عادل عصام الدين
صحافي سعودي
TT

انتقال: «جدة غير»!

التصق شعار «جدة غير» بمدينة جدة السعودية، ومع أن من المفترض أن تكون «غير» معبّرة عن الإيجابيات، فإن البعض قد يلجأ إليها تعبيرا عن جانب سلبي يخص المدينة. وأنا في هذه السطور أكرر مجددا «جدة غير» بمناسبة انتقال لاعب في صفوف فريق الأهلي لكرة القدم إلى صفوف المنافس التقليدي الاتحاد. ولكي لا أظلم مدينة جدة أستطيع القول إن الوسط الرياضي السعودي بأكمله «غير» فيما يتعلق بثقافة الانتقال.
احترفت كرة القدم السعودية لكنها لا تزال بعقلية الهواية.. لا يزال اللاعب يلعب بعقلية الهواة، لكنه لا يصدق خبرا فيما يتعلق بحقوقه.. يطاردها ويرفض من يتعقبه في أمر واجباته. ولأن العقلية عموما لم تتغير، فقد أثار انتقال لاعب أهلاوي اسمه سعيد المولد إلى الاتحاد ضجة كبيرة ذكرتنا بما كان يحدث من ضربات وصفقات بين الناديين قبل سنوات. المولد لم يكن معروفا، بل كان مغمورا في الموسم الماضي، لكنه برز هذا الموسم مع زميله معتز هوساوي، واشتهر الاثنان بعد ضمهما للفريق الوطني. كانت آخر قائمة سعودية، وهي التي ذهبت إلى لندن، ضمت اللاعبين الواعدين، وكم كانت المفاجأة كبيرة حين أعلن الاتحاد خبر تعاقده مع المولد الجديد.
ويبدو أن الأهلي فوجئ بانتقال نجمه، فبادر على الفور بإعلان تجديد التعاقد أو تمديده مع معتز هوساوي والرائع مصطفى بصاص لـ5 سنوات، وكأن الأهلي يريد أن يقفل هذا الباب مبكرا، لكيلا يقع في فخ التأجيل أو التردد الذي لم يمكنه من الاحتفاظ بالظهير الذي يتوقع أن يكون له مستقبل جيد.
ردود الفعل الجماهيرية، وربما الإعلامية، كانت حافلة بالتعصب من الجانبين.. السعادة تغمر الاتحاديين، بينما يلوح الأهلاويون بالانتقام. وشتان بين تحركات وصفقات الانتقالات في أوروبا وانتقالات نجومنا التي لا يزال وسطنا الرياضي يتعامل معها على أنها تلغي قيمة الوفاء، بل ثمة من ينظر إليها على أنها خيانة.
الفارق كبير بلا شك مع الاعتراف بوجود استثناءات. في الأندية العالمية تفرض هذه المعادلة نفسها: الجانب الاقتصادي + الجانب الفني + الظروف.
يراجع النادي الموقف أو الوضع كاملا، قد يكون سبب الاستغناء ماديا وربما يكون فنيا، وفي أغلب الأحيان لا بد من اللجوء للميزان وتكييف الحالة وتقييمها من الناحيتين المالية أولا والفنية ثانيا. وقد تكون للظروف كلمتها. أما في الوسط الرياضي السعودي، فإن الجانب الفني له أهميته بلا شك، لكن «التعصب» هو الأساس المتين وهو قاعدة الانتقال.
يصبح الجانب المالي تافها.. والجانب الفني غير مهم.. لأن الانتقال مرفوض.. مرفوض بأمر التعصب.
نجوم انتهوا مبكرا في منافسات الهلال والنصر.. والاتحاد والأهلي.. لأن الانتقال خيانة، والإدارات تسير مع الموجة، وقد تقود السفينة إلى مرافئ التعصب!
أسماء عالمية ضخمة غادرت مواقعها بعد كأس العالم.. دي ماريا وكروس وفالكاو وسواريز وتشابي ألونسو وفابريغاس وخاميس رودريغز وكوستا وبليند.. والقائمة تطول، والأمور تسير على ما يرام؛ لأن معادلة الانتقال بحسب إمكانيات كل ناد تفرض نفسها.
ثقافة «رفض الانتقال» في وسطنا الرياضي لم تقتصر على الانتقالات أو التنقلات المحلية، بل امتدت مع الأسف إلى رفض فكرة التنازل عن النجوم لصالح أندية أجنبية، فكانت عاملا من عوامل التخلف عن الركب العالمي.
[email protected]