بدأ أكراد سوريا، أمس، نشاطا دبلوماسيا وسياسيا على أعلى المستويات في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، لوضع المسؤولين الغربيين في صورة «الخطر الذي ينتظر الأكراد» بعد سيطرة «داعش» على 21 قرية في ريف عين عرب (كوباني) بريف حلب الشمالي، وحشد الدعم «لدرء المخاطر وتجنيب الأكراد مجزرة كبيرة» في ثالث أكبر المدن الكردية في سوريا، كما قالت مصادر حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (بي واي دي) لـ«الشرق الأوسط».
وسيطر مقاتلو «داعش» أمس على 21 قرية في هجوم مفاجئ، وصفه الأكراد بـ«الأعنف» في منطقة ريف كوباني (شمال حلب) المحاذية لمعقل «داعش» في الرقة، وبدأه «داعش» في هجمات متزامنة شملت الريفين الغربي والشرقي لمدينة عين العرب، استخدم فيه الدبابات والمدفعية، في حين يواصل مقاتلو وحدات حماية الشعب الكردي القتال على بعد 28 كيلومترا عن المدينة، في محاولة لصد الهجمات.
وفي حال تمكن التنظيم المتطرف من السيطرة على كوباني الحدودية مع تركيا، فسيكون ذلك توسعا إضافيا في المنطقة الحدودية التي يسيطر عليها في شمال سوريا وشرقها، وسيصبح خطره داهما على المناطق الكردية في شمال شرقي سوريا التي يحاول الأكراد منذ بدء النزاع السوري قبل أكثر من ثلاث سنوات التفرد بإدارتها.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن إن آلاف الأكراد يدافعون عن المنطقة، مشيرا في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، إلى أن مدينة كوباني «باتت محاصرة بشكل كامل تقريبا»، وأن «المنفذ الوحيد لها هو الأراضي التركية»، علما بأن حصار كوباني بدأ في 16 يوليو (تموز) 2013، بعد سيطرة «داعش» على معظم أنحاء محافظة الرقة في شمال سوريا.
ورفض مسؤول العلاقات العامة في «وحدات حماية الشعب الكردي» د.ناصر الحاج منصور، القول إن الهجوم كان مفاجئا، مشيرا، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الهجوم بدأ فعليا في شهر يوليو الفائت «مما خوّلنا إجلاء السكان المدنيين من القرى باتجاه بلدات قريبة أو باتجاه الحدود التركية»، لافتا إلى أن هجوم أمس «كان الأعنف، وأسهمت القوة النارية التي يمتلكها (داعش) في تقدمه وسيطرته على القرى، بسبب عدم التوازن بيننا وبينهم بالسلاح والذخيرة، مما دفعهم للسيطرة على قرى ذات أغلبية عربية وكردية في المنطقة».
وأكد منصور أن «أعدادا هائلة من الدبابات من طراز (ط 72) استولى عليها (داعش) من مواقع النظام في مطار الطبقة في الرقة ومن مواقع في دير الزور ومواقع عسكرية في الرقة، هاجمت القرى مترافقة مع قصف مدفعي وصاروخي عنيف لتأمين التغطية النارية»، مشيرا إلى أن «داعش» حشد لكل قرية نحو 500 مقاتل يستخدمون «أحدث الأسلحة التي استولوا عليها من العراق وسوريا». وإذ نفى أن يسمي ما حصل بـ«الانهيار المفاجئ»، حذر من «مجازر ستقع في مدينة كوباني في حال حصلت انهيارات بصفوف المقاتلين الذين يستميتون بالدفاع عن المدينة، ويبدون مقاومة كبيرة». ولفت إلى أن الهجوم «انطلق من جهة جرابلس بريف حلب الشرقي، ومن الشرق من جهة تل أبيض، إضافة إلى الهجوم من جهة الأوتوستراد الدولي».
وتدور معارك عنيفة بين الطرفين على مسافات قريبة في مناطق عدة في محيط كوباني، بحسب المرصد، أوقعت خسائر بشرية بين المدنيين والمقاتلين. وتشهد المنطقة حالات نزوح إلى قرى ومناطق قريبة.
وبعدما استخدم «داعش» مقاتلي «لواء داود»، الذي بايع التنظيم لقتال الأكراد في ريف عين عرب في شهر يوليو الماضي، حشد التنظيم في الهجوم أمس المئات من مقاتليه، بموازاة طردهم على يد مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي في ريف تل حميس في محافظة الحسكة (شمال سوريا). واشتدت المعارك في ريف كوباني الأسبوع الماضي، إثر تشكيل غرفة عمليات مشتركة بين وحدات حماية الشعب الكردي و5 فصائل من الجيش السوري الحر، أطلق عليها «غرفة عمليات بركان الفرات».
وقال منصور إن المقاتلين المعتدلين في الجيش السوري الحر «يقاتلون إلى جانبنا، وسقط منهم شهداء أيضا»، مشيرا إلى أن «إعلان غرفة العمليات المشتركة كان سببا إضافيا للهجوم على قرى عين عرب، إضافة إلى سبب آخر تمثل في الانتقام من هذا الحلف ومن الشعب الكردي بعد الهزيمة التي ألحقت بهم في ريف تل حميش في الحسكة». وأعرب منصور عن اعتقاده أن «عدم دخول تركيا في التحالف الدولي ضد (داعش) أعطى، بطريقة غير مباشرة، الضوء الأخضر للتنظيم أن يتحرك في المنطقة»، في إشارة إلى تحركات لـ«داعش» على الحدود التركية من الجانب السوري، سبقت تنفيذ الهجوم. وقال «كانت أرتال (داعش) التي تنقل المسلحين والسلاح تتحرك في مواقع قريبة من الحدود مع تركيا». وتعتبر كوباني المدينة الكردية الثالثة في سوريا بعد القامشلي (شمال شرق) وعفرين في شمال حلب. ومن شأن السيطرة على كوباني أن يؤمن لتنظيم داعش تواصلا جغرافيا على جزء كبير من الحدود السورية التركية، وأن يعطيه دفعا في اتجاه مناطق أخرى مثل محافظة الحسكة.
ونشط المسؤولون الأكراد في أوروبا والولايات المتحدة، أمس، على خط التواصل الدبلوماسي مع المسؤولين الأوروبيين، بهدف حثهم على التحرك لمنع «داعش» من ارتكاب مجزرة في كوباني، في حال التقدم إليها.
وقال مصدر بارز في حزب «بي واي دي» الأوسع انتشارا في المناطق الكردية في سوريا، لـ«الشرق الأوسط»، إن مسؤولي الحزب «تحركوا لوضع المسؤولين الأوروبيين في صورة الخطر القادم، والتحذير من أن هناك مجازر إضافية بحق الأكراد والعرب يمكن أن تقع، في حال تمكن (داعش) من الدخول إلى كوباني، كما ستتسع الهجمات ضد عفرين والجزيرة»، مشددا على «اننا نقاتل نيابة عن جميع السوريين في المنطقة، وعن دول العالم الحر التي حشدت 40 دولة لقتال (داعش) في المنطقة»، مشيرا إلى «اننا وحدنا وفصائل الجيش الحر نقاتل في ريف كوباني». وقال «الدفاع عن كوباني اليوم هو دفاع عن كل المنطقة»، مطالبا واشنطن بأن توسع ضرباتها للتنظيم «إلى داخل سوريا»، معربا عن استعداد الحزب ووحدات حماية الشعب الكردي تقديم كل الإمكانيات المتاحة ووضعها تحت تصرف التحالف الدولي للقضاء على «داعش».
وإذ أكد المصدر أن تنظيم داعش «يقاتل اليوم الكرد والعرب معا»، استغرب ما وصفه بـ«صمت الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية تجاه ما يحصل»، و«موقف المجلس الوطني الكردي المخجل الذي لم يبادر إلى إدانة ما جرى في ريف كوباني»، إضافة إلى «صمت حكومة إقليم كردستان التي لم تقدم أي بيان إدانة للهجوم على كوباني».
وفي سياق متصل، دعا حزب العمال الكردستاني، أمس، الشبان في جنوب شرقي تركيا الذي تقطنه أغلبية كردية للانضمام إلى القتال ضد تنظيم داعش في شمال سوريا. وقال الحزب الذي أمضى ثلاثة عقود يقاتل من أجل حكم ذاتي لأكراد تركيا، في بيان على موقعه الإلكتروني «يتعين على شبان شمال كردستان (جنوب شرقي تركيا) التوجه إلى كوباني والمشاركة في المقاومة التاريخية والمشرفة».
8:2 دقيقة
تحرك كردي سوري في أوروبا بعد سيطرة «داعش» على 21 قرية بريف كوباني
https://aawsat.com/home/article/184706
تحرك كردي سوري في أوروبا بعد سيطرة «داعش» على 21 قرية بريف كوباني
أعنف هجوم حشد له التنظيم المتطرف ضد قرى عربية وكردية.. وتحذيرات من مجازر في عين عرب
- بيروت: نذير رضا
- بيروت: نذير رضا
تحرك كردي سوري في أوروبا بعد سيطرة «داعش» على 21 قرية بريف كوباني
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة