ليونيد بيرشيدسكي
TT

العقوبات على روسيا وتأثيرها على أوروبا الشرقية

يرى قادة المجر وسلوفاكيا وجمهورية التشيك أن العقوبات الغربية المفروضة ضد روسيا تزايدت كثيرا بعض الشيء. هؤلاء القادة يعرفون النظام الروسي أفضل من أي شخص آخر في العالم، باستثناء روسيا ذاتها، كما أنهم يرون أن العقوبات لن تجدي نفعا.
وشبه رئيس الوزراء المجرى فيكتور أوروبان هذه العقوبات بقيام «أحد الأفراد بإطلاق النار على قدمه»، موضحا أن سياسة العقوبات التي يتبعها الغرب «تضررنا نحن أكثر مما تضررت روسيا».
وأعرب نظير أوروبان السلوفاكي روبرت فيكو عن مشاعر مماثلة، متسائلا: «لماذا يتعين علينا أن نعرض الاقتصاد الأوروبي للخطر؟»، وأضاف: «من المستفيد من تراجع الاقتصاد الأوروبي، فالاقتصاد الروسي يواجه صعوبات بالفعل، كما يشهد الاقتصاد الأوكراني تدهورا؟».
وفي السياق ذاته، أعرب بوهوسلاف سوبوتكا، رئيس الوزراء التشيكي، مؤخرا عن استيائه حيال تلك العقوبات المفروضة، قائلا: «لا تعد الظروف مواتية للاتحاد الأوروبي ولا لروسيا للخوض في حرب تجارية طويلة، ولا تعد الظروف مواتية من أجل ظهور انفصال آيديولوجي اقتصادي وسياسي جديد على الحدود الشرقية لأوكرانيا».
يبدو من المفارقة أن يشعر قادة بلدان أوروبا الشرقية بعدم ارتياح كبير حيال العقوبات الغربية المفروضة ضد روسيا، فبعد كل ما حدث، يتعين أن يكونوا أكثر حرصا على ردع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومنعه من التدخل في الدول التي كانت تابعة لبلاده، حتى ولو كان ذلك على حساب وجود بعض الأزمات الاقتصادية في بلادهم. هل يخشون من عقوبات المواد الغذائية التي يفرضها بوتين ضد الدول الغربية؟ وهل يشعر أوروبان، الزعيم الأكثر سلطوية بالاتحاد الأوروبي، ببعض التقارب مع الديكتاتور الروسي، الذي ساعده في تمويل وبناء محطة الطاقة النووية؟ هل تخشى جمهورية تشيك وسلوفاكيا من قطع روسيا إمدادات الغاز الطبيعي عنهم، وتركهم يتجمدون الشتاء المقبل؟
من وجهة نظر الولايات المتحدة - أو الدول الرئيسة في الاتحاد الأوروبي - فإنه يتعين عليهم التصرف مثل رادوسلاف سيكورسكي، وزير الخارجية البولندي، الذي تبنى موقفا شجاعا ردا على حظر روسيا المواد الغذائية المستوردة، بما فيها التفاح، الذي تعد بولندا من أكبر المصدرين له؛ حيث قال الآتي: «إذا كنت ترغب في إبداء رأيك حيال ما قام به الرئيس بوتين، عليك بتناول تفاحة بولندية، ثم اعطِ واحدة إلى أحد الأصدقاء».
ومع ذلك ربما لم يفضل أوروبان وفيكو وسوبوتكا - الذين لا يتمتعون بنفس جرأة سيكورسكي - مثل هذه الشجاعة؛ فعلى النقيض من سيكورسكي، الذي طلب اللجوء في المملكة المتحدة عندما كان عمره 18 عاما، إنهم يدركون ويتذكرون النظام السوفياتي جيدا، بما في ذلك التصريح المتكرر الذي كثيرا ما تردد على لسان عضو المكتب السياسي السوفياتي ميخائيل سوسلوف: «نحن لا نقتصد في مسائل آيديولوجية». ونتيجة لذلك، فإنهم قد يدركون أنه مع حنين بوتين للماضي السوفياتي، فإنه لا يمكن ردعه من خلال العقوبات الاقتصادية فحسب، تماما مثلما كان الحال عليه مع الزعماء السوفيات والتابعين لهم.
إن القادة الذين نشأوا وترعرعوا في ظل الشيوعية يدركون أن العقوبات المفروضة ضد روسيا لن تسفر عن ردع بوتين أو مساعدة أوكرانيا. هذه العقوبات ستسفر فقط عن جعل الأمور أسوأ بالنسبة للجميع. ومن الذكاء أن تنصت واشنطن وكذلك دول أوروبا القديمة إليهم.
* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»