مدينة غلاسكو الاسكوتلندية، أول من أمس، مناظرة تلفزيونية ختامية خصصت لمناقشة مستقبل اسكوتلندا، وذلك قبل أسابيع فقط من استفتاء تاريخي على استقلال اسكوتلندا، مع تطلع المعسكر المؤيد للانفصال إلى أداء مميز لزعيمه يغير الوضع لصالحه.
وركزت المناظرة التي جمعت بين أليكس سالموند زعيم الحزب الوطني الاسكوتلندي المؤيد للاستقلال، وأليستير دارلنغ زعيم حملة «معا أفضل» المناهضة للاستقلال، على ثلاث قضايا أساسية، وهي ما إذا كانت اسكوتلندا المستقلة قد تحافظ على الجنيه الإسترليني وكيفية ذلك، وعدد براميل النفط المتبقية في بحر الشمال، وما إذا كانت الخدمة الصحية التي تمول من أموال عامة ستكون أفضل لدى انفصال اسكوتلندا. وقد اعتبر بعض المحللين السياسيين هذه النقاط الثلاث قضايا جوهرية من شأنها أن تحسم النقاش في الصراع الدائر بين الطرفين. وقال باتريك بريوني، مدير الأبحاث في معهد سيرفيشن لاستطلاعات الرأي، عن المناظرة التي جرت «إنها آخر فرصة عامة حقيقية للوصول إلى عدد كبير من الناس». وأضاف موضحا «سالموند يعد إلى حد كبير جدا الخاسر في هذه اللحظة، ومن ثم فهو يحتاج فعلا إلى أداء يؤثر في الناس».
يشار إلى أن سالموند كان قد أخفق بشكل غير متوقع في الهيمنة خلال أول مناظرة تلفزيونية من هذا القبيل، جرت في الخامس من أغسطس (آب) الحالي، والتي أحرجه فيها أليستير دارلنغ، زعيم حملة «معا أفضل» المناهضة للاستقلال، بشأن قضية ترتيبات العملة في اسكوتلندا المستقلة.
ومع اقتراب موعد الاستفتاء في 18 سبتمبر (أيلول) المقبل تظهر استطلاعات الرأي أن حملة إنهاء اسكوتلندا للاتحاد القائم منذ 307 أعوام مع إنجلترا، والانفصال عن المملكة المتحدة، تحتل مركزا متأخرا في الاستطلاعات، مثلما كان الحال بصفة عامة منذ البداية. وقد أظهرت عدة استطلاعات أجريت في الآونة الأخيرة ارتفاع نسبة التأييد لهذه الحملة ببضع نقاط، ولكن وفقا لأحدث استطلاع أجري في 15 أغسطس الحالي، واعتمد على متوسط آخر ستة استطلاعات، واستبعاد من لم يحددوا مواقفهم، فقد بلغت نسبة التأييد للمعسكر المؤيد للاستقلال 43 في المائة، مقابل 57 في المائة للمعارضين. ولكن أليكس سالموند، زعيم الحزب الوطني الاسكوتلندي المؤيد للاستقلال، يشتهر بأنه سياسي ماهر، وقد سبق له أن فاز في الانتخابات بشكل غير متوقع في الماضي، ومن المتوقع أن يرفع من عدد مؤيدي حملته. وفي حال فوز المؤيدين للاستقلال لن تنال اسكوتلندا فعلا استقلالها سوى في 24 مارس (آذار) 2016.
وقبل وصول تاريخ الاستفتاء تتنازع أدنبره ولندن بشراسة على تقاسم ممتلكات التاج البريطاني، بدءا بالجنيه الإسترليني، والديون وحتى الثروة النفطية الهائلة، على خلفية احتمال أن يفضي الاستفتاء إلى استقلال اسكوتلندا. ويؤكد سالموند، رئيس الوزراء الاسكوتلندي الذي يقود الفريق المؤيد للانفصال، أن اسكوتلندا المستقلة بإمكانها أن تتولى بنفسها سياستها الاقتصادية والمالية وهو ما يعد أساس الازدهار. وفي المقابل يعد قادة أحزاب المحافظين والعماليين والليبراليين الديمقراطيين البريطانيين بمنح ادنبره مزيدا من الصلاحيات إن بقيت ضمن المملكة المتحدة، لكنهم حذروا من أسوأ الصعوبات في حال قطع صلات اقتصاد اسكوتلندا مع لندن.
وفي حال استقلال اسكوتلندا فإن إجمالي ناتجها الداخلي سيضع البلاد الجديدة في مستوى فنلندا واليونان وآيرلندا تقريبا، وهو أمر كاف إلى حد كبير لتدير أمورها بنفسها. لكن الروابط قوية جدا مع بقية مناطق المملكة المتحدة وقطعها سيهز البلاد على الأرجح، حسب بعض المراقبين السياسيين. ولخص جاك ألن، من معهد الأبحاث «كابيتال إيكونوميكس»، الوضع بقوله «قد تكون هناك فترة طويلة من التفاوض بين حكومتي ويستمنستر وهوليرود (البرلمان الاسكوتلندي) حول مواضيع مهمة، مثل تقاسم الدين العام، وضبط البنوك الاسكوتلندية، والمسألة النقدية».
لكن المعركة على العملة الوطنية لم تنتظر الاقتراع لتبدأ، إذ اقترح سالموند وحزبه الوطني الاسكوتلندي وحدة نقدية بين اسكوتلندا، وما تبقى من المملكة المتحدة (إنجلترا، بلاد ويلز، وآيرلندا الشمالية)، تحت إشراف بنك إنجلترا. لكن هذا السيناريو رفضته بشكل قاطع الأحزاب الثلاثة في ويستمنستر، مثل أليستير دارلنغ وزير المالية العمالي السابق.
إضافة إلى ذلك، هناك مشكلة توزيع ديون الدولة البريطانية، فوزارة الخزانة في لندن تعهدت بضمان كل قروض التاج البريطاني، والحصول من اسكوتلندا مستقلة على تسديد حصتها في مهلة سيتعين تحديدها. لكن في غياب أي وحدة نقدية يهدد القوميون الاسكوتلنديون بعدم الدفع، لا سيما أن عائدات الثروة النفطية قد تبدو أقل سخاء.
وقد أعدت ادنبره سيناريوهات عدة للعائدات الضريبية النفطية، أكثرها تفاؤلا يعول على 38.7 مليار جنيه إسترليني (48 مليار يورو) لميزانية السنوات الخمس المقبلة، في حين أن الوكالة المكلفة بالتوقعات الرسمية البريطانية خفضت توقعاتها للسنوات الخمس إلى 17.6 مليار جنيه (22 مليار يورو).
لكن بالنسبة للحكومة الإقليمية في ادنبره «فإن التهديد الرئيس بالنسبة للاقتصاد الاسكوتلندي يتعلق بالاستفتاء على بقاء المملكة المتحدة داخل الاتحاد الأوروبي، الذي قد يخرج اسكوتلندا من سوق موحدة تضم أكثر من نصف مليار شخص».
7:57 دقيقة
قضايا جوهرية تحسم النقاش في آخر مناظرة قبل استفتاء اسكوتلندا
https://aawsat.com/home/article/168581
قضايا جوهرية تحسم النقاش في آخر مناظرة قبل استفتاء اسكوتلندا
حملة الاستقلال تثير العملة الوطنية والديون والثروة النفطية الهائلة
قضايا جوهرية تحسم النقاش في آخر مناظرة قبل استفتاء اسكوتلندا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة