علي سالم
كاتب ومسرحي مصري. تشمل أعماله 15 كتابا و27 مسرحية أغلبيتها روايات ومسرحيات كوميدية وهجائية، كما نشر تعليقات وآراء سياسية خاصةً بشأن السياسة المصرية والعلاقات بين العالم العربي وإسرائيل
TT

قارئ عراقي كريم

قارئ عراقي كريم ينتمي لمهنتنا، الصحافة، أرسل يعبر لي عن إعجابه الشديد بكتاباتي. قال ذلك بكرم شديد، ثم كان أشد كرما عندما وجه لي عددا من النصائح بالتأكيد هو على يقين أنني في حاجة لسماعها. وعلى الرغم من تأكدي من حسن نيته غير أني أحسست أن هذه النصائح تنتمي لذلك النوع الشهير من الإهانات، مثل «لا تكن غبيا حمارا» أو «لا تكن شريرا خبيثا لا فائدة من وجوده على قيد الحياة» أو «كف عن هذا الذي تكتبه يا عميل» ولما كانت نصائحه تتعدى شخصي وتتعلق بمهنة الكتابة ذاتها في هذه المرحلة من التاريخ، لذلك رأيت أن أعرضها على قراء زاويتي للتعرف على وجهات نظر أخرى عند بعض العاملين بالصحافة في منطقتنا.
يقول الزميل «أتمنى منك ألا تجمل القبيح ولا تزخرف الخراب ولا يؤثر عملك في الصحيفة على رسالتك الإنسانية.. إذا كنت تخشى ذكر المساوئ في دول الخليج والممالك الديكتاتورية فعلى الأقل تجنب مدحها وإظهارها للقارئ على أنها نموذج يحتذى به في الديمقراطية وحقوق الإنسان. أنا لست بمقامك لأنصحك فأنت نجم في سمائي ولا أريد لهذا النجم أن يحجبه الغبار الخليجي.. مودتي واحترامي للقياك».
لم يحدث يا عزيزي من قبل أن جملت قبيحا أو زخرفت خرابا، أنا على يقين من ذلك. ولا أعتقد أنني سأفعل ذلك فيما تبقى لي من عمر، لا تنس أن عاما واحدا وعدة شهور تفصلني عن سن الثمانين، عشتها بين الناس في الشارع وفى الكتب بين عشرات الملايين من أصدقائي الحروف. يبدو أن اسم الجريدة التي أعمل بها وهي «الشرق الأوسط» يشعرك بالضيق لأنك لم تذكر اسمها على الرغم من أنك تعلق على ما أكتبه فيها.
لست في حاجة للدفاع عن نفسي أو تبرير مواقفي أو حتى شرحها، غير أني بعد خطاب القارئ الكريم لا بد أن أقول له ولغيره من الكرماء.. أنا بقلمي وبأقوى الكلمات أدافع عن دول الائتلاف العربي التي تخوض معركة وجود ومصير ضد الاتجاهات الدينية المتطرفة والفاشية. أنا أيضا أدافع عن الدولة كآخر وأرقى شكل وصلت إليه الحضارة لأني أرى فيها الحماية الحقيقية للإنسان الفرد، نعم أنا أؤيد بغير تحفظ المملكة العربية السعودية، ودولة مصر ودولة الإمارات ودولة البحرين وكل الدول التي تحارب عصابات الإجرام الفاشية. نعم يا عزيزي القارئ الكريم، قلمي لم يجنده أحد أنا فقط من جندته وكلفته أن يخوض المعركة كجندي محارب في صفوف هذه الدول في حربها ضد جماعات القتلة الإرهابية.
يقول القارئ العزيز «فأنت نجم في سمائي ولا أريد لهذا النجم أن يحجبه الغبار الخليجي» يا راجل.. من فضلك كلمني عن الكتاب النجوم الذين استطاع غبار الخليج أن يحجبهم عن أنظار محبيهم، من حدث له هذا الحجب من قبل؟ يا قارئي العزيز الكريم.. لم تعد الدولة في هذا العصر تستأجر كتابا تبرمجهم، لأنها تعرف أن أحدا لن يقرأ لهم حرفا. ولذلك ستلاحظ أن صحيفتي، صحيفة «الشرق الأوسط»، صحيفة العرب الدولية، اكتسبت هذه الصفة وهذه المكانة لتنوع الأفكار التي تعرضها للكتاب العرب والأجانب.. ولحفاظها على الحرفية. من فضلك يا عزيزي القارئ الكريم، تصفح أعداد صحيفتي، «الشرق الأوسط»، صحيفة العرب الدولية.. وهات لي كاتبا أو خبرا واحدا يجمل القبيح ويزخرف الخراب.