قبل ساعات من مغادرة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي القاهرة متوجها إلى نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال عمرو موسى، الدبلوماسي المصري المخضرم، لـ«الشرق الأوسط»، إن مكافحة الإرهاب «ستدفع العلاقات المصرية - الأميركية إلى الأمام»، لافتا إلى أنه بات على واشنطن أن تفكر أكثر من مرة قبل اتخاذ قرار معين تجاه القاهرة.
وشهدت العلاقات المصرية - الأميركية حالات من المد والجزر خلال العام الماضي على خلفية تقييم ورؤية واشنطن لثورة 30 يونيو (حزيران) 2013 التي أنهت عاما من حكم جماعة الإخوان المسلمين. وهي الرؤية التي واجهت انتقادات مصرية، بل أميركية أيضا، حيث قال توماس باركر، المسؤول عن قضايا الأمن القومي في عهد الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش، في تقرير حديث صدر عن مركز كارنيغي بواشنطن، إن «سياسات الإدارة الأميركية الخاطئة والمضللة على مدى السنوات الثلاث الماضية أضرت بهذه العلاقة التي لا غنى عنها، ويتعين على واشنطن إصلاحها بشكل حازم».
وأضاف المسؤول الحكومي السابق أن الولايات المتحدة ابتعدت بمسارها عن مصر عندما حاولت إدارة الرئيس باراك أوباما حماية «الإخوان» بعد رفض الغالبية العظمى من المصريين لحكم الرئيس الأسبق محمد مرسي، الأمر الذي تبدى في ثورة 30 يونيو.
وأكد باركر أن مصر استطاعت خلال الفترة الأخيرة اتخاذ عدة خطوات متقدمة، من بينها تخفيض الدعم عن الوقود، كما لعبت دورا رئيسا في إنهاء الجولة الأخيرة في الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، مؤكدا أن «الوقت قد حان، ليس لقلب الصفحة فحسب، بل للبدء بكتابة فصل جديد بالكامل في العلاقات الأميركية - المصرية، وذلك من خلال إعادة تقديم المساعدة العسكرية كاملة والتعبير عن التقدير والامتنان أيضا للبلد الذي كان شريكا لواشنطن مرة والذي سيكون شريكا لها في المستقبل».
وتوقع عمرو موسى أن تشهد العلاقات المصرية - الأميركية تحسنا ملموسا خلال الفترة المقبلة في إطار الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب. وأشار موسى إلى ما عده تغيرا في النظرة الأميركية إلى مصر التي باتت تسير الآن في إطار ما وصفه بـ«العلاقات المتوازنة»، بدلا من «التبعية» التي ولى زمانها.
وتسعى الولايات المتحدة الأميركية إلى تشكيل تحالف دولي في مواجهة تمدد تنظيم «داعش» في مناطق واسعة بالعراق وسوريا، وسط تعقيدات إقليمية متزايدة. وتقول واشنطن إنه لا غنى عن القاهرة في الحرب على الإرهاب.
ويحل موسى، الذي تولى رئاسة اللجنة الاستشارية التي أشرفت على الحملة الانتخابية للرئيس السيسي، ضيفا على نيويورك أيضا للمشاركة في الاجتماع السنوي لمعهد السلام الدولي، على هامش اجتماعات الأمم المتحدة.
وقال موسى، رئيس «لجنة الخمسين» التي صاغت الدستور المصري، لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك الكثير من القنوات التي تتناول العلاقات المصرية - الأميركية من عدة زوايا. وهو ما أبعد الخط الأحادي للتفكير الأميركي إزاء مصر.
وهو ما أسفر أيضا عن وجود أكثر من حجة وأكثر من خط، ولم تعد العلاقة تدور في إطارها البسيط المكون من الحديث عن منح المعونة أو منعها، أو إرسال الطائرات الأباتشي من عدمه، بل أصبح الأمر أخطر من أن يترك لمثل هذه القرارات التي أدت إلى اضطراب العلاقة.. والآن، الولايات المتحدة في اعتقادي مهتمة بالأبعاد المختلفة للعلاقة مع مصر، وطبعا مصر من جانبها مهتمة دائما بالعلاقة مع الولايات المتحدة».
ويرى موسى، الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، أنه وفقا لذلك «فإنه يتضح أن النظرة الأميركية إلى العلاقات مع مصر تغيرت بالقطع.. ورأت واشنطن أن المسألة ليست ببساطة مجرد أن تتحدث فقط عن الإسلام السياسي، أو المنح أو المنع، بل لا بد أن تفكر أكثر من مرة قبل اتخاذ قرار معين تجاه مصر».
ولا يرى السياسي والدبلوماسي المصري المخضرم صلة بين زيارة السيسي المزمعة إلى نيويورك في إطار اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وما يتوقعه البعض من لقاء مشترك مع نظيره الأميركي باراك أوباما، وما يقوله مراقبون من أن هناك «رسائل مبطنة» ترسلها القاهرة إلى واشنطن قبيل الزيارة، من قبل الإعلان عن صفقة الأسلحة الروسية الضخمة، أو تأكيد الرئيس المصري إجراء الانتخابات البرلمانية قبيل نهاية العام الحالي، أو إشارة الحكومة المصرية إلى مراجعة قانون «تنظيم التظاهر» وإخلاء سبيل بعض الموقوفين على خلفيته.
ويتوقع موسى أن يقرب ملف مكافحة الإرهاب في المنطقة بين وجهات النظر المصرية والأميركية، ويلطف كثيرا من مستوى العلاقات المشتركة التي شهدت تذبذبا على مدار أكثر من عام، خاصة مع وجود أهداف مشتركة بين البلدين وغيرهما في المنطقة والعالم، مشيرا إلى أنه «لا بد أن تكون هناك ملفات كثيرة داخل إطار العلاقة المشتركة».
ويقول موسى: «لا توجد علاقة بين هذه الأمور وزيارة الرئيس للولايات المتحدة، ولا أرى علاقة بين قرار استكمال (خارطة الطريق)، وهو قرار مصري، والعلاقة مع الولايات المتحدة.. وكذلك تنويع مصادر السلاح، فإن أي دولة تحترم نفسها لا يصح أن تكون رهينة لقرار من دولة أخرى، لا بد أن تفتح الأبواب. وبالمناسبة، فإن كل الأسلحة التي أعلن عنها هي أسلحة دفاعية وليست أسلحة هجومية».
وأكد موسى أن مستوى العلاقات المصرية - الأميركية المنظور يجب أن يكون على مستوى «علاقة الشراكة والمصالح المشتركة والمتوازية والمتبادلة، أما مستوى علاقات التبعية فقد انتهى عصرها».
وتحدث موسى إلى «الشرق الأوسط» بينما يستعد بدوره للمغادرة إلى نيويورك في زيارة قصيرة إلى الولايات المتحدة الأميركية اليوم للمشاركة في الاجتماع السنوي لمعهد السلام الدولي بمدينة نيويورك، وهي رحلة منفصلة عن زيارة الرئيس المصري.
وقال موسى إن الاجتماع يعقد على هامش انطلاق أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويشارك فيه عدد من ساسة العالم ورؤساء الوزراء السابقين ووزراء الخارجية والمفكرين، متضمنا عددا من الوزراء الحاليين على مستوى العالم، لمناقشة القضايا الدولية الملحة على المستويات كافة وآثارها والتعامل معها، كما يأتي هذا اللقاء ضمن سلسلة من الأحداث التي ينظمها المعهد هذا العام بمناسبة مرور مائة عام على اندلاع الحرب العالمية الأولى.
عمرو موسى لـ {الشرق الأوسط}: مكافحة الإرهاب ستدفع العلاقات المصرية ـ الأميركية إلى الأمام
https://aawsat.com/home/article/185861
عمرو موسى لـ {الشرق الأوسط}: مكافحة الإرهاب ستدفع العلاقات المصرية ـ الأميركية إلى الأمام
قال إنه بات على واشنطن أن تفكر أكثر من مرة قبل اتخاذ قرار معين تجاه القاهرة
- القاهرة: أحمد الغمراوي
- القاهرة: أحمد الغمراوي
عمرو موسى لـ {الشرق الأوسط}: مكافحة الإرهاب ستدفع العلاقات المصرية ـ الأميركية إلى الأمام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة