منذ وسط شهر سبتمبر (أيلول) تبدأ الأحزاب البريطانية الرئيسية عقد مؤتمراتها السنوية، تحدد خلالها معالم برامجها السياسية والاقتصادية ونظرتها للفترة المقبلة، وهذه عادة تكون مادة دسمة بالنسبة لوسائل الإعلام البريطانية المختلفة، خصوصا الصحافة المكتوبة، التي تتناول مواضيعها فيما يسمى «خلف الخبر» بإسهاب وتحليل. التغطية هذا الأسبوع للقضايا المحلية مثل النظام الصحي والنظام الضريبي جاءت مميزة، والسبب أن هذه المؤتمرات تعقد للمرة الأخيرة قبل الانتخابات البرلمانية العامة المزمع تنظيمها في مايو (أيار) المقبل.
لكن هذا لا يعني أن القضايا الدولية الساخنة الأخرى غابت عن التغطية وعن الصفحات الرئيسية. وحتى القصص الخفيفة، التي تتناولها عادة الصحف الشعبية ولا تستهوي دائما الصحف الرصينة، لم تقتصر أخبارها على الصفحات الداخلية بإسهاب وإنما تمت تغطيتها على الصفحات الأولى.
زواج نجم هوليوود جورج كلوني من اللبنانية أمل علم الدين كان من نوعية هذه الأخبار الاجتماعية التي أبرزتها الصحف البريطانية بشتى توجهاتها وأفردت لها عددا من الصفحات الداخلية. لكن صحفا مثل الـ«ديلي تلغراف» والـ«تايمز»، المحافظتين بدرجات مختلفة، وحتى الـ«غارديان»، المحسوبة على اليسار الليبرالي، فقد أبرزت الخبر على صفحاتها الأولى مع صورة لجورج كلوني وأمل علم الدين على ثمانية أعمدة. وحتى الأخبار الأخرى مثل التسريبات غير المقصودة التي قام بها رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، والتي اعتذر عنها، حول لقاءاته الخاصة مع الملكة إليزابيث الثانية أخذت هذه نصيبها من التغطية. الاعتذار جاء على خلفية تناول الصحف للموضوع، أحيانا لجانب القضية الترفيهي وأحيانا لأسباب دستورية. وعلى الرغم من تقديم اعتذاره للملكة بعد إفصاحه مازحا في إحدى محادثاته بأن الملكة أصبحت «تطلق أصوات على التليفون مثل قطعة في غاية السعادة» بعد تصويت اسكوتلندا بعدم الانفصال عن بريطانيا، إلا أنه سبب إحراجا للملكة مرة ثانية لما أفصح عنه خلال زيارتها للبيت الحكومي الريفي وجولتها في دهاليزه، وما دار من حديث معها بخصوص إحدى اللوحات الفنية. عندما نظرت إلى لوحة «أفراد العائلة» لأنتوني فان دايك، قالت لمرافقها خبير البيت الفني بأنها تحتفظ بالنسخة الأصلية للوحة في قلعتها في ويندسور. الخبير أجابها مصححا معلوماتها قائلا إن ما تملكه هو نسخة عن اللوحة وإن ما تنظر إليه حاليا هي اللوحة الأصلية. طبعا جن جنون بعض الصحف، وتساءلت كيف يمكن لرئيس الوزراء أن يقوم بهذه الاختراقات الدستورية خلال أقل من أسبوعين.
ونفذت بريطانيا ليل الثلاثاء والأربعاء الماضيين سلسلة من الضربات الجوية ضد مواقع تنظيم «داعش» في العراق، بعد أن صوت البرلمان بأكثرية لصالح الائتلاف الدولي ضد المتطرفين الإسلاميين في العراق وسوريا. التصويت في البرلمان واشتراك بريطانيا في الحملة العسكرية ضد «داعش» أخذ نصيب الأسد في التغطية الإعلامية في الصحافة المكتوبة. ونشرت جريدة الـ«تايمز» صورا على الصفحة الأولى للطلعات الجوية تحت عنوان رئيسي يوم الأربعاء الماضي يقول «السلاح الملكي يضرب مواقع داعش».
لكن في نهاية المطاف حازت القضايا البريطانية مثل النظام الصحي والضرائب على نصيب الأسد في التغطية. وخصصت جريدة الـ«تايمز» على صفحتها الأولى يوم الأربعاء مساحة واسعة لخطاب رئيس الوزراء كاميرون في مؤتمر حزبه السنوي حول تأكيداته بأن النظام الصحي المجاني لن يتأثر بسياسة شد الأحزمة أو الخصخصة. خطابه كان جزءا من حملته ضد المعارضة. أما الـ«غارديان»، التي تميل إلى المعارضة، وفي نفس اليوم فقد أعطت حيزا لا بأس به من صفحتها الأولى للمشكلات التي يواجهها حزب المحافظين في الانتخابات المقبلة. وركزت الصحيفة على التهديد القادم لحزب المحافظين من حزب الاستقلال، الذي بدأ يستقطب أعضاء من يمين حزب المحافظين، خصوصا من المعاديين للاتحاد الأوروبي.
وأخيرا جاءت قضية الاحتجاجات الديمقراطية في المستعمرة البريطانية السابقة هونغ كونغ. الغريب أن هذه القضية كانت غائبة من الصفحات الأولى للصحافة البريطانية في شتى ألوانها السياسية. الجميع يعرف أن بريطانيا لن تنحاز كثيرا لصالح هذه الاحتجاجات بسبب العلاقات التجارية التي تربط بريطانيا بالصين. الأوضاع الاقتصادية البريطانية تجعل من الصعب على الحكومة اتخاذ مواقف تغضب الحكومة الصينية التي تعتبر قضية هونغ كونغ قضية داخلية.
7:57 دقيقة
أخبار كلوني و«داعش» ومؤتمرات الأحزاب تصدرت الصحافة البريطانية
https://aawsat.com/home/article/195356
أخبار كلوني و«داعش» ومؤتمرات الأحزاب تصدرت الصحافة البريطانية
احتجاجات هونغ كونغ تراجعت إلى الوراء
- لندن: عبد اللطيف جابر
- لندن: عبد اللطيف جابر
أخبار كلوني و«داعش» ومؤتمرات الأحزاب تصدرت الصحافة البريطانية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة