البنوك السعودية تشرع في تجميد حسابات العمالة ذات الدخل غير المتناسب مع أجورها

للحد من التستر التجاري وغسل الأموال

تشير الدراسات إلى أن 60% من حجم الحوالات للخارج تجري عن طريق العمالة الآسيوية رغم ضعف رواتبها («الشرق الأوسط»)
تشير الدراسات إلى أن 60% من حجم الحوالات للخارج تجري عن طريق العمالة الآسيوية رغم ضعف رواتبها («الشرق الأوسط»)
TT

البنوك السعودية تشرع في تجميد حسابات العمالة ذات الدخل غير المتناسب مع أجورها

تشير الدراسات إلى أن 60% من حجم الحوالات للخارج تجري عن طريق العمالة الآسيوية رغم ضعف رواتبها («الشرق الأوسط»)
تشير الدراسات إلى أن 60% من حجم الحوالات للخارج تجري عن طريق العمالة الآسيوية رغم ضعف رواتبها («الشرق الأوسط»)

باشرت البنوك العاملة في السعودية تجميد حسابات العمالة الوافدة التي تفوق تعاملاتها المالية قيمة الأجور السائدة للمهن التي تمتهنها في البلاد.
وخاطبت مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» جميع البنوك العاملة في السعودية، سواء المحلية منها أو الأجنبية، بتنفيذ التعليمات الواردة إلى المؤسسة، وهي التعليمات التي تقضي بتجميد حسابات العمالة الوافدة التي لا يتناسب دخلها الفعلي مع دخل المهن التي تعمل فيها.
وتأتي هذه الخطوة من قبل مؤسسة النقد السعودي تنفيذا للتوجيهات الصادرة من مجلس الوزراء السعودي الذي ألزم المؤسسة برصد حركة الحسابات البنكية للعمالة الأجنبية، وإبلاغ وزارة التجارة عن الحسابات التي لا تتوافق حركة التدفق المالي فيها مع الدخل الذي يجنيه أصحاب هذه الحسابات من المهن التي يمتهنونها.
في هذا الخصوص، عد عصام خليفة، عضو جمعية الاقتصاد السعودية، ظاهرة التستر التجاري من الجرائم الاقتصادية، كونها أحد مكونات الاقتصاد الخفي التي تتنامى بالتزامن مع التوسع في النشاط الاقتصادي والتجاري والخدمي واتساع النطاق العمراني.
وبيّن خليفة لـ«الشرق الأوسط» أن من آثار التستر التجاري إلحاق أضرار واسعة بالقطاعين الخاص والعام، وبالشباب الذي يبحث عن فرص عمل هنا وهناك ولم يجدها، وتشويه البيانات والمعلومات، وارتفاع المستوى العام للأسعار، وارتفاع معدلات البطالة بين المواطنين، وكذلك تكدس الأسواق بالسلع والمنتجات المقلدة والرخيصة والرديئة، وارتفاع إيجارات الوحدات السكنية، خاصة القديمة والمهجورة.
وقال إنه «رغم صدور فتوى حرمت التستر بمختلف أشكاله، إضافة إلى العقوبات القوية، فإن هذه التجاوزات ما زالت مستمرة، وتفشت في القطاع التجاري والأعمال الخدمية، وظهرت مساوئها حاليا، وستظهر بدرجة أشد في السنوات المقبلة».
ولفت إلى أن الإحصائيات الرسمية قدرت قيمة تحويل العمالة الأجنبية سنويا من السعودية إلى الخارج، بأكثر من 110 مليارات ريال (29.3 مليار دولار)، متسائلا عن الأموال التي تخرج بطرق غير نظامية والتي تقدر غالبا بمليارات الريالات سنويا.
وبحسب عضو جمعية الاقتصاد السعودية، فقد تجاوز الحجم التقديري للتستر التجاري في السعودية نحو 236.5 مليار ريال (63 مليار دولار)، أي نحو 17 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، كما يجري سنويا ضبط أكثر من ألف حالة تستر تجاري، ومعظم هذه الحالات تكون في مجال البناء والمقاولات بنسبة 40 في المائة، تليها حالات السلع والمواد الاستهلاكية والغذائية بنسبة 35 في المائة، ثم أعمال المهن المختلفة. وتتوزع أكبر نسبة من العمالة المشتبه بها في ممارسة التستر التجاري بين العمالة الآسيوية المتمثلة في الجنسية البنغالية والهندية والباكستانية بنسبة 70 في المائة، ثم تليها العمالة العربية المتمثلة في الجنسيات اليمنية والمصرية والسورية.
وقال إن البلاد تكاد تغرق بالتستر، مشيرا إلى أن فئة من الوافدين امتصت أموال البلاد حتى العظم، حيث تسيطر على أكثر من 90 في المائة من تجارة التجزئة، مثل: المواد الغذائية والملابس والخردوات، والأعمال الخدمية، مثل: ورش الصيانة والمطاعم والحلاقة وغسل الملابس، وهذا ما يفسر حجم التحويلات المخيف من الأموال إلى الخارج.
وتشير الدراسات إلى أن 60 في المائة من حجم الحوالات للخارج تجري عن طريق العمالة الآسيوية رغم ضعف رواتبها، تليها الحوالات إلى الدول العربية والأفريقية التي تمثل 30 في المائة، بينما تقدر الحوالات إلى أوروبا 15 في المائة، وهنا يرى عصام خليفة أنه كلما ازدادت أعداد العمالة الوافدة، خاصة الآسيوية، ازداد حجم التحويلات للخارج، ما يضاعف من الآثار السلبية لاقتصاد الدولة.
وفسر طلب مؤسسة النقد تجميد حسابات العمالة الوافدة التي تفوق تعاملاتها المالية قيمة الأجور السائدة للمهن التي تمتهنها في البلاد؛ بأنه يستهدف الحد من حالات التستر.
وهنا شدد خليفة على أن هذه الخطوة لوحدها لا تكفي للحد من ظاهرة التستر التجاري، بل يجب على وزارة التجارة أن تكمل خطوات مؤسسة النقد وتعترف بالمشكلة وأنها مشكلة حقيقية وخطيرة ووطنية لها أضرارها وسلبياتها على الوطن والمجتمع، واتخاذ قرارات قوية أسوة بمؤسسة النقد ووزارة العمل للحد من التستر التجاري، إضافة إلى الابتعاد عن الأنظمة الروتينية والبيروقراطية التي أسهمت لحد كبير في انتشار هذه الظاهرة، وعدم حصر العقوبات على الجانب المادي فقط، بل التدرج في مراحلها بين الجانب المادي ووقف النشاط، مطالبا بالتدرج في مراحل العقوبة وصولا إلى حد السجن والتشهير وإنهاء النشاط الذي يمارسه المتستر.
من جهة أخرى، رأى فضل البوعينين، الخبير الاقتصادي، أن قضية التستر من القضايا المتشعبة التي تحتاج إلى جهود متضافرة من جهات رسمية مختلفة للقضاء عليها.
وقال «إن التستر يعني قبول الكفيل ممارسة الوافد التجارة بطريقة مخالفة للقانون، مقابل توفير كامل الدعم والمساندة لإنجاح عملية التستر، ومنها العمل وفتح الحساب باسم الكفيل، وإدارة المشروع والتدفقات المالية الداخلة والخارجة باسمه أيضا».
وذهب إلى أن ذلك يعني صعوبة اكتشاف العملية من خلال القطاع المصرفي بصفة مستقلة، بل هو في حاجة ماسة إلى جهود وزارتي الداخلية والتجارة.
وعن التستر البدائي أو ما يطلق عليه مصطلح «الكفالة»، رأى البوعينين أن قرار متابعة الأرصدة سيساعد على الحد منه، لكن لن ينهيه، على أساس أن العمالة تعتمد في إدارة شؤونها المالية على مصادر مستقلة عن المصارف، ومنها الأفراد الذين يقومون بتقديم الخدمات المصرفية من التحويل والإيداع والاستثمار أيضا، وهذه ظاهرة منتشرة في السوق السعودية.
وبيّن لـ«الشرق الأوسط» أن الاستثمار الأجنبي أصبح مرتبطا بالمشاريع النوعية ذات رؤوس الأموال الكبيرة، ومن ثم فهذه الإجراءات قد لا تؤثر سلبا أو إيجابا على الاستثمار الأجنبي النوعي، بقدر تأثيرها على المنشآت الصغيرة التي تسيطر عليها العمالة الوافدة بنظام التستر.
وتوقع أن يكون التأثير الأكبر في ضبط القنوات المصرفية من تمرير الأموال الناتجة عن أنشطة غير نظامية، ومنها التستر، وهذا أمر غاية في الأهمية، شريطة أن تكون المصارف فاعلة في هذا الجانب.
وعد الخبير الاقتصادي أن مراكز الحوالات السريعة هي الأكثر اختراقا من قبل العمالة الوافدة التي تحول مبالغ تفوق بكثير دخلها المعلن، ما يعني حصولها على موارد مالية من مصادر أخرى غير التي استقدمت عليها.
وقال «أعتقد أن العمالة الوافدة باتت على دراية كافية بالأنظمة، وأصبحت لديها خبرات واسعة في الالتفاف عليها، كما أنها تحظى ببعض الدعم مدفوع الأجر من ضعاف النفوس الذين يقومون بالتحويل بأسمائهم نيابة عن المخالفين، وهذا أمر غاية في الخطورة، ويعد من يقوم به مخالفا لأنظمة وقوانين غسل الأموال، وعلى الرغم من التوجهات الرسمية أعتقد أن القطاع المصرفي ما زال ضعيفا في الرقابة على أموال الوافدين وحوالاتهم، وهذا أمر يمكن تداركه بالرقابة الصارمة والمتابعة الدقيقة والبيانات الإحصائية الإلكترونية ذات العلاقة بالدخل والإنفاق المالي والحوالات بشكل عام».



تعثّر «أوراكل» يهزّ أسهم الذكاء الاصطناعي... والسوق ترفض الاستسلام

شعار شركة «أوراكل» في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)
شعار شركة «أوراكل» في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)
TT

تعثّر «أوراكل» يهزّ أسهم الذكاء الاصطناعي... والسوق ترفض الاستسلام

شعار شركة «أوراكل» في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)
شعار شركة «أوراكل» في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)

تلقّى الزخم القوي الذي يدعم أسهم الذكاء الاصطناعي ضربة مؤلمة، بعد تقرير مخيِّب من «أوراكل»، أعاد إلى الواجهة المخاوف من التقييمات المبالغ فيها واحتمال تشكّل فقاعة في القطاع.

ومع ذلك، يؤكد مستثمرون أن عوامل التفاؤل لا تزال قائمة، في حين يتجنَّب كثيرون الإعلان عن وصول السوق إلى ذروتها.

وقد تدفق المستثمرون على أسهم الشركات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، خلال العام مع تسارع تبنّي التكنولوجيا، وما تحمله من وعود برفع كفاءة الشركات الأميركية. لكن بعضهم يرى أن تلك الأسهم باتت متضخمة القيمة. وعبّر مستثمرون بارزون، بينهم مايكل بَري، عن تشاؤمهم، مقارنين طفرة الذكاء الاصطناعي حالياً بطفرة الإنترنت في التسعينات.

ورغم ذلك، ظل نشاط البيع على المكشوف محدوداً ومتركزاً على الشركات الصغرى، مع عدم إقبال يُذكر على الرهانات السلبية بشأن كبار اللاعبين في القطاع.

وجاءت المخاوف الأخيرة بعد تحذير «أوراكل»؛ فقد تراجع سهم الشركة بنسبة وصلت إلى 16.5 في المائة يوم الخميس، بعد إعلانها - وهي التي تحمل ديوناً كبيرة لتمويل مشاريعها الطموحة في الذكاء الاصطناعي - أن إنفاقها الرأسمالي للسنة المالية 2026 سيزيد بـ15 مليار دولار مقارنة بتوقعات سبتمبر (أيلول) الماضي.

وزادت «برودكوم» الضغط، مساء اليوم ذاته، بعدما حذرت من انخفاض هوامش الربحية نتيجة ارتفاع مساهمة إيرادات الذكاء الاصطناعي، مما دفع سهمها للتراجع في تداولات ما بعد الإغلاق.

هذا الهبوط أثّر على أسهم التكنولوجيا الأخرى، مع تصاعد القلق من تضخم الإنفاق على الذكاء الاصطناعي وتأخر ظهور العوائد. ومع ذلك، بقيت السوق الأوسع متماسكة، ونجح مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» يوم الخميس في الارتفاع والإغلاق عند مستوى قياسي جديد.

وقال تشاك كارلسون، الرئيس التنفيذي لشركة «هورايزون سيرفيسيز إنفستمنت» في إنديانا: «أرى أن المسألة تخصّ (أوراكل) تحديداً، وليست مشكلة عامة في قطاع الذكاء الاصطناعي. (أوراكل) تحاول التحول إلى مزود ضخم للخدمات السحابية، لكنها لا تمتلك التدفقات النقدية أو القوة المالية التي تتمتع بها شركات مثل (ألفابت) و(مايكروسوفت) و(أمازون)... لا أعتقد أن هذا سيقوّض القطاع بأكمله».

تزايد التدقيق

وأشار محللون إلى أن المستثمرين أصبحوا أكثر انتقائية في تقييم الشركات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، ولم يعودوا يكافئون الإنفاق الكبير على هذا المجال بشكل تلقائي.

وقال مارك هاكيت، كبير استراتيجيي السوق في «نيشن وايد»: «شهدنا علاقة إيجابية لسنوات بين الإنفاق الرأسمالي المكثف وارتفاع أسعار الأسهم... لكن هذا تغيّر بشكل واضح خلال الأشهر القليلة الماضية».

وتعرض سهم «ميتا» في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) لهبوط بنسبة 11 في المائة بعد إعلانها أن نفقاتها الرأسمالية للعام المقبل ستشهد زيادة «ملحوظة» نتيجة استثمارات الذكاء الاصطناعي وتوسيع مراكز البيانات.

وكان الإنفاق الرأسمالي - وهو محرّك رئيسي لرهانات الذكاء الاصطناعي - قد عزّز أداء الأسهم منذ إطلاق «تشات جي بي تي» في نوفمبر 2022.

وقال روبرت غيل، مدير المحافظ في شركة «فيربانك» لإدارة الاستثمار: «كل هذا الإنفاق الضخم على الذكاء الاصطناعي يستغرق وقتاً أطول من المتوقَّع ليترجم إلى إيرادات سحابية».

البيع على المكشوف: حذر واضح

حتى المشككون في طفرة الذكاء الاصطناعي يترددون في الرهان ضدها. فقد قال بَري في منشور: «أعتقد أن سوق الأسهم تعيش مرحلة قد تتحول إلى قمة اندفاعية هائلة».

وقد زاد بَري مؤخراً انتقاداته لعمالقة التكنولوجيا مثل «إنفيديا» و«بالانتير»، مشيراً إلى تضخّم طفرة البنية التحتية السحابية. ويملك مركزاً للبيع على المكشوف في «بالانتير».

وقال مديرا صندوقين أميركيين كبيرين، طلبا عدم الكشف عن هويتهما، إن المخاوف من فقاعة في الذكاء الاصطناعي مبالغ فيها، مشيرين إلى أن شركات التكنولوجيا العملاقة تكافح لمجاراة الطلب المتزايد على مراكز البيانات.

وقال بيتر هيلربيرغ، الشريك المؤسس لشركة «أورتكس تكنولوجيز»: «من خلال تتبعنا لـ61 سهماً مرتبطاً بالذكاء الاصطناعي، لا نرى أي مؤشر على أن المستثمرين يشنون رهانات قوية على انفجار الفقاعة».

وتُظهر بيانات «أورتكس» ارتفاعاً في البيع على المكشوف لدى الشركات الصغيرة والمتوسطة، في حين تبقى أكبر المستفيدين من الذكاء الاصطناعي خفيفة الانكشاف نسبياً لهذه الرهانات.

وأضاف «هيلربيرغ»: «شهدنا ارتفاعات محددة في مراكز البيع على المكشوف حول نتائج الأرباح والمخاطر الإخبارية، في بعض الأسماء المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، مثل (أوراكل)، وقد بدت بعض هذه الرهانات أكثر وجاهة بعد الهبوط الحاد للأسهم. لكن الصورة العامة تُظهر شكوكاً انتقائية تجاه شركات بعينها، لا محاولة شاملة أو منسّقة للإعلان عن نهاية فقاعة الذكاء الاصطناعي».

تحوّل في قيادة السوق

الميزة البارزة للمستثمرين هي أن السوق الأكثر توسعاً لا تزال قوية رغم تعثر عدد من الأسماء الكبرى في الذكاء الاصطناعي. وبفضل سلسلة طويلة من الأداء المتفوق، بات قطاع التكنولوجيا يشكّل 35 في المائة من الوزن الإجمالي لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» حتى إغلاق الأربعاء.

ويخشى المستثمرون أن يؤدي تراجع الزخم في أسهم الذكاء الاصطناعي - التي ساعدت المؤشر على الارتفاع 17 في المائة منذ بداية العام - إلى الضغط على السوق الأكثر توسعاً. لكن يوم الخميس، صمد المؤشر أمام عمليات البيع في أسهم الذكاء الاصطناعي، ما بدّد بعض المخاوف.

وقال هاكيت: «السؤال الأساسي هو ما إذا كان بالإمكان رؤية انتقال في قيادة السوق دون اضطراب كبير في المؤشر العام. وحتى الآن، الأمور تسير على ما يرام».


بولسون من «الفيدرالي»: السياسة النقدية لا تزال قادرة على إعادة التضخم إلى الهدف

مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
TT

بولسون من «الفيدرالي»: السياسة النقدية لا تزال قادرة على إعادة التضخم إلى الهدف

مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

أكدت آنا بولسون، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا، يوم الجمعة، أن تركيزها الأساسي ينصب على وضع سوق العمل، مشيرةً في الوقت نفسه إلى أن السياسة النقدية الحالية لا تزال قادرة على إعادة التضخم إلى هدف «الاحتياطي الفيدرالي» البالغ 2 في المائة.

وقالت بولسون، خلال كلمة ألقتها أمام اجتماع نظَّمته غرفة تجارة ولاية ديلاوير في ويلمنغتون: «بوجه عام، يقلقني ضعف سوق العمل أكثر من المخاطر المحتملة لارتفاع التضخم». وأضافت: «ويُعزى ذلك جزئياً إلى أنني أرى فرصةً جيدةً لانحسار التضخم خلال العام المقبل مع تراجع تأثير الرسوم الجمركية، التي كانت المحرك الرئيسي لارتفاع الأسعار فوق المستوى المستهدف هذا العام»، وفق «رويترز».

ورغم أنها لم تُدْلِ بأي تصريحات مستقبلية بشأن مسار أسعار الفائدة، فإنها شدَّدت على أن «سعر الفائدة الحالي على الأموال الفيدرالية، عند نطاق 3.5 في المائة إلى 3.75 في المائة، لا يزال يُعدّ تقييدياً إلى حد ما». وأوضحت أن هذا المستوى من الفائدة، إلى جانب التأثير التراكمي للسياسات الأكثر تشديداً في السابق، «سيساعد على خفض التضخم إلى 2 في المائة».

ووصفت بولسون سوق العمل بأنها «مرنة، لكنها لا انهار»، مشيرةً إلى أن خفض أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس خلال الاجتماعات الـ3 الأخيرة يُعدّ «إجراءً وقائياً لمواجهة أي تدهور إضافي في أوضاع سوق العمل».

وكانت لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية، الجهة المسؤولة عن تحديد أسعار الفائدة، قد خفّضت، يوم الأربعاء، النطاق المستهدف بمقدار ربع نقطة مئوية إلى 3.5 في المائة - 3.75 في المائة، في محاولة لتحقيق التوازن بين مخاطر ضعف سوق العمل ومستويات التضخم التي لا تزال مرتفعة. ولم يقدم «الاحتياطي الفيدرالي» - الذي تأثر بإغلاق الحكومة وغياب بيانات اقتصادية أساسية - أي توجيهات واضحة حول احتمالات خفض الفائدة في يناير (كانون الثاني).

وأشارت بولسون إلى أن البنك سيكون في وضع أفضل لمناقشة سياسة الفائدة مطلع العام المقبل، حين تنضم إلى لجنة السوق المفتوحة بصفتها عضواً مصوّتاً.

وقالت: «بحلول موعد اجتماع نهاية يناير، ستكون لدينا معلومات أوفر بكثير، آمل أن تساعد على توضيح توقعات التضخم والتوظيف، إضافةً إلى تقييم المخاطر المصاحبة».


ديون مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي تقفز إلى 125 مليار دولار

صورة جوية لمركز بيانات «أمازون ويب سيرفيسز» في آشبورن - فيرجينيا - أكتوبر 2025 (رويترز)
صورة جوية لمركز بيانات «أمازون ويب سيرفيسز» في آشبورن - فيرجينيا - أكتوبر 2025 (رويترز)
TT

ديون مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي تقفز إلى 125 مليار دولار

صورة جوية لمركز بيانات «أمازون ويب سيرفيسز» في آشبورن - فيرجينيا - أكتوبر 2025 (رويترز)
صورة جوية لمركز بيانات «أمازون ويب سيرفيسز» في آشبورن - فيرجينيا - أكتوبر 2025 (رويترز)

مع انتشار «حمّى الذكاء الاصطناعي» التي دفعت الأسهم العالمية إلى مستويات قياسية، يتم تمويل مراكز البيانات اللازمة لتشغيل هذه التكنولوجيا بشكل متزايد عن طريق الديون، مما زاد المخاوف بشأن المخاطر.

وقال تقرير صادر عن «يو بي إس» الشهر الماضي، إن صفقات تمويل مراكز بيانات ومشاريع الذكاء الاصطناعي قفزت إلى 125 مليار دولار حتى الآن هذا العام، مقارنة بـ15 مليار دولار في الفترة نفسها من 2024، مع توقع أن يكون المعروض الإضافي من هذا القطاع محورياً لأسواق الائتمان في 2026، وفق «رويترز».

وقال أنتون دومبروفيسكي، متخصص محفظة الدخل الثابت في «تي رو برايس»: «يبدو أن الائتمان العام والخاص أصبح مصدر تمويل رئيسياً لاستثمارات الذكاء الاصطناعي، ونموه السريع أثار بعض المخاوف». وأضاف: «على الرغم من أن زيادة المعروض حتى الآن قوبلت بطلب صحي نسبياً، فإن هذه المنطقة تستحق المتابعة، خصوصاً مع الأخذ في الاعتبار تقديرات الاحتياجات التمويلية الكبيرة».

وحذّر بنك إنجلترا الأسبوع الماضي، من أن الدور المتزايد للديون في طفرة بنية تحتية للذكاء الاصطناعي، قد يزيد من المخاطر المحتملة على الاستقرار المالي إذا حدث تصحيح في التقييمات.

وقال كريستوفر كرامر، مدير محفظة ومتعامل أول في فريق الائتمان الاستثماري لدى «نيوبيرغر»، لـ«رويترز»، إن السوق شهدت تحولاً هيكلياً مع تمويل كبرى شركات التكنولوجيا لطموحات البنية التحتية للذكاء الاصطناعي. وأضاف: «لم تكن هذه الشركات محور تركيزنا في السوق من ناحية إصدار الديون، وهذا يتغير بشكل كبير... كلما حدث ذلك، يخلق كثيراً من الفرص». وأضاف: «نحن متحمسون من ناحية أن السوق تتغير، وستخلق ديناميكية مختلفة، ما يتيح فرصة لتحمل المخاطر وخلق قيمة لمستثمرينا».

وفيما يلي 5 نقاط رئيسية توضح كيف أصبح التمويل بالديون جزءاً متزايداً من سباق الذكاء الاصطناعي للمساحة:

1. «أوراكل»: ارتفاع عقود المبادلة ضد التخلف عن السداد يعكس قلق المستثمرين

انخفضت أسهم «أوراكل» بنسبة 13 في المائة يوم الخميس، مما أدى إلى بيع واسع في قطاع التكنولوجيا، بعد أن زادت الإنفاقات الضخمة والتوقعات ضعيفة الشكوك حول سرعة تحقيق العوائد من الرهانات الكبيرة على الذكاء الاصطناعي.

وقال مسؤولون تنفيذيون في شركات التكنولوجيا، التي كانت تعتمد طويلاً على التدفقات النقدية القوية لتمويل المبادرات الجديدة، إن هذه النفقات ضرورية لتكنولوجيا ستغير طبيعة العمل وتجعل الأعمال أكثر كفاءة، مشيرين إلى أن الخطر الأكبر يكمن في عدم الاستثمار الكافي وليس في الإفراط في الإنفاق.

وفي ذروتها في سبتمبر (أيلول)، كادت أسهم «أوراكل» تتضاعف منذ بداية العام بدعم من صفقة بقيمة 300 مليار دولار مع شركة «أوبن إيه آي»، لكنها انخفضت منذ ذلك الحين بنسبة 44 في المائة.

وفي سبتمبر، أشارت وكالة التصنيف الائتماني الأميركية «موديز» إلى عدة مخاطر محتملة في عقود «أوراكل» الجديدة، لكنها لم تتخذ أي إجراء بشأن التصنيف.

وقد أصبحت مستويات ديون «أوراكل» محور تركيز المستثمرين، في ظل زيادة إصدار الديون المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، فيما ارتفعت عقود المبادلة ضد التخلف عن السداد (CDS)، وهي شكل من أشكال التأمين ضد التخلف عن السداد، إلى أعلى مستوياتها خلال 5 سنوات على الأقل.

وباعت شركة «سابا» لإدارة رأس المال، التي يديرها بواز وينشتاين، مشتقات ائتمانية خلال الأشهر الأخيرة للمقرضين الباحثين عن حماية من شركات مثل «أوراكل» و«مايكروسوفت»، وفقاً لتقرير «رويترز» الشهر الماضي.

أسلاك داخل مركز بيانات «مايكروسوفت» قيد الإنشاء في ويسكونسن - الولايات المتحدة - سبتمبر 2025 (رويترز)

2. ارتفاع الاقتراض بدرجة الاستثمار المرتبط بالذكاء الاصطناعي

شهدت سوق الديون ذات الدرجة الاستثمارية تدفقاً هائلاً لإصدارات التكنولوجيا في الأشهر الأخيرة. وتضمنت الصفقات الضخمة في سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) 18 مليار دولار من «أوراكل»، و30 مليار دولار من «ميتا». كما أعلنت شركة «ألفابت»، مالكة «غوغل»، عن اقتراض جديد.

وتقدر «جي بي مورغان» أن الشركات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي تمثل 14 في المائة من مؤشر الديون ذات الدرجة الاستثمارية، متجاوزة البنوك الأميركية بوصفها قطاعاً مهيمناً.

لكن صفقات شركات التكنولوجيا الكبرى لا تزال تمثل جزءاً بسيطاً من نحو 1.6 تريليون دولار المتوقع إصدارها من الديون ذات الدرجة الاستثمارية في الولايات المتحدة عام 2025.

3. مزيد من السندات مرتفعة العائد المرتبطة بالذكاء الاصطناعي

شهدت سوق الديون مرتفعة العائد، التي تضم الشركات ذات التصنيف الائتماني الأقل مع عوائد أعلى للمستثمرين، إصداراً متزايداً مرتبطاً بالذكاء الاصطناعي.

وبشكل عام، بلغ إصدار سندات التكنولوجيا المتعثرة مستوى قياسياً، وفقاً لبيانات «ديلوجيك».

وقال آل كاترمول، مدير محفظة الدخل الثابت وكبير المحللين في «ميرابو» لإدارة الأصول، إنه حتى 25 نوفمبر (تشرين الثاني)، لم يستثمر فريقه في أي من السندات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي؛ سواء كانت ذات درجة استثمارية أو عالية العائد التي ظهرت مؤخراً في السوق. وأضاف: «حتى نرى تسليم مراكز البيانات في الوقت المحدد ووفق الميزانية، وتوفير قوة الحوسبة المطلوبة - ولا يزال هناك طلب عليها - فهي غير مختبرة. وبما أنها غير مختبرة، أعتقد أنك تحتاج إلى تعويض مثل الأسهم... وليس الديون».

4. الدور المتزايد للائتمان الخاص في تمويل الذكاء الاصطناعي

يلعب الائتمان الخاص - الممنوح من شركات استثمارية وليس البنوك - دوراً متزايداً في تمويل مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي.

وتقدر «يو بي إس» أن قروض الذكاء الاصطناعي من الائتمان الخاص قد تضاعفت تقريباً خلال الاثني عشر شهراً حتى أوائل 2025.

وتقدر «مورغان ستانلي» أن أسواق الائتمان الخاص قد توفر أكثر من نصف الـ1.5 تريليون دولار المطلوبة لبناء مراكز البيانات حتى 2028.

5. تجديد المنتجات المهيكلة

ستسهم المنتجات المهيكلة؛ مثل الأوراق المالية المدعومة بالأصول (ABS)، أيضاً في نمو صناعة الذكاء الاصطناعي، وفقاً لـ«مورغان ستانلي».

وتقوم هذه المنتجات بدمج الأصول غير السائلة مثل القروض، وديون بطاقات الائتمان، أو - في سياق الذكاء الاصطناعي - الإيجار المستحق لمالك مركز البيانات من مستأجر كبير في التكنولوجيا، في ورقة مالية قابلة للتداول.

وبينما تمثل البنية التحتية الرقمية 5 في المائة فقط، أي 82 مليار دولار، من إجمالي سوق الأوراق المالية المدعومة بالأصول الأميركية البالغة نحو 1.6 تريليون دولار، تشير بيانات «بنك أوف أميركا» إلى أنها توسعت أكثر من 9 أضعاف في أقل من 5 سنوات. وتقدر أن مراكز البيانات دعمت 63 في المائة من هذه السوق، ومن المتوقع أن تضيف من 50 إلى 60 مليار دولار من المعروض في 2026.

ويُنظر إلى الأوراق المالية المدعومة بالأصول بحذر منذ أزمة 2008، عندما تبين أن مليارات الدولارات من هذه المنتجات كانت مدعومة بقروض متعثرة وأصول معقدة وغير سائلة للغاية.