مفهوم الاستقلال قد يوحي للبعض بأن اسكوتلندا تريد الانفصال لأن هناك «علاقة دونية» تجمعها مع إنجلترا الشقيقة الكبرى في الاتحاد الذي يعود إلى عام 1707. وقد يعتقد البعض أن اسكوتلندا تقع تحت الاحتلال البريطاني ولهذا فقد حان الوقت لأن تعلن استقلالها. لكن هذا ليس دقيقا لأن اسكوتلندا مرتبطة بمعاهدة مع باقي أجزاء المملكة المتحدة بمحض إرادتها.
ومن هنا يقف الكثير من الشخصيات والقوى السياسية المحسوبة على قوى اليسار البريطاني مع انفصال اسكوتلندا. الأحزاب الاسكوتلندية الناشطة في السياسية الاسكوتلندية، وليس فقط الحزب الوطني الاسكوتلندي الحاكم، وإنما الحزب الاشتراكي وأيضا حزب الخضر، جميعها تؤيد الانفصال. وكذلك بعض الشخصيات المعروفة بميولها اليسارية التي تعد متنفذة في الأوساط الثقافية البريطانية، مثل المخرج كين لوتش والكاتب والناشط طارق علي، أحد قادة الحركة الطلابية الاحتجاجية في ستينات القرن الماضي. أضف إلى ذلك الكثير من الممثلين والكتاب والكوميديين.
السبب وراء انحياز اليسار إلى جانب معسكر الانفصال هو أن الثقافة السياسية السائدة في أوساط اسكوتلندا تميل أكثر إلى البرامج اليسارية، مثل قضية الضرائب والسياسة الخارجية والموقف من الأسلحة النووية، وهؤلاء يجدون أن البرنامج الانتخابي للحزب الحاكم، الحزب الوطني الاسكوتلندي، أقرب إليهم. أضف إلى ذلك أنهم يرون أن الأحزاب الرئيسة التي تتناوب على الحكم في لندن ستبقى تحكم من ويستمنستر ببرامج سياسية لا تمثل طموح اسكوتلندا أو أبناء الفئات الفقيرة في اسكوتلندا أو حتى باقي أجزاء بريطانيا. من عدد 59 مقعدا مخصصة لاسكوتلندا في مجلس العموم في بريطانيا، يوجد مقعد واحد فقط لحزب المحافظين الذي فاز به في الانتخابات الأخيرة مالكولم ريفكند، وزير الخارجية الأسبق.
وبعد وصول الحزب الوطني الاسكوتلندي بزعامة أليكس سالموند إلى السلطة في هوليرود بإدنبره، أصبح لدى هؤلاء فرصة لجعل هذه السياسات اليسارية واقعا يمكن تنفيذه. سالموند قال في حملته إن اسكوتلندا لم تأخذ حقها من الثروة الوطنية التي توزع من دون تكافؤ، بسبب الفجوة التي تتسع باستمرار بين الفقراء والأغنياء، بسبب برامج الأحزاب الرئيسة التي تحكم اسكوتلندا من لندن. «نصيب الشخص الاسكوتلندي من الثروة قد يتخطى نصيب الفرد في فرنسا وبريطانيا واليابان، إلا أن الاسكوتلندي غير منتفع من هذا الثراء بسبب سياسات تتخذها قوى لا تمثله. الاستقلال يعني أننا سننتخب دائما حكومة تمثلنا، تنفذ سياسات متماشية مع قيم الشعب الاسكوتلندي وتمنياته».
وفي محاضرة ألقاها الكاتب والناشط طارق علي في جامعة إدنبره حول انفصال اسكوتلندا، قال فيها إن من يقول إن اسكوتلندا تفتقر إلى قوام دولة بسبب صغر حجمها فهو مخطئ؛ لأن هناك دولا في الاتحاد الأوروبي مثل فنلندا والدنمارك تعداد سكانها قريب من تعداد سكان اسكوتلندا.
وبدا علي متفائلا من تداعيات التصويت بنعم لصالح الانفصال: «الاستفتاء سيخلق مزاجا جديدا في بريطانيا يؤجج الأمل لدى الناس ويوعد بالتغيير وبالتسييس»، بعد حالة عدم الاكتراث السياسي والإحباط الذي يخيم بظلاله على المجتمعات الأوروبية هذه الأيام.
وقال حول موضوع العملة الذي ما زال يعد قضية شائكة في الحوار القائم حول الانفصال، إن وزير الخزانة البريطاني جورج أوزبورن يحاول تخويف اسكوتلندا من المجهول حول ما يمكن استخدامه عملة في البلد المستقل، مضيفا: «على الحزب الوطني الحاكم أن لا يبدو مترددا في تحدي أوزبورن. يمكنهم أن يؤسسوا بنكا مركزيا ويختاروا عملة تربط مع عملة أخرى مدعومة، أو من خلال احتياط الذهب».
وحول انضمام اسكوتلندا للاتحاد الأوروبي قال علي إن هذه ليست بالقضية المهمة، خصوصا إذا أخذنا الوضع الراهن لأعضاء الاتحاد والمشاكل التي يواجهها «هل سيبقى قائما كما كان متوقعا أم أنه سيواجه مشاكل أخرى قد تهدد وحدته؟ لا أحد يعرف». كما حاول علي أن يقارن بين ما يمكن أن تمثله اسكوتلندا بالنسبة لباقي الدول الأوروبية. ويعتقد أن الوضع سيصبح شبيها بالتغييرات التي حصلت في بعض دول أميركا الجنوبية مثل فنزويلا والإكوادور وبوليفيا التي تمر بتجربة نوعية في الأوضاع السياسية والاقتصادية وتوزيع أكبر للموارد.
7:49 دقيقة
شخصيات من اليسار السياسي البريطاني تؤيد انفصال اسكوتلندا
https://aawsat.com/home/article/183326
شخصيات من اليسار السياسي البريطاني تؤيد انفصال اسكوتلندا
يرون أن الأوضاع السياسية في الإقليم تميل أكثر لصالح الفئات العمالية
- إدنبره : عبد اللطيف جابر
- إدنبره : عبد اللطيف جابر
شخصيات من اليسار السياسي البريطاني تؤيد انفصال اسكوتلندا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة