حسين الحكمي
أكاديمي سعودي
TT

ستيف جوبز.. من مصدر إزعاج إلى ملهم!

الأخصائي الاجتماعي الذي يعمل في المدرسة ليس مدرسا، وليس مهما أن يكون مدرسا بقدر ما يُشترط أن يكون مهنيا ممارسا لمهنة الخدمة الاجتماعية. مهنة الخدمة الاجتماعية التي يمارسها الأخصائيون الاجتماعيون في كثير من الدول ذات أهمية كبيرة، وذات دور موثر وفاعل في وقاية وتوجيه وعلاج كل الأفراد ذوي العلاقة بالمدرسة.
يقوم دور الأخصائي الاجتماعي بثلاثة أدوار مهمة في المدرسة. تلك الأدوار تتمحور حول ثلاثة أهداف: علاجية ووقائية وإنمائية. قد يظن البعض خطأ أن دور الأخصائي الاجتماعي يقتصر على التعامل مع الطلبة، والحقيقة أن عمله يتجاوز ذلك، فدوره يشمل الطلبة وأسرهم، والمدرسين.
دور الأخصائي الاجتماعي مع الطلبة مختلف تماما عن دور المدرس. فدور المدرس يرتكز أولا على التعليم الأكاديمي والتوجيه التربوي. أما الأخصائي الاجتماعي فليس مدرسا وليس مطلوبا منه أن يمتلك المهارات والإمكانات المطلوبة من المدرسين. بل المهم أن يمتلك مهارات الممارسة المهنية للخدمة الاجتماعية التي تؤهله للتعرف على المشكلات الاجتماعية والنفسية للأشخاص المرتبطين بالمدرسة ومحيطها الاجتماعي والبيئي.
إن كان من أبرز الأدوار التي يقوم بها الأخصائي الاجتماعي في المدرسة هو معالجة المشكلات الاجتماعية والنفسية التي تواجه الطلبة، فإن من أدواره أيضاً العمل على التنبؤ بتلك المشكلات قبل وقوعها والعمل على منع حدوثها.
من المؤشرات التي تساعد في التعرف على وجود مشكلة لدى أحد الطلبة الضعف الأكاديمي أو التخلف الدراسي للطالب، والذي يدل على احتمالية كبيرة لوجود خلل اجتماعي أو نفسي لدى الطالب. كما أن السلوك غير المنضبط لبعض الطلبة أحد المؤشرات التي تستدعي تدخلا مهنيا من شخص متخصص يستطيع التعامل بمهارة مع تلك السلوكيات التي قد تنعكس سلبا على الفرد وزملائه ومدرسيه وأيضا مجتمعه. ليس كل مدرس يمتلك المهارات والخبرات الكافية للتعامل مع المشكلات السلوكية والنفسية. بل إن غالبية المدرسين يكونون تحت ضغوط كبيرة بسبب وجود مثل هذه النوعية من الطلبة. هؤلاء الطلبة قد يكونون مبدعين ومتميزين في مجالات معينة ويحتاجون فقط لمن يوجههم التوجيه السليم.
أصبح اسم ستيف جوبز ماركة عالمية للذكاء والدهاء والعبقرية؛ فقد غير مفهوم الهاتف الجوال بشكل أثر في العالم وأفراده بشكل كبير.
لم تكن المرحلة الابتدائية لجوبز تعطي أي مؤشر على ما وصل إليه، بل على العكس، فقد كان مشاغبا جدا متحديا لأساتذته ولقوانين المدرسة، حتى أنه أصبح من الأسماء المشهورة لدى إدارة المدرسة بالسلوك المزعج. كان لتعامل مدرسة الرياضيات "إيموجين" التي درسته في الصف الرابع أثر كبير في تغيير سلوك جوبز وتحويله من مصدر إزعاج إلى مصدر إلهام؛ فقد استطاعت أن تتعامل معه كحالة تحتاج إلى تدخل اجتماعي ونفسي وليس لدعم أكاديمي. التدخل الاجتماعي أشعر جوبز بأهميته وساعده في إبراز مهاراته وإمكانياته التي كادت أن تندثر بسبب عدم وجود الشخص المؤهل للتعامل معه.
ينقل والتر أيزاكس في كتابه الذي سرد فيه سيرة جوبز الذاتيه، قول جوبز: "لولا إيموجين لربما انتهى بي المطاف في السجن".
كم فقدنا من "جوبز" في مدارسنا في الوطن العربي بسبب غياب الأخصائي الاجتماعي المؤهل؟