توسعت في الفترة الأخيرة، خاصة بعد محاولة تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» احتلال بلدة عرسال الحدودية شرق البلاد مطلع الشهر الماضي، ظاهرة «الأمن الذاتي» لتطال عددا من المناطق اللبنانية، خاصة البلدات والقرى المسيحية والشيعية والدرزية التي حملها شبانها السلاح الفردي وأخذوا يتناوبون على الحراسة الليلية والتدقيق في هويات المارة، وقد طالت إجراءاتهم بشكل أساسي أماكن وجود اللاجئين السوريين والأحراج حيث يمكن للمسلحين الاختباء.
وظهرت عدة تقارير عن استعداد مناصري وأعضاء عدد من الأحزاب لحمل السلاح، وهم يعقدون اجتماعات دورية لمتابعة التطورات الأمنية عن كثب، كما ينفذون عمليات انتشار سريعة غير علنية مع كل حدث أمني تشهده البلاد خوفا من تطوره دراماتيكيا. ويؤكد م.ج (38 عاما) الذي ارتأى الانضمام لشبان آخرين في إحدى البلدات المسيحية عند الحدود الشمالية، للمساعدة في الحراسة الليلية، أنهم يعتمدون على سلاحهم الفردي، وأنه لم يجر توزيع أي سلاح جديد عليهم من أي من الأحزاب الناشطة على الساحة المسيحية. ويرد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» سبب حمله السلاح «لتفاقم ظاهرة (داعش) ولرفض الرضوخ للواقع الوحشي الذي فرضه التنظيم الإرهابي على مسيحيي العراق»، ويضيف: «لبنان ليس الموصل، ونحن على استعداد للمواجهة متى فرضت علينا، ولن نترك أرضنا حتى لو اقتضى الأمر الشهادة».
ويسيطر الخوف بشكل كبير على المجتمع المسيحي في لبنان على الرغم من محاولات رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع المتكررة تحجيم تنظيم «داعش» ووصفه بأنه «يحمل بطياته بذور فنائه».
في المقابل، يبدو رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، أكثر حذرا في التعاطي مع الملف، وقد نُقل عنه منتصف الشهر الماضي أنه أعطى توجيهاته كي يكون شباب «التيار الوطني الحر» الذي يتزعمه حاضرين ليكونوا جزءا من أي مواجهة مع «داعش» من بلدة القاع (شرقي البلاد) حتى رأس بعلبك على امتداد القرى المسيحية.
وبالتزامن، أفيد بانتعاش سوق السلاح في لبنان، مع ارتفاع الطلب والشح في القطع بسبب الإجراءات الأمنية المشددة المتخذة على الحدود التي كان يجري تهريب السلاح من خلالها، خاصة الشمالية والشرقية.
ومع غياب أي خطوات عملية من أجهزة الدولة للحد من ظاهرة «الأمن الذاتي»، بما يشبه إقرارها بخطورة الوضع وبوجوب تحضر المواطنين للدفاع عن أنفسهم، طرح رئيس الجمهورية الأسبق ميشال سليمان أول من أمس «مبادرة» للحد من الظاهرة المذكورة من خلال زيادة عديد الجيش، فطلب من وزير الدفاع وقيادة الجيش، دراسة الإجراءات الفورية بإشراف الحكومة، لاستدعاء من يلزم من الاحتياطيين من كل الرتب وفقا لحاجة الجيش من المتطوعين ومجندي «خدمة العلم» الذين أتموا خدمتهم الإلزامية، والعمل على تنظيم الملتحقين في وحدات عسكرية، وتكليف هذه الوحدات مهام حفظ الأمن في المدن والبلدات حيث تدعو الحاجة، «للحؤول دون ممارسات الأمن الذاتي والتسلح المرفوضة شكلا ومضمونا، ولإتاحة المجال أمام الوحدات العسكرية المتخصصة للتفرغ لعمليات محاربة الإرهاب، والقيام بالمهام المنوطة بها إلى جانب قوات الـ(يونيفيل)، دفاعا عن الحدود الجنوبية ضد الاعتداءات الإسرائيلية».
ويحتاج الجيش حاليا إلى تطويع أعداد كبيرة من العسكريين، خصوصا بعد إلغاء الخدمة العسكرية الإلزامية عام 2007، التي كانت ترفد المؤسسة بمجندين يتراوح عددهم بين 5 و8 آلاف مجند سنويا. ويضم الجيش اللبناني نحو 40 ألف ضابط وعنصر، يتوزعون على ألوية وأفواج مقاتلة، ووحدات لوجيستية. وتحاول الحكومة اللبنانية سد هذا النقص، وهي قررت أخيرا تطويع 12000 عسكري ورجل أمن في الجيش وسائر الأسلاك الأمنية.
7:49 دقيقة
تفاقم «الأمن الذاتي» في لبنان للتصدي لـ«داعش»
https://aawsat.com/home/article/179146
تفاقم «الأمن الذاتي» في لبنان للتصدي لـ«داعش»
انتعاش سوق السلاح.. ودعوات لاستدعاء احتياطي الجيش
- بيروت: بولا أسطيح
- بيروت: بولا أسطيح
تفاقم «الأمن الذاتي» في لبنان للتصدي لـ«داعش»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة