في صنعاء لبيع المكسرات والحلويات (أ.ف.ب)
متجر في صنعاء لبيع المكسرات والحلويات (أ.ف.ب)
TT

اليمن: حملات الانقلابيين استهدفت 3200 منشأة تجارية في 40 يوماً

متجر في صنعاء لبيع المكسرات والحلويات (أ.ف.ب)
متجر في صنعاء لبيع المكسرات والحلويات (أ.ف.ب)

شنت الجماعة الحوثية خلال 40 يوماً حملات استهدفت نحو 3200 منشأة تجارية في صنعاء ومدن أخرى، بهدف الابتزاز وفرض الجبايات، وتمكين أتباعها من مفاصل العمل التجاري في مقابل التنغيص على غير الموالين لها.

وكشف تقرير صادر عن مسؤولي الجماعة المعينين في وزارة الصناعة ومكاتبها في المحافظات الخاضعة لهم، عن نزول فرق ميدانية في شهر رمضان الماضي استهدفت أكثر من 2237 منشأة تجارية، بينما استهدفت خلال إجازة عيد الفطر نحو 965 منشأة بحجة تسجيل مُلاكها مخالفات ورفضهم للتعليمات، وعدم التزامهم بقائمة الأسعار التي فرضتها الجماعة.

مركز جباية استحدثه الحوثيون على مقربة من إحدى المدن الخاضعة لهم (إعلام محلي)

وحلت العاصمة المختطفة صنعاء في المرتبة الأولى من حيث عدد المنشآت التجارية التي ضربتها موجة الاستهداف الحوثي بواقع 1672 عملية دهم، تلتها محافظتا الحديدة وعمران بواقع 169عملية استهداف لكل منهما، فيما حلت صعدة (معقل الجماعة) بالترتيب الثالث بعدد 66 عملية استهداف بالجباية خلال إجازة العيد ضد ملاك منشآت تجارية، لتأتي بعدها تباعاً بقية المدن والمحافظات الخاضعة تحت سيطرة الجماعة.

ونقلت وسائل إعلام الجماعة تصريحات للقيادي نجيب العذري المعين في منصب مدير العمليات المركزية بوزارة الصناعة والتجارة في حكومة الانقلاب غير المعترف بها، يؤكد فيها أن الحملة الميدانية في رمضان وإجازة عيد الفطر ضبطت أكثر من 3202 مخالفة بمنشآت تجارية متنوعة في عدة مناطق تحت سيطرتهم. زاعماً أن تلك المخالفات التي قيدتها الجماعة تركز أغلبها على عدم إشهار قائمة الأسعار.

لا استثناءات

في ظل استمرار حملات الابتزاز الحوثية، أفادت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، بأن الجماعة تنفذ منذ أيام أعمال جباية لم تستثنِ أحداً من التجار وملاك الأسواق والمطاعم والباعة المتجولين بمناطق متفرقة من صنعاء وضواحيها.

وطالت الحملات الحوثية في اليومين الماضين، عشرات المنشآت التجارية الكبيرة والمتوسطة والأصغر في صنعاء، حيث أفاد تجار لـ«الشرق الأوسط» بأن فرقاً حوثية ميدانية شنت حملات لجمع إتاوات نقدية وأخرى عينية بالقوة، تحت عناوين متعددة؛ أبرزها تمويل مشروعات الجماعة وجبهاتها القتالية.

حوثيون يداهمون مخزناً للأدوية في صنعاء (إعلام محلي)

وأكد نبيل، وهو اسم مستعار لأحد التجار في صنعاء أن ما وصفها بـ«فرق البطش الحوثية» داهمت في الأيام القليلة الماضية عدة محالّ وأسواق تجارية بمناطق متفرقة من المدينة، وباشر عناصرها بالاعتداء على عدد من الملاك واختطاف آخرين، إلى جانب فرض مبالغ مالية بحق مجموعة ثالثة من التجار.

واتهم التاجر وزير الصناعة بحكومة الحوثيين غير المعترف بها محمد شرف المطهر بالوقوف خلف جرائم التعسف والابتزاز والنهب المنظم الذي يتعرض له التجار ولا يزالون.

تعطيل الاقتصاد

مع مواصلة الجماعة الحوثية تعطيل ما تبقى من فاعلية الاقتصاد المحلي ووضع العراقيل أمام ما تبقى من منتسبي القطاع الخاص بمناطق سيطرتها بغية فرض كامل السيطرة عليه، أوضحت المصادر التجارية أن حملات الاستهداف الأخيرة ضد التجار، نُفذت بإشراف مباشر من قادة الجماعة المسؤولين عن قطاع الصناعة والتجارة في صنعاء وبقية المحافظات.

وأكدت المصادر أن حملات الاستهداف بالإغلاق وفرض الجبايات على ما تبقى من النشاط التجاري بمختلف أشكاله في مناطق سيطرة الجماعة يندرج في إطار النهج المنظم والواسع للقضاء على ما بقي من القطاعات الحيوية، وتمكين موالين للجماعة من الهيمنة التجارية.

وجاء تكثيف حملات الابتزاز في مناطق سيطرة الجماعة بالتوازي مع تحذيرات أممية بأن ملايين اليمنيين لا يزالون يعانون من الآثار المعقدة للعنف المسلح والأزمة الاقتصادية المستمرة، وتعطل مختلف الخدمات العامة، واحتياج نحو 21 مليون شخص إلى مساعدة إنسانية وخدمات حماية عاجلة.

العاملون في مختلف المهن يجبرهم الحوثيون على دفع الإتاوات (الشرق الأوسط)

وكان البنك الدولي وضع اليمن في أحدث تقرير له ضمن أكثر البلدان فقراً على مستوى العالم. وذكر أن بيانات الأمن الغذائي المتكامل تضع هذا البلد في مرتبة واحدة مع أفغانستان وهايتي والصومال وجنوب السودان والسودان ودول الساحل الأفريقي.

ووفقاً للتقرير الخاص بتقييم مستوى الفقر، فإن اليمن كان في الأساس بلداً فقيراً قبل اندلاع الحرب، ولهذا خلفت عشر سنوات من الصراع والأزمات آثاراً وخيمة على الظروف المعيشية، حيث يعاني الملايين من الجوع والفقر.


توجّه حوثي لمحاصرة البضائع المقبلة من المناطق المحررة

منذ أربعة أعوام يحاول الحوثيون ضرب ميناء عدن وإجبار المستوردين على مغادرته (إعلام حكومي)
منذ أربعة أعوام يحاول الحوثيون ضرب ميناء عدن وإجبار المستوردين على مغادرته (إعلام حكومي)
TT

توجّه حوثي لمحاصرة البضائع المقبلة من المناطق المحررة

منذ أربعة أعوام يحاول الحوثيون ضرب ميناء عدن وإجبار المستوردين على مغادرته (إعلام حكومي)
منذ أربعة أعوام يحاول الحوثيون ضرب ميناء عدن وإجبار المستوردين على مغادرته (إعلام حكومي)

يعكف الحوثيون على تفعيل قرار سابق بفرض رسوم جمركية على كل البضائع المقبلة من الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة بنسبة 100 في المائة لإرغام المستوردين على تحويل بضائعهم إلى موانئ الحديدة الخاضعة لسيطرتهم، وفقاً لمصادر يمنية مطلعة.

تأتي الخطوة الحوثية في الوقت الذي يعمل فيه مبعوث الأمم المتحدة والوسطاء من الإقليم على احتواء تداعيات خطوة الجماعة المتمثلة في سك عملة معدنية غير قانونية من فئة 100 ريال يمني.

وذكرت مصادر في القطاع التجاري لـ«الشرق الأوسط» أن الوسطاء من السعودية وسلطنة عمان يعملون على احتواء تداعيات الحرب الاقتصادية بين الحكومة المعترف بها دولياً والحوثيين عقب قيام الأخيرة بإصدار العملة المعدنية من طرف واحد، ورد البنك المركزي في عدن على ذلك بمنع تداول هذه الفئة، وتوجيهه البنوك التجارية بنقل إداراتها المركزية من صنعاء إلى عدن خلال شهرين.

عائدات ميناء الحديدة يستحوذ عليها الحوثيون بينما يعاني سكان المدينة من الفقر (إعلام محلي)

وبينت هذه المصادر أن جهود الوسطاء مستمرة، وأن هناك أفكاراً تناقش وبمشاركة من الأمم المتحدة لاحتواء المواجهة الاقتصادية بين الحكومة والحوثيين، وتشمل هذه النقاشات جوانب كثيرة من الوضع الاقتصادي بما فيها استئناف تصدير النفط الذي توقف بسبب استهداف الحوثيين موانئ تصديره، وقالت إنه لم يتم التوصل بعد إلى تفاهمات واضحة بهذا الخصوص.

وبالتزامن مع هذه الجهود ذكرت مصادر القطاع التجاري أن رشيد أبو لحوم وزير المالية في الحكومة الحوثية غير المعترف بها، وجه المنافذ الجمركية التي استحدثت في مناطق التماس مع مناطق سيطرة الحكومة الاستعداد لبدء تنفيذ قرار سابق برفع الرسوم الجمركية بنسبة 100 في المائة، على كل البضائع المقبلة من الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة، وهو القرار الذي أعلن عنه قبل ستة أشهر ومنح بموجبه التجار هذه الفترة لاستكمال تحويل استيراد البضائع إلى موانئ الحديدة الخاضعة لسيطرة الجماعة.

وذكرت المصادر أن القيادي الحوثي أبو لحوم يسعى ومنذ انتهاء فترة الأشهر الستة لتطبيق هذه الخطوة التي تهدف إلى رفع أسعار البضائع والسلع التي يتم استيرادها عبر الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة لصالح البضائع التي يتم استيرادها عبر الموانئ التي تخضع لسيطرة الحوثيين، مع أن القانون اليمني لا يعطي الوزير ولا الحكومة غير المعترف بها حق فرض أي رسوم أو زيادة في الضرائب إلا بقانون، كما يمنع منح الإعفاءات إلا في حالات محددة وبشروط مشددة.

رفض للقرار

وفق المصادر اليمنية، فإن القطاع التجاري في مناطق سيطرة الحوثيين أكد أنه لن يرضخ لهذه الإجراءات التي وصفها بالتعسفية وغير القانونية، حيث يتهم القيادي الحوثي أبو لحوم بأنه كان السبب في ارتفاع أسعار جميع السلع من خلال مضاعفته رسوم ما يسمى بالنظافة والتحسين إلى أكثر من عشرة أضعافها خلال عام واحد، وأنه مستمر في مضاعفتها بمقدار مرتين كل عام، إلى جانب غيرها من الجبايات المرتبطة بالسلع والخدمات.

الحوثيون أغلقوا الطرق الرئيسية مع المناطق المحررة لإرغام التجار على الاستيراد عبر الحديدة (إعلام محلي)

ونبهت المصادر إلى أن قطاعاً كبيراً من التجار غادر إلى مناطق سيطرة الحكومة أو إلى الخارج، وأن هناك ممارسات يومية هدفها خلق طبقة جديدة من التجار مستفيدين من التسهيلات والامتيازات والإعفاءات التي يمنحها الحوثيون لهؤلاء التجار، وغالبيتهم ينحدرون من محافظة صعدة المعقل الرئيسي للجماعة.

واتهمت المصادر في القطاع التجاري أبو لحوم ومعه القيادي الآخر محمد المطهر المعين في منصب وزير الصناعة والتجارة في حكومة الانقلاب الحوثية إلى جانب القيادي أحمد حامد الذي يشغل منصب مدير مكتب مجلس الحكم الحوثي، بالعمل على تدمير القطاع الخاص.

ويأتي التدمير الممنهج - وفق المصادر - من خلال فرض الرسوم والجبايات المضاعفة ومصادرة البضائع بحجة مقاطعة الشركات الغربية، بينما يعمل هؤلاء على تقديم التسهيلات والإعفاءات من الرسوم القانونية والجبايات لمجموعة من التجار الذين يعملون لصالح الجماعة أو بالشراكة مع قيادات فيها.

ووفق ما ذكرته المصادر التجارية اليمنية، فإن الخطوة الحوثية المتوقعة ستسبب حالة من الفوضى، وتراكم السلع في المنافذ مع نقص المعروض منها في الأسواق، وإنها لن تجبرهم على الاستيراد عبر موانئ الحديدة، كما أن كميات كبيرة تأتي من دول الجوار عبر البر، وبالضرورة أن تمر عبر مناطق سيطرة الحكومة التي تسيطر على كل المنافذ البرية.

مسلحون حوثيون في تجمع دعا له زعيم الجماعة بصنعاء (رويترز)

وكان الحوثيون أعلنوا في مطلع أغسطس (آب) الماضي رفع الرسوم الضريبية على السلع المقبلة عبر المنافذ البرية مع مناطق سيطرة الحكومة بنسبة 100 في المائة من إجمالي القيمة الجمركية، بعد أن فشلت الجماعة في إقناع المستوردين بالتحول نحو ميناء الحديدة الخاضع لسيطرتهم، وبهدف زيادة الأموال التي يتحصلون عليها، والضغط على الجانب الحكومي مالياً بعد أن منعته من تصدير النفط منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2022 عند استهداف موانئ التصدير بعدة هجمات.


البحر متنفس النازحين في غزة رغم القصف والدمار

أهل غزة يقولون «البحر متنفسنا» بعيداً عن خيم النزوح (أ.ف.ب)
أهل غزة يقولون «البحر متنفسنا» بعيداً عن خيم النزوح (أ.ف.ب)
TT

البحر متنفس النازحين في غزة رغم القصف والدمار

أهل غزة يقولون «البحر متنفسنا» بعيداً عن خيم النزوح (أ.ف.ب)
أهل غزة يقولون «البحر متنفسنا» بعيداً عن خيم النزوح (أ.ف.ب)

دفع ارتفاع درجات الحرارة في دير البلح في قطاع غزة ناجي أبو وسيم وأسرته للهرب إلى البحر وقضاء بعض الوقت بعيداً عن خيم النزوح بعد أكثر من ستة أشهر من حرب مدمّرة متواصلة.

رصد تقرير لوكالة «الصحافة الفرنسية» وصول الآلاف الأربعاء إلى شاطئ بحر دير البلح في وسط قطاع غزة، بعضهم نزل إلى البحر للسباحة، فيما فضل آخرون البقاء على الشاطئ، واصطحب أحدهم حصاناً ركبوه، وأمكن رؤية جمل مع شبان آخرين.

وقال أبو وسيم «البحر متنفسنا الوحيد، أمضيت مع أسرتي ست ساعات على البحر، الأطفال كانوا فرحين».

وأضاف «هذا هدفنا الأول أن نخرجهم من أجواء الدمار، والقتل، والحرب، رغم أنهم يسمعون انفجارات في كل لحظة، والطائرات تجوب الأجواء».

وتابع «إن شاء الله تنتهي هذه الحرب، ونرجع إلى مدينة غزة حتى لو على الركام».

أما محمود الخطيب (28 عاماً) النازح من مدينة غزة إلى منطقة الزوايدة قرب دير البلح، فوصف الخيمة بأنها «مثل الفرن»، في إشارة إلى الحر الشديد.

وأضاف «اليوم كانت فرصة أمامنا أن نتوجه إلى البحر بسبب الحرارة المرتفعة، اصطحبت زوجتي وأولادي... أفضل من الخيمة».

وتخوّف من فصل الصيف المقبل. «نحن مقبلون على فصل صيف حار. درجات الحرارة تقتلنا إلى جانب الحرب. ليس أمامنا سوى شاطئ البحر».

واستدرك «يكفي سبعة شهور من الحرب، لم يبق شيء، لا بيوت، ولا مال، ولا بنية تحتية، لا شكل للحياة، كل شيء معدوم».

ورصدت عدسة وكالة «الصحافة الفرنسية» أطفالاً يلهون على الشاطئ، وآخرين على الرمال، بينما كانت نسوة محجبات يلتقطن الصور.

علبة سردين

بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس، قتل منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 33899 شخصاً في قطاع غزة، أكثر من 70 في المائة منهم من النساء والأطفال.

واندلعت الحرب عقب هجوم غير مسبوق نفذته حركة «حماس» على الأراضي الإسرائيلية، وأدى إلى مقتل 1170 شخصاً، معظمهم من المدنيين. فيما خطف أكثر من 250 شخصاً، ما زال 129 منهم محتجزين في غزة، توفي 34 منهم، وفقاً لمسؤولين إسرائيليين.

ورداً على ذلك، توعدت إسرائيل بـ«القضاء» على «حماس» التي تسيطر على قطاع غزة منذ العام 2007 وتصنّفها إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي «إرهابية».

ومن بين الذين هربوا إلى البحر، يونس أبو رمضان الذي اصطحب زوجته وأولاده.

وقال «لا مفرّ أمامنا سوى التوجه إلى البحر، حاولنا أن ننسى ما نحن فيه، لكن الظرف صعب، إطلاق النار والقصف في كل مكان».

وأضاف أبو رمضان الذي نزح مع عائلته المؤلفة من عشرين شخصاً، بينهم أطفال من حي النصر في شمال قطاع غزة إلى دير البلح «نعيش في خوف، ورعب، ونتمنى أن نعود إلى بيوتنا في غزة».

أما زوجته أم رمضان فقالت إن خيم النزوح «مثل علبة السردين، تكدّس، وازدحام. لا نعرف الراحة، ولا الهدوء، الطيران من جانب، وقلق الأطفال من جهة ثانية».

وأضافت «البحر متنفسنا... شاهدنا كل الناس الموجودة في الخيم وقد نزلوا إلى البحر مثلنا، لأن الجو حار جداً».

ولم تخف السيدة خوفها من القصف الإسرائيلي. وتقول «نحن خائفون أن يتم قصفنا من البحر أيضاً، الزوارق الحربية الإسرائيلية قريبة من الشاطئ، لكن الله سلمنا، ونأمل أن تنتهي الحرب، ونعود إلى منازلنا».


ارتفاع عدد الوفيات جراء الطقس السيئ في سلطنة عمان إلى 21

غرق يعض السيارات في إمارة دبي جراء الطقس السيئ (أ.ف.ب)
غرق يعض السيارات في إمارة دبي جراء الطقس السيئ (أ.ف.ب)
TT

ارتفاع عدد الوفيات جراء الطقس السيئ في سلطنة عمان إلى 21

غرق يعض السيارات في إمارة دبي جراء الطقس السيئ (أ.ف.ب)
غرق يعض السيارات في إمارة دبي جراء الطقس السيئ (أ.ف.ب)

قالت وكالة الأنباء العمانية، اليوم (الخميس)، إن عدد الوفيات جراء المنخفض الجوي الذي ضرب السلطنة ارتفع إلى 21، بعد العثور على امرأة عمانية مفقودة في منطقة الشريخة بولاية محوت، ورجل يحمل جنسية دولة آسيوية في ولاية صحم وقد فارقا الحياة.

وأضافت الوكالة الرسمية أن البحث لا يزال جارياً عن مفقودين اثنين آخرين.

كانت اللجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة في عمان قد أعلنت في وقت سابق من الأسبوع الحالي تعليق العمل في المدارس في أغلب أنحاء البلاد، واعتمدت حكومة دبي في الإمارات العمل عن بُعد لثلاثة أيام بعد موجة من الطقس السيئ ضربت المنطقة، وشهدت عواصف عاتية وأمطاراً غزيرة غير مسبوقة.

وعطل المنخفض الجوي مناطق واسعة في سلطنة عمان والإمارات وامتد تأثيره أيضاً إلى اليمن.

وأعلنت عمان والإمارات، أمس، انتهاء موجة الطقس السيئ، وأعاد مطار دبي الدولي تدريجياً فتح إجراءات تسجيل المسافرين المغادرين لرحلات طيران الإمارات وفلاي دبي بعد تعليقها بسبب الطقس.


وفرة الموارد الطبيعية في باكستان تفتح الباب لاستثمارات سعودية جديدة

وزيرا خارجية السعودية وباكستان في صورة جماعية عقب اجتماع مجلس تيسير الاستثمار الخاص بين البلدين (واس)
وزيرا خارجية السعودية وباكستان في صورة جماعية عقب اجتماع مجلس تيسير الاستثمار الخاص بين البلدين (واس)
TT

وفرة الموارد الطبيعية في باكستان تفتح الباب لاستثمارات سعودية جديدة

وزيرا خارجية السعودية وباكستان في صورة جماعية عقب اجتماع مجلس تيسير الاستثمار الخاص بين البلدين (واس)
وزيرا خارجية السعودية وباكستان في صورة جماعية عقب اجتماع مجلس تيسير الاستثمار الخاص بين البلدين (واس)

قال نواف المالكي السفير السعودي لدى باكستان، إن اجتماع «مجلس تيسير الاستثمار الخاص»، الذي عُقد أمس (الثلاثاء) بين الجانبين السعودي والباكستاني، أكّد على «ما تختص به باكستان من وفرة في الموارد الطبيعية مما يجعلها دولة مستهدفة للاستثمار في كثير من القطاعات المتاحة من خلال دراسة العروض المقترحة لإقامة استثمارات مشتركة بين السعودية وباكستان».

ووصل وزير الخارجية السعودي إلى باكستان (الاثنين)، في زيارة استمرت ليومين، على رأس وفد رفيع المستوى يتألّف من وزراء من القطاعات الرئيسية بما في ذلك الاستثمار، والمياه والزراعة، والبيئة، والصناعة، والموارد المعدنية، والطاقة، وقطاعات أخرى، لتسريع متابعة التفاهم الذي تم التوصل إليه بين رئيس الوزراء الباكستاني محمد شهباز شريف، والأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي خلال اجتماعهما الأخير في السابع من أبريل (نيسان) الحالي في مكة المكرمة، ولتعزيز التعاون الاقتصادي الثنائي بين البلدين، والتقى خلال زيارته الرئيس الباكستاني، ورئيس الوزراء؛ ووزير الخارجية، ورئيس الجيش الباكستاني. كما ترأس مع نظيره الباكستاني اجتماع «مجلس تيسير الاستثمار الخاص بين البلدين».

وأضاف المالكي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الزيارة تأتي «امتداداً للعلاقات الدائمة مع دولة باكستان الشقيقة، وهي تأكيد على عمق العلاقات بين البلدين وتطورها بشكل مستمر، ولتعزيز التعاون الاقتصادي، وزيادة التبادل التجاري، ودعم المستثمرين من البلدين لتوسيع أعمالهم التجارية في القطاعات كافة». وتابع أن زيارة وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان والوفد المرافق له «جاءت لاستعراض سبل تعزيز علاقات التعاون المتينة في كثير من المجالات، بالإضافة إلى مناقشة تكثيف التعاون الأمني والاستراتيجي بين البلدين بما يسهم في الأمن والسلم الدوليين».

وتتجه السعودية وباكستان إلى تعزيز التعاون الاقتصادي وزيادة التبادل التجاري ودعم المستثمرين لتوسيع أعمالهم في البلدين، وذلك خلال اجتماع «مجلس تيسير الاستثمار الخاص»، الذي عقد في إسلام آباد، (الثلاثاء)، برئاسة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، ونظيره الباكستاني إسحاق دار.

القطاعات المستهدفة

وأكد وزير الخارجية الباكستاني محمد إسحاق دار، على الروابط العميقة والمصالح الاستراتيجية المتبادلة بين باكستان والسعودية، وأبرز أهمية تعزيز الشراكة الاستراتيجية والاقتصادية الثنائية والدور الحيوي للاستثمارات السعودية في تعزيز هذه العلاقة.

وشرح كيف تهدف باكستان من خلال منصة «إس آي إف سي» إلى تبسيط عمليات الاستثمار وضمان اتخاذ القرارات بسرعة، وتعزيز بيئة استثمارية مزدهرة في باكستان.

وعرض فرص باكستان الوفيرة في قطاعات الزراعة وتكنولوجيا المعلومات والتعدين، داعياً المستثمرين السعوديين إلى المشاركة في شراكات مفيدة للجانبين.

وتحدث وزير الخارجية الباكستاني أيضاً عن ثقته بتعزيز الروابط بين البلدين، متصوراً نمواً اقتصادياً كبيراً وفوائد دائمة.

جانب من لقاء وزير الخارجية السعودي والوفد المرافق رفيع المستوى برئيس أركان الجيش الباكستاني (واس)

تحديد الفرص الاستثمارية

إلى ذلك، قدم المسؤولون في «إس آي إف سي» شروحات شاملة تشمل الإمكانيات والفرص الاستثمارية في القطاعات الرئيسية للاقتصاد الباكستاني، وعقد الجانبان جلسات نقاش مكثفة على مستوى الأداء لتحديد فرص الاستثمار في باكستان.

وكشف الجانب السعودي عن أهمية كبيرة واهتمام في تحسين بيئة الاستثمار في باكستان، وقدر دور «إس آي إف سي» في تسوية قضايا الاستثمار / الأعمال السابقة للسعودية بطريقة ودية، مبدياً اهتماماً كبيراً بالاستثمار في القطاعات الرئيسية في باكستان.

أما الجانب الباكستاني فأبدى دعمه وتسهيلاته في تسريع الاستثمارات متعددة المليارات من المملكة في إسلام آباد.

ووضع الجانبان آلية تنفيذ ثنائية لتنسيق وتنفيذ الشؤون المتعلقة بالاستثمار على مستوى الأداء لتحويل التزاماتهما السيادية إلى نتائج اقتصادية ملموسة.