عندما كانت كل من ديلما روسيف ومارينا سيلفا في الحكومة البرازيلية، تصارعتا حول كل شيء من بناء محطات الطاقة النووية إلى الترخيص لبناء السدود الضخمة على نهر الأمازون. بعدها، صعدت روسيف إلى أعلى وبرزت كوريثة سياسية للرئيس لويز ايناسيو لولا دا سيلفا ونجحت في أن تخلفه على سدة الحكم في نهاية المطاف. لكنها تجد نفسها الآن تخوض سباقا ساخنا مع سيلفا، الأيقونة الناشطة في مجال البيئة والتي تتنافس على اعتلاء الرئاسة في اقتراع 5 أكتوبر (تشرين الأول) كمرشحة متمردة على هيكل السلطة الذي ساعدت في بنائه.
ويعد خوض سيلفا (56 عاما) لسباق الرئاسة رمزا للمشاعر المناوئة للمؤسسة الحاكمة التي اجتاحت البرازيل، بما في ذلك التوتر بشأن الاقتصاد الراكد والإرهاق بسبب الفساد السياسي. وتعبر شعبيتها المتصاعدة عن التحولات التي يشهدها المجتمع مثل ارتفاع نفوذ الناخبين المسيحيين الإنجيليين والقلق المتزايد إزاء سياسات زيادة الدخل في الوقت الذي لا يحدث فيه شيء يذكر لتحسين نوعية الحياة في المدن البرازيلية.
في حالة انتخاب سيلفا (56 عاما)، ستصبح أول رئيسة سوداء للبرازيل، وهي علامة فارقة في البلاد حيث يصنف معظم المواطنين أنفسهم حاليا بأنهم من السود أو من العرق المختلط، ولكن حيث لا تزال غالبية السلطة السياسية متركزة لدى أصحاب البشرة البيضاء.
كانت سيلفا، وهي واحدة من بين 11 طفلا ولدوا لرجل كان يعمل في جمع المطاط وعاشوا مثل المزارعين المستأجرين في أكري، وهي ولاية على الحدود الغربية البرازيلية، أمية حتى بلغت السادسة عشر من عمرها، وتحملت التسمم بالزئبق، والملاريا، والتهاب الكبد، وداء الليشمانيات، وهو مرض يسبب تآكل اللحم البشري تسببه لدغات ذبابة الرمال، ويسبب مشكلات صحية لا تزال تعاني منها حتى الآن.
عندما كانت في سن المراهقة، التحقت بدير الرومان الكاثوليك كي تتحول إلى راهبة، لكنها غادرت الدير لتعمل خادمة في منزل موظفي الخدمة المدنية في ريو برانكو، عاصمة ولاية أكري. وبعد إكمالها الدراسة الثانوية، التحقت بإحدى الجامعات الحكومية في أكري، وشاركت في فرقة المسرح الراديكالي المتصل بالجماعات التروتسكية.
عندما كانت طالبة، انضمت سيلفا إلى الحزب الشيوعي، ولكن التجلي الأكبر جاءها عندما تقابلت مع الزعيم البيئي شيكو مينديز وتمسكت بحركته وعملت عن كثب معه قبل تعرضه للاغتيال عام 1988. وفي نفس العام، فازت بأول انتخاباتها، في مجلس مدينة ريو برانكو كمرشحة عن حزب العمالي اليساري، حزب روسيف وسلفها. غير أن سيلفا انشقت عن الحزب عام 2009 لتخوض الآن أول انتخاباتها الرئاسية، تحت مظلة حزب الخضر.
الآن، تمثل المترشحتان المتنافستان معسكرين متعارضين في المؤسسة السياسية اليسارية في البلاد. فروسيف، العضو السابق في إحدى جماعات التمرد المدنية، والتي تتمتع بقصة قوية من المشقات والمرونة نفسها، تعرضت للسجن والتعذيب على يد الديكتاتورية العسكرية في البرازيل. كسياسية، غالبا ما يشار إلى روسيف في البرازيل باعتبارها «التنموية»، وهي إشارة إلى السياسات التي تسعى بقوة إلى تسخير الموارد الطبيعية في البرازيل، من الحديد الخام إلى النفط خارج سواحل البلاد، وإلى تنمية الاقتصاد تحت سيطرة الشركات الحكومية الضخمة.
أما سيلفا، التي شغلت منصب وزيرة البيئة عندما كانت روسيف رئيسة كبار الموظفين في حكومة لولا، فتدعم منح دور أكبر بكثير لمصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية، والرياح، والكتلة الحيوية، مع منح الأولوية لحماية الغابات المطيرة في الأمازون.
وتعكس حقيقة أن الانتخابات الرئاسية المقبلة تجري بين مرشحتين فقط من حكومة لولا الذي عارض الحكم العسكري، مدى تعزز الديمقراطية في البرازيل منذ عقد الثمانينات. غير أن كلا منهما كان عليها تقديم المزيد من التنازلات، وتبين أن الديمقراطية تميل إلى الزعماء المعتدلين من ذوي الأصول الراديكالية.
في حالة روسيف، لديها خيارات قليلة من حيث الحكم من خلال تحالف مع الحركة الديمقراطية البرازيلية، وهي حزب الوسط الذي عانى من الفضائح وهو يملك سلطة كبيرة داخل البيروقراطية الواسعة في البلاد. وبخلاف ذلك، فإن لدى حزب العمال فرصة ضئيلة من حيث تمرير تشريعات كبرى في الكونغرس البرازيلي المنقسم على نفسه.
نأت سيلفا بنفسها عن تولي حزب العمال لأمور الاقتصاد، والذي دخل في حالة من الركود هذا العام، من خلال جذب مزيد من المستشارين ذوي السياسات الصديقة للسوق، مثل تخفيف الضوابط على أسعار الطاقة. واختارت سياسيا من ذوي الروابط الوثيقة مع مجموعات الأعمال الزراعية لمنصب نائب الرئيس على بطاقتها الانتخابية.
لم تؤكد سيلفا على عرقها أو أصولها المتواضعة كثيرا خلال الحملة الانتخابية. وبدلا من ذلك، اختارت أن تنشر رسالة حول «السياسات الجديدة» التي تحتاج لإبطال حزب العمال وحزب الوسط الديمقراطي الاجتماعي البرازيلي، وهي المؤسسات التي هيمنت على السياسات الوطنية في البلاد لعقدين من الزمن.
لا تزال هناك تحديات كبيرة أمام ترشيح سيلفا للرئاسة. يبلغ صندوق حملة روسيف 55 مليون دولار، وهو خمسة أضعاف ما لدى سيلفا. وقد أثارت إعلانات الهجوم بعض الشكوك بالفعل، مما أوقف ارتفاع أسهمها في استطلاعات الرأي. وكشفت سيلفا القليل حول الطريقة التي ستعالج بها الملف الدبلوماسي البرازيلي البارز، وتتجنب إلى حد كبير قضايا مثل العلاقات الوثيقة التي حافظت عليها حكومة روسيف مع كوبا وفنزويلا.
وعندما تسحب سيلفا الستار قليلا، فهي تكشف جوانب من الرحلة التي يعدها ملايين البرازيليين ذات جاذبية. وفي إحدى المجلات البرازيلية، هي مجلة بياوي، التي أشارت إلى مشقات حياتها حينما كانت خادمة. وقالت سيلفا «يتذكر الخدم دوما حياة أسيادهم. ونادرا ما يحدث العكس».
* خدمة «نيويورك تايمز»
امرأتان من اليسار السياسي تتسابقان على رئاسة البرازيل
https://aawsat.com/home/article/184006
امرأتان من اليسار السياسي تتسابقان على رئاسة البرازيل
روسيف متمردة سابقة تطمح لولاية جديدة وسيلفا تريد أن تصبح أول رئيسة سوداء للبلاد
- ريو دي جانيرو: سايمون روميرو
- ريو دي جانيرو: سايمون روميرو
امرأتان من اليسار السياسي تتسابقان على رئاسة البرازيل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة