ظل الكثير من المحللين والمراقبين في السوق يرددون منذ أغسطس (آب) أن النفط الصخري سيزيح الحاجة للنفط القادم من دول الخليج ومن دول أوبك إلى شواطئ الولايات المتحدة إلا أن أرقام الواردات للأشهر الـ7 الأولى من العام الجاري ما زالت في صالح المنتجين الخليجيين وإن كانت ليست في صالح أوبك ككل.
وأظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية الصادرة هذا الأسبوع والتي قامت «الشرق الأوسط» بتحليلها أن الولايات المتحدة استوردت في المتوسط نحو 2.08 مليون برميل يوميا من النفط القادم من الدول الخليجية الأعضاء في منظمة أوبك للفترة ما بين يناير (كانون الثاني) إلى يوليو (تموز)، ومرتفعة بنسبة 8.7 في المائة عن الفترة المقابلة من العام الماضي.
ودول منطقة الخليج التي تصدر للولايات المتحدة هي السعودية والكويت والعراق. وتصدر هذه الدول الثلاثة أنواعا متوسطة إلى ثقيلة من النفط وهذه الأنواع مرغوبة نظرا لأنها تنتج عند تكريرها كميات أكبر من الديزل والمشتقات المتوسطة. أما قطر فلا تصدر للولايات المتحدة شيئا وواردات أميركا من النفط الإماراتي إما معدومة في أغلب الأحيان وإما صغيرة لدرجة لا تذكر. فيما لا تستورد أميركا أي نفط من إيران بسبب العلاقة السياسية المضطربة بينهما.
ولكن حظ الدول الخليجية ليس هو نفسه حظ باقي زملائها في أوبك إذ انخفضت كمية النفط المستوردة من دول المنظمة ككل في الأشهر الـ7 الأولى من العام الجاري بنحو 9.4 في المائة بسبب انخفاض الاستيراد من الدول الأفريقية مثل أنغولا ونيجيريا والجزائر والمنتجة للنفط الخفيف الذي يشابه في خاصيته كثيرا النفط الصخري الذي يزيد إنتاجه يوما بعد يوم.
ولا تزال السعودية هي أكبر دولة في أوبك تصديرا للنفط إلى أميركا بكميات في الغالب فوق المليون برميل يوميا. ويساعدها في ذلك وجود 3 مصاف مملوكة بالشراكة بين أرامكو السعودية وشركة رويال دويتش شل من بينها مصفاة بورت آرثر في تكساس والتي تعد أكبر مصفاة في الولايات المتحدة بطاقة تكريرية أعلى بقليل من 600 ألف برميل يوميا.
وبلغ إجمالي ما استقبلته الموانئ الأميركية من نفط أوبك خلال الأشهر الـ7 الأولى من العام الجاري نحو 3.21 مليون برميل يوميا وهو أقل من 3.51 برميل يوميا في الفترة المقابلة من العام الماضي.
ولم تستورد أميركا أي نفط من نيجيريا في شهر يوليو للمرة الأولى منذ عام 1995 بحسب ما أظهرت البيانات، بعد أن توقفت المصفاة الوحيدة التي تشتري النفط النيجيري شراءها منه واشترت نفطا من أذربيجان عوضا عنه. بينما لم تستورد برميلا واحدا من النفط الليبي هذا العام. أما النفط الجزائري فقد أوشك على الاختفاء من السوق الأميركية منذ أن زاد الإنتاج من النفط الصخري في العامين الماضيين بشكل كبير بعد أن كانت الواردات الأميركية منه تصل إلى مستوى قريب من 400 ألف برميل يوميا إلى شهر يناير من عام 2011.
ويتوقع المحلل النفطي الكويتي محمد الشطي في حديثه مع «الشرق الأوسط» أن تزيد واردات الولايات المتحدة من النفط الخليجي في النصف الثاني من العام إذ أن الطلب على النفط سيزداد هناك مع اقتراب فصل الشتاء.
ويقول: «لا أتصور أن ينخفض الطلب على النفط الخليجي خلال أي شهر في النصف الثاني بمعدل أقل مما شهدناه خلال النصف الأول، لقد شاهدنا الأقل حتى الآن والأشهر القادمة ستشهد زيادة».
ويضيف الشطي أن ما يساعد الكويت والسعودية هو أنهما تبيعان النفط بعقود طويلة الأجل للزبائن الأميركيين فيما يبيع العراق نفطه بصورة فورية ولهذا تتذبذب مبيعات نفطه هناك، إذ يجد أحيانا أسعارا أفضل لنفطه في آسيا بدل الولايات المتحدة فيرسله هناك.
ومما قد يساعد السعودية وباقي دول الخليج على زيادة مبيعاتهم في النصف الثاني في الولايات المتحدة هو التخفيضات الكبيرة التي قدمتها على أسعار نفطها لشحنات شهر سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) لتجعله أكثر جاذبية من ناحية السعر مع نفوط أخرى منافسة مثل النفط الكندي الذي بدأ في الوصول جنوبا والتعمق في السوق الأميركية بفضل التحسن الكبير في نقل النفط بواسطة القطارات والأنابيب.
وأعلنت أرامكو الأربعاء الماضي قائمة أسعار بيع النفط الرسمية لشهر أكتوبر والتي أظهرت تخفيضا قدره 40 سنتا للبرميل على كل أنواع نفطها المتجه لأميركا مقارنة بأسعار سبتمبر وهو تخفيض أقل من ذلك الذي أعطته للعملاء في سبتمبر والبالغ قدره 80 سنتا (أي ما يقارب دولارا كاملا) مقارنة بأسعار أغسطس.
وتصل قيمة خام العربي المتوسط (وهو أحد 5 أنواع من النفط تنتجه أرامكو السعودية) للتحميل في شهر أكتوبر إلى 90 دولارا للبرميل للشحنات المتجهة إلى الولايات المتحدة. أما العربي المتوسط لنفس الشهر إلى الولايات المتحدة فتصل قيمته التقديرية بنحو 89 دولارا للبرميل.
أما خام الكويت للتصدير إلى الولايات المتحدة لشحنات أكتوبر فتبلغ قيمته التقديرية نحو 90.91 دولار للبرميل فيما تبيع العراق خام البصرة بسعر يقارب 91.1 دولار للبرميل. وفي الجهة المقابلة تبلغ قيمة مزيج خام مارس (آذار) الأميركي نحو 91 دولارا للبرميل إلى يوم أمس فيما تبلغ قيمة خام غرب كندا الثقيل نحو 79 دولارا للبرميل، وكلا النوعين خامات منافسة للعربي الثقيل والمتوسط. وتسعر أرامكو نفطها إلى زبائن الولايات كل شهر على أساس مؤشر أرجوس للنفط الحامض إما بتخفيض أو بعلاوة حسب وضع السوق.
وتعد المصافي في خليج المكسيك بمثابة المنزل للنفط الخليجي حيث يذهب أغلبه لمعالجته هناك ولا تحصل باقي المصافي الموزعة في الساحل الغربي والشرقي من الولايات المتحدة إلى على كميات أقل منه.
وارتفعت واردات خليج المكسيك من النفط الخليجي في الأشهر الـ7 الأولى من العام الجاري بنحو 2.8 في المائة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، لتصل إلى 1.43 مليون برميل في المتوسط ما بين يناير ويوليو 2014.
وشهد الطلب على النفط السعودي في مصافي خليج المكسيك نموا قدره 5.3 في المائة في الأشهر الـ7 الأولى هذا العام إذ استوردت 921 ألف برميل منه في المتوسط مقارنة بنحو 875 ألف برميل لنفس الفترة من السنة الماضية. ويذهب نحو ثلث أو نصف هذه الكميات إلى مصفاة بورت آرثر المملوكة لأرامكو بينما تتوزع الكميات الباقية بين المصافي الأميركية الأخرى.
وفي شهر يوليو بمفرده استقبلت موانئ خليج المكسيك 868 ألف برميل يوميا من النفط السعودي ارتفاعا من 672 ألف برميل في يونيو (حزيران). واستخدمت مصفاة بورت آرثر في يوليو 386 ألف برميل من النفط السعودي بينما استخدمت اكسون موبيل 162 ألف برميل يوميا من النفط السعودي في مصافيها في خليج المكسيك. وذهب نحو 207 آلاف برميل يوميا من النفط السعودي خلال الشهر لمصافي شركة ماراثون، بحسب ما أظهرته البيانات الرسمية الأميركية.
ويقول الشطي الذي لديه خبرة سابقة في تسويق النفط الكويتي الخام، بأن خليج المكسيك سيظل في حاجة للنفط الخليجي الثقيل والمتوسط لأنه يساعد اقتصاديات المصافي للحصول على هوامش تكريرية مربحة ومغرية كما أن المصافي هناك هي الأكثر تطورا في العالم على تكرير وتكسير وتحويل هذه الأنواع من النفوط الثقيلة إلى منتجات خفيفة وهو مما يعظم من الأرباح.
ولكن البيانات الجيدة لواردات النفط السعودي والخليجي هذا العام لا تعني أن المنافسة غير موجودة وأن ظروف السوق الأميركية مثالية. وأكثر ما يزعج المسؤولين السعوديين الآن بحسب أحد المصادر التي تحدثت مع «الشرق الأوسط» هو أن السوق الأميركية أصبحت متخمة جدا نظرا لتزايد إنتاجها من النفط فيما بدأت الأسعار في النزول وهو أمر غير مشجع للمملكة على التفكير في بيع المزيد هناك في المستقبل طالما الأسعار تتجه للنزول هناك. ولا يزال الجميع ينتظرون الشتاء على أمل أن يكون باردا حتى تزيد مبيعاتهم هناك.
7:57 دقيقة
الولايات المتحدة ترفع وارداتها من النفط الخليجي 8 % في 7 أشهر
https://aawsat.com/home/article/192926
الولايات المتحدة ترفع وارداتها من النفط الخليجي 8 % في 7 أشهر
مصافي خليج المكسيك استقبلت 1.43 مليون برميل من نفط الخليج بينها 921 ألف برميل سعودي بين يناير ويوليو
- الخبر: وائل مهدي
- الخبر: وائل مهدي
الولايات المتحدة ترفع وارداتها من النفط الخليجي 8 % في 7 أشهر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة