بعد إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن الكثير من السلبيات التي سوف تنعكس على اقتصاد روسيا وبلدان الاتحاد الجمركي من جراء الشراكة الأوروبية مع أوكرانيا، خلص مراقبون كثيرون إلى أن مباحثاته مع نظيره الأوكراني بيوتر بوروشينكو لم تسفر عن الانفراج المنشود. وأشارت الصحافة الروسية إلى أن بوتين لم يتطرق في مباحثاته مع بوروشينكو إلى قضايا الحرب والسلام، على اعتبار أنها تتقرر فيما وراء حدود أوكرانيا، وتتجاوز قدرات وصلاحيات الرئيس بوروشينكو. وقد وصفت صحيفة «كوميرسانت ديلي» الروسية هذا الوضع بقولها: «إن الرئيسين بوتين وبوروشينكو كانا يتحدثان لغتين مختلفتين، على الرغم من أن الحديث بينهما دار عبر اللغة الروسية».
وكان بوتين قد لمح إلى عجز الرئيس الأوكراني عن تقرير قضية وقف الحرب في جنوب شرقي أوكرانيا بمفرده دون الرجوع إلى الخارج، حين قال: «إن روسيا لا تستطيع مناقشة شروط وقف إطلاق النار في مقاطعتي لوغانسك ودونيتسك مع كييف، لكنها تستطيع فقط المساعدة في خلق أجواء الثقة بين المشاركين لأن ذلك أمر يخص أوكرانيا نفسها». كما نقلت صحيفة «آر بي كي» ديلي الروسية عن تيموفيي بورداتشيف، مدير مركز الأبحاث الأوروبية والدولية قوله، إن المشاركين في اللقاء لم يناقشوا الأوضاع العسكرية السياسية في منطقة الدونباس، في غياب ممثلي الولايات المتحدة، وأضاف أن الإدارة الأميركية ليست على استعداد الآن لفتح باب الحوار مع موسكو حول هذا الموضوع. وكان بوتين اقتصر في تناوله لهذه القضية على تأكيد أن وقف تصاعد العمليات القتالية في جنوب شرقي أوكرانيا لن يتحقق من دون مراعاة المصالح الحيوية لسكان هذه المناطق، ومن دون مشاركة ممثليها في الحوار السلمي حول الأزمة الراهنة.
وكان بوتين اقتصر خلال اللقاء الموسع الذي جمع إلى جانب بوروشينكو، رئيسي كازاخستان نور سلطان نزاربايف ورئيس بيلاروس (الدولة المضيفة) الكسندر لوكاشينكو وممثلي الاتحاد الأوروبي، على مناقشة القضايا الاقتصادية دون الدخول في أية قضايا سياسية. وعلى الرغم مما قاله بوروشينكو حول أن المشاركين في اللقاء أعلنوا بالإجماع تأييدهم لتوجهات خطة السلام التي طرحها للخروج من الأزمة الأوكرانية الراهنة، فقد أشار موقع «نيوز رو» الإلكتروني إلى أن الاجتماع لم يناقش تفاصيل هذه الخطة. وكان الموقع الإلكتروني للرئاسة الأوكرانية كشف عن أن بوروشينكو تطرق في حديثه إلى أهمية التسوية السياسية للأزمة العسكرية أكثر من تناوله للقضايا الاقتصادية، داعيا المشاركين إلى تأييد خطته السلمية التي تنص على تعمير منطقة الدونباس، وهو ما حظي بتأييد كاثرين أشتون مفوضة الاتحاد الأوروبي ورئيسي بيلاروس ألكسندر لوكاشينكو وكازاخستان نور سلطان نزاربايف، بما يعني ضمنا عدم وقوف الرئيس الروسي بوتين إلى جانب ما طرحه بوروشينكو.
وقد كشفت البيانات والتصريحات الرسمية الصادرة عن لقاء مينسك عن أن بوتين ركز حديثه حول أبعاد وآفاق التعاون بين بلدان الاتحاد الجمركي وأوكرانيا والاتحاد الأوروبي على ضوء تداعيات اتفاق الشراكة الذي وقعته أوكرانيا مع الاتحاد الأوروبي على الاقتصاد الروسي، وهو ما لن تستطيع روسيا السكوت عليه، ولا سيما أن الخسائر التي يمكن أن تتكبدها بسبب ذلك يمكن أن تبلغ مائة مليار دولار، أي ما يقرب من الـ3 مليارات دولار، حسب تصريحات الرئيس الروسي.
وعلى الرغم من الكثير من سلبيات اللقاء الثنائي بين بوتين وبوروشينكو فإن المراقبين يؤكدون جدواه على طريق تسوية المشكلات القائمة بين البلدين، على اعتبار أنه قد يكون مقدمة لأخرى مقبلة من أجل الحد من تصاعد وتيرة الحرب وتفاقم الكوارث الإنسانية في جنوب شرقي أوكرانيا. ميدانيا، اتهمت أوكرانيا القوات الروسية بتنفيذ عملية توغل عسكري جديدة عبر حدودها أمس بعد يوم من اتفاق رئيسي البلدين على العمل لإنهاء حرب انفصالية في شرق البلاد.
وقال المتحدث باسم الجيش الأوكراني أندريه ليسينكو، إن مجموعة من الجنود الروس عبرت الحدود في ناقلات جند مدرعة وشاحنة، ودخلت بلدة أمفروسيفيكا الشرقية قرب المكان الذي اعتقلت فيه أوكرانيا 10 جنود روس الاثنين الماضي. وذكر ليسينكو أن القتال في بلدة هورليفكا إلى الشمال وبلدة وايلوفايسك إلى الشرق أدى إلى مقتل نحو 200 من الانفصاليين المؤيدين لروسيا، ودمر دبابات وأنظمة صواريخ. وقال إن 13 من الجنود الأوكرانيين قتلوا خلال الساعات الـ24 الأخيرة وإن 36 أصيبوا.
ولم يصدر تعقيب فوري من وزارة الدفاع الروسية بشأن اتهامات التوغل الأوكرانية، إلا أن روسيا جددت مطالبتها بوقف إطلاق النار بين قوات الحكومة الأوكرانية والانفصاليين المتمردين في شرق أوكرانيا، في ظل ما تشهده المنطقة من إراقة مستمرة للدماء. كما شدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في تصريحاته لوكالات أنباء روسية أمس على ضرورة ألا يكون وقف إطلاق النار مشروطا بإجراء المفاوضات فحسب.
وبخصوص قافلة المساعدات الروسية الثانية المخطط إرسالها إلى شرق أوكرانيا قال لافروف: «أنا متأكد أن هذه القافلة لن تكون الأخيرة».
وعلى الجانب الأوكراني قال رئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينيوك أمس، إن كييف تعلم بخطط روسية لقطع الغاز هذا الشتاء عن أوروبا، وذلك خلال اجتماع حكومي في العاصمة كييف. وأضاف ياتسينيوك موجها كلامه للوزراء: «ليس لدينا توقعات مبالغ فيها على الإطلاق من اجتماعاتنا. لكننا يجب أن نواصل المضي قدما في طريق المحادثات لإقرار السلام.. والدولة الوحيدة التي لا تعلم أن هذه الحرب بدأتها روسيا الاتحادية هي روسيا نفسها».
وكانت روسيا قد أوقفت إمداد أوكرانيا بالغاز في يونيو (حزيران) الماضي بسبب خلاف على السعر، لكنها واصلت تزويد أوروبا التي تعد أكبر أسواقها. وأبلغ ياتسينيوك الاجتماع بأن «الوضع في قطاع الطاقة الأوكراني صعب. ونحن نعلم بخطط روسيا لوقف نقل الغاز حتى إلى دول الاتحاد الأوروبي هذا الشتاء».
لقاء بوتين مع بوروشينكو ركز على القضايا الاقتصادية.. وتجاهل قضايا السلام
أوكرانيا تتهم القوات الروسية بتنفيذ عملية توغل عسكري جديدة عبر حدودها
لقاء بوتين مع بوروشينكو ركز على القضايا الاقتصادية.. وتجاهل قضايا السلام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة