رمت الحكومة اللبنانية «كرة الانتخابات النيابية» في ملعب مجلس النواب بدعوتها الهيئات الناخبة، رافعة بذلك المسؤولية عنها، وإن متأخّرة. وهي خطوة «سياسية - رمزية وغير قابلة للتطبيق ما لم يقوم مجلس النواب بتشريع تقصير المهلة الدستورية، وإلا طعن بالانتخابات إذا أجريت، نظرا إلى أنّ هذا القرار اتخذ بعد انقضاء مهلة الدعوة بيوم واحد، وفق ما يقول وزير العدل السابق إبراهيم نجار في حديثه لـ(الشرق الأوسط)».
وكانت الحكومة قد وقّعت مساء أوّل من أمس ومن خارج جدول الأعمال، مرسوم دعوة الهيئات الناخبة لإجراء الانتخابات النيابية التي سبق أن حدّدها وزير الداخلية نهاد المشنوق في في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، مع العلم أنّه وانطلاقا من الدستور كان يجب دعوة الهيئات في موعدها الدستوري المحدّد قبل 90 يوما من موعد الانتخابات أي في 18 أغسطس (آب) الحالي.
وفي موازاة الجدل الدستوري ومجلس النواب المعطّل أصلا بسبب رفض عدد من الكتل النيابية ولا سيّما المسيحية منها، التشريع في ظل الفراغ الرئاسي إلا في القضايا الملحّة، لا يبدو أنّ الواقع يشير إلى أنّ هذا الاستحقاق اللبناني قابل للتطبيق سياسيا وأمنيا فيما البحث التقني قد بدأ عن مخرج ملائم للتمديد للمجلس بسبب استحالة إجراء الانتخابات، وفق ما أكّدت مصادر نيابية لـ«الشرق الأوسط».
ويقف بعض الأفرقاء خلف أولوية إجراء الانتخابات الرئاسية المتعثرة منذ نحو 3 أشهر، فيما يرفض البعض الآخر، وإن «في العلن»، التمديد الثاني لمجلس النواب خلال سنتين، بعدما كان قد مدّد في العام 2013. كذلك، لا يرى معظمهم أنّ الوضع الأمني يسمح بإجراء الانتخابات، وهو ما عبّر عنه وزير الداخلية نهاد المشنوق صراحة، الأسبوع الماضي.
وكان النائب نقولا فتوش قد تقدّم الأسبوع الماضي، باقتراح قانون معجل مكرر إلى الأمانة العامة لمجلس النواب، يطلب فيه التمديد للمجلس النيابي سنتين وسبعة أشهر، وهو الذي كان قد تقدم في العام 2013 بمشروع مماثل تم تبنيه وأدى إلى التمديد للمجلس الحالي 17 شهرا.
وتختلف المواقف المعلنة بشأن التمديد الذي تشير كل المعطيات والمعلومات بأنه بات محسوما. وبينما لا يزال الرفض المسيحي ضمن فريقي 8 و14 آذار، هو الأكثر تصلبا «في العلن» لغاية الآن، إذا لم تطرأ تغيّرات على غرار ما حصل في التمديد الأوّل. وفي هذا الإطار، أكّدت مصادر في «حزب القوات اللبنانية»، أنّ القوات أعلن مرارا رفضه للتمديد وهو لا يزال عند موقفه ولو سار به الحلفاء، وأشارت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» «نحن خارج الحكومة، أما في مجلس النواب فسنصوّت ضدّ التمديد، مع تأكيدنا على ضرورة احترام المواعيد الدستورية وإجراء انتخابات رئاسية في أسرع وقت ممكن».
وفيما يعد رئيس مجلس النواب نبيه بري، ضمن فريق 8 آذار، أنّ التمديد غير وارد، وشدّد أمس على ضرورة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها لإعادة إنتاج السلطة، مؤكدا في لقاء الأربعاء النيابي، أن «التشريع حق وواجب على مجلس النواب وصلاحيات الحكومة باتت مضاعفة في ظل الشغور الرئاسي»، لم يعلن حزب الله موقفه الرسمي بهذا الشأن، وآخر تعليق له كان قبل يومين على لسان أحد نوابه، يقول: إن موقف الحزب يتماهى مع موقف بري. في المقابل، توافق النائب وليد جنبلاط مع «تيار المستقبل» في إعطاء الأولوية للانتخابات الرئاسية، وبأنّ عدم أجرائها سيؤدي إلى الإطاحة بالانتخابات النيابية.
وعلى خط الأحزاب المسيحية، فإن «تكتل التغيير والإصلاح» الذي بقي على موقفه الرافض للتمديد في العام 2013، لا يزال يشدّد على ضرورة إجراء الانتخابات النيابية، وهو الأمر نفسه بالنسبة إلى حزبي «القوات اللبنانية» و«الكتائب»، لغاية الآن، علما بأن الأخيرين كانا قد سارا بالتمديد الأخير. وفيما يتعلّق بموقف «تيار المردة» الذي يرأسه النائب سليمان فرنجية، فقد أعلن باسمه أمس، وزير الثقافة روني عريجي، موقفه بالقول: «المردة مع إجراء الانتخابات في مواعيدها، لكن إذا تعذّر هذا الأمر في ظل الظروف التي يمر بها لبنان فإن التمديد يبقى أفضل من الفراغ».
وفي هذا الإطار، أوضح عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت، أن «مرسوم توقيع الهيئات الناخبة لممارسة حقها في انتخاب المجلس النيابي، ليست عملية شكلية، فوزير الداخلية قام بواجبهم وجلس الوزراء أكد هذا الموضوع وبالتالي أصبحت الدعوة قانونية ونشرت في الجريدة الرسمية، الآن المسؤولية السياسية مختلفة». وسأل في تصريح له بعد لقائه مفتي الجمهورية اللبنانية المنتخب عبد اللطيف دريان: «هل الظروف ستسمح بأن يكون هناك انتخابات للمجلس النيابي؟ إذا كانت تسمح، فالأولوية هي لانتخابات رئاسة الجمهورية»، مضيفا: «نحن نؤيد كل المهل الدستورية ويجب أن تحترم، يعني يجب أن نبدأ بانتخابات رئاسة الجمهورية ثم أن نذهب لانتخابات المجلس النيابي، وإذا جرى التمديد للمجلس النيابي بأي شكل من الأشكال يجب أن يُربط هذا الموضوع بانتخابات رئاسة الجمهورية بمعنى أنه عند انتخاب رئيس جديد يجب أن نعود إلى الانتخابات وينتهي التمديد للمجلس النيابي».
ولفت إلى أنه «ما زال أمامنا مهلة ثلاثة أشهر، ممكن خلال هذه المهلة أن يتم انتخاب رئيس جمهورية ونخرج من الأزمة السياسية الحالية، ولكن يتطلب أن يكون كل الأفرقاء على نفس مستوى المسؤولية، وللأسف ما زال هناك أفرقاء يراهنون على الفراغ في مؤسسات الدولة، وهنا تكمن المشكلة، إذا جرت انتخابات نيابية من دون انتخاب رئيس جمهورية وبوجود فراغ في موقع رئاسة الجمهورية فهذا سيعني أننا أمام حكومة مستقيلة، وهذا يشكل ضربة لكل المؤسسات»، مضيفا: «من هنا التمديد قد يصبح ضرورة بمرحلة معينة، أما الآن فالضرورة القصوى هي انتخابات رئاسة الجمهورية ومن ثم انتخابات نيابية».
8:17 دقيقة
الحكومة اللبنانية ترمي كرة الاستحقاق النيابي في ملعب البرلمان
https://aawsat.com/home/article/164351
الحكومة اللبنانية ترمي كرة الاستحقاق النيابي في ملعب البرلمان
وزير العدل السابق: دعوة الهيئات الناخبة تحتاج إلى التشريع وإلا طعن بالانتخابات
- بيروت: كارولين عاكوم
- بيروت: كارولين عاكوم
الحكومة اللبنانية ترمي كرة الاستحقاق النيابي في ملعب البرلمان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة