أحد مؤسسي «حركة مقاطعة إسرائيل»: ما بعد مجزرة غزة لا يمكن أن يكون كما كان قبلها

البرغوثي لـ «الشرق الأوسط»: نحشد لتأييد دولي.. والمرحلة المقبلة ستشهد نقلة نوعية

عمر البرغوثي
عمر البرغوثي
TT

أحد مؤسسي «حركة مقاطعة إسرائيل»: ما بعد مجزرة غزة لا يمكن أن يكون كما كان قبلها

عمر البرغوثي
عمر البرغوثي

شهد الشهران الماضيان اهتماما عالميا واسعا بالتطورات الفلسطينية بعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، مما أعطى دفعة لـ«حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها» المعروفة بـ«BDS» بالإنجليزية. وبعد انتهاء حرب الـ50 يوما، يسعى الناشطون في الحركة، التي تأسست عام 2005، إلى العمل على حشد التأييد الدولي للمقاطعة. وشرح عمر البرغوثي، أحد مؤسسي الحركة بأن المرحلة المقبلة ستشهد «نقلة نوعية» في دعم المقاطعة السياسية والاقتصادية والأكاديمية لإسرائيل. وأوضح الناشط في حقوق الإنسان في حوار عبر الهاتف مع «الشرق الأوسط» كيف تعمل الحركة، وأهدافها.. وفي ما يلي أبرز ما جاء في الحوار:
* بعد وقف إطلاق النار، هناك مخاوف من تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية رغم استمرار الاحتلال..
- العدوان الأخير على قطاع غزة سيؤدي إلى ارتفاع نوعي في وتيرة حركة المقاطعة وفي شتى المجالات، وبدأنا نرى أدلة ملموسة، ونستدل على ذلك من حالتين في الماضي؛ حرب عام 2008 - 2009 على غزة، والعدوان على أسطول الحرية (مافي مرمرة) في مايو (أيار) 2010.
في الحالتين، كان التوقع أن يتبدد الاهتمام، وأن ينتقل الناس إلى قضية أخرى، ولكن بالعكس؛ إذ أسسنا حركة متينة مبنية على حقوق الإنسان برسائل قوية وواضحة ومفهومة غير فئوية. نتوقع أن تأخذ آليات المقاطعة في التجذر والتأصل، فمثلا مجلس الاتحاد الأوروبي قرر استثناء كل منتجات اللحوم والألبان والأسماك الإسرائيلية منذ 1 سبتمبر (أيلول) إذا كان أي جزء منها يأتي من المستعمرات في الأراضي المحتلة منذ عام 1967. وهناك الآن حظر لهذه المواد، هذا أمر غير مسبوق ومؤشر على ما سيأتي لاحقا.
* كيف تغيرت الظروف منذ انطلقت حملة «المقاطعة» قبل 9 أعوام، وما أبرز إنجازاتكم؟
-إسرائيل تشعر اليوم بالتهديد من حركة المقاطعة بوصفها ركيزة رئيسة من ركائز النضال الشعبي والمدني. ففي يونيو (حزيران) 2013، قررت الحكومة الإسرائيلية رسميا أن الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل باتت تشكل «تهديدا استراتيجيا» للنظام الإسرائيلي الذي يجمع بين الاحتلال والاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري. ونقلت مسؤولية محاربة حركة المقاطعة إلى وزارة الشؤون الاستراتيجية، بعد أن كانت وزارة الخارجية تتولى هذا الملف.
نحن نطالب بمقاطعة إسرائيل في شتى المجالات؛ الأكاديمية والثقافية والاقتصادية والعسكرية، حتى تنصاع للقانون الدولي وتلبي 3 شروط تشكل الحد الأدنى المطلوب: إنهاء احتلال جميع الأراضي العربية التي احتلت في 1967، بما في ذلك إزالة المستعمرات والجدار. وإنهاء نظام الفصل العنصري القائم في أراضي عام 1948 ضد جزء من شعبنا يحمل الجنسية الإسرائيلية. وعودة اللاجئين إلى ديارهم الأصلية التي شردوا منها.
* هناك استعدادات الآن لإعادة إعمار غزة، كيف يمكن ضمان وجود صوت لحملة المقاطعة في إعادة الإعمار؟
- موقف اللجنة الوطنية للمقاطعة من موضوع إعادة الإعمار هو أنه يجب ألا تستفيد الدولة التي دمرت غزة والشركات التي تربحت من تدميرها وتواطأت في العدوان، من مشاريع إعادة الإعمار، بل يجب أن تذهب العقود للشركات غير المتورطة في العدوان أو في انتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني، ويجب اعتبار كل الأموال والمنح التي تجمع دينا على دولة إسرائيل بصفتها دولة احتلال، كي لا تعفى إسرائيل من مسؤوليتها القانونية والأخلاقية لإعادة الإعمار بعد أن دمرت البنية التحتية المدنية عمدا.
* كيف تغير التجاوب في دول غربية، خاصة الأوروبية، مع جهود المقاطعة؟
- لا توجد دراسات دقيقة لحجم خسائر الاقتصاد الإسرائيلي جراء المقاطعة حتى الآن، رغم تصريح وزير المالية الإسرائيلي، يائير لابيد، بأنه في حال استمرت المقاطعة في النمو وانخفض التصدير لأوروبا بنسبة 20 في المائة، فسوف تخسر إسرائيل أكثر من 10 آلاف وظيفة، وما قيمته 5.7 مليار دولار من العملات الأجنبية. وتُظهر بعض المؤشرات بداية تأثر التجارة مع أوروبا، مما يبرر التخوفات الإسرائيلي؛ فبيانات 2012 تظهر بأن هناك تراجعا في الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي بنسبة 7 في المائة عن 2011 (باستثناء الماس). وهذه نسبة لا يستهان بها في البداية، فإذا ما أخذنا بعين الاعتبار معادلة وزارة المالية الإسرائيلية، فإن هذا الانخفاض يكون قد أفقد الاقتصاد الإسرائيلي ما يعادل 3500 وظيفة.
وهناك نماذج عدة للمقاطعة، فعلى سبيل المثال أعلنت الحكومة النرويجية أن صندوق التقاعد الحكومي سيسحب استثماراته من الشركات الإسرائيلية المرتبطة بالبناء في المستعمرات، كما قرر الاتحاد الأوروبي منتصف 2013 إصدار توجيهات تمنع تمويل مشاريع إسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، بما فيها القدس الشرقية. تلا ذلك قرار من الحكومة الألمانية هذا العام باستثناء جميع الهيئات الإسرائيلية العاملة في الأرض المحتلة من جميع العقود المستقبلية في مجال التكنولوجيا والبحث العلمي. كما نصحت حكومات 17 دولة أوروبية شركاتها ومواطنيها بعدم التورط في مشاريع إسرائيلية في الأرض المحتلة.
* كيف انخرطتَ في هذه الحملة؟
- كنت من مؤسسي الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل في 2004، التي سبق أن لعبت دورا محوريا في تشكيل «حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها». رغم نشأتي بصفتي لاجئا فلسطينيا في الشتات ودراستي الهندسة الكهربائية بجامعة كولومبيا في نيويورك، فإنني بدأت نشاطي السياسي الحقيقي في حركة مناهضة نظام الأبارتهايد (الفصل العنصري) في جنوب أفريقيا التي كانت نشطة في جامعتي. وقتها بدأت أفهم كيف يسهم تحرر شعب كالشعب الجنوب أفريقي في تحرر بقية الشعوب الواقعة تحت نير الاستعمار، كالشعب الفلسطيني.
* هناك من يرى أن المقاطعة تحتاج إلى وقت طويل للتأثير على إسرائيل، والعالم الغربي، فهل لديكم الوقت الكافي لممارسة هذه الاستراتيجية؟
- من المؤشرات المتوفرة حتى الآن لانتشار الحركة، ومن ردود فعل إسرائيل، نستطيع أن نرى أننا نحقق اختراقات نوعية نعزز فيها من عزلة إسرائيل الدولية ونسبب تراجع شعبيتها بين شعوب العالم. فاستطلاعات الرأي العام العالمي السنوية التي تجريها هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أظهرت في السنوات القليلة الماضية أن إسرائيل باتت تنافس كوريا الشمالية على موقع ثالث أو رابع أسوأ الدول تأثيرا في العالم.
* كيف تواجهون مهاجمة أطراف إسرائيلية أو مناصرة لإسرائيل لجهودكم، خاصة في الغرب؟
- إسرائيل تعاملت مع حركة المقاطعة تقريبا بالضبط كما يقول (الزعيم الهندي الراحل المهاتما) غاندي في مقولته الشهيرة: «في البدء يتجاهلونك، ثم يسخرون منك، ثم يحاربونك، ثم تنتصر». وصلنا إلى مرحلة «ثم يحاربونك»، ففي 9 فبراير (شباط) الماضي، نوقشت في اجتماع سري للحكومة الإسرائيلية، استراتيجية لمحاربة حركة المقاطعة بسبب نمو تأثيرها في الآونة الأخيرة. وسربت وسائل الإعلام بعض المقترحات التي قدمها الوزراء في هذا الاجتماع، أهمها رصد 100 مليون شيقل (نحو 30 مليون دولار) لشن حملات دعائية ضد حركة المقاطعة وناشطيها، بالإضافة إلى تصعيد العمل الاستخباري الذي تقوم به الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ضد الحركة.
أما بالنسبة لأحد أهم الأسلحة التي تستخدمها إسرائيل ومجموعات الضغط التابعة لها، فهو الادعاء بأن حركة مقاطعة إسرائيل معادية للسامية. وعلى الرغم من فعالية هذا الادعاء في الغرب، فإننا نجحنا لدرجة كبيرة في إبطال مفعوله الترهيبي في تكميم الأفواه. فهذا الادعاء، كما حاججنا، هو بحد ذاته معاد للسامية.. فهو يختزل يهود العالم إلى كتلة واحدة متجانسة، ويعتبر إسرائيل ممثلا وحيدا، بل رديفا لها، وهذا ينمّ عن عنصرية حقيقية ضد اليهود.
* ما الخطوات المقبلة لكم في دفع الحملة إلى الأمام؟
- ما بعد مجزرة غزة لا يمكن أن يكون كما كان قبلها.. لقد عاهدنا أهلنا في غزة أن نُدفِّع إسرائيل ثمنا لن تنساه لجرائمها من خلال عزلها الاقتصادي والأكاديمي والثقافي والعسكري المتصاعد. وسنبني على بعض الإنجازات المهمة التي حققناها خلال العدوان. على سبيل المثال، قررت قبل أيام الحكومة الإسبانية تجميد تصدير السلاح لإسرائيل، وقد كان الحظر العسكري على إسرائيل من أهم ما ناضلت وتناضل «حركة المقاطعة» لتحقيقه في كل دول العالم. كما قررت الحكومة البريطانية إعادة النظر في صادراتها العسكرية لإسرائيل، وصرّح نائب رئيس الوزراء البريطاني، نيك كليغ، بتأييده لوقف تصدير السلاح إلى إسرائيل.
وفي المجال الثقافي، شهدنا للمرة الأولى في تاريخ الصراع، عددا كبيرا من ألمع نجوم الموسيقى ونجوم هوليوود، ومن ضمنهم بعض الحائزين على جوائز «أوسكار»، يتعاطفون مع الشعب الفلسطيني علانية، ويذهب بعضهم إلى درجة اتهام إسرائيل بارتكاب «إبادة» بحق الفلسطينيين في غزة، كما فعلت الممثلة الإسبانية الشهيرة بينيلوبي كروز ومعها 100 من أهم نجوم الفن في إسبانيا.



العليمي يشيد بجهود تحالف دعم الشرعية لخفض التصعيد شرق اليمن

جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)
جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)
TT

العليمي يشيد بجهود تحالف دعم الشرعية لخفض التصعيد شرق اليمن

جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)
جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)

شدّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي على أن الاستقرار السياسي يُعد شرطاً أساسياً لنجاح أي إصلاحات اقتصادية، في ظل تداعيات قرار صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته في اليمن، مشيداً في الوقت ذاته بجهود تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية والإمارات لخفض التصعيد، وإعادة تطبيع الأوضاع في محافظات شرق البلاد.

جاءت تصريحات العليمي، الأحد، خلال اتصال أجراه بمحافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب، للاطلاع على المستجدات الاقتصادية والنقدية، والتداعيات المحتملة لقرار صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته في اليمن، على خلفية الإجراءات الأحادية التي شهدتها المحافظات الشرقية في الأيام الماضية.

ونقل الإعلام الرسمي اليمني عن مصدر رئاسي أن العليمي استمع إلى إحاطة من محافظ البنك المركزي حول مستوى تنفيذ قرارات مجلس القيادة، وتوصياته الهادفة لمعالجة الاختلالات القائمة في عملية تحصيل الإيرادات العامة إلى حساب الحكومة في البنك المركزي، إضافة إلى عرض للمؤشرات المالية والنقدية، والجهود المطلوبة لاحتواء تداعيات القرار الدولي على استقرار سعر الصرف، وتدفق الوقود والسلع، وتحسين مستوى الخدمات الأساسية.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وأضاف المصدر أن الاتصال تطرق إلى تقييم شامل للأوضاع الاقتصادية الراهنة، وما يفرضه تعليق أنشطة صندوق النقد من تحديات تتطلب تنسيقاً حكومياً عاجلاً للحفاظ على الاستقرار سواء المالي أو النقدي، وضمان استمرار التزامات الدولة تجاه المواطنين.

وكانت مصادر يمنية رسمية ذكرت أن صندوق النقد الدولي قد أعلن تعليق أنشطته في اليمن، عقب التوتر الأمني في حضرموت والمهرة خلال الأيام الماضية، الأمر الذي أثار مخاوف من انعكاسات اقتصادية محتملة، في وقت تعتمد فيه الحكومة اليمنية على الدعم الخارجي والمؤسسات الدولية في تنفيذ برامج الاستقرار المالي والإصلاحات الاقتصادية.

إشادة بمساعي التهدئة

أفاد المصدر الرئاسي اليمني - حسب ما نقلته وكالة «سبأ» بأن العليمي أشاد بالمساعي التي يبذلها تحالف دعم الشرعية، بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات، لخفض التصعيد وإعادة تطبيع الأوضاع في محافظتي حضرموت والمهرة، مثمناً دعم الرياض للموازنة العامة، وتعزيز صمود مؤسسات الدولة، واستمرار الوفاء بالالتزامات الحتمية تجاه المواطنين.

جنود تابعون للمجلس الانتقالي الجنوبي في عدن يحرسون مدخل القصر الرئاسي (رويترز)

وأشار المصدر إلى أن العليمي عدّ إعلان صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته في اليمن بمثابة «جرس إنذار»، يؤكد ارتباط الاستقرار الاقتصادي بالاستقرار السياسي، ويبرز أهمية توحيد الجهود لتفادي انعكاسات سلبية على الوضعين المالي والمعيشي.

كما جدّد رئيس مجلس القيادة التأكيد على أن الانسحاب الفوري للقوات الوافدة كافة من خارج محافظتي حضرموت والمهرة يُمثل الخيار الوحيد لإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية، واستعادة مسار النمو والتعافي، وتعزيز الثقة مع مجتمع المانحين والمؤسسات الدولية.

توحيد الجهود

يأتي اتصال العليمي بمحافظ البنك المركزي عقب لقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزُّبيدي (رئيس مجلس الانتقالي الجنوبي) في العاصمة المؤقتة عدن بقيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية، برئاسة اللواء الركن سلطان العنزي، واللواء الركن عوض الأحبابي.

وكان اللقاء ناقش - حسب الإعلام الرسمي اليمني - سُبل توحيد الجهود في مواجهة المخاطر التي تهدد أمن المنطقة والإقليم، وتمس المصالح الدولية، وتهدد حرية الملاحة، إلى جانب آليات تعزيز جهود مكافحة الإرهاب، وتجفيف منابع تمويله، والتنسيق مع الشركاء الدوليين لوقف تهريب الأسلحة إلى الجماعات الإرهابية.

اجتماع وفد عسكري سعودي إماراتي في عدن مع رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي (سبأ)

وأكد الزُّبيدي خلال اللقاء عمق ومتانة العلاقات الأخوية مع دول التحالف، مثمناً الدور الذي تقوم به في دعم القوات المسلحة، ومواجهة الميليشيات الحوثية، ومكافحة الإرهاب. وفق ما أورده الإعلام الرسمي.

وعقب هذا اللقاء كانت القيادة التنفيذية العليا للمجلس الانتقالي الجنوبي عقدت اجتماعها الدوري برئاسة الزبيدي، واستعرضت نتائج اللقاء مع قيادة القوات المشتركة للتحالف، وما خرج به من تفاهمات لتعزيز الأمن والاستقرار، ومكافحة الإرهاب، وتأمين خطوط الملاحة وحماية الأمن البحري، إضافة إلى الأوضاع في وادي حضرموت والمهرة، والجهود المبذولة لتطبيع الأوضاع، وحفظ السكينة العامة.


«ادفع أو أُغلق»... الحوثيون يشنّون حرب جبايات تخنق صنعاء

مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
TT

«ادفع أو أُغلق»... الحوثيون يشنّون حرب جبايات تخنق صنعاء

مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)

أغلقت الجماعة الحوثية خلال الشهر الماضي 98 منشأة ومتجراً متنوعاً في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في سياق تصعيدها لحملات الدهم والإغلاق وفرض الإتاوات التي تستهدف كبار التجار وأصحاب المتاجر الصغيرة على حد سواء، لإرغامهم على دفع جبايات مالية وعينية تحت مسميات متعددة، تُفاقم من هشاشة الاقتصاد المحلي، وتزيد من معاناة السكان.

وكشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن تنفيذ نحو 40 لجنة ميدانية تتبع ما يُسمى مكتب الصناعة والتجارة الخاضع للجماعة الحوثية في صنعاء، عدة نزولات خلال 4 أسابيع، استهدفت بالدهم والإغلاق وفرض الإتاوات ما يقارب 683 منشأة تجارية في أحياء متفرقة من صنعاء، شملت أسواقاً مركزية، ومحال بيع بالتجزئة، ومطاعم ومخازن.

وأقرّ تقرير أولي صادر عن مكتب الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين بأن القائمين على الحملة أغلقوا خلال 30 يوماً نحو 98 منشأة ومتجراً، وأصدروا 227 تعميماً، ونحو 110 إشعارات حضور، وأحالوا 55 مخالفة إلى النيابة التابعة للجماعة، فضلاً عن اتخاذ سلسلة إجراءات إدارية وغرامات مالية بحق 190 منشأة بزعم ارتكاب مخالفات.

عناصر حوثيون خلال دهم أحد المتاجر في صنعاء (فيسبوك)

ويزعم الحوثيون أن حملاتهم تهدف إلى ضبط الأسعار، ومكافحة الغش التجاري والاحتكار، والتصدي لمواد مخالفة للمواصفات أو منتهية الصلاحية، ونقص الأوزان، ورفض التفتيش، وغيرها من المبررات التي يرى التجار أنها تُستخدم غطاءً لابتزازهم وجباية الأموال بالقوة.

مضايقات متكررة

واشتكى تجار في صنعاء، تحدّثوا إلى «الشرق الأوسط»، من تكرار المضايقات الحوثية بحقهم، مؤكدين أن الجماعة تواصل شن حملات واسعة لجمع إتاوات نقدية وعينية تحت تسميات عدة، أبرزها تمويل ما تُسمى الوقفات المسلحة، وحملات التعبئة والتجنيد الإجباري، ودورات «طوفان الأقصى» العسكرية، تحت مزاعم الاستعداد لما تصفه بمعارك مرتقبة مع إسرائيل وأميركا.

وأكد تجار أن فرض مزيد من الجبايات يتزامن مع تراجع حاد في النشاط التجاري وكساد البضائع وارتفاع النفقات التشغيلية، ما يجعل كثيراً من المنشآت الصغيرة والمتوسطة مهددة بالإفلاس أو الإغلاق القسري، في ظل غياب أي حماية قانونية أو بيئة أعمال مستقرة.

جرافة حوثية تعتدي على باعة أرصفة بالقرب من متاجر في صنعاء (إعلام حوثي)

ويقول «خالد» (اسم مستعار)، وهو تاجر مواد غذائية في حي السنينة بمديرية معين، إن عناصر حوثية مسنودة بعربات أمنية اقتحمت متجره، وأرغمته على دفع 10 آلاف ريال يمني (الدولار نحو 535 ريالاً) بحجة الإسهام في تمويل أنشطة الجماعة الحالية لاستقطاب وتجنيد مقاتلين جدد. ويوضح أن المبالغ المفروضة تُحدد تقديرياً بناءً على حجم البضائع، دون أي معايير قانونية واضحة.

من جهته، يؤكد صاحب متجر صغير في حي شميلة بمديرية السبعين، لـ«الشرق الأوسط»، تكثيف مسلحي الجماعة خلال الأسابيع الأخيرة من استهداف التجار وصغار الباعة في سوق شميلة المركزية، لإجبارهم على دفع إتاوات غير قانونية.

ويشير إلى أن متجره تعرّض للدهم منتصف الشهر الماضي، وأُجبر بالقوة على دفع مبلغ مالي بزعم وجود مخالفات سابقة، قبل أن يصادر المسلحون أصنافاً غذائية من متجره نتيجة عجزه عن السداد، بذريعة دعم المقاتلين في الجبهات.

تدهور اقتصادي

تأتي هذه التطورات في وقت كشف فيه تقرير دولي حديث عن استمرار تدهور الوضع الاقتصادي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في ظل تصاعد حملات الجباية التي تستهدف الأنشطة التجارية، ما يُعمِّق أزمة انعدام الأمن الغذائي ويقلّص قدرة الأسر على تلبية احتياجاتها الأساسية.

حوثيون يغلقون متجراً في صنعاء لعدم استجابة مالكه لدفع جبايات (إكس)

ووفقاً لتقرير صادر عن «شبكة الإنذار المبكر للاستجابة للمجاعة»، فإن الاقتصاد في مناطق سيطرة الجماعة يواصل التراجع بوتيرة عالية، بفعل الحملات المتكررة التي تطول المطاعم والمتاجر والفنادق وبقية القطاعات، ولا تقتصر على فرض رسوم إضافية فحسب، بل تشمل تشديد القيود التنظيمية، الأمر الذي أدى إلى إغلاق عدد من المنشآت الصغيرة.

وحذّر التقرير من أن استمرار هذا النهج سيُضعف قدرة الأسر على الحصول على الغذاء حتى بالتقسيط، الذي شكّل خلال السنوات الماضية ملاذاً أخيراً لمواجهة الضائقة المعيشية، متوقعاً زيادة حدة انعدام الأمن الغذائي في ظل استمرار الجبايات وتراجع المساعدات الإنسانية أو توقفها.


مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
TT

مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)

أكدت مصر «موقفها الثابت والرافض للمساس بسيادة لبنان ووحدة وسلامه أراضيه، فضلاً عن دعم المؤسسات الوطنية للاضطلاع الكامل بمسؤولياتها في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان». وشددت على «ضرورة منع التصعيد واحتوائه، ورفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية».

جاء ذلك خلال لقاء وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط، كلير لوجندر، على هامش «منتدى صير بنى ياس» في الإمارات، السبت.

وثمن عبد العاطي العلاقات الاستراتيجية بين مصر وفرنسا، معرباً عن التطلع لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري وزيادة الاستثمارات الفرنسية في مصر، فضلاً عن تعزيز التعاون في مختلف المجالات وفى مقدمتها قطاعات الصناعة والنقل والسياحة والثقافة والتعليم. كما رحب بقرب انعقاد الجولة الأولى من الحوار الاستراتيجي بين وزارتي الخارجية المصرية والفرنسية.

وفيما يتعلق بتطورات القضية الفلسطينية، رحب وزير الخارجية المصري بالموقف الفرنسي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، مبرزاً الجهود التي تقوم بها مصر لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وأكد «ضرورة تضافر الجهود الدولية لضمان تنفيذ قرار مجلس الأمن 2803 وسرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة للاضطلاع بمسؤوليتها ومهامها».

ونوه عبد العاطي بأهمية المضي في خطوات تشكيل لجنة التكنوقراط الفلسطينية لإدارة قطاع غزة. ولفت إلى أهمية ضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق إلى قطاع غزة في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية، مشدداً على أهمية خلق الأفق السياسي للتوصل إلى تسوية عادلة ومستدامة للقضية الفلسطينية من خلال تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

الشيخ عبد الله بن زايد خلال لقاء وزير الخارجية المصري في الإمارات (الخارجية المصرية)

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، السبت، تم التطرق خلال اللقاء إلى الأوضاع في السودان، حيث أطلع الوزير عبد العاطي المسؤولة الفرنسية على الجهود المصرية في إطار الرباعية بهدف تحقيق وقف إطلاق النار بما يسمح بإطلاق عملية سياسية سودانية شاملة، مؤكداً على ثوابت الموقف المصري بشأن حماية سيادة السودان، ووحدة وسلامة أراضيه، ورفض التقسيم، ودعم مؤسسات الدولة. وشدد على ضرورة توحيد الجهود الإقليمية والدولية لدفع مسار التهدئة والتوصل إلى وقف لإطلاق النار ونفاذ المساعدات الإنسانية. كما حرص وزير الخارجية على إطلاع المسئولة الفرنسية على نتائج زيارته الأخيرة للبنان.

وقال وزير الخارجية المصري خلال زيارته إلى العاصمة اللبنانية بيروت، الشهر الماضي، إن بلاده تنظر إلى لبنان بعدّه ركناً أساسياً في منظومة الأمن والاستقرار الإقليمي، مؤكداً على أن صون سيادته واستقلال قراره الوطني يظلان أولوية ثابتة في السياسة الخارجية المصرية.

في سياق آخر، التقى عبد العاطي، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد، مساء السبت. وتناول اللقاء آفاق تعزيز العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين الشقيقين والبناء على ما تشهده من زخم إيجابي في مختلف المجالات، في ضوء ما يجمع القيادتين والشعبين من روابط راسخة وشراكة استراتيجية.

وبحسب «الخارجية المصرية»، السبت، تبادل الجانبان الرؤى حول عدد من القضايا والملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأوضاع في الضفة الغربية وتنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام في قطاع غزة، فضلاً عن تطورات الأوضاع في السودان والتنسيق القائم في إطار الرباعية، والأوضاع في اليمن وسوريا وليبيا. واتفق الوزيران على «أهمية مواصلة التنسيق والتشاور لدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وتعزيز العمل العربي المشترك».