حكومة العبادي تنال الثقة بلا حقيبتي الدفاع والداخلية

علاوي والمالكي والنجيفي نوابا للرئيس العراقي

بعض ممثلي ورؤساء الأحزاب الكردية ورئيس الحكومة الكردية نيجيرفان بارزاني وعضوين من الوفد المفاوض مع بغداد لتشكيل الحومة المركزية هوشيار زيباري وفرياد رواندوزي، أثناء اجتماعهم التشاوري في مقر حركة التغيير بالسليمانية أمس بحضور رئيس الحركة نوشيروان مصطفى (الصورة من موقع سبه ى)
بعض ممثلي ورؤساء الأحزاب الكردية ورئيس الحكومة الكردية نيجيرفان بارزاني وعضوين من الوفد المفاوض مع بغداد لتشكيل الحومة المركزية هوشيار زيباري وفرياد رواندوزي، أثناء اجتماعهم التشاوري في مقر حركة التغيير بالسليمانية أمس بحضور رئيس الحركة نوشيروان مصطفى (الصورة من موقع سبه ى)
TT

حكومة العبادي تنال الثقة بلا حقيبتي الدفاع والداخلية

بعض ممثلي ورؤساء الأحزاب الكردية ورئيس الحكومة الكردية نيجيرفان بارزاني وعضوين من الوفد المفاوض مع بغداد لتشكيل الحومة المركزية هوشيار زيباري وفرياد رواندوزي، أثناء اجتماعهم التشاوري في مقر حركة التغيير بالسليمانية أمس بحضور رئيس الحركة نوشيروان مصطفى (الصورة من موقع سبه ى)
بعض ممثلي ورؤساء الأحزاب الكردية ورئيس الحكومة الكردية نيجيرفان بارزاني وعضوين من الوفد المفاوض مع بغداد لتشكيل الحومة المركزية هوشيار زيباري وفرياد رواندوزي، أثناء اجتماعهم التشاوري في مقر حركة التغيير بالسليمانية أمس بحضور رئيس الحركة نوشيروان مصطفى (الصورة من موقع سبه ى)

عبر جلسة ساخنة تخللتها الكثير من المشاحنات والمشادات والمفاوضات الجانبية صوّت البرلمان العراقي مساء أمس على برنامج حكومة حيدر العبادي للسنوات الأربع المقبلة مع التصويت على الوزراء باستثناء حقيبتي الدفاع والداخلية.
وبينما عبّر عدد من النواب عن اعتراضهم على عدم الاتفاق على وزيري الدفاع والداخلية بسبب استمرار الخلافات السياسية فقد تعّهد العبادي أمام أعضاء البرلمان بإجراء المزيد من الحوارات مع الكتل السياسية للاتفاق على وزيرين للدفاع والداخلية وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق فإنه سيرشح وزيرين ويطلب من البرلمان التصويت عليهما.
بدوره، أعطى التحالف الكردستاني موافقة مشروطة على حكومة العبادي لمدة ثلاثة أشهر بعد أن عرض موقف القيادة الكردستانية من البرنامج الحكومي الذي عرضه العبادي والذي لم يتضمن الكثير من المطالب الكردية.
وفي سياق منح الثقة لحكومة العبادي فإن أبرز الشخصيات التي دخلت في هذه التشكيلة هم هوشيار زيباري وزير الخارجية السابق الذي أصبح نائبا لرئيس الوزراء وإبراهيم الجعفري وزيرا للخارجية والقيادي الكردي روز نوري شاويس وزيرا للمالية وباقر جبر الزبيدي القيادي البارز في المجلس الأعلى الإسلامي وزيرا للنقل وعادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية السابق وزيرا للنفط.
كما صوت البرلمان العراقي على منح الثقة لنواب رئيس الجمهورية وهم نوري المالكي (رئيس الوزراء السابق) وأسامة النجيفي (رئيس البرلمان السابق) وإياد علاوي (رئيس الوزراء الأسبق). وإضافة إلى زيباري صوت البرلمان لصالح المطلك وبهاء الأعرجي نائبين إضافيين لرئيس الوزراء.
من ناحية ثانية، وبعد اجتماع امتد لأكثر من ست ساعات في السليمانية بحضور ممثل عن الولايات المتحدة والأمم المتحدة، خرج القادة الأكراد بشروط ستة للمشاركة في الحكومة العراقية الجديدة مع منح مهلة ثلاث أشهر لها لتنفيذ هذه الشروط.
وقال هوشيار زيباري، رئيس لجنة التفاوض الكردية، في مؤتمر صحافي عقده مع أعضاء اللجنة التفاوضية الكردية عقب انتهاء اجتماعهم مع القيادة السياسية الكردية إن الأكراد قرروا المشاركة في حكومة العبادي وإعطاءها فرصة ثلاث أشهر لتنفيذ مطالب الأكراد. وتابع زيباري أن الأكراد حصلوا على ضمانات دولية وإقليمية وداخلية تؤكد لهم أن حكومة العبادي لن تكون كالحكومة السابقة في تصرفاتها ضد الأكراد، مشددا بالقول: «بقرارنا هذا برهنا للعالم أن الأكراد لم يكونوا أبدا معرقلا أمام تحقيق السلام والأمن والاستقرار والديمقراطية في العراق. نحن دائما نمثل العامل المساعد والمساهم في تحقيق ذلك».
من جانبه تلا فرياد راوندزي، المتحدث باسم اللجنة التفاوضية الكردية، جاء فيه «أبدينا المرونة في التفاوض مع الأطراف الأخرى، وكردستان قررت المشاركة في الحكومة العراقية مقابل التزام بغداد بتنفيذ النقاط التي حددتها القيادية السياسية الكردية خلال مدة ثلاث أشهر، وهي كالآتي: أولا إيقاف البرنامج الحكومي المقدم من قبل حيدر العبادي من أجل مناقشته من قبل كافة الأطراف وإعادة صياغته مرة أخرى بما يضمن العدالة في تحديد حصة الأكراد من المناصب الوزارية، وتشكيل لجنة مشتركة من قبل رئاسة إقليم كردستان والحكومة العراقية لإعادة الديون المترتبة على بغداد لإقليم كردستان والمتضمنة ميزانية الإقليم من الشهر الأول للعام الحالي وحتى الشهر الثامن، ومناقشة قضية النفط والغاز والواردات الأخرى الموجودة، ومعالجة كافة المشكلات النفطية بين أربيل وبغداد، إلى جانب معالجة الخلافات حول المادة 140 الدستورية وقوات البيشمركة وإكمال تأسيس الدولة الاتحادية على أساس استقلالية كافة السلطات، وصرف المستحقات المالية لإقليم كردستان ويحق للقيادة السياسية في الإقليم اتخاذ كافة الخطوات التي تراها مناسبة لذلك.
وفي مستهل جلسة البرلمان أمس تلا العبادي برنامج حكومته الذي شمل المجالات السياسية والاقتصادية والخدمية والأمنية والبشرية. وسلم العبادي البرنامج الحكومي مع كلمة له إلى رئيس البرلمان سليم الجبوري، الذي سلمها بدوره إلى أعضاء البرلمان العراقي للاطلاع عليها بالتزامن مع جلسة التصويت لنيل الثقة على الحكومة أمس.
ويتضمن البرنامج الحكومي عدة فقرات موزعة على أبواب تتضمن متطلبات البرنامج للسنوات المقبلة من حيث الالتزام بالدستور ووثيقة الاتفاق السياسي وخطة التنمية الخمسية. وفيما تضمن البرنامج خطة طارئة لما تبقى من العام الحالي، فإن الخطة الحكومية المقترحة تبدأ من عام 2015 - 2018 وتتضمن ما يلي: أولا خطة طارئة لمعالجة مشكلة النزوح في البلاد. وثانيا تكييف خطة التنمية الوطنية.
وفي إطار أولويات البرنامج الحكومي فإنه ركز على أمن العراق واستقراره والمستوى الخدمي والمعيشي وزيادة إنتاج النفط والغاز وتنظيم العلاقات الاتحادية - المحلية. وعلى صعيد الإصلاح الحكومي فقد تضمن البرنامج ما يلي: تبني منهج للإصلاح المؤسساتي وإنجاز برنامج الإصلاح الإداري والإصلاح الاقتصادي والمالي ومكافحة الفساد. وعلى صعيد عملية التحول نحو القطاع الخاص فقد تضمن البرنامج إعادة تأهيل الصناعات المملوكة للدولة وتوفير البنى التحتية مثل الكهرباء والنقل والاتصالات.
كما تضمن البرنامج خطة للنهوض بمتطلبات التنمية البشرية مثل التعليم والصحة والبيئة والأمان الاجتماعي وتعزيز دور المرأة وتفعيل عمل منظمات المجتمع المدني.
أما على الصعيدين العربي والدولي، فقد تضمن البرنامج خطة لتطوير العلاقات مع الدول وزيادة أواصر التعاون مع منظمات الأمم المتحدة والمنظمات العربية.

* تشكيلة حكومة العبادي

- حيدر العبادي رئيسا للحكومة
- صالح المطلك وهوشيار زيباري وبهاء الأعرجي نوابا لرئيس الحكومة
- إبراهيم الجعفري وزيرا للخارجية
- حسين الشهرستاني وزيرا للتعليم العالي والبحث العلمي
- روز نوري شاويس وزيرا للمالية
- عادل عبد المهدي وزيرا للنفط
- سلمان الجميلي وزيرا التخطيط
- حيدر الزاملي وزيرا للعدل
- محمد مهدي البياتي وزيرا لحقوق الإنسان
- فلاح حسن زيدان وزيرا للزراعة
- نصير العيساوي وزيرا للصناعة
- قاسم الفهداوي وزيرا للكهرباء
- طارق الخيكاني وزيرا للإعمار والإسكان
- باقر جبر وزيرا للنقل
- كاظم حسن راشد وزيرا للاتصالات
- محمد شياع السوداني وزيرا للعمل
- عديلة حمود وزيرة للصحة
- قتيبة الجبوري وزيرا للبيئة
- محمد إقبال وزيرا للتربية
- ملاس عبد الكريم الكسنزاني وزيرا للتجارة
- فارس يوسف ججو وزيرا للعلوم
- فرياد راوندزي وزيرا للثقافة
- عبد الحسين عبطان وزيرا للشباب والرياضة
- أحمد الجبوري وزيرا للدولة لشؤون المحافظات وشؤون مجلس النواب
- عبد الكريم عيلان وزيرا للبلديات
- جواد الشهيلي وزيرا للموارد المائية
يذكر أن الشهيلي الذي رشحته كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري لحقيبة الموارد المائية لم يستدع لمنح الثقة, الأمر الذي أثار استغراب الصدريين.



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.