ما بين تلقي مبالغ مالية من المصرف المركزي الأوروبي في صورة قروض طويلة الأجل، وضرورة سداد ديون سابقة، سيكون النشاط المالي للبنوك في منطقة اليورو خلال الأيام القليلة المقبلة، بعد ساعات من الإعلان عن تسليم المصرف المركزي الأوروبي الشريحة الأولى من القروض للبنوك في منطقة اليورو، وتصل إلى ما يقرب من 83 مليار يورو من إجمالي 400 مليار يورو. ويتوجب على هذه البنوك رد ما يصل إلى 20 مليار يورو من القروض طويلة الأجل إلى المصرف المركزي. وأنفق الاتحاد الأوروبي ما يقدر بنحو ثلث ناتجه المحلي الإجمالي خلال الفترة من 2008 وحتى 2011 لحماية بنوكه، معتمدا على أموال دافعي الضرائب. ويعد الاقتصاديون مسألة إنشاء اتحاد مصرفي أوروبي خطوة مهمة جدا لا تقل عن أهمية إصدار العملة الأوروبية الموحدة، اليورو.
وفي مايو (أيار) الماضي قال غي فيرهوفستاد رئيس وزراء بلجيكا الأسبق ورئيس كتلة الليبراليين في البرلمان الأوروبي، إن البنوك غير قادرة على منح القروض، سواء بعضها لبعض أو للشركات، وهناك حالة من عدم الثقة.
ولمح إلى أن أحدث الدراسات تشير إلى أن البنوك الأوروبية تحتاج إلى ألف مليار يورو حتى تعود من جديد للسير على الطريق، وجاءت تلك التصريحات على لسان فيرهوفستاد، بالتزامن مع التصويت الذي جرى في البرلمان الأوروبي حول اتفاق بين مؤسسات التكتل الموحد بشأن الاتحاد المصرفي، الذي يهدف إلى استقرار النظام المالي الأوروبي والوقاية من أي أزمات جديدة، من خلال إيجاد وسيلة فعالة وسريعة للتعامل مع البنوك المتعثرة مع ضمان تجنب أن يتحمل دافعو الضرائب في أوروبا أخطاء المصرفيين.
وقبل يومين سلم المصرف المركزي الأوروبي الشريحة الأولى من القروض الجديدة لمدة 4 سنوات للبنوك. وتعد القروض، الأداة الرئيسة في حزمة التحفيز الجديدة التي تأمل تجنب انكماش الأسعار وإنعاش اقتصاد منطقة اليورو المتداعي.
وأعلن البنك عن تسليم مبلغ 82.6 مليار يورو من أصل 400 مليار، لـ255 بنكا في منطقة اليورو، بمعدل فائدة ثابت 0.15. العروض التي قدمت أول مزاد كانت منخفضة، ولكن سوف يكون للبنوك فرصة ثانية في ديسمبر (كانون الأول) لتقديم طلب للحصول على النقد، الذي يمنح بشرط إقراض الشركات. ويعد إطلاق المخطط، من وجهة نظر الكثير من المراقبين في بروكسل، عنصرا أساسيا في جهود المركزي الأوروبي لإقناع البنوك التي تحجم عن إقراض أكثر، وإطلاق الاقتصاد في الكتلة الواهنة. وابتداء من الأربعاء المقبل سترد البنوك 19.898 مليار يورو من القروض طويلة الأجل إلى البنك المركزي الأوروبي بعد أن أطلق برنامجا جديدا لضخ قروض لأجل 4 سنوات. والمبلغ الذي سترده البنوك في 24 سبتمبر (أيلول) أعلى بكثير من الـ6 مليارات يورو التي توقعها متعاملو سوق النقد في استطلاع أجرته رويترز، وأعلى من القروض الطارئة البالغة 5.98 مليار يورو التي سددتها البنوك خلال الأيام القليلة الماضية.
وخفض المركزي الأوروبي أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية متدنية - لينزل سعر الإيداع عن الصفر - وأخذ خطوات لتعزيز الإقراض إلى شركات منطقة اليورو. وتعهد ببذل المزيد إذا اقتضت الضرورة، لدرء خطر انكماش الأسعار. وتشمل الإجراءات برنامجا لقروض جديدة لأجل 4 سنوات يأمل البنك المركزي الأوروبي أن يشجع البنوك على زيادة الإقراض. وتواصل البنوك سداد التمويلات الطارئة التي حصلت عليها من المركزي الأوروبي في أواخر 2011 وأوائل 2012 مع خضوعها لاختبارات السلامة التي يجريها البنك والتي دخلت الآن مراحلها الأخيرة باختبار تحمل على مستوى أوروبا ككل.
وقال البنك المركزي يوم الجمعة الماضي إن 11 بنكا ستسدد 7.23 مليار يورو من شريحة القروض الأولى في 24 سبتمبر، وإن 22 بنكا ستسدد 12.668 مليار من الشريحة الثانية. وفي منتصف شهر يوليو (تموز) الماضي تبنى مجلس الاتحاد الأوروبي ببروكسل قواعد إنشاء آلية قرار موحد لإدارة البنوك تضمن اتخاذ القرار بطريقة منسقة وفعالة بمشاركة الدول الأعضاء، والتقليل من الآثار السلبية على الاستقرار المالي وإنقاذ البنوك دون اللجوء إلى أموال دافعي الضرائب. وستدخل حيز التنفيذ اعتبارا من يناير (كانون الثاني) المقبل في دول منطقة اليورو الـ18 إلى جانب الدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد التي تريد طواعية المشاركة في هذا الصدد.
وحسب بيان صدر ببروكسل، قالت الرئاسة الإيطالية الدورية الحالية للاتحاد: «وضعنا دعامة مهمة أخرى من الاتحاد المصرفي الأوروبي التي سوف تساهم في الحفاظ على سوق واحدة، وأيضا الرخاء لجميع المواطنين في الاتحاد الأوروبي بعد أن تضرروا بشكل كبير من الأزمة المالية العالمية». وقال وزير الشؤون المالية والاقتصادية الإيطالي كارلو بادوان في البيان: «من خلال آلية قرار موحدة يتحسن بشكل جذري الإطار التنظيمي للقطاع المصرفي، وهو أمر في خدمة التنمية الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي ويحمي الموازنة العامة من المخاطر». وقال البيان الأوروبي إن آلية القرار الموحدة سوف تشكل أحد العناصر الرئيسة للاتحاد المصرفي في أوروبا جنبا إلى جنب آلية الإشراف على البنوك التي دخلت حيز التنفيذ في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وجاء ذلك عقب إقرار اتفاق حول هذا الصدد مع البرلمان الأوروبي جرى التوصل إليه في أبريل (نيسان) الماضي.
وحسب ما صدر عن المجلس الوزاري الأوروبي ببروكسل، تتضمن قواعد الآلية الجديدة الإطار الذي سيجري العمل من خلاله، وهو تشكيل مجلس لاتخاذ القرار يتكون من الرئيس و4 نواب وممثلي الدول الأعضاء، كما سيكون فيه ممثل للمفوضية الأوروبية بصفة مراقب دائم. وينفذ قرار المجلس بعد مرور 24 ساعة من صدوره ما لم تتقدم المفوضية باحتجاج في غضون 12 ساعة على أساس وجود دواع تتعلق بعدم جدوى القرار، أو تغيير بعض بنوده أو تغيير في القيمة المالية المخصصة لمساعدة البنك أو إنقاذه من الإفلاس. ويتولى المصرف المركزي الأوروبي الإشراف على آلية اتخاذ القرار، وينعقد مجلس إدارة الآلية بعد بلاغ من المركزي الأوروبي بوجود خطر يهدد أحد البنوك بالإفلاس، أو أن هناك أحد البنوك يواجه صعوبات تستحق التدخل، كما يحق للبنك نفسه إبلاغ مجلس إدارة الآلية بذلك بعد إطلاع المركزي الأوروبي، وينعقد مجلس إدارة الآلية لتحديد الخطوات في إطار ما تضمنه قواعد آلية القرار الموحد، وتكون مهمة مجلس إدارة الآلية التخطيط واتخاذ القرار، ويبقى الإشراف هو مهمة المركزي الأوروبي، ويمكن لمجلس إدارة الآلية الموحدة اتخاذ قرار بتقديم مساعدة مالية بقيمة 5 مليارات يورو، ويمكن أن تصل إلى الضعف في حال تعرض أحد البنوك للإفلاس على أن تتولى إدارة الآلية تقييم الوضع بعد 12 شهرا. ويقوم المجلس بتحضير القرار حول البنك المعني بعد دراسة أوضاعه وتحليلها وتحديد المنهاج المناسب الذي يجب أن يتبع لحل مشاكل البنك المعني، بمعنى تحديد الأدوات التي يجب أن تستخدم وكيف يمكن للصندوق والسلطات الرقابية المحلية أن تشارك في هذا العمل. وأهمية الآلية تنبع من أن قرار إعادة هيكلة أو إفلاس بنك أصبحت بيد البنك المركزي الأوروبي وأموال إعادة الهيكلة من مساهمات البنوك في الصندوق المزمع إنشاؤه برأسمال يقدر بنحو 55 مليار يورو خلال 10 سنوات، والجهات التي تنفذ قرار إعادة هيكلة البنك الذي يعاني صعوبات مالية هي الجهات الرقابية المحلية بإشراف المجلس. إذن القرار بالتصفية أصبح فنيا وليس سياسيا.
وفي مطلع أغسطس (آب) الماضي نشرت الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي، النص الخاص بإنشاء آلية قرار موحدة للاتحاد المصرفي الأوروبي، وقالت المفوضية الأوروبية إن نشر نص آلية القرار الموحد يأتي بعد عام من مقترح حول هذا الصدد تقدم به الجهاز التنفيذي للتكتل الأوروبي الموحد، ويتضمن نص آلية القرار الموحد القواعد الجديدة المحددة لجميع الدول الأعضاء الـ28، ووضع حد للنموذج القديم من عمليات إنقاذ البنوك، التي كانت تكلف دافعي الضرائب مئات المليارات من اليورو، ولكن الآلية الجديدة تسمح باتخاذ القرار في الوقت المناسب والفعال عبر الحدود والبنوك المحلية، وخلال عطلة نهاية الأسبوع إذا لزم الأمر. وقالت المفوضية الأوروبية إن الآلية الجديدة دخلت حيز التنفيذ اعتبارا من 19 أغسطس الماضي، وسيجري تطبيق الأحكام المتعلقة بالتعاون في آلية القرار الموحد من جانب السلطات المحلية لإعداد خطط القرارات الخاصة بالبنوك اعتبارا من مطلع عام 2015، على أن تعمل آلية القرار الموحد بكامل طاقتها مع مطلع يناير من عام 2016.
واختتمت المفوضية الأوروبية بالقول إن نشر نص آلية القرار الموحد يساهم في جعل الاتحاد المصرفي الأوروبي حقيقة واقعة.
بنوك منطقة اليورو تسلمت الدفعة الأولى من قروض المركزي الأوروبي إجمالي قيمتها 400 مليار يورو
دراسات تشير إلى حاجتها إلى ألف مليار يورو حتى تعود من جديد إلى «الطريق الصحيح»
بنوك منطقة اليورو تسلمت الدفعة الأولى من قروض المركزي الأوروبي إجمالي قيمتها 400 مليار يورو
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة