أكد الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس إمام وخطيب المسجد الحرام أن شعائر الحج والتواجد في مكة المكرمة، ليست مكانا للمظاهرات أو المسيرات والتجمعات أو المناظرات أو المساجلات أو الجدال والملاسنات، بين المسلمين القادمين من شتى بقاع الأرض لتأدية الركن الخامس من الإسلام.
وقال السديس، في خطبة أمس الجمعة الأخيرة قبل دخول شهر ذي الحجة، بأن من أكبر منافع الحج تحقيق الاعتصام بالكتاب والسنة، مع أهمية التحلي بالوسطية والاعتدال وتعزيز الأمن بكل صوره وأشكاله، ونشر المحبة والتسامح والمودة والرحمة والأخوة بعيدا عن الغلو والتشدد والإيذاء والمزاحمة والحقد والكراهية، وهو دور مناط بالقادة والعلماء في تحقيق المنافع ومنها توحيد كلمة أبناء الأمة للانتصار لقضاياها المتمثلة في قضية فلسطين والمسجد الأقصى، وبلاد الشام والرافدين وانتشالها من أوحال الظلم والفساد والإرهاب.
وفند إمام وخطيب المسجد الحرام، ما تناقل من إشاعات حول نقل قبر الرسول من المسجد النبوي، قائلا: «إن على الأمة الإسلامية لا بد أن تكون مدركة وواعية لحملات استهدافها من وسائل إعلام معادية، ودعاة الفتنة التي تتهم هذه التوسعات المباركة بهدم الآثار الإسلامية، أو تشنشن حول نقل قبر المصطفى صلى الله عليه وسلم، وكلها مزاعم وافتراءات وشائعات واختلاقات، لا يصغي لها من له أدنى أثارة من علم أو مسكة من عقل، وليطمئن المسلمون جميعا أن سنة الله وآياته الكونية والشرعية مضت وقضت بحفظ بيته الحرام ومسجد رسوله صلى الله عليه وسلم وحجراته الشريفة».
وقال الشيخ السديس في خطبته: «إن الله اختص بلاد الحرمين بفضائل جليلة وخصائص كريمة، وفيها أول بيت وضع في الأرض لعبادته وهي رمز التوحيد والوحدة والشعائر والمشاعر، والأمن والأمان، وجعل الصلاة في البيت الحرام مضاعفة على غيره من المساجد وجعل الكعبة قبلة للمسلمين جميعا أحياء وأمواتا، كما استجاب الله لدعوة خليله إبراهيم أن يجعل مكة بلد الاستقرار والاطمئنان والتوحيد الخالص والإيمان»، لافتا النظر إلى أن «هذه البلاد المباركة تعيش ولله الحمد في أمن واطمئنان رغم ما يحدث في هذا العصر من احتراب وتطاحن واضطراب وعنف وإرهاب ووحشية وإبادة عرقية».
وأشار الشيخ السديس، أن من أهم المقاصد والغايات وأعظم الحكم والواجبات أن يكون الحج منطلقا لتحقيق التوحيد الخالص لله وحده لا مجال فيه للشعارات الحزبية أو التجمعات الطائفية، أو الاستقطابات السياسية، بل فيه براءة من كل مبدأ يخالف نهج الكتاب والسنة ومن كل عقيدة، لم يكن عليها سلف هذه الأمة، مشددا على أهمية أن يتخذ المسلمون من هذا التجمع الإسلامي الدروس والعبر في الوحدة والتضامن والبعد عن الفرقة والتعصب والتشاحن والتحزب، وتجاهل الإشاعات والتصدي للمقولات الكاذبات لتكن الانطلاقة لحل مشكلات الأمة المتأزمة ضعفا وانقساما، من هذا المكان المبارك مهبط الوحي ومنبع الرسالة الذي انطلقت منه عقيدة التوحيد ودعوة الإسلام ورسالة الخير والسلام لتعم الأصقاع وبذلك تتحقق أكبر منافع الحج حيث الاعتصام بالكتاب والسنة فهما أكبر منَة والتحلي بالوسطية والاعتدال وتعزيز الأمن بكل صوره وأشكاله ونشر المحبة والتسامح والمودة والرحمة والأخوة بعيدا عن الغلو والتشدد والإيذاء والمزاحمة والحقد والكراهية.
وطالب إمام وخطيب المسجد الحرام، من حجاج بيت الله الحرام أن يشكروا الله على ما منَ به عليهم من الوصول إلى هذه البقاع الشريفة وأن ينعموا بعباداتهم في الأجواء الإيمانية الكاملة، والراحة والاستقرار التي وفرتها لهم قيادة هذه البلاد المباركة والتي حرصت على تقديم العناية الكاملة للحرمين الشريفين، لينعم قاصدوهما بالراحة والأمن والأمان والاستقرار.
وفي هذا السياق قال الشيخ الدكتور عيسى الغيث، القاضي الشرعي عضو مجلس الشورى لـ«الشرق الأوسط» بأن ما ذكره إمام وخطيب المسجد الحرام، حول المظاهرات والتجمعات يتوافق معه تماما، لأنه وبحسب النظرة الشرعية لا يجوز القيام بهذه الأمور عموما، وفي الحرمين الشريفين على وجه الخصوص، وذلك لأن الأماكن المقدسة جعلت للعبادة وليس للمظاهرات السياسية وتوظيفها لأمور دنيوية، وهو ما يعد في الشرع محرما، إضافة إلى تجريم هذا الفعل قانونا.
وأضاف الغيث، أن هذه الأعمال من الناحية الأخلاقية والآداب والعادات والتقاليد الإسلامية عبر 14 قرنا، فيها إلحاد بالمكان، كما أنها إثارة للمؤمنين، إذ أن الحج ليس مكانا للمظاهرات أو المناظرات بين الحجاج، ومن يقوم بهذه الأعمال يبحث عن إثارة القلاقل والفتن في الحج وهم يبنون معلومات أو إشاعات خاطئة لا صحة لها وهدفهم الوحيد هو الإضرار بهذه البلاد.
وعن شائعات نقل قبر الرسول، أكد الدكتور عيسى الغيث، أن ما أثير حول نقل القبر ليس صادرا من جهة حكومية، وهو مقترح لشخص من الكتاب أو الباحثين، مستغربا تحويل هذا المقترح أو الفكرة من شخص إلى توجه الدولة السعودية وتبنيها مثل هذا الأمر، وهذا يدل على أن وسائل الإعلام العالمية، وبعضا من الداخل انساقوا وراء هذه الأمور، رغم سهولة، في الوقت الراهن، كل الإمكانيات والاتصالات الحديثة للتأكد من صحة المعلومات، إلا أن الغالبية انساقت وراء كثير من الإشاعات والبناء عليها، فإذا كان مقام إبراهيم لم يتم تحريكه، فكيف بقبر النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن هناك من أراد الإساءة للمملكة والتشغيب على العباد بمثل هذه الأمور.
وشدد عضو مجلس الشورى، على ضرورة أن تسارع الجهات المختصة بالرد بمثل هذه الإشاعات، فعندما تأتي إشاعة حول المسجد الحرام بمكة المكرمة أو المدينة المنورة، يجب على الرئاسة العامة لشؤون الحرمين الشريفين، أن تبادر بكل جاهزية، أولا بالرصد، ثانيا جاهزية الرد، أما أن تكون الرئاسة بعيدة عن هذه الإشاعة وما يدور في مواقع التواصل، والإعلام المرئي والمسموع، ويكون الرد متأخرا، فليس بالمنطقي، وكان ينبغي أن يكون الرد سريعا، مع أهمية أن يكون للرئاسة مواقع وحسابات في مواقع التواصل الاجتماعي وحاضرة للرد في مثل هذه الأمور، لأن هناك متربصين بهذه البلاد يسعون لإثارة القلاقل حولها.
8:2 دقيقة
خطيب وإمام الحرم المكي: الحج ليس مكانا للمظاهرات
https://aawsat.com/home/article/185381
خطيب وإمام الحرم المكي: الحج ليس مكانا للمظاهرات
السديس يصف مصدري شائعة نقل قبر الرسول بـ«الإعلام المعادي»
- مكة المكرمة: سعيد الأبيض
- مكة المكرمة: سعيد الأبيض
خطيب وإمام الحرم المكي: الحج ليس مكانا للمظاهرات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة