دراج نايار
TT

الهند والصين وآفاق العلاقات التجارية

ظلت العلاقات بين الصين والهند، الجارتين المتنافستين، شائكة ولفترة طويلة، ولكن حينما يسافر الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى نيودلهي لعقد أول اجتماع ثنائي مع رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي، فسوف تتاح له فرصة فريدة من نوعها، مع القليل من المساعدة من جانب مودي بالطبع، من أجل تغيير ديناميكية تلك العلاقة.
سوف يتوقف كثير من الأمور على أي نوع من الاتصال الشخصي يجري بين الرجلين، وكلاهما في أوائل الستينات من عمره. على الورق، يجمع بين الرجلين كثير من القواسم المشتركة. وفي حين أن شي جينبينغ هو أول زعيم يولد بعد ثورة عام 1949، فإن مودي هو أول رئيس وزراء للهند يولد عقب الاستقلال عام 1947. فهما لا يمثلان تغييرا في الجيل فحسب؛ وإنما تغييرا موضوعيا كذلك، بعد أن راهن كل منهما بمصداقيته لقاء الإصلاحات الضخمة والعسيرة. ويعد كلا الرئيسين جديدا على منصبه ولا يزالان يفتخران بقدر كبير من الرصيد السياسي الكبير في بلديهما.
وبصرف النظر عما يمكن أن يتوصل إليه الرجلان، فلا تزال الفرصة ضئيلة إزاء قدرتهما على تسوية النزاع الحدودي طويل الأجل. وبدلا من ذلك، ينبغي أن يركز كل منهما جهده على ما يمكن للإرادة السياسية الطفيفة أن تحدثه من فرق حقيقي؛ ونقصد التجارة بين البلدين.
حتى في ضوء الحقيقة القائلة إن الصين تمتلك قوة اقتصادية أكثر هيمنة من الهند، وإن العلاقة التجارية مع الهند تشهد انحرافا شديدا، فإن العجز التجاري الهندي مع الصين شهد ازديادا من أقل من مليار دولار في 2000 - 2001، إلى 36.2 مليار دولار في 2013 - 2014.
أما المساهمة الصينية في تمويل ذلك العجز، فهي لا تكاد تذكر، حيث يقع إجمالي الاستثمار الصيني في الهند خلال الفترة بين 2000 و2014 في نطاق 400 مليون دولار فقط، وظل الرقم السنوي في هبوط. وبالمقارنة، فقد استثمرت الصين 14 مليار دولار في الولايات المتحدة في العام ذاته.
أحد أسباب العجز التجاري المتنامي هو أن غالبية الصادرات الصينية إلى الهند هي من البضائع المصنعة، بينما غالبية صادرات الهند إلى الصين هي من السلع الأولية من الحديد الخام وغيره من المعادن، التي تمتلك قيمة مضافة طفيفة. وليس ذلك من قبيل الاستغراب بطبيعة الحال، فلدى الصين قاعدة صناعية قوية وليس للهند مثلها.
وفي الوقت ذاته، على الرغم من ذلك، لدى الهند مخاوف مشروعة من الحواجز غير الجمركية الصينية التي تمنع الوصول إلى الأسواق في الهند بالنسبة للسلع التي لديها ميزة تناسبية مثل الأدوية واللحوم. وتواجه العقبات نفسها صناعة الخدمات الهندية.. فإن قواعد التأشيرات الصعبة، على سبيل المثال، تحول دون تنفيذ محترفي تكنولوجيا المعلومات عقود الخدمات في الصين. وصناعة الترفيه الهندية، وعلى وجه الخصوص التلفزيون، واجهت صعوبات في اختراق سوق مربحة التي تعد مستهلكا كبيرا للمسلسلات الهندية.
لتشجيع الاستثمار، تحتاج الهند إلى إزالة حواجزها الخاصة، فالارتياب حيال التجسس الصيني أدى إلى تعقيدات كبيرة في الاستثمار الصيني في قطاع الاتصالات الهندي. وعلى الرغم من الحاجة الماسة لتحسين الكهرباء والطرق فإن الهند تستمر في الحد من استيراد العمالة الصينية. ووفقا لبعض الخبراء، قد يعرض الرئيس شي، أثناء زيارته، ضخ أي مبلغ بين 100 مليار دولار و300 مليار دولار في المشروعات الصناعية والبنية التحتية الهندية.
وبالقدر نفسه من الأهمية، فإن المشاركة الاقتصادية العميقة قد تساعد في تلطيف التوترات الجيوسياسية.

* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»