هيلين إيبستين
TT

أفريقيا تنحدر باتجاه كارثة

هناك شبح يطارد أفريقيا يتمثل في شبح الإفلات من العقاب. الكثير من البلدان التي تعدها الولايات المتحدة بمثابة حلفاء لها تقع الآن في قبضة المستبدين والقمعيين، فيما يغرق آخرون في صراعات لا تنتهي. وبمناسبة استضافة واشنطن قمة، تعد الأولى من نوعها، جمعت بين الولايات المتحدة وقادة أفريقيا، يتعين على واضعي السياسات الأميركيين الإقرار بإسهاماتهم في هذا الوضع المؤسف؛ فقد عززت السياسات الأميركية من ثقافة الاعتداء والتمرد من خلال إنفاق ملايين الدولارات في صورة مساعدات عسكرية وإنمائية للدول الأفريقية، بينما فشلت في تعزيز العدالة والديمقراطية ويتعين تغيير هذا الوضع قبل أن تنغمس أفريقيا في بحر الدم ولا تجد سبيلا للعودة.
سلطت القمة الضوء على النجاحات التنموية في أفريقيا، وتعزيز التجارة والاستثمار في القارة الغنية بالنفط والموارد الطبيعية، ولم تُدرج المسائل المتعلقة بالعدالة وسيادة القانون على جدول الأعمال، وكان ينبغي التطرق لهذه الأمور.
انظروا إلى جنوب السودان، البلد الذي أعلن استقلاله قبل ثلاث سنوات، ففي البداية كانت تبدو الأمور واعدة؛ حيث كان الاقتصاد يشهد ازدهارا، وأطلقت بعثة الأمم المتحدة هناك برنامج بناء الدولة، بتمويل سنوي قيمته نحو مليار دولار.
ولكن الانتهاكات التي ارتكبها السودانيون في الجنوب ضد بعضهم البعض لم يجر التطرق إليها على الإطلاق؛ فعقب أسابيع من استقلال جنوب السودان، اندلعت صراعات عرقية بشأن الماشية وأراضي المراعي في ولاية جونقلي. وعندما ارتكبت القوات المسلحة المذابح ضد الجنود والمدنيين من أبناء قبيلة النوير في جوبا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لم يكن من العجب أن يلي ذلك حرب أهلية.
وفي نيجيريا، أغنى بلد في أفريقيا، أسفر الفساد وسوء الإدارة عن اعتماد الكثير على المعونة الأميركية السنوية. وترتكب جماعة بوكو حرام، لعدة سنوات، الأعمال الوحشية في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك اختطاف أكثر من 200 من طالبات المدارس في شهر أبريل (نيسان)، ففي البداية، كانت بوكو حرام مجرد واحدة من الجماعات التي تدعو إلى تطبيق الشريعة الإسلامية لتطهير نيجيريا من الفساد، وفي عام 2009، ألقي القبض على مؤسسها وقائدها محمد يوسف وإعدامه عقب الاشتباكات مع قوات الشرطة. فإذا كان قادة الولايات المتحدة وكذلك قادة الغرب قد قاموا بحث نيجيريا على احترام سيادة القانون في الاشتباكات الأولى مع بوكو حرام، كان من الممكن ألا تلجأ تلك الجماعة الدينية إلى مثل تلك الأعمال الوحشية.
وتعد أوغندا من شركائنا الأفارقة التي قد تنهار قريبا، ففي خلال عقدين من الزمان منذ عملي في البداية مستشارا للتنمية هناك، كنت أشاهد، هذا البلد الذي تظهر عليه بوادر النجاح في المستقبل وهو ينحدر باتجاه الاستبداد؛ حيث استخدمت مليارات الدولارات المقدمة كمساعدات خارجية في التلاعب بالانتخابات، وتعذيب من ينتقد الحكومة. كما أن دعم الجيش الأوغندي للرئيس كير في الحرب الأهلية التي شهدها جنوب السودان أدى، بالتأكيد، إلى إطالة أمد الصراع. وساهمت أوغندا في بعثة الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في الصومال، وأفادت التقارير أنها قامت ببيع أسلحة إلى تنظيم القاعدة.
وفي غضون ذلك، تتجاهل إدارة الرئيس أوباما انتهاكات أكثر خطورة ناجمة عن انتهاكات كثيرة لسيادة القانون. وهذا الأمر قد يقود البلاد إلى حرب أهلية.
يعد السلام والازدهار هما أفضل ضمان للعدل، وعدم الاكتراث لذلك، كما يتضح من أجندة القمة الأميركية الأفريقية، يؤدي إلى وقوع الكوارث، التي يأمل وفود تلك القمة تجنبها.
* خدمة «نيويورك تايمز»