الحلقة (1): قذاف الدم يروي لـ {الشرق الأوسط} بداية التوتر بين السادات والقذافي.. واجتماع ميت أبو الكوم

أحمد قذاف الدم يروي لـ {الشرق الأوسط} مسيرة نصف قرن مع معمر القذافي (1 من 10)

القذافي مع السادات في بداية السبعينات (يمين)، أحمد قذاف الدم(في الاطار) و القذافي وأحمد قذاف الدم  القذافي مع السادات في بداية السبعينات
القذافي مع السادات في بداية السبعينات (يمين)، أحمد قذاف الدم(في الاطار) و القذافي وأحمد قذاف الدم القذافي مع السادات في بداية السبعينات
TT

الحلقة (1): قذاف الدم يروي لـ {الشرق الأوسط} بداية التوتر بين السادات والقذافي.. واجتماع ميت أبو الكوم

القذافي مع السادات في بداية السبعينات (يمين)، أحمد قذاف الدم(في الاطار) و القذافي وأحمد قذاف الدم  القذافي مع السادات في بداية السبعينات
القذافي مع السادات في بداية السبعينات (يمين)، أحمد قذاف الدم(في الاطار) و القذافي وأحمد قذاف الدم القذافي مع السادات في بداية السبعينات

يكشف أحمد قذاف الدم، الذي عمل وتعامل مع العقيد الليبي الراحل، معمر القذافي، نحو نصف قرن من الزمان، ولأول مرة، عن أسرار المفاوضات في البيت الريفي للرئيس المصري الراحل أنور السادات، من أجل إنهاء الحرب المصرية الليبية التي وقعت عام 1977. ويتطرق قذاف الدم في 10 حلقات مع «الشرق الأوسط» إلى العديد من المواقف والأسرار والملابسات، وذلك منذ أن استضافت أسرته التلميذ معمر القذافي، ابن عمه، للدراسة الابتدائية والإعدادية في مدرسة سبها المركزية في جنوب ليبيا، في أواخر خمسينات القرن الماضي، وحتى العمل معه كمبعوث خاص ومنسق للعلاقات ومندوب لإطفاء الحرائق التي تشتعل أحيانا هنا وهناك، وكان آخرها حريق «انتفاضة فبراير المسلحة» التي شارك فيها حلف «الناتو» وأنهى حكم معمر في مسقط رأسه في سرت في مشهد مأساوي في خريف 2011.

بعد انتهاء حرب 1973 وبدء مفاوضات الكيلو 101، بين مصر وإسرائيل، بإشراف الأمم المتحدة، للوصول إلى تحديد خطوط وقف إطلاق النار، بدأت نذر الخلافات بين العقيد القذافي الذي كان عمره لا يتجاوز 31 عاما، والرئيس السادات المخضرم في الحروب والثورات والسياسة. وشعر القذافي أن الأمور يمكن أن تفلت، وبدا من تصرفاته أنه لا يريد أن يخسر القاهرة، وفي الوقت نفسه كان موقفه أكثر ميلا للموقف الرافض لطريقة التفاوض الذي يتبناه الفريق سعد الدين الشاذلي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية في ذلك الوقت. وأخذ القذافي ينتقد أولا إجراء مفاوضات الكيلو 101 على الأرض المصرية.
ورغم غضبه الشديد من السادات، فإنه وافق على حضور حفل تكريم الجيش المصري الذي نظمه السادات عقب الحرب بنحو أربعة أشهر، أي في فبراير (شباط) عام 1974.
ويكشف قذاف الدم في هذه الحلقة كيف بدأ وكيف انتهى في مفاوضات في منزل السادات الريفي على أطباق الشوربة المغربية وهي حساء ليبي كان السادات يحبه ويأمر بإعداده في مطبخه، بعد أن علمه القذافي طريقة تحضيره.
على أية حال.. نحن في الأيام التي أعقبت حرب تحرير سيناء، ووسط لغط في الأوساط العسكرية والسياسية، يتردد صداه على ضفة قناة السويس وبقايا خط بارليف الحصين، وينتقل عبر الأثير إلى أرجاء الدنيا، حول المفاوضات التي كانت تجري بين القاهرة وتل أبيب تحت إشراف الأمم المتحدة. وزاد من حجم المسؤولية في القرار على كل من مصر وسوريا وليبيا، ارتباط هذه الدول فيما يعرف بـ«الاتحاد الثلاثي» الذي جرى التوقيع عليه منذ بداية السبعينات.
أين كان الضابط أحمد قذاف الدم في ذلك الوقت.. أين ذهبت أحلامه في وصول الجيوش العربية إلى فلسطين وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني. سألته: هل رجعت إلى ليبيا مباشرة بعد انتهاء الحرب؟ فعاد بالذاكرة قليلا إلى الوراء، وأجاب وهو يتنفس بحرقة: «لا.. حصلت مشاكل بعد أن تقدم الفريق سعد الدين الشاذلي باستقالته. وكان التفكير الليبي أقرب إلى تفكير الفريق الشاذلي.. انحزنا له بشكل أو بآخر، بحكم أنه كان الأكثر فهما للأمور العسكرية على الأرض، وأيضا كنا نتابع مع الإخوة السوريين على الجبهة السورية. كنا ضد إيقاف الحرب، وضد مفاوضات الكيلو 101.. كنا نرى أنه إذا كان لا بد من هذه المفاوضات فلتكن في أرض العدو، وليس على الأرض المصرية».
ويقول: اختلفنا في مثل هذه النقاط، وبدأت حملة إعلامية شرسة في مصر ضد ليبيا. وبدأت الخلافات تأخذ شكلا متصاعدا، ورغم ذلك، عندما كرم الرئيس السادات الجيش المصري بعد الحرب، بعث بمبعوث إلى طرابلس، لدعوة معمر لحضور التكريم، وكان السادات يقول: «رغم خلافي مع معمر، ورغم أن معمر عمل وعمل وعمل، ولكن نحن أوفياء، ولا يمكن أن ننسى ما قامت به ليبيا في هذه الحرب، ولا ينبغي أن يجري التكريم في غير حضور معمر القذافي». ومن جانبه اشترط القذافي على السادات أن يوجه الدعوة لحضور بعض القادة الأفارقة، وقال للسادات: «أفريقيا ساهمت معنا وقامت بقطع علاقتها بإسرائيل، وأرجو، طالما أنت قمت بهذه الخطوة فإنه من باب الوفاء لأفريقيا أن ندعوها للمشاركة في الحفل». ورحب السادات بالفكرة وجاء الرئيس الأفريقي موبوتو سيسيسيكو وحضر معنا التكريم الذي جرت وقائعه في مقر مجلس الشعب المصري.
لكن العلاقة لم تعد بين القذافي والسادات إلى نفس الدرجة ولا إلى نفس الروح التي كانت عليها، من الثقة والود، قبل مفاوضات الكيلو 101. ومع ذلك كان القذافي مصرا على الاستمرار في الاتحاد الثلاثي بين مصر وليبيا وسوريا، وكان مصرا أيضا على التعجيل بهذا العمل المشترك «حتى لا نضيع الوقت». وكان يقول، وفقا لقذاف الدم: «كيف نستفتي الناس على الاتحاد ثم نتركهم.. لا أحد يجوز له إلغاء هذا الاتحاد إلا باستفتاء».
وكان قد جرى تخصيص القصر الرئاسي المصري المعروف حتى اليوم باسم «قصر الاتحادية» كمقر للاتحاد الثلاثي وللبرلمان الاتحادي. ويقول قذاف الدم: «كنا قد أنشأنا مجموعة مؤسسات للاتحاد الثلاثي في قصر الاتحادية. ولهذا السبب أطلق عليه هذا الاسم. أما الفقرة التي تنص على عدم إلغاء الاتحاد إلا باستفتاء فقد وضعها معمر القذافي، ولا زال هذا الاتحاد قائما (نظريا) حتى هذه الساعة. ومن الناحية الدستورية يستمر قائما ما لم يجر استفتاء الناس على إلغائه. وكانوا يخشون من أنه لو جرى استفتاء سيجري رفض الانفصال وقتها».
ويقول قذاف الدم إن القذافي كان يريد أن يجري زواجا سياسيا أكثر من أي شيء آخر، بين البلدين على ما أعتقد.. «هو كان يريد زواجا سياسيا لكي يكسر هذا الحاجز الذي تكوَّن بعد ملابسات حرب 1973. وأن نقترب من بعض أكثر لأن حالة الشك بدأت تسود، ويسود الظن بأن معمر كان لديه موقف من الرئيس السادات، وأن معمر يقوم بتخوين السادات وهكذا».
ويتابع قذاف الدم قائلا: «نحن كنا شبابا بطبيعة الحال، وسوريا ظلت خارج هذا الإطار، فحدثت خلخلة في الإجماع العربي، فكانت في الحقيقة مرحلة صعبة في العلاقات بين ليبيا ومصر.. وأنا الحقيقة لم أنقطع عن مصر، كنت أتواصل وألتقي بالرئيس السادات من آن إلى آن، سواء في القاهرة أو خارجها».
ووقعت بعد ذلك بثلاث سنوات، ومع اقتراب مصر من توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل، مناوشات عسكرية على الحدود المصرية الليبية عام 1977، كان لها العديد من التداعيات والتفسيرات، لكن يبدو أن السبب الرئيس كان الشحن والتوتر وتبادل الاتهامات. فالمصريون يتهمون القذافي بأنه كان يجهز لضرب السد العالي وتنفيذ تفجيرات داخل البلاد وتحريض المصريين ضد السادات، بينما كان لليبيين فهم مختلف يتعلق بوجود مؤامرة غربية ضدها. ولعب قذاف الدم دورا في «مفاوضات الشوربة المغربية في ميت أبو الكوم.
لكن كيف بدأت الأحداث بالضبط وإلى أين وصلت وكيف انتهت، كما رآها وتابعها.
يقول قذاف الدم: والله أعتقد أنه كان هناك مخطط لترحيل الجيش المصري من المنطقة الشرقية إلى المنطقة الغربية، لأن المساحة ضاقت وأصبح الجيش يشكل خطرا حتى على القاهرة، فكان لا بد من إيجاد مبرر لنقله إلى الصحراء الغربية. فافتعلت مصر هذه المشكلة، وهذه القصة.
لكن في ذلك الوقت ترددت الكثير من الأقاويل عن أن القذافي يريد أن يأتي بحشود شعبية من ليبيا للضغط على القاهرة حتى لا توقع معاهدة مع إسرائيل. ما رأيك؟ ويرد قذاف الدم قائلا: «المهم كانت هناك رغبة في خلق مبررات حتى لو كانت واهية.. ولم تكن منطقية في نهاية المطاف. وقد يكون جزء منها هو المعلومات المضللة التي كانت تأتي للرئيس السادات لتدمير ما تبقى من الجيش المصري من خلال توريطه في حرب في ليبيا. أنا لا أستبعد أن الأميركيين والغرب كانوا يعطون معلومات غير صحيحة للسادات تقول إن معمر سيدمر السد العالي ويريد أن يحارب مصر أو يغزو مصر.. ومثل هذا الكلام لا أساس له.. معمر رجل وحدوي ورجل قومي، ولا يمكن أن يحارب الجيش الذي بناه عبد الناصر ولا يمكن أن يهدم السد العالي الذي بناه عبد الناصر».
وحين بدأت المواجهات بين الجيش المصري والليبي، كان قذاف الدم يستكمل دراساته العسكرية في بريطانيا. ويوضح قائلا: «سمعت بالأحداث التي تجري على الحدود.. وجرى استدعائي، ورجعت إلى ليبيا. وطلبت أن أنتقل إلى طبرق، لأن الموضوع بالنسبة لي كان خارج دائرة التصديق. أفكر في أن الجيش المصري على الحدود الليبية.. الحقيقة مسألة بالنسبة لنا كانت صدمة مهما كانت الخلافات. وذهبت مع زملائي واستطلعنا الحدود، ورأينا فعلا أن القوات المصرية هناك وبعض منها داخل حتى الأراضي الليبية. وحدات استطلاع.. ورجعنا، وبدأنا اتصالات مع الرئيس السادات ومع آخرين من المصريين، وأنا كنت طرفا في هذه الاتصالات».
هل اتصلت بالسادات نفسه حول مشكلة الحشد العسكري على الحدود؟ يقول: «نعم». وكيف كان رد فعله؟ يجيب: «والله هو كان معبأ.. ويرى أن ليبيا، وأن معمر، يريد أن يغزو مصر. وتحدثنا مع السادات في الهاتف في المرات الأولى.. ثم توصلنا من خلال اللقاءات المستمرة، والسرية طبعا، مع أجهزة المخابرات المصرية، ومع قوات الاستطلاع المصري، إلى امتصاص هذه المرحلة.
والحقيقة لعب الرئيس الجزائري هواري بومدين والفلسطيني عرفات، دورا مهما في توضيح هذه الصورة للسادات». كما جرت لقاءات مباشرة سرية كثيرة، في مصر وفي باريس وفي المغرب وفي أكثر من مكان.
لكن كيف انتهى موضوع المواجهات العسكرية بين البلدين؟ يجيب قذاف الدم قائلا إن أهم لقاء أدى لحسم هذه القصة وأنهاها نهائيا، كان من خلال لقاء مباشر وليس بالهاتف مع الرئيس السادات، الذي وجدته في الحقيقة رجلا قرويا وثوريا في الوقت نفسه.. «أقصد أنه كانت توجد لغة مشتركة بيننا رغم الخلاف». وفي ذلك الوقت، ورغم ما هو ظاهر من العداء بين معمر القذافي والسادات، إلا أن هذا لم يكن هو الواقع.. معمر كان لديه احترام للسادات، وتاريخه ومواقفه.. وأيضا الرئيس السادات كان يقول معمر هذا ابني».
ويضيف قذاف الدم قائلا: حتى حين كنت أزور السادات في بيته الريفي في ميت أبو الكوم، كان يقول لي إن هذه النخلة أتى بها القذافي وهذه الشجرة زرعها القذافي والشاي الأخضر علمه لي معمر القذافي.. والشوربة المغربية علمها لي القذافي، مشيرا إلى أن السادات كان يحب الشوربة الليبية كثيرا.. «أنا أعني إجمالا أنه كان هناك نوع من الود. وكان يهدأ قليلا ثم يبدأ في توجيه اللوم للقذافي وأنا جالس معه في بيته، ويقول: كيف معمر يعمل هذا، في إشارة إلى ما كان يشاع عن عزم ليبيا غزو مصر وضرب السد العالي. كما قال السادات أيضا إن معمر عاوز يستولي على الأراضي المصرية لغاية العامرية (غرب الإسكندرية)».
كان قذاف الدم يريد أن يصل إلى نتائج تنهي حالة الاحتقان على الحدود بين البلدين سريعا، ويقول إنه كان لا بد من الحديث صراحة مع السادات، لأنه كان مصمما ولا يريد أن يقتنع بما أقوله له عن وجود مؤامرات غربية لتوريط الجيش المصري في ليبيا، وإبعاده عن سيناء وعن إسرائيل، و.. «هنا طرحت على الرئيس في بيته بميت أبو الكوم أيضا، تفاصيل الخطة التي حصلنا على معلومات بشأنها بواسطة أجهزة الاستخبارات الليبية، وتهدف لغزو مصر لليبيا من الشرق وغزو تونس لليبيا من الشمال، على أن يتصدى الأسطول الأميركي في البحر المتوسط لأي محاولة للتدخل من جانب الاتحاد السوفياتي.
لكن السادات أشعل غليونه ودار حول نفسه ثم أخذ يتطلع إلى الأشجار والنخيل من حوله، وظننت أنه سيتفهم ما قلته له، لكن فجأة نفث دخان الغليون، وعاد سيرته الأولى، وهو غاضب أكثر من الأول: «لا.. أنتم لديكم صواريخ في الجغبوب (قرب حدود مصر) تريد أن تدمر السد العالي». وأخذ يشير إلى خرائط مصورة بالأقمار الصناعية التي بدا أنها أميركية. فقلت له: «تعني أن الخرائط تقول إنه توجد صواريخ في الجغبوب.. حسنا أستطيع أن أذهب الآن أنا وعسكريون مصريون بطائرة عمودية إلى هذا المكان لترى أنه لا يوجد فيه مثل هذا الكلام».
وبعد أن كان مغتاظا بشكل كبير بدأ يجنح ناحية الهدوء فقلت له مباشرة وأظن أنني فاجأته: «أنتم سيادة الرئيس مَنْ لديكم مخطط ضد ليبيا». وعرضت عليه المخطط الأميركي لضرب ليبيا، فقال لي: «هذا كلام غير صحيح»، وأخذ يحدق مجددا في خرائط الأقمار الصناعية التي كانت أمامه. فأخرجت أوراقا تثبت صحة كلامي، وقلت له: «لا.. إنه كلام صحيح سيادة الرئيس. وهذه المعلومات من داخل الولايات المتحدة الأميركية، وحصلت عليها المخابرات الليبية».
وعلى الجانب الآخر كان كل من الرئيس الجزائري، بومدين والفلسطيني عرفات، قد عملا على إنهاء حالة التوتر مع مصر، لكن رغم ذلك استمرت حشود الجيش المصري على الحدود فيما بعد. ويقول قذاف الدم: نسيت أن أذكر لك أن زيارتي للسادات في ميت أبو الكوم لم تكن بعلم القذافي ولم أستأذنه فيها. المهم أنه بعد نقاش طويل عريض، قلت للسادات: «شوف أنا جئت دون إذن.. إما أن نصل إلى حل، أو احجز لي مكانا عندك لكي أمكث في مصر، لأن القذافي لا يعلم بهذه الزيارة ولم آخذ إذنه، ولا أستطيع أن أعود إليه بعد هذا دون نتيجة مريحة».
فسألني السادات وقد بدا أنه متعاطف معي: ماذا تريد؟ فأجبته إجابة مطولة: أريد أن تأخذ خطوة. وكان يستمع حين قاطعني ليأمر بتحضير طعام الغداء، على أن تكون الشوربة المغربية على السفرة. واستكملت حديثي وقلت له: سيادة الرئيس.. أنا جئت لأؤكد أننا في ليبيا ليست لدينا أي أمور عدائية تجاهكم. بينما أنتم جئتم بقواتكم على حدودنا. اسحب على الأقل جزءا من هذه القوات، وبرهن على حسن النوايا. وأعطنا أسبوعا.. إذا لم يأت رد من ليبيا في خلال الأسبوع، أعد القوات مرة أخرى. فقال لي: خلاص.. سأسحب لمدة أسبوع.
ويقول قذاف الدم: شعرت مرة أخرى، وأنا أتطلع إلى الأجواء الريفية المحيطة ببيته، أن الرئيس السادات إنسان بسيط ومتواضع. على أية حال قدم الشوربة وكان هناك بط أيضا. وفي آخر النهار أكلنا فطير مشلتت (نوع من المخبوزات في الريف المصري). لقد بدأ اللقاء عاصفا وانتهى بعد ساعات طويلة بتفاهم. وكان الرجل ودودا، لكن كانت لديه همومه ومخاوفه تجاه بلده ويريد أن يستعيد سيناء بعد أن تخلى عنه الجميع.
وعلى فناجين الشاي الأخضر بينما كانت زقزقة الطيور تتزايد مع اقتراب المساء، كان الحديث مع الرئيس يسير بهدوء، وكان كل من قذاف الدم والسادات لديه استعداد للاستماع أطول فترة ممكنة للآخر. وعرض عليه قذاف الدم بالتفصيل معلومات المخابرات الليبية التي قال إنها موثقة وجاءت بها من أميركا.. «والتي تشير إلى أن هذا المخطط ضد ليبيا بدأ منذ أواخر السبعينات عندما دخلت قواتنا إلى تشاد ووصلت لمشارف العاصمة إنجمينا».
ويضيف: «الخطة تقضي بجر مصر وتونس للتدخل في ليبيا بمساعدة أميركية وفرنسية، لإسقاط النظام في ليبيا حين كانت معظم القوات الليبية تحارب في تشاد.. من تونس تدخل القوات الفرنسية وتستولي على طرابلس بزعم أن ليبيا تريد أن تهاجم تونس.. وتتولى مصر الدخول من الغرب حتى بنغازي للسيطرة عليها، ثم يقوم الأسطولان السادس والسابع بمحاصرة شواطئنا من الشمال حتى لا يتحرك الاتحاد السوفياتي لنجدة القوات الليبية».
وانتهت زيارة قذاف الدم لبيت السادات، ومن هناك انطلق عائدا إلى ليبيا. ويقول: ذهبت للأخ معمر الذي كان وقتها موجودا في خيمة في منطقة الكُفرة الحدودية، وقلت له إنني كنت عند السادات.. طبعا فوجئ، وقال لي: لماذا لم تستأذني؟ فقلت له لو كنت قد استأذنتك لقلت لي لا تذهب، ولقلت لي إنه اتفق مع الأميركان وأصبحوا جبهة واحدة. فسألني: لماذا اخترت الذهاب للسادات؟
فأجبته: لأنه الحلقة الأضعف.. رجل من طينتنا ولديه نفس مشاعرنا ورجل ثوري وعاش معنا ويعرفنا جيدا. أما الغرب فهو عدو يريد أن يقتص منا. وبالنسبة لتونس، إذا أقنعهم الفرنسيون أن معمر يريد أن يهجم عليهم، فسيطلبون بشكل آلي الحماية الفرنسية. وحكيت له ما حدث في بيت ميت أبو الكوم بالتفصيل، ووجد أنني متأثر بكلام السادات، وأعتقد أنه قال بينه وبين نفسه إن السادات «أكل بعقله حلاوة»، كما يقول المصريون، خاصة أنني كنت شابا صغيرا. ولم يكن القذافي مقتنعا بكل ما حدث، أو بالأحرى كان مترددا. قال: خلاص.. لكن الكلام الذي سمعته من السادات لا يوثق فيه.. هذه مناورة منه وضحك عليك، وقال لك إنه سيسحب القوات، ولن يسحبها.
وبينما شعر قذاف الدم أن جهوده مع السادات ذهبت هباء، وأن الأمور تزداد تعقيدا، وجد الفرج وكأنه هبط عليه من حيث لا يدري. يقول: تشاء الظروف في تلك اللحظة، ونحن نهم بالخروج من الخيمة، أن يأتي قلم القائد (سكرتير القذافي) حاملا الملفات والبرقيات والبريد، وهنا ابتعدت عن الأخ معمر، على أساس أن أتركه يفحص ما لديه من أوراق، لكنه أخذ ينادي علي، وحين اقتربت قال: «تعال هنا.. تعال. يبدو أن صاحبك جاد»، في إشارة إلى السادات، لأنه لم يكن يريد للسكرتير، أو غيره، أن يعرف أنني كنت عند الرئيس المصري.
ومد لي برقية واردة من استطلاع الجيش الليبي، تقول إن بعض الوحدات المصرية انسحبت من الجبهة. فقلت للقذافي وقد شعرت بعودة النبض إلى عروقي: خلاص.. إذن الكرة أصبحت في ملعبنا نحن، وعلينا أن نتخذ الخطوة التالية، فوافق، وأعلن في خطاب عام أنه لن يحارب جيش عبد الناصر ولن يدمر السد العالي. وقال أيضا: لا بد أن نحول هذه المنطقة إلى منطقة رخاء وتعاون بين البلدين وأنه مهما كانت خلافاتنا سياسية فلا يجب أن نصل لدرجة تجييش جيوشنا وقدراتنا لمصلحة الغرب.
ويضيف قذاف الدم أن الإجراءات العملية لإنهاء التوتر العسكري على الحدود المصرية الليبية استمرت بعد ذلك حيث أكمل السادات سحب باقي قواته، وقام قادة من الجيش الليبي بعقد اجتماعات مع كل من الجيش المصري والمخابرات المصرية، وأصبح يطلق عليها لسنوات «اجتماعات الحدود» وتهدف للتعاون المشترك لتأمين المنطقة بدلا من الصراع فيها. ويختتم قائلا: حاول الغرب إحياء المخطط نفسه مع الرئيس حسني مبارك، في تسعينات القرن الماضي، وجاء لهذا الغرض، للقاهرة، رئيس الأركان الأميركي، ومعه المخططون من المخابرات الأميركية، إلا أن مبارك أبلغنا بهذا الموضوع، ورفض أن تشترك مصر في المؤامرة ضد ليبيا.



«الكوليرا» يتفشى في صنعاء ويهدد حياة المعتقلين لدى الحوثيين

تتفشى الأوبئة في مناطق سيطرة الحوثيين بسبب الحرب ضد اللقاحات (رويترز)
تتفشى الأوبئة في مناطق سيطرة الحوثيين بسبب الحرب ضد اللقاحات (رويترز)
TT

«الكوليرا» يتفشى في صنعاء ويهدد حياة المعتقلين لدى الحوثيين

تتفشى الأوبئة في مناطق سيطرة الحوثيين بسبب الحرب ضد اللقاحات (رويترز)
تتفشى الأوبئة في مناطق سيطرة الحوثيين بسبب الحرب ضد اللقاحات (رويترز)

مع تأكيد منظمة دولية عدم قدرتها على السيطرة على تفشي مرض الحصبة في ضواحي مدينة تعز، كشفت مصادر طبية يمنية وسكان عن انتشار وباء الكوليرا في العاصمة اليمنية المختطَفة صنعاء، وقالت إن الوباء امتد إلى سجون مخابرات الجماعة، وهو ما يعني تهديداً لحياة المئات منهم.

المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» ذكرت أن القائمين على إدارة سجون الحوثيين أبلغوا عائلات المعتقلين خلال الأسبوع الحالي بمنع الزيارات أو إدخال الطعام لذويهم، بسبب تفشي وباء الكوليرا داخل المعتقلات، بينما أكَّدت مصادر عاملة في القطاع الطبي تسجيل آلاف الإصابات، وقالت إن الجماعة تتكتَّم على الأمر، فيما تستقبل المستشفيات العامة والخاصة عشرات الحالات يومياً.

ملايين الأطفال اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين عرضة للأمراض الفتّاكة (أ.ب)

وكانت «منظمة الصحة العالمية» أكدت، في تقرير لها، نهاية العام الماضي، تسجيل أكثر من 7 آلاف حالة مشتبَه في إصابتها بالكوليرا في اليمن خلال عام 2023، وقالت إن إجمالي الوفيات المبلَّغ عنها 9 حالات وفاة مرتبطة بالمرض، مع معدل إماتة للحالات يبلغ أكثر من 1 في المائة، فيما تبلغ معدلات الإصابة 23 حالة لكل 100 ألف شخص.

وأعادت «منظمة الصحة العالمية» السبب الرئيسي لانتشار الوباء إلى الإجهاد الشديد الذي تعاني منه البنية التحتية للرعاية الصحية، وتدهور الظروف الاقتصادية في البلاد، بالإضافة إلى الانخفاض المتزايد في تغطية التحصين الشاملة وقيود الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية، وقالت إن هذا كله جعل البلاد وسكانها عرضة بدرجة كبيرة لتفشي الأمراض، خصوصاً تلك التي يمكن الوقاية منها باللقاحات، مثل الكوليرا والدفتيريا والحصبة وشلل الأطفال.

خوف من التصفية

أفادت مصادر في عائلات المعتقلين في سجون الحوثيين لـ«الشرق الأوسط» بأنها أوقفت إرسال الأطعمة لأقاربها في المعتقلات حتى لا تترك للحوثيين ذريعة لتصفيتهم تحت مبرر أنهم تناولوا أطعمة ملوَّثة أُرسلت لهم، أو أنهم أُصيبوا بأمراض وبائية نتيجة تناولهم تلك الأطعمة.

ورغم أن السجناء يشكون بشكل دائم من تردّي نوعية الوجبات الغذائية التي تُقدَّم لهم وعدم كفايتها، رأت المصادر في موت التربوي صبري الحكيمي أكبر دليل على استهتار الحوثيين بحياة المعارضين، لأنهم أَمِنوا العقاب.

يتجاهل الحوثيون الوضع الصحي المتردي وينفقون الأموال على التعبئة والاستقطاب (إ.ب.أ)

وذكرت المصادر أن الجماعة رفضت حتى الآن تسليم جثمان الحكيمي، وهو كبير مسؤولي التدريب في وزارة التربية والتعليم الذي فارق الحياة في أحد السجون إلى أسرته، رغم أن الجماعة أبلغت عائلته بوفاته قبل عدة أيام، وطلبت حضور مَن يمثلهم لتسلم الجثمان، دون أن تكشف أسباب الوفاة، بحجة عدم استكمال الإجراءات.

من جهته، وصف النائب المعارض أحمد سيف حاشد ما يجري فيما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات» الحوثي بأنه «مريع وفظيع»، ودعا إلى إخضاع السجون والمعتقلات للجهات التي تراقب تنفيذ القوانين، والتي لم يُسمَح لها بالنزول وزيارة المعتقلات سوى مرة واحدة خلال 9 أعوام. وقال إنه عرف محامياً تم حبسه في زنزانة انفرادية خمسة أشهر، دون أن يتم توجيه تهمة له أو يُحال للمحاكمة.

وأكد النائب المعارض أن معتقلاً آخر أمضى 4 سنوات في سجن مخابرات الحوثيين، قبل أن ينتهي به الحال إلى قرار من النيابة بأنه لا وجه لإقامة الدعوى ضده». وجزم بأن ما يصل إلى الناس من انتهاكات سوى النادر، ويمثل واحداً في الألف من قضايا الانتهاكات.

الحصبة تتمدد

ذكرت منظمة «أطباء بلا حدود» أن مستشفى تديره في مناطق سيطرة الحوثيين بضواحي مدينة تعز سجل 1500 حالة إصابة بمرض الحصبة بين أطفال أعمارهم دون سن الرابعة، رغم مضي 7 أشهر على افتتاح وحدة العزل الخاصة بالمرض.

وأوضحت المنظمة أن وحدة العزل الخاصة بمرض الحصبة التي افتتحتها في أغسطس (آب) الماضي، بمستشفى الأم والطفل في منطقة الحوبان، بضواحي مدينة تعز استقبلت، حتى فبراير (شباط)، 1552 حالة إصابة بالحصبة، أغلبها لأطفال دون سن الرابعة.

يعاني الأطفال في اليمن من سوء التغذية إلى جانب الأمراض التي تهدد حياتهم (رويترز)

ونبَّهت المنظمة في تقرير لها إلى أن حالات الإصابة بمرض الحصبة بدأت تشهد ارتفاعاً مقلقاً بين الأطفال في النصف الثاني من العام الماضي، حيث استقبلت وحدة العزل بين أغسطس (آب) وديسمبر (كانون الأول) الماضي 1332 طفلاً مصاباً بالمرض، 85 في المائة منهم دون سن الرابعة، وفي شهر فبراير الماضي استقبلت الوحدة 220 إصابة جديدة.

وبحسب المنظمة، فإن الحصبة مرض متوطّن في المنطقة التي تعمل فيها، وكان فريقها الطبي يعاين في العادة ما معدله 8 مرضى كل شهر في مستشفى الأم والطفل بمنطقة الحوبان التي يسيطر عليها الحوثيون «إلا أن هذا النمط بدأ بالتغير في يونيو (حزيران) الماضي، وفجأة بدأت الأعداد تتزايد بشكل مقلق، مع وصول أطفال من مختلف مديريات المحافظة».

وقالت رئيسة الفريق الطبي لمنظمة «أطباء بلا حدود» في المستشفى، إي إي خاي، إنهم يستقبلون كثيراً من الأطفال الذين يعانون من حالات معقدة من الحصبة «وهو عدد لم أشهده من قبل في حياتي»، ورغم أن هذا المرض يمكن الوقاية منه، فإن نسبة التطعيم بين الأطفال الذين يُعالجون من الحصبة لا تتجاوز 16 في المائة. وحذرت الطبيبة من أنه إذا لم يتم احتواء انتقال الحصبة، فإن الأطفال في هذه المنطقة سيعانون من كثير من الأمراض التي قد تصبح قاتلة.

يعيش ملايين اليمنيين على المساعدات المقدَّمة من المنظمات الإغاثية (أ.ف.ب)

وذكرت خاي أن الأطفال دون سن الخامسة يتأثرون بشكل خاص بالحصبة، لأن أجهزتهم المناعية ليست متطورة بما يكفي لمقاومة العدوى. وتوقعت استمرار المرض في الانتشار، لأنه، وبعد مرور ستة أشهر على افتتاح وحدة العزل لتجنب خطر انتقال الفيروس، لا يوجد انحسار في طفرة حالات الإصابة.

وأضافت أن جهود معالجة العدوى واحتوائها يبدو أنها محدودة للغاية، ولا تشير التوقعات إلى انخفاض بالإصابات في وقت قريب.


سفن حربية روسية تدخل البحر الأحمر

الفرقاطة «مارشال شابوشنيكوف» (متداولة)
الفرقاطة «مارشال شابوشنيكوف» (متداولة)
TT

سفن حربية روسية تدخل البحر الأحمر

الفرقاطة «مارشال شابوشنيكوف» (متداولة)
الفرقاطة «مارشال شابوشنيكوف» (متداولة)

قال أسطول المحيط الهادي الروسي، اليوم (الخميس)، إن عدة سفن حربية روسية عبَرت مضيق باب المندب إلى البحر الأحمر، وذلك وسط الهجمات التي يشنها الحوثيون في اليمن على سفن تجارية.

ونقلت قناة «زفيزدا» التلفزيونية التابعة لوزارة الدفاع الروسية، عن الأسطول قوله إن الطراد «فارياج» والفرقاطة «مارشال شابوشنيكوف» يشاركان في الرحلة، حسبما ذكرت وكالة «رويترز» للأنباء.


«الرئاسي اليمني» يقيّم الأداء... والزنداني وزيراً للخارجية

دخان يتصاعد إثر ضربة غربية استهدفت موقعاً حوثياً في صنعاء (رويترز)
دخان يتصاعد إثر ضربة غربية استهدفت موقعاً حوثياً في صنعاء (رويترز)
TT

«الرئاسي اليمني» يقيّم الأداء... والزنداني وزيراً للخارجية

دخان يتصاعد إثر ضربة غربية استهدفت موقعاً حوثياً في صنعاء (رويترز)
دخان يتصاعد إثر ضربة غربية استهدفت موقعاً حوثياً في صنعاء (رويترز)

تحدث إعلام الجماعة الحوثية في اليمن عن تلقي ضربة في صعدة، الأربعاء، وصفها بالأميركية والبريطانية، وذلك غداة تبني الجماعة مهاجمة ست سفن غربية في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي حين شدد مجلس القيادة الرئاسي اليمني - من جهته - على أهمية الالتزام بمبادئ الحكم الرشيد وتكافؤ الفرص، صدر قرار رئاسي قضى بتعيين شائع الزنداني وزيراً للخارجية وشؤون المغتربين، خلفاً لأحمد عوض بن مبارك الذي كان تم تعيينه في وقت سابق رئيساً للحكومة اليمنية.

وشغل الزنداني حتى تعيينه، منصب سفير اليمن لدى السعودية، وهو أكاديمي من الجيل المخضرم في الدبلوماسية اليمنية، حيث شغل منصب السفير في دول عربية وأوروبية، كما سبق له أن شغل منصب نائب وزير الخارجية في حكومات يمنية سابقة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأن مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عقد اجتماعاً برئاسة رشاد العليمي، وبحضور أعضاء المجلس عيدروس الزبيدي، وعبد الرحمن المحرمي، وعبد الله العليمي، وعثمان مجلي، وفرج البحسني، بينما غاب بعذر عضوا المجلس سلطان العرادة وطارق صالح.

ونقلت وكالة «سبأ» أن اجتماع مجلس الحكم وقف أمام تطورات الأوضاع الاقتصادية، والمعيشية، والسياسية، والأمنية والعسكرية، والإجراءات التنفيذية المطلوبة لمواصلة وفاء الدولة بالتزاماتها الحتمية خلال المرحلة المقبلة.

وطبقاً للوكالة «ناقش مجلس القيادة الرئاسي، عدداً من المقترحات والتقارير المقدمة من رئيس المجلس وأعضائه بشأن بعض الاستحقاقات المؤجلة، والتقييمات الإضافية للأداء التنفيذي خلال المرحلة الماضية ومدى الالتزام بقرارات وتوصيات وموجهات المجلس على مختلف المستويات».

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وشدد «الرئاسي اليمني» على ضرورة الالتزام الصارم باللوائح والنظم القانونية، واعتماد مبادئ الحكم الرشيد، والعدالة وتكافؤ الفرص في مؤسسات الدولة كافة بما يحقق المصلحة العامة، ويعزز من فاعلية وشفافية ونزاهة الأجهزة الحكومية، وقدرتها على مواجهة التحديات، والتخفيف من معاناة المواطنين التي فاقمتها هجمات الحوثيين على المنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية.

غارة في معقل الحوثيين

في ظل التصعيد البحري الحوثي والضربات الغربية المضادة، أقرّ إعلام الجماعة، الأربعاء، بتلقي غارة وصفها بالأميركية والبريطانية، استهدفت موقعاً في منطقة القطينات التابعة لمديرية باقم في محافظة صعدة حيث معقل الجماعة.

ولم يشر الإعلام الحوثي إلى تفاصيل أخرى في شأن آثار الغارة، كما لم يتبن الجيش الأميركي على الفور تنفيذها، إلا أنه يشن منذ 12 يناير (كانون الثاني) ضربات شبه يومية للحد من قدرات الحوثيين، إلى جانب عمليات التصدي للهجمات التي بات يشارك فيها الأوروبيون.

وإذ تأمل الولايات المتحدة أن تقود جهودها إلى تحجيم قدرة الجماعة الحوثية وحماية السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، كانت فرضت، الثلاثاء، عقوبات جديدة تتعلق بمكافحة الإرهاب على وسطاء ماليين وتجاريين على علاقة بجماعة الحوثي و«فيلق القدس» الإيراني و«حزب الله» اللبناني.

وبحسب وزارة الخزانة الأميركية، استهدفت العقوبات ستة كيانات وفرداً وناقلتين، قالت إنهم شاركوا في تسهيل شحنات السلع والمعاملات المالية.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في بيان: «سنواصل استخدام الأدوات المتاحة لدينا لاستهداف أولئك الذين يشحنون البضائع غير المشروعة لصالح الجماعات الإرهابية».

وتأتي هذه التطورات مع تعاظم الشكوك في الشارع اليمني حول إمكانية جنوح الحوثيين للسلام، ووسط المخاوف من عودة القتال على نطاق واسع إذا لم تتمكن المساعي الأممية من احتواء التصعيد.

وكان المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية يحيى سريع، تبنى في بيان، الثلاثاء، تنفيذ ست هجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة ضد سفن، بينها مدمرتان أميركيتان، في خليج عدن والبحر الأحمر خلال 72 ساعة.

تتهم الحكومة اليمنية الحوثيين بتنفيذ أجندة إيران (إ.ب.أ)

وتشن الجماعة الحوثية منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن وهددت بتوسيعها إلى المحيط الهندي في سياق مزاعمها بأنها تساند الفلسطينيين في غزة من خلال منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.

وأُصيبت 16 سفينة على الأقل، خلال الهجمات الحوثية، إلى جانب قرصنة «غالاكسي ليدر» واحتجاز طاقمها حتى الآن، وتسببت إحدى الهجمات، في 18 فبراير (شباط) الماضي، في غرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

كما تسبّب هجوم صاروخي حوثي في السادس من مارس (آذار) الحالي في مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس».

وتبنّت الجماعة حتى الآن مهاجمة نحو 80 سفينة. في حين أطلقت واشنطن تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمّته «حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض.

وأطلق الاتحاد الأوروبي - من جهته - مهمة «أسبيدس»، في منتصف فبراير (شباط) الماضي، وتشارك حتى الآن في المهمة فرنسا، وألمانيا، وهولندا، وإيطاليا واليونان، دون شن ضربات ضد الحوثيين، كما تفعل الولايات المتحدة وبريطانيا.

ومنذ تدخل الولايات المتحدة عسكرياً، نفذت، مئات الغارات على الأرض؛ أملاً في تحجيم قدرات الحوثيين العسكرية، أو لمنع هجمات بحرية وشيكة. وشاركتها بريطانيا في 4 موجات من الضربات الواسعة.


معسكرات الصيف الحوثية تتربّص بمستقبل اليمنيين

تشير بعض التقارير الدولية إلى أن 4.5 مليون طفل يمني لا يذهبون إلى المدارس (منظمة حماية الطفولة)
تشير بعض التقارير الدولية إلى أن 4.5 مليون طفل يمني لا يذهبون إلى المدارس (منظمة حماية الطفولة)
TT

معسكرات الصيف الحوثية تتربّص بمستقبل اليمنيين

تشير بعض التقارير الدولية إلى أن 4.5 مليون طفل يمني لا يذهبون إلى المدارس (منظمة حماية الطفولة)
تشير بعض التقارير الدولية إلى أن 4.5 مليون طفل يمني لا يذهبون إلى المدارس (منظمة حماية الطفولة)

تستعد الجماعة الحوثية لإنهاء العام الدراسي في مناطق سيطرتها بعد أيام قليلة، بالتزامن مع تحضيراتها المكثفة لإطلاق المراكز الصيفية التي تتربص بمستقبل أطفال اليمن، حيث تحشد عدداً كبيراً منهم للمشاركة في برامجها، بعدما أقدمت على تغيير التقويم الدراسي خلال الأعوام الماضية.

يبدأ العام الدراسي في مناطق سيطرة الجماعة منتصف الصيف، لينتهي مع بدايات الربيع، لإتاحة المجال لتنظيم المراكز الصيفية التي تستخدمها الجماعة للترويج لمشروعها، وتقديم دروس ومناهج مستمدة من منشوراتها وأدبياتها ذات المضمون الطائفي.

جندت الجماعة الحوثية خلال الأشهر الماضية آلاف المراهقين ضمن حملاتها لحشد المقاتلين بزعم نصرة غزة (إعلام حوثي)

أعلن قطاع التربية والتعليم التابع للجماعة منذ ثلاثة أسابيع بدء إجراءات التحضير لاختبارات نهاية العام الدراسي الحالي. ومن المقرر أن تبدأ اختبارات الشهادتين الأساسية والثانوية بعد عيد الفطر بأسبوعين، وهي الفترة نفسها التي تعتزم فيها الجماعة إطلاق المراكز الصيفية.

تقول مصادر تربوية إن مكاتب التعليم التابعة للجماعة في محافظات صنعاء وعمران وحجة والمحويت وجهت المدارس بالبدء بتسجيل الطلاب والطالبات في المراكز الصيفية، وتتوقع أن تكون التوجيهات شملت باقي المحافظات.

التحضيرات للمراكز الصيفية هذا العام تتضمن وفق المصادر ذاتها تحديثاً للمناهج الدراسية المقدمة حول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ومزاعم الجماعة بمناصرة أهالي القطاع بتنفيذ هجماتها على الملاحة في البحر الأحمر، وإطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه إسرائيل.

وتأتي المراكز الصيفية التي تنظمها الجماعة هذا العام بعد أن تمكنت من حشد وتجنيد آلاف الأطفال تحت اسم مناصرة غزة، وسط تحذيرات دولية وأممية من أن الخطر يحدق بجيل بأكمله في اليمن.

وتفيد تصريحات قيادات حوثية بتجنيد أكثر من 70 ألف مقاتل جديد تحت اسم مناصرة غزة، في حين تحدث زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي عن أن مخرجات الورش والدورات التدريبية التي نظمتها جماعته في الشأن ذاته شملت أكثر من 282 ألف متدرب، وتنظيم 350 عرضا عسكريا، و719 مناورة و652 مسيرا عسكريا.

فتيات خارج التعليم

منذ أكثر من عامين هجرت سمية بشير المدرسة وبدأت العمل ضمن مشروع إعداد طعام منزلي مع زميلات لها في العاصمة صنعاء، رغم أن والدتها تعمل معلمة، ووالدها موظف عمومي في قطاع النقل؛ لكن انقطاع رواتب الموظفين العموميين أجبر العائلة على القبول بالأمر الواقع.

يتعرض الأطفال النازحون في اليمن للحرمان من التعليم أكثر من غيرهم (أ.ف.ب)

يقول بشير والد سمية، وكلاهما اسمان مستعاران، إن عائلته اضطرت إلى القبول بالأمر الواقع بعد نقاشات كثيرة مع ولديه، فهو اضطر للعمل في محل تجاري، بينما تعمل زوجته في مدرسة خاصة بمقابل لا يساوي حتى ثلث راتبها المتوقف منذ ما يقارب الثمانية أعوام، بينما تتزايد متطلبات الحياة، ومنها مصاريف دراسة هشام في الجامعة وسمية في الثانوية.

وسمية واحدة من بين ما يقرب من مليون ومائتي ألف فتاة في سن الدراسة باليمن خارج المدرسة الآن، بسبب الفقر، والصراع، ونقص فرص التعلم، بحسب بيانات منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة (يونيسيف) أواخر العام الماضي، بينما ذكرت أخيراً أن 30 في المائة من الفتيات في اليمن يتسربن من التعليم بسبب الزواج المبكر.

اضطرت العائلة للموافقة على اقتراح سمية أن تتوقف عن الدراسة لعام أو عامين على الأكثر مقابل أن تشارك في مشروع الطعام المنزلي ريثما يكمل شقيقها دراسته الجامعية، لينتقل الدور إليه بعد ذلك في تحمل المسؤولية والعمل ومساعدتها في إكمال تعليمها.

يتسبب الزواج المبكر في حرمان الفتيات في اليمن من إكمال تعليمهن بالإضافة إلى عوامل أخرى (الأمم المتحدة)

ويخشى والدا سمية أن تغري العوائد التي تحصل عليها ابنتهما من عملها في عدم إكمال تعليمها، ويشعر الاثنان بالخجل أمام المحيط الاجتماعي لاضطرارهما قبول تحملها جزءاً كبيراً من المسؤولية في هذه السن المبكرة وهجرة التعليم، خصوصاً وأن والدتها قضت ما يقارب العقدين من عمرها في التعليم.

وارتفع إجمالي الأطفال المتسربين من المدارس وفقاً لليونيسيف خلال أعوام الحرب من 890 ألف طفلة وطفل في عام 2015، إلى 2.7 طفلة وطفل خلال العام الماضي، بينما تقدر الحكومة اليمنية عدد الذين لا يذهبون إلى المدارس بـ2.6 مليون طفل وطفلة منهم 1.4 مليون من الأطفال النازحين.


طائرات أميركية وبريطانية تقصف منطقة بمحافظة صعدة في شمال غربي اليمن

طائرة أميركية تقلع لتنفيذ غارة ضد أهداف تتبع جماعة «الحوثي» اليمنية (حساب القيادة المركزية الأميركية على منصة إكس)
طائرة أميركية تقلع لتنفيذ غارة ضد أهداف تتبع جماعة «الحوثي» اليمنية (حساب القيادة المركزية الأميركية على منصة إكس)
TT

طائرات أميركية وبريطانية تقصف منطقة بمحافظة صعدة في شمال غربي اليمن

طائرة أميركية تقلع لتنفيذ غارة ضد أهداف تتبع جماعة «الحوثي» اليمنية (حساب القيادة المركزية الأميركية على منصة إكس)
طائرة أميركية تقلع لتنفيذ غارة ضد أهداف تتبع جماعة «الحوثي» اليمنية (حساب القيادة المركزية الأميركية على منصة إكس)

أفاد تلفزيون «المسيرة» التابع للحوثيين، اليوم (الأربعاء)، بأن طائرات أميركية وبريطانية شنّت غارة على مديرية باقم في محافظة صعدة بشمال غرب اليمن.

وذكرت القناة أن الغارة الأميركية - البريطانية استهدفت منطقة القطينات في باقم، دون ذكر أي تفاصيل أخرى.

ووجهت الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات جوية على مواقع للحوثيين بهدف تعطيل وإضعاف قدرات الجماعة على تعريض حرية الملاحة للخطر وتهديد حركة التجارة العالمية.

وتعرضت سفن عدة في البحر الأحمر لهجمات من قِبل جماعة «الحوثي» التي تقول إن الهجمات تأتي رداً على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.


تقرير دولي: 4.5 مليون طفل يمني خارج المدارس

يتسرب الفتيان والفتيات في اليمن من التعليم لمساعدة عائلاتهم (إ.ب.أ)
يتسرب الفتيان والفتيات في اليمن من التعليم لمساعدة عائلاتهم (إ.ب.أ)
TT

تقرير دولي: 4.5 مليون طفل يمني خارج المدارس

يتسرب الفتيان والفتيات في اليمن من التعليم لمساعدة عائلاتهم (إ.ب.أ)
يتسرب الفتيان والفتيات في اليمن من التعليم لمساعدة عائلاتهم (إ.ب.أ)

أظهرت بيانات وزعتها منظمة دولية معنية بالطفولة أن 4.5 مليون طفل يمني خارج المدارس، وذكرت أن ثلث الأسر أبلغت بأن لديها طفلا واحدا على الأقل تسرب من المدرسة، وأن الرسوم المدرسية الشهرية وتكلفة الكتب المدرسية جعلت التعليم بعيد المنال بالنسبة للكثير.

وبحسب تقرير حديث لمنظمة «إنقاذ الطفولة» فإن اثنين من كل خمسة أطفال، أو 4.5 مليون طفل، خارج المدرسة، مع احتمالية تسرب الأطفال النازحين من المدرسة بمقدار الضعف مقارنة بأقرانهم.

76 % من الطلاب النازحين في اليمن أفادوا بأنه لم يتحسن شعورهم بالأمان خلال فترة الهدنة (الأمم المتحدة)

في غضون ذلك بينت منظمة الصحة العالمية أن ثلث الأسر التي شملها الاستطلاع في اليمن لديها طفل واحد على الأقل تسرب من المدرسة في العامين الماضيين على الرغم من الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة ودخلت حيز التنفيذ في عام 2022.

ووفق ما جاء في التقرير فإن الأطراف اليمنية استمرت في الالتزام بعناصر الهدنة الأساسية ولم يشتعل القتال على نطاق واسع من جديد، ومع هذا الالتزام انخفضت معدلات الضحايا، لكن ثلاثة أرباع الطلاب 76 في المائة أفادوا بأن شعورهم بالأمان لم يتزايد، وذكر 14 في المائة من الأسر أن العنف سبب مباشر للتسرب من المدارس.

وأدى العنف المستمر والاقتصاد المنهار في اليمن وفق هذه البيانات إلى دفع ثلثي السكان إلى ما دون خط الفقر ونزوح ما يقدر بنحو 4.5 مليون شخص أو 14 في المائة من السكان، وقد نزح معظمهم عدة مرات.

تسرب إجباري

وجد تحليل منظمة «إنقاذ الطفولة» أن الأطفال اليمنيين النازحين معرضون أكثر بمرتين للتسرب من المدارس، وذكرت أنه في حين أن العودة إلى المنطقة الأصلية تقلل من تعرض الأطفال النازحين داخليا للتسرب من المدارس بنسبة 20 في المائة، فإن استمرار انعدام الأمن يمنعهم من العودة إلى ديارهم.

وبحسب التقرير فإن الرسوم المدرسية الشهرية وتكلفة الكتب المدرسية تجعل التعليم بعيد المنال بالنسبة للكثيرين، حيث أفاد 20 في المائة من الأسر بأن هذه الرسوم لا يمكن تحملها.

تجبر الجماعة الحوثية الأطفال في مناطق سيطرتها على الانخراط في الصراع (أ.ف.ب)

وقال أكثر من 44 في المائة من مقدمي الرعاية والأطفال الذين شملهم الاستطلاع إن الحاجة إلى دعم دخل أسرهم كانت السبب الرئيسي وراء التسرب من المدارس.

ويذكر هاني (48 عاما)، وهو مدرس، أنه اضطر إلى سحب اثنتين من بناته الأربع من المدرسة بسبب ارتفاع التكلفة. وقال إن المصاريف المدرسية لكل طفل قد تصل إلى أكثر من 25 في المائة من راتبه الذي يساوي نحو 46 دولارا وهذا لا يكفي حتى لتغطية الطعام الذي تحتاجه الأسرة، حيث يبلغ الحد الأدنى لشراء سلة الغذاء لإعالة أسرة مكونة من سبعة أفراد لمدة شهر 85 دولارا في المتوسط ​ استنادا إلى تقرير منظمة «إنقاذ الطفولة».

أما رامي، وهو صبي يبلغ من العمر 12 عاما، فيبين أنه اضطر إلى ترك المدرسة لإعالة أسرته. ويقول كيف يمكنني الذهاب إلى المدرسة وأنا أعلم أننا لا نستطيع تغطية نفقاتنا وأن إخوتي بحاجة إلى الطعام، ولهذا يجب أن أترك المدرسة وأن أعمل.

ويقول محمد مناع، المدير القطري المؤقت لمنظمة إنقاذ الطفولة في اليمن، إنه وبعد تسع سنوات من هذا الصراع المنسي نواجه حالة طوارئ تعليمية لم يسبق لها مثيل. يجب أن تكون آخر النتائج التي توصلنا إليها بمثابة دعوة للاستيقاظ، وعلينا أن نتحرك الآن لحماية هؤلاء الأطفال ومستقبلهم.

يواجه اليمن حالة طوارئ تعليمية لم يسبق لها مثيل (الأمم المتحدة)

ويضيف مناع «رغم أن الهدنة قللت من بعض أعمال العنف، فإنها لم تحقق على الإطلاق الاستقرار الذي تحتاج إليه العائلات بشدة لإعادة بناء حياتها. قبل كل شيء، تحتاج العائلات في اليمن إلى وقف رسمي لإطلاق النار؛ ودون أن تترك العائلات في طي النسيان».

ويؤكد بالقول «لا يمكننا أن نترك أطفال اليمن الذين لا يتوقون إلى شيء أكثر من الأمان وفرصة التعلم، حيث يغيب عن بالهم مستقبل مليء بالاحتمالات».

ودعت المنظمة الدولية جميع أصحاب المصلحة، بما في ذلك السلطات اليمنية والدول المانحة والمؤسسات والجهات الإنسانية الفاعلة، إلى معالجة هذه التحديات بشكل عاجل. ويشمل ذلك الالتزام بعملية سلام متجددة، وضمان حماية المدارس والطلاب، وزيادة التمويل للتعليم، وتوسيع نطاق التدخلات المتكاملة لحماية الطفل.

10 ملايين طفل

في اتجاه آخر ذكرت منظمة «إنقاذ الطفولة» أن نحو 10 ملايين طفل في اليمن بحاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية، في وقت لا يزال أكثر من نصف السكان (18.2 مليون شخص، بينهم 9.8 مليون طفل) بحاجة إلى الدعم المنقذ للحياة.

ورأت المنظمة في تقريرها أن الهشاشة تتجلى بشكل أوضح في استمرار ارتفاع معدلات سوء التغذية، حيث يعاني أكثر من 2.7 مليون طفل من سوء التغذية الحاد بينما يعاني 49 في المائة من الأطفال دون الخامسة من التقزم أو سوء التغذية المزمن، ويحول هذا الوضع دون تمكن الأطفال من النمو إلى أقصى إمكاناتهم في ظل ضرر لا يمكن إصلاحه لنموهم البدني والمعرفي على المدى الطويل.

تهدف اليونيسف لعلاج نصف مليون طفل يمني من سوء التغذية الحاد (الأمم المتحدة)

وتقول كاثرين راسل، المديرة التنفيذية لليونيسف، «إن المزيج الشرس بين النزاع الذي طال أمده والاقتصاد المنهار ونظام الدعم الاجتماعي الذي أثبت عدم نجاعته كان له تأثير مدمر على حياة الفتيات والفتيان الأكثر هشاشة في اليمن».

وأضافت: «لا يزال عدد كبير جدا من الأطفال محرومين من الضروريات الأساسية، بما في ذلك التغذية السليمة، الأمر الذي قد يهدد الأجيال القادمة ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة لتزويد الأطفال بالتدابير الوقائية والعلاج، فهم في أمس الحاجة إليه».

وتهدف اليونيسف هذا العام إلى الوصول إلى أكثر من 500 ألف طفل لعلاجهم من سوء التغذية الحاد الوخيم، باعتبار أن ذلك إجراء حاسم للمساهمة في الحد من وفيات الأطفال دون سن الخامسة.

وتعهدت مسؤولة المنظمة بأن تستمر وشركاؤها في تقديم الدعم المنقذ للحياة للمساعدة في ضمان أن الأطفال الذين عانوا كثيراً سينعمون بأيامٍ أكثر إشراقاً في المستقبل، لكنها أكدت أن القيام بذلك يتطلب الدعم المستمر، والالتزام، والتضامن من شركائنا، والمجتمع الدولي قاطبة.


«أمبري»: عدة انفجارات بمحيط جزيرة زقر في اليمن

أنباء عن وقوع عدة انفجارات في محيط جزيرة زقر اليمنية (إ.ب.أ)
أنباء عن وقوع عدة انفجارات في محيط جزيرة زقر اليمنية (إ.ب.أ)
TT

«أمبري»: عدة انفجارات بمحيط جزيرة زقر في اليمن

أنباء عن وقوع عدة انفجارات في محيط جزيرة زقر اليمنية (إ.ب.أ)
أنباء عن وقوع عدة انفجارات في محيط جزيرة زقر اليمنية (إ.ب.أ)

قالت شركة «أمبري» البريطانية للأمن البحري، اليوم الثلاثاء، إنها على علم بوقوع عدة انفجارات في محيط جزيرة زقر اليمنية، دون تقديم المزيد من التفاصيل.


أخيراً… مجلس الأمن يستجيب للمطالبات ويضطلع بمسؤولياته

الولايات المتحدة الأميركية استخدمت حق النقض «الفيتو» ثلاث مرات في مجلس الأمن خلال الحرب في غزة (رويترز)
الولايات المتحدة الأميركية استخدمت حق النقض «الفيتو» ثلاث مرات في مجلس الأمن خلال الحرب في غزة (رويترز)
TT

أخيراً… مجلس الأمن يستجيب للمطالبات ويضطلع بمسؤولياته

الولايات المتحدة الأميركية استخدمت حق النقض «الفيتو» ثلاث مرات في مجلس الأمن خلال الحرب في غزة (رويترز)
الولايات المتحدة الأميركية استخدمت حق النقض «الفيتو» ثلاث مرات في مجلس الأمن خلال الحرب في غزة (رويترز)

بعد 5 أشهر من المطالبات التي بدأتها السعودية ودول عربية وإسلامية، بأن يضطلع مجلس الأمن والمجتمع الدولي بمسؤولياته تجاه وقف الاعتداءات الإسرائيلية على المدنيين في قطاع غزة، وتأكيدها المستمر على ضرورة إنهاء معاناة الفلسطينيين، وتمكينهم من الحصول على حقوقهم في العيش بأمان، وتقرير المصير عبر مسار موثوق لا رجعة فيه لإقامة دولته الفلسطينية بحدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، اضطلع مجلس الأمن - أخيراً - بإحدى مسؤولياته، في «استجابة متأخرة للنداءات»، وفقاً لما سمّته المجموعة العربية في مجلس الأمن.

وتبنّى مجلس الأمن الدولي (الاثنين) قراره الأول رقم 2728 الداعي للوقف الفوري لإطلاق النار في غزة، وبينما امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت على القرار بعدما عطلت 3 محاولات سابقة لإصدار قرار عبر استخدام حق النقض «الفيتو»، فإن الأعضاء الأربعة عشر الآخرين صوّتوا لصالح القرار، الذي اقترحه الأعضاء العشرة المنتخبون بالمجلس، وطُرح للتصويت (الاثنين) بعد مفاوضات جمعت الأعضاء غير الدائمين في المجلس، مع الولايات المتحدة طوال نهاية الأسبوع الماضي، في محاولة لتجنّب فشل آخر، وفقاً لمصادر دبلوماسية أعربت لوكالات عن تفاؤلها بشأن نتيجة التصويت.

قرار يؤيّد مطالبات الرياض

وكأول بلد يرحب بالقرار الأُممي، قالت الخارجية السعودية إن الرياض ترحب بصدور القرار «الداعي إلى وقفٍ فوري لإطلاق النار في غزة خلال شهر رمضان المبارك، بما يؤدي إلى وقفٍ دائم ومستدام لإطلاق النار، والإفراج عن جميع الرهائن، وامتثال الأطراف لالتزاماتهم بموجب القانون الدولي، وتوسيع نطاق تدفق المساعدات الإنسانية للمدنيين في قطاع غزة بأكمله وتعزيز حمايتهم»، وجدّد بيان الخارجية السعودية مطالبة المجتمع الدولي بالاضطلاع بمسؤوليته تجاه «وقف اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على المدنيين في قطاع غزة، والتأكيد على ضرورة إنهاء المعاناة وتوفير الأمل للشعب الفلسطيني وتمكينه من الحصول على حقوقه في العيش بأمان، وتقرير المصير عبر مسار موثوق لا رجعة فيه لإقامة دولته الفلسطينية بحدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لمبادرة السلام العربية والقرارات الدولية ذات الصلة».

ويأتي قرار مجلس الأمن الدولي في إطارٍ يؤيّد المطالبات السعودية منذ اليوم الأول للأحداث في قطاع غزة وجوارها، حيث ركّزت الجهود السعودية في إطار الحرب الدائرة على مبدئين أساسيّين هما (وقف إطلاق النار، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين في ‫غزة وتوفير الحماية لهم)، وهما ما تضمّنتهما بنود القرار 2728.

زيارات متكررة لوزير الخارجية الأميركي إلى السعودية خلال الفترة الأخيرة (واس)

«تفاؤل حذِر»

ويميل مراقبون إلى أنه بغض النّظر عن تفسيرات القرار والقراءات المختلفة له، فإن عدم استخدام واشنطن حق النقض «الفيتو»، وإصدار المجلس قراراً يدعو لأول مرة إلى وقف فوري لإطلاق النار يؤدي في نهاية المطاف إلى وقفٍ دائم لإطلاق النار، ويسلّط الضوء على ضرورة وصول المساعدات الإنسانية، والإفراج عن الرهائن، أمر يُعد تطوّراً لافتاً في تاريخ المجلس الذي لم يغيّر من واقع الحرب التي تستمر منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وخلّفت ضحايا وصل عددهم إلى 32333 شخصاً، فيما بلغ عدد الجرحى 74694، وفق أرقام رسميّة.

«تفاؤل حذِر» لدى المحلل السياسي نضال السبع، في وقتٍ حضر فيه التفاؤل أخيراً بعد أشهر من الحرب التي لم تتوقّف وبات ثمنها، ليس وقف إطلاق النار والعملية السياسية فقط، وإنما إعادة الإعمار والانتقال إلى حل شامل ودائم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي برمّته.

غياب «الفيتو» يعود للضغوط السعودية

السّبع أشار إلى أن منبع التفاؤل هو عدم استخدام الولايات المتحدة الفيتو وهو «أمر جيد يُحسب للضغوط العربية وخصوصاً السعودية التي تملك أدوات ضغط خاصة ومهمّة مع الولايات المتحدة، ومما لا شك فيه أنها استخدمتها منذ بداية الحرب وحتى صدور القرار دون فيتو أميركي».

لخّص نضال السبع القرار بأنه «ربّما يفتح الأبواب أمام عقد صفقة، وربما يشكل أيضاً مخرجاً لكل الأطراف»، ويرى السبع أن «صيغة القرار 2728 تتناغم مع مفاوضات الدوحة بين الإسرائيليين وحماس برعاية قطرية أميركية مصرية، التي تتحدث المعلومات بشأنها عن التفاوض في الدوحة حول هدنة مؤقتة وإفراج عن عدد محدّد من الأسرى»، ويضيف السبع، طِبقاً لقراءته، أن قرار مجلس الأمن «لم يشر بصراحة إلى وقف شامل لإطلاق النار وتبادل أسرى وفق معادلة الكل مقابل الكل، بل إن الواضح أن القرار تحدث عن وقف إطلاق النار خلال شهر رمضان وإفراج غير مشروط عن الأسرى».

«ولكن علينا ألّا نفرط في التفاؤل». يشدّد السبع في تأكيد لتفاؤله الحذر، مستطرداً «ونذهب إلى حد أن هناك خلافاً أميركياً إسرائيلياً كبيراً (...) صحيح هناك تباين أميركي إسرائيلي، لأن إدارة الرئيس بايدن تعد استمرار الحرب يصبّ في صالح منافسها المرشّح الرئاسي ترمب، ولكن الإدارة الأميركية ملتزمة في الوقت ذاته بأمن إسرائيل وتوفير كل الغطاء السياسي لها وسوف تستمر في توريد الأسلحة لها».

القمة العربية الإسلامية المشتركة في الرياض منتصف نوفمبر الماضي مثّلت أهم تحرك عربي (أ.ف.ب)

هشام الغنام المشرف العام على مركز البحوث الأمنية وبرامج الأمن الوطني في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، يرى من جانبه أن السعودية عملت على توحيد الموقف العربي والإسلامي خلف 3 أهداف سعت منذ اندلاع الحرب في غزة إلى تحقيقها «وقف العدوان وإدخال المساعدات، ومنع توسُّع الحرب، بالإضافة للشروع فوراً في عملية سلام تؤدّي إلى قيام دولة فلسطينية على حدود عام 1967 وفق إطار زمني واضح ومعلن»، وعلى الرغم من ذلك فقد اصطدمت جهود الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي الذي قاد اللجنة العربية الإسلامية المشتركة التي جالت العالم لتحقيق تلك الأهداف، بالموقف الأميركي الذي أخذ قرار الفيتو ثلاث مرات.

ما الذي أدّى لامتناع واشنطن عن استخدام حق النقض؟

يجيب الغنّام في 5 نقاط: «الأولى؛ أصبح واضحاً لدى واشنطن أن السعودية لن تقوم بتطبيع علاقاتها بإسرائيل ما لم يتم أولاً وقف العدوان على غزة وتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفي هذا السياق كان لافتاً تأكيد السعودية على هذا الموقف خلال جميع اجتماعاتها مع الإدارة الأميركية بما في ذلك الاجتماعات التي أجراها وزير الخارجية الأميركي في جدة قبل 5 أيام فقط من صدور قرار مجلس الأمن».

يتابع الغنام: «العزلة الدولية للولايات المتحدة وإسرائيل، فالأولى أصبحت متهمة في نظر العالم بأنها شريك لإسرائيل في الحرب، خصوصاً أن الدول الأوروبية بما فيها حلفاء واشنطن مثل، بريطانيا وألمانيا، أصبحوا يشاركون المملكة موقفها في الدعوة لوقف إطلاق النار والإسراع بفتح مسار سياسي لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي»، وثالثاً «الخلافات الأميركية الإسرائيلية التي تتمحور حول رفض إسرائيل للأخذ بالرأي الأميركي فيما يتعلق بحربها على غزة، حيث إن الرؤية الأميركية تنطلق من فكرة أن الحل العسكري غير ممكن وأن الانتقال للحل السياسي أصبح ضرورة وهو ينسجم مع ما تطالب به السعودية منذ بداية الحرب، لكن إسرائيل لا تريد أي مشروع سياسي ينهي الصراع وهي مصرّة على الحسم العسكري»، ويضيف الغنام أن «الاحتجاجات داخل الحزب الديمقراطي والأوساط السياسية الأميركي، خصوصاً أن غالبية أميركية من الجمهور المؤيد للحزبين تطالب بوقف إطلاق النار، فضلاً عن اتجاه متعاظم داخل الحزب الديمقراطي يرى أن إسرائيل بقيادة حكومة نتنياهو الحالية لا يمكنها التقدم باتجاه السلام مع الفلسطينيين وأنها تحولت إلى عبء على واشنطن».

قرار مجلس الأمن يدعم المطالبات الدائمة بتسهيل دخول المساعدات إلى غزة (إ.ب.أ)

عزلة أميركية وإسرائيلية

ويفسّر الغنام، بأن واشنطن أعطت إسرائيل الوقت الكافي لحسم المعركة لصالحها في غزة، لكن بعد أكثر من 5 أشهر من الحرب فشلت في تحقيق أهدافها، ولم تنجح إلا في قتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين وتدمير مستشفياتهم ومدارسهم ومنازلهم وبناهم التحتية وأصبحت تخوض معهم حرب تجويع لإخضاعهم، لكنها لم تقض على الفصائل المسلحة ولم تنجح في إعادة المحتجزين. لذلك فإنها ترى أن المزيد من الوقت، لن يؤدي إلى نجاح إسرائيل بل إلى عزلة الولايات المتحدة وإسرائيل عالمياً والمزيد من الضغوط داخلياً على الإدارة الأميركية.


العليمي يشدد على جاهزية الجيش... ويتهم الحوثيين بالرهان على الحرب

رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي مجتمعاً في عدن مع كبار قادته العسكريين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي مجتمعاً في عدن مع كبار قادته العسكريين (سبأ)
TT

العليمي يشدد على جاهزية الجيش... ويتهم الحوثيين بالرهان على الحرب

رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي مجتمعاً في عدن مع كبار قادته العسكريين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي مجتمعاً في عدن مع كبار قادته العسكريين (سبأ)

في سياق التصعيد الحوثي المستمر، تبنت الجماعة الموالية لإيران، الثلاثاء، مهاجمة ست سفن غربية في البحر الأحمر وخليج عدن خلال 72 ساعة، فيما شدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي على جاهزية الجيش خلال اجتماع مع قادته، متهماً الجماعة بالرهان على خيار الحرب.

قائد عسكري يمني يتفقد مقاتليه في إحدى الجبهات (سبأ)

وتبنى المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية يحيى سريع، في بيان، تنفيذ ست هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة ضد سفن، بينها مدمرتان أميركيتان، في خليج عدن والبحر الأحمر خلال 72 ساعة.

وزعم المتحدث الحوثي أن جماعته هاجمت بالصواريخ أربع سفن، هي السفينتان الأميركيتان «مايرسك ساراتوغا» في خليج عدن و«إيه بي إل ديترويت» في البحرِ الأحمر، والسفينة «هوانغ بو» البريطانية في البحر الأحمر، والسفينة «بريتي ليدي».

وكان الجيش الأميركي أفاد، في بيان سابق، بأن السفينة «هوانغ بو» ناقلة نفط صينية وتديرها الصين، بخلاف مزاعم الحوثيين، حيث أدى صاروخ إلى اندلاع حريق على متنها، قبل أن يتمكن الطاقم من إخماده.

إلى ذلك زعم المتحدث الحوثي أن جماعته هاجمت بالطائرات المسيرة مدمرتين حربيتين أميركيتين في البحر الأحمر، كما نفذت هجوماً صاروخياً باتجاه إسرائيل ضد عدد من الأهداف في منطقة إيلات.

المتحدث العسكري باسم الحوثيين تبنى مهاجمة 6 سفن خلال 3 أيام (أ.ف.ب)

وتبنّت الجماعة حتى الآن مهاجمة نحو 80 سفينة، وهدد زعيمها بتوسيع الهجمات؛ من البحر الأحمر وخليج عدن إلى المحيط الهندي.

وأطلقت واشنطن تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمّته «حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض.

خبراء بيئة بالقرب من سفينة «روبيمار» البريطانية الغارقة في البحر الأحمر جراء قصف حوثي (أ.ف.ب)

كما أطلق الاتحاد الأوروبي مهمة «أسبيدس»، في منتصف فبراير (شباط) الماضي، وتشارك حتى الآن في المهمة البحرية فرنسا وألمانيا وهولندا وإيطاليا واليونان، دون شن ضربات ضد الحوثيين، كما تفعل الولايات المتحدة وبريطانيا.

تعزيز الردع

وتؤكد الحكومة اليمنية أن الجماعة الحوثية تنفذ أجندة إيرانية لا علاقة لها بمناصرة الفلسطينيين في غزة، وترى أن الضربات الغربية غير مجدية، كما تشدد «على أن تأمين مدن الموانئ والمياه الإقليمية يجب أن يمر عبر دعم الحكومة وتعزيز قدراتها في استعادة نفوذها على كامل التراب الوطني».

ومع المخاوف من عودة القتال، عقد رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، في عدن، اجتماعاً موسعاً بقيادة وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة، ورؤساء الهيئات، وقادة القوات والمناطق والمحاور العسكرية وهيئة العمليات المشتركة.

ورأى العليمي خلال اللقاء في المحافظات الجنوبية المحررة «مركز الثقل» في المعركة لاستعادة مؤسسات الدولة، وتحقيق تطلعات اليمنيين في الحرية والمساواة والاستقرار والتنمية.

يحشد الحوثيون المزيد من المجندين من كافة الأعمار تحت مزاعم مواجهة إسرائيل وأميركا وبريطانيا (أ.ف.ب)

وقال إن لقاءه بقادته العسكريين «يأتي في ظل تحديات متشابكة»، وأشار إلى «ما تتطلبه المؤسسة العسكرية للاستجابة الفاعلة لمتغيرات المرحلة، وتداعياتها بما في ذلك تعزيز قدرات الردع والجهوزية العالية لأي خيارات»، وهو تلميح بإمكانية عودة القتال ضد الحوثيين.

واتهم رئيس مجلس الحكم اليمني الجماعة الحوثية بأنها «لا تزال تراهن على خيار الحرب، رغم فشلها الذريع على مدى السنوات الماضية» التي قال إنها «لم تأت سوى بمزيد من التنكيل والانتهاكات، والمعاناة والتضييق على فرص مساعدة الشعب خصوصاً في المناطق الخاضعة لها بالقوة».

وشدد العليمي على مضاعفة العمل، وأكد المضي قدماً في برنامج توحيد القوات المسلحة والأمن وكافة التشكيلات العسكرية وإعادة تنظيمها وتكاملها تحت مظلة وزارتي الدفاع والداخلية، وفقاً لما نص عليه إعلان نقل السلطة.

التزام باستعادة الدولة

في ضوء التصعيد الحوثي البحري وتهرب الحوثيين من إنجاز السلام، أبلغ عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح السفراء الأوروبيين لدى اليمن خلال اتصال مرئي، أن المجلس «ملتزم بمعركة اليمنيين الوطنية لاستعادة الدولة التي تحترم نفسها وشعبها، وتلتزم بالمواثيق الدولية والتزاماتها تجاه شعوب ودول العالم بالسلم أو الحرب».

وذكر الإعلام الرسمي أن طارق صالح ناقش مع السفراء التطورات التي تحيط معركة اليمنيين لاستعادة دولتهم، وحروب الحوثيين ضد المواطنين والأحزاب والمذاهب والأقليات، إضافة إلى أحداث البحر الأحمر.

وقال صالح: «في الوقت الذي قدمت فيه كل أطراف الشرعية التنازلات للقبول بخريطة طريق لاستعادة الدولة اليمنية وبناء السلام بما يحقق مصالح اليمنيين والأشقاء في المنطقة، دفعت إيران بالحوثي لاستهداف الممرات التجارية الدولية في البحر، ونقل الحرب - التي تعصف باليمن منذ تأسيس هذه الجماعة في 2004 - إلى مستوى يضر بمصالح العالم».

يزعم الحوثيون أن هجماتهم البحرية ضد السفن مناصرة للفلسطينيين في غزة (إ.ب.أ)

وأكد صالح أن الحل الوحيد هو دعم الشرعية لبسط نفوذها على كامل الأراضي اليمنية، وقال: «نحن لسنا بحاجة لجيوش تحارب بدلاً عنا، ولا نطالب إلا برفع الغطاء الذي قدمه المجتمع الدولي للحوثي».

وأضاف: «يحاول (الحرس الثوري) الإيراني تسويق أدواته في المنطقة ضمن الصراعات الدولية بين الشرق والغرب، لكنه فشل حتى الآن، فالجميع متضرر من هذه العمليات الإرهابية وآخرها الصين التي تعرضت سفنها لذات الأضرار التي تعرضت لها بقية الدول».

ومع تصعيد الحوثيين المدعومين من إيران، قال صالح إن كل ذلك «يجعل من الحديث عن خريطة الطريق أمراً مستحيلاً، فالسلام بحاجة لتوازن في الردع، والحوثي لم يتنازل في أي مرحلة إلا تحت ضغط المعارك التي لم يصمد في أيٍّ منها من الحديدة وحتى شبوة ومأرب».


بينها مدمرتان أميركيتان... الحوثيون يهاجمون 6 سفن خلال 72 ساعة

مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلّق فوق سفينة شحن في البحر الأحمر (رويترز)
مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلّق فوق سفينة شحن في البحر الأحمر (رويترز)
TT

بينها مدمرتان أميركيتان... الحوثيون يهاجمون 6 سفن خلال 72 ساعة

مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلّق فوق سفينة شحن في البحر الأحمر (رويترز)
مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلّق فوق سفينة شحن في البحر الأحمر (رويترز)

أعلنت جماعة الحوثي اليمنية، اليوم (الثلاثاء)، أنها نفّذت ست هجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة ضد سفن، بينها مدمرتان أميركيتان، في خليج عدن والبحر الأحمر خلال 72 ساعة؛ وذلك دعماً للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وفقاً لـ«وكالة أنباء العالم العربي».

وأوضحت الجماعة في بيان أنها هاجمت بالصواريخ أربع سفن، منها السفينتان الأميركيتان «مايرسك ساراتوغا» في خليج عدن و«إيه بي إل ديترويت» في البحرِ الأحمر، والسفينة «هوانغ بو» البريطانيةُ في البحرِ الأحمرِ، والسفينة «بريتي ليدي» التي كانت تقول إنها كانت متجهة إلى موانئ إسرائيل.

وذكر البيان، الذي نشره المتحدث العسكري للحوثيين يحيى سريع على منصة «إكس»، أن الجماعة هاجمت بالطائرات المسيّرة مدمرتين حربيتين أميركيتين في البحر الأحمر.

كما أشار إلى أن الحوثيين نفذوا هجوماً صاروخياً استهدف عدداً من الأهداف في منطقة إيلات بجنوب إسرائيل.

وتعرّضت سفن عدة في البحر الأحمر لهجمات من قِبل جماعة الحوثي التي تقول إنها تأتي رداً على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

ووجهت الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات جوية على مواقع للحوثيين بهدف تعطيل وإضعاف قدرات الجماعة على تعريض حرية الملاحة للخطر وتهديد حركة التجارة العالمية.