استبشر القطاع العقاري في السعودية بقرار مجلس الوزراء الذي يسمح بفتح المجال للشركات الأجنبية المعروفة للعمل في المملكة، من دون الحاجة لإخضاعها للإجراءات المعمول بها في وكالة تصنيف المقاولين، في الوقت الذي يشهد فيه القطاع انخفاضا كبيرا في أعداد شركات المقاولات إلى مستويات لا تلائم النهضة العمرانية التي تعيشها البلاد. كما أن لقرار وزارة العمل بتنظيم العمالة الذي أتمته نهاية العام الهجري الماضي دورا في تقليص أعداد عمالة المقاولات، مما يعني أن القرار جاء في الوقت الذي تعيش فيه السوق أزمة حقيقية في نقص المقاولين.
وأكد عدد من العقاريين أن القرار سينعكس بشكل مباشر على زيادة أعداد عمال الإنشاءات، وسيشهد تنافسا محموما بين الشركات العقارية التي ستحاول إثبات نفسها في السوق بعد دخول الشركات الأجنبية إلى المنافسة، متوقعين أن ضخ أعداد كبيرة من الشركات المؤهلة والمحترفة سيفيد القطاع بشكل عام، نظرا لاحتكاكها بالشركات المحلية، مستبعدين حدوث حرب أسعار نظرا لحاجة السوق إلى أعداد مضاعفة من شركات المقاولات.
وقال إبراهيم العبيد، المستشار العقاري، إن «القرار إيجابي 100 في المائة وسينفع السوق عبر إيفاد أعداد كبيرة من العمالة، في الوقت الذي تعيش فيه السوق أزمة حقيقية في قطاع المقاولات، نتيجة تسارع المشروعات الحكومية التنموية، ومشروعات وزارة الإسكان التي ظفرت بأعداد كبيرة من شركات المقاولات التي تفضل العمل في المشروعات الحكومية، نظرا لربحها العالي وضمان الحصول على المبالغ وفقا للعقد المعمول به، كما أن السوق تحتاج إلى وجود مثل هذه الشركات للدفع بمستويات الإتقان والجودة إلى أعلى مستوى، خصوصا أن اعتماد الشركات اختصر - فقط - الشركات الكبرى المعروفة التي أسهمت في تنمية الكثير من الدول، سواء بالمشروعات الحكومية أو الخاصة».
وأضاف «أعتقد أن أحد أسباب تعثر المشروعات الذي تعيشه البلاد هو عدم توافر أعداد كافية من العمالة، وبهذا القرار أعتقد أن المشكلة في طريقها إلى الزوال، بل أتمنى أن يحصل فائض كبير في أعداد العمالة حتى يستطيع المواطن اختيار الأفضل والأجود وليس البحث عن أي مقاول يتم له مشروعه، والأمر ينطبق على المشروعات الحكومية التي يجب أن تستفيد من هذا الدخول عبر تغيير شروط دخول المنافسات في المشروعات الحكومية». ولفت إلى أن القطاع يحتاج إلى العمالة الماهرة بعد أن سئم من تدخلات العمالة الرخيصة غير المدربة، التي كانت تدير بعض المشروعات، التي كان مصير بعضها التعثر أو قلة الجودة إلى مستويات ملحوظة.
يشار إلى أن السعودية تعيش فترة تنموية كبيرة في قطاع البناء والإنشاء الذي يعد من أهم القطاعات التي أولتها الحكومة اهتماما بالغا، وذلك بترسية مشروعات بقيمة تصل إلى 300 مليار ريال، الأمر الذي يحتم التعاون مع الشركات المقتدرة، بعد أن أصبح وجود الشركات الأجنبية في المملكة ملحا، علما بأن إجمالي الشركات السعودية المصنفة في تنفيذ المشروعات المحلية يفوق الثلاثة آلاف شركة، إلا أن هذا العدد لا يكفي دون وجود شركات عالمية، وفي ظل المبالغ المرصودة لترسية المشروعات، خصوصا أن الشركات العالمية التي ستدخل السوق السعودية ستكون معروفة ومكوناتها من الأصول الثابتة والمنقولة تكفي لعدم إخضاعها للإجراءات المعمول بها في وكالة تصنيف المقاولين.
وفي صلب الموضوع، أكد ناصر العمار، الرئيس التنفيذي لشركة «بلادي» القابضة، أن زيادة أعداد المقاولين إيجابية بكل الأحوال، لكن الآلية التي ستدخل بها العمالة، خصوصا بعد عدم اعتمادها على تصنيف المقاولين، غير واضحة بشكل كبير. وأوضح أنه من الواجب دخول الشركات التي ستثري السوق عمليا وتدعمها، وليس المقصد من هذا القرار هو حشد أكبر عدد ممكن من المقاولين للمباهاة بهم، معرجا على أنه متفائل كثيرا بدخول الشركات الأجنبية، لكن يجب وضع ضوابط كثيرة، حتى لا تضر بالشركات المحلية، التي بلا شك لم يعجبها القرار نظرا لرغبتها في البقاء وحيدة في القطاع لضمان الحصول على جميع المشروعات والأعمال.
وحول تضرر الشركات المحلية من قرار دخول الشركات الأجنبية، أشار العمار إلى أن «المقصد من دخول الشركات الأجنبية أن تكون شريكة للمحلية وليس لمنافستها، لتكون جميعها شريكة في التنمية، خصوصا أن القطاع كبير ويتسع للجميع، وهذا أمر يجب استيعابه والعمل عليه، إلا أن البقاء والظفر بأكبر المشروعات هو للشركات الأفضل، وبالتحديد للمشروعات الجبارة، خصوصا أن السعودية تحتاج إلى شركات كبرى ذات إمكانات عالية للنهوض بالمشروعات والخطط التنموية التي رسمت. كما أن القطاع الإنشائي يعيش فترة ذهبية بعد دخول وزارة الإسكان المحلية كأحد اللاعبين في القطاع العقاري، الأمر الذي دفع بالسعودية إلى تحقيق الصدارة بين الدول الأكثر تطورا.
وكانت هيئة الاستثمار - سابقا - قد ضبطت المستثمر الأجنبي في مجال المقاولات بآلية معينة، ولا يسجل المستثمر الأجنبي للسوق السعودية كـ«مقاول» إلا بعد أن يؤهل تأهيلا جيدا في بلده، وأن يكون له باع طويل في إنشاء المشروعات في بلد المنشأ، مما أعطى المجال لمجلس الوزراء لأن يقر هذا القرار الآن، خصوصا أن الشركات الأجنبية تضررت – سابقا - من عدم دخولها للسوق السعودية، لأن تصنيف المقاولين كان عائقا أمامها، وأن شهادة التصنيف ليست إلا شهادة مكملة وليست أساسية في مجالات الأعمال، وقيدت المقاولين في المملكة بمجالات معينة، وبعض الشركات مثل «أرامكو» و«سابك» لا تعترف بشهادة تصنيف المقاولين.
من جانبه، قلل تركي القوسي، الذي يدير شركة إنشائية محلية، من الأحاديث التي تشير إلى أن قطاع المقاولات سيشهد انخفاضا كبيرا في الأسعار، نتيجة دخول الشركات الأجنبية، لافتا إلى أن السوق تحتاج إلى أضعاف ما جرى ضخه من العمالة، حيث إن القطاع يحتاج إلى أعداد متزايدة من المقاولين المهرة بشكل سنوي، للسيطرة على المشروعات الضخمة التي تقام محليا. وأوضح أن التنافس سينحصر فقط في الجودة والإتقان، وأن الشركات التي ستعمل بجد وتفان هي التي ستثبت أقدماها خلال الفترة المقبلة، مستطردا أن قطاع المقاولات قطاع ضخم يستوعب أعدادا هائلة من العمالة، خصوصا أنه يشهد أقل نوع من العمالة الماهرة المدربة، وأن إدخال الشركات الأجنبية سينعكس بشكل إيجابي على الجودة العامة للإنشاءات في الفترة المقبلة.
وسيدعم القرار بكل تأكيد التنمية المتنامية التي تشهدها السعودية، والحجم الكبير للمشروعات، مما يسهم في زيادة المنافسة بين الشركات والقدرة على إنجاز المشروعات في وقت قياسي، نظرا لحجم تلك الشركات الأجنبية المعروفة ذات الإمكانات والتأهيل العالمي، بالإضافة إلى كونها قادرة على تنفيذ المشروعات ومواجهة التحديات لما تملكه من تخطيط وتطوير جيد.
8:18 دقيقة
عقاريون: السماح للشركات الأجنبية بالعمل في السعودية سيرفع الجودة العامة للإنشاءات
https://aawsat.com/home/article/166001
عقاريون: السماح للشركات الأجنبية بالعمل في السعودية سيرفع الجودة العامة للإنشاءات
أكد أن الخطوة ستزيد التنافس بينها وبين المحلية.. والمواطن هو المستفيد
- الرياض: عبد الإله الشديد
- الرياض: عبد الإله الشديد
عقاريون: السماح للشركات الأجنبية بالعمل في السعودية سيرفع الجودة العامة للإنشاءات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة