الحكومة التونسية ترفع درجة التأهب لحماية حدودها مع ليبيا

الداخلية تعلن عن اعتقال قيادي جديد في تنظيم أنصار الشريعة

جندي تونسي يفحص أوراق وافد من ليبيا خلال عمليات التفتيش التي تقوم بها قوات الأمن على الحدود التونسية ـ الليبية (رويترز)
جندي تونسي يفحص أوراق وافد من ليبيا خلال عمليات التفتيش التي تقوم بها قوات الأمن على الحدود التونسية ـ الليبية (رويترز)
TT

الحكومة التونسية ترفع درجة التأهب لحماية حدودها مع ليبيا

جندي تونسي يفحص أوراق وافد من ليبيا خلال عمليات التفتيش التي تقوم بها قوات الأمن على الحدود التونسية ـ الليبية (رويترز)
جندي تونسي يفحص أوراق وافد من ليبيا خلال عمليات التفتيش التي تقوم بها قوات الأمن على الحدود التونسية ـ الليبية (رويترز)

قرر مهدي جمعة، رئيس الحكومة التونسية، أمس، «رفع مستوى اليقظة للقوات الأمنيّة والعسكريّة على الحدود والمعابر والمراكز الحدوديّة، ورفع درجات التأهّب القصوى على الحدود بين تونس وليبيا». كما تقرر «اعتماد خطة تصاعديّة لحماية الحدود تعتمد على إجراءات تواكب مستجدّات الوضع في ليبيا، ولا تستبعد إغلاقها إذا تطلب الأمر ذلك، ومساعدة الرعايا الأجانب العالقين بالمعابر للالتحاق ببلدانهم، لتكون تونس أرض عبور لا أرض لجوء نظرا إلى الظرف الدّقيق الذي تمرّ به البلاد».
كما استقبل محمد المنصف المرزوقي، رئيس الجمهورية، أمس، المنجي الحامدي، وزير الخارجية التونسي، وتباحث معه الوضع في ليبيا وتداعياته على تونس.
وكان الحامدي قد أعلن أول من أمس أن تونس «قد تضطر إلى إغلاق حدودها مع ليبيا»، وهو ما أثار انتقادات كثيرة من أطراف سياسية وحقوقية تونسية. وفي هذا الإطار قال منصف وناس، الباحث التونسي المختص في الشؤون الليبية، إنه «يتعين المحافظة على العلاقات التاريخية بين البلدين وعلى تقاليد احتضان تونس للأشقاء الليبيين، التي تعود إلى زمن الاحتلال الإيطالي لليبيا».
وتشهد تونس تدفقا استثنائيا لليبيين والأجانب على أراضيها، بعد تصاعد وتيرة المواجهات المسلحة في ليبيا، علما بأن نحو 1.5 مليون ليبي يعيشون في تونس بشكل شبه مستمر منذ 2011؛ تاريخ سقوط نظام معمر القذافي.
وعلى الصعيد الأمني تدارست خلية الأزمة المكلفة متابعة الوضع الأمني، خلال الاجتماع الذي عقدته أمس الخميس بإشراف مهدي جمعة، «الوضع الأمني العام بالبلاد، وتنفيذ الإجراءات والقرارات الصادرة عنها، وسجلت توقيف 221 شخصا تورّطوا في قضايا إرهابيّة».
كما أعلنت وزارة الداخلية أن وحداتها تمكنت من اعتقال عفيف العموري، ووصف بيانها هذا الأخير بـ«الإرهابي الخطير»، و«قيادي في تنظيم أنصار الشريعة الإرهابي المحظور». وقالت إنه متورط في عدة قضايا «ذات طبيعة إرهابية وفي قضايا اغتيالات».
من جهتها، أعلنت وزارة الداخلية في بيان أصدرته مساء أول من أمس أنها تمكنت من الكشف في محافظة المهدية الساحلية (200 كلم جنوب شرقي العاصمة التونسية) «عن خلية إرهابية مختصة في استقطاب وتسفير عناصر جهادية إلى معسكرات تدريب في ليبيا، والدعوة للإرهاب». وقالت الوزارة إنه «جرى اعتقال خمسة عناصر من هذه الخلية بعد استشارة النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس». كما كشفت في بيان آخر أنها اعتقلت الثلاثاء الماضي في محافظة الكاف (200 كلم شمال غربي العاصمة التونسية) عنصرا يشتبه بدعمه للمجموعة الإرهابية المرابطة بجبال الكاف. وقالت إنه «اعترف بعد تعميق التحريات معه بأنه مكلف بتزويد المجموعة الإرهابية بالمؤونة التي يجري شراؤها من محصول صندوق تبرّعات أحد مساجد الجهة، فضلا عن تزويدهم بشرائح هاتفيّة لاستعمالها في اتصالاتهم»، وبينت الداخلية أن «الأبحاث لا تزال جارية مع المتهم للكشف على العناصر المتورّطة معه ضمن هذه الشبكة، وإلقاء القبض عليها وتقديمها إلى القضاء».
وبخصوص تداعيات استقالة محمد صالح الحامدي، رئيس أركان جيش البر، أعلنت رئاسة الجمهورية، أمس، قبول محمد المنصف المرزوقي استقالته في أعقاب لقاء جمع المرزوقي بالحامدي في قصر الرئاسة بقرطاج في العاصمة التونسية.
ووفق بيان لدائرة الإعلام والتواصل لرئاسة الجمهورية التونسية فإن رئيس الجمهورية «عبر لأمير اللواء الحامدي عن أسفه الشديد لتمسّكه بهذه الاستقالة، وشكر له كل المجهودات التي بذلها منذ تعيينه، وعبّر له عن ثقته فيه، وفي كل قيادات الجيش الذي كلّف في أصعب الظروف بمواجهة عصابات إرهابية، ترمي لبثّ الخوف والفوضى، وإعطاء الذرائع لتأجيل الانتخابات، ومن ثمّ لإفشال المرحلة الانتقالية، وضرب مشروعنا لبناء دولة ديمقراطية ومجتمع تعدّدي».
كما جاء في البيان أن رئيس الجمهورية طلب من رئيس الحكومة ووزير الدفاع «مدّه بقائمة كبار الضباط القادرين على تولّي مسؤولية قيادة جيش البرّ»، وأضاف البيان أنه «سيجري اختيار خلف للحامدي وفق المقاييس التي اعتمدت لاختياره، والمحددة في الخبرة والأقدمية والحياد السياسي ونظافة اليد».
كما أهاب المرزوقي «بكل أفراد القوات المسلحة التمسّك أكثر من أي وقت مضى بكل القيم والتقاليد التي ميّزت الجيش التونسي، من انضباط ومهنية وتمسّك بالشرعية»، مؤكدا عزمه وعزم الحكومة على «دعم الجيش معنويا وماديا بتمكينه في أسرع وقت ممكن من العتاد الذي يحتاجه لمواجهة العصابات الإرهابية». كما دعا المرزوقي في هذا البيان التونسيين إلى «الالتفاف حول جيشهم الذي يدفع دمه حفاظا على أمنهم خاصة»، وقال إن «الحرب ضدّ الجماعات الإرهابية في بدايتها، ويجب الصبر على تكاليفها الموجعة»، ودعا الجميع إلى «احترام خصوصية المؤسسة العسكرية والأمنية وتجنب إقحامهما في صراعات سياسية عقيمة وخطيرة»، حسب نص البيان.
وردا على أسئلة الصحافيين قال عدنان منصر، الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية إن الرئاسة «تعلم أسباب استقالة الجنرال محمد صالح الحامدي من منصبه، ولكنها تتحفظ على ذكر الأسباب أو التعليق على أداء المؤسسة العسكرية»، وشدد منصر على «ضرورة الإبقاء على المؤسسة العسكرية بعيدا عن التجاذبات»، منددا بأي «تشكيك في المؤسسة العسكرية وفي قيادتها»، عادًّا ذلك «جريمة». ونقل منصر أن الجنرال الحامدي عبر لرئيس الجمهورية خلال اللقاء الذي جمعهما أمس عن «استعداده للقتال جنديا في جبل الشعانبي». وتجدر الإشارة إلى أن استقالة رئيس أركان جيش البر شدت انتباه المراقبين والرأي العام في تونس، وأثارت الكثير من التعاليق حول توقيتها وأسبابها وتداعياتها في هذه المرحلة التي تواجه فيها تونس خطر العمليات الإرهابية، خاصة على الشريط الحدودي مع الجزائر في جبال ومرتفعات محافظات القصرين والكاف جندوبة، حيث تكبدت قوات الجيش والأمن خسائر بشرية جسيمة بعد تعرضها لهجمات إرهابية.
ولم يخف الكثير من المراقبين مخاوفهم من مخاطر إقحام الجيش التونسي في أي تجاذبات سياسية، خاصة في مثل هذه الظروف التي تواجه فيها تونس مخاطر المجموعات المسلحة، وتستعد لتنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية نهاية العام، ستكون المؤسسة العسكرية إلى جانب قوات الأمن مدعوة لتأمينها مثلما جرى في انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) 2011.
على صعيد غير متصل، وقع ظهر أمس حادث اصطدام بين قطارين يربطان بين وسط العاصمة وضاحيتها الشمالية على مستوى مدينة حلق الوادي (عشرة كيلومترات شمال العاصمة). وأسفر الحادث، وفق حصيلة أولية، عن إصابة 55 راكبا بجروح.
وأوضح محمد علي العروي، الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية التونسية أنه «جرى نقل 49 جريحا إلى مستشفى المنجي سليم بضاحية المرسى شمال العاصمة التونسية، في حين نقل ستة آخرون إلى مستشفى معهد القصاب بمدينة منوبة» (غرب العاصمة). وكانت الكثير من سيارات الإسعاف قد أسرعت بالتوجه إلى مكان الحادث، كما تحولت وحدات أمنية وفرق من الحماية المدنية إلى المكان لتقديم الإسعافات الأولية للمصابين، قبل نقلهم إلى المستشفيات. ورغم أن أسباب الحادث ما زالت مجهولة، فإنه يبدو وفق ما توفر من معطيات أولية أن أحد القطارين صدم القطار الثاني من الخلف.
وتجدر الإشارة إلى أن شركة نقل تونس (شركة عمومية) التي تؤمن النقل بين العاصمة والضاحية الشمالية تقوم منذ مدة بأشغال على مستوى خط السكك الحديدية المؤدي إلى الضاحية الشمالية للعاصمة.



تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
TT

تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)

فاقم تكرار وقائع تحرش بطلاب داخل مدارس دولية وخاصة الأسابيع الماضية الأزمات داخل وزارة التربية والتعليم، التي صاحبت الوزير محمد عبد اللطيف، الذي تولى المهمة قبل عام ونصف العام، وسط مطالب بإقالته بوصفه «المسؤول الأول»، فيما دافع آخرون عنه على أساس أن الحوادث «فردية»، وأنه قام بإجراءات مشددة لمنع تكرارها.

وشهدت مدارس مصرية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقائع تحرش، حيث قررت وزارة التربية والتعليم وضع مدرسة «سيدز» الدولية في القاهرة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، عقب توقيف 4 عاملين فيها في اتهامهم بالتحرش بعدد من طلاب المرحلة التمهيدية، قبل أن يتولى القضاء العسكري القضية، وتتسع دائرة المتهمين فيها.

ولم تكن واقعة مدرسة «سيدز» الأولى من نوعها، إذ سبقها بشهور عدة، قضية الطفل «ي» التي تحولت لقضية رأي عام، وأدانت فيها محكمة الجنايات مشرفاً مالياً سبعينياً بالتحرش بالطفل داخل المدرسة، وقضت بالسجن المؤبد (25 عاماً) في مايو (أيار) الماضي، ثم خففت محكمة الاستئناف الحكم إلى السجن المشدد 10 سنوات في نوفمبر الماضي.

وزير التربية والتعليم خلال تفقده سير العملية الدراسية في إحدى المدارس (أرشيفية - وزارة التربية والتعليم المصرية)

ويُحمل الخبير التربوي عاصم حجازي، وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف مسؤولية تكرار تلك الوقائع داخل المدارس، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «تكرارها يعكس غياب الإجراءات الرادعة لتفادي مثل هذه الحوادث منذ واقعة الطفل (ي)»، عادّاً أن غضب الرأي العام وأولياء الأمور على الوزير وما يحدث في الوزارة طبيعي ومبرر.

وأضاف: «الإجراءات لم تُتخذ سوى بعد واقعة مدرسة سيدز، وكانت متأخرة وغير كافية، بدليل تفجر وقائع أخرى في مدرستين بعدها».

وكانت وزارة التربية والتعليم فرضت إجراءات داخل المدارس الدولية للانضباط، تتمثل في وضع نظام كاميرات، ومنع وجود الطلاب في غير أوقات اليوم الدراسي، وإلزام المدارس بنظام خاص للإشراف على وجود الطلاب خارج الفصول، وإلزام هذه المدارس بإجراء تحليل مخدرات، والكشف عن الحالة الجنائية للعاملين فيها، وتقديم هذه الأوراق للوزارة.

وتساءل حجازي: «لماذا اقتصرت الإجراءات على المدارس الدولية، وهل المدارس الحكومية في مأمن من وقائع تحرش مماثلة؟».

وعقب أيام من واقعة مدرسة «سيدز»، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على عامل في مدرسة دولية بالإسكندرية بتهمة التحرش بطلاب، وقررت محكمة جنايات الإسكندرية في 9 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إحالة أوراق القضية إلى المفتي - هو قرار يمهد لحكم الإعدام - وأجلت النطق بالحكم إلى فبراير (شباط) المقبل. وطالب محامي الضحايا في القضية، طارق العوضي، بإقالة وزير التربية والتعليم خلال منشور على حسابه بموقع «إكس».

وقبل ساعات، انفجرت قضية جديدة بالتحرش بـ12 طالباً في مدرسة «النيل» الدولية بالقاهرة، وقررت وزارة التربية والتعليم، الأحد، وضع المدرسة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، مع «اتخاذ الإجراءات القانونية كافة حيال المسؤولين الذين ثبت تورطهم في تقصير أو إهمال بما أدى لحدوث هذه الواقعة»، وفق بيان الوزارة.

ويرى حجازي أن تكرار تلك الوقائع «يعكس ليس فقط غياب الرقابة داخل المدارس، وإنما أزمات أخرى عميقة، مثل قلة أعداد المعلمين والمُشرفين داخل المدارس، والتركيز على نظام التقييم الذي أقره وزير التعليم استراتيجية للوزارة، للسعي إلى إعادة الطلاب للمدارس، لكن دون وجود الإمكانات الخاصة بذلك».

ويتمثل نظام التقييم في تقسيم درجات التقييمات النهائية بين الاختبار النهائي، وتقييمات أخرى تتكرر على مدار العام، ما يُلزم الطلاب بالحضور.

وأضاف الخبير التربوي: «استراتيجية الوزير تضع أعباءً على المدرسين وأولياء الأمور فيما يتعلق بالتقييمات، مقابل تهميش الجوانب الأخرى المهمة سواء التربوية أو التوعوية، أو الخاصة بالإشراف النفسي».

وبينما تتفق عضوة لجنة التعليم في مجلس النواب (البرلمان) جيهان البيومي، على ضرورة اهتمام الوزارة في المرحلة المقبلة بـ«الجوانب التربوية والنفسية»، فإنها لا تتفق مع مطلب إقالة الوزير أو تحميله مسؤولية حوادث التحرش في المدارس.

وقالت البيومي لـ«الشرق الأوسط» إن «الوزير اتخذ قرارات سريعة ورادعة بعد كل واقعة، وهذه الوقائع تظل فردية، ولا يمكن وصفها بالمتفشية في المدارس أو المجتمع، لذا فالمغالاة في التعامل مع الأزمة بالمطالبة بإقالة الوزير ليست حلاً»، مشيرة إلى أنه «واحد من أنشط الوزراء الذين يقود عمله من الميدان، ويجري كثيراً من الزيارات المفاجئة للمدارس، ونجح في إعادة الطلاب للمدارس، وغيّر المناهج التعليمية، وكلها أمور تُحسب له».

وزير التربية والتعليم مع أحد طلاب الثانوية أبريل 2025 (وزارة التربية والتعليم)

وصاحب اختيار وزير التربية والتعليم جدلاً واسعاً مع تفجر أولى الأزمات المرتبطة به، الخاصة بحقيقة حصوله على شهادة الدكتوراه التي صاحبت سيرته الذاتية، بينما شككت وسائل إعلام محلية فيها. وتجاوزت الحكومة الأزمة بوصف عبد اللطيف في بيانات الوزارة بـ«السيد الوزير» بدلاً من «الدكتور».

ولم يتوقف الجدل حول الوزير عند هذه الأزمة، بل امتدت إلى قراره بتغيير المناهج في أغسطس (آب) 2024، الذي أُلغي بناء عليه تدريس بعض المواد في الشهادة الثانوية مثل «الفلسفة» و«علم النفس»، وتحولت اللغات بخلاف الإنجليزية إلى مواد ثانوية لا تضاف للمجموع، وعقب شهور ظهر جدل جديد خاص بمنظومة «البكالوريا» التي تتيح للطلاب خوض الامتحانات أكثر من مرة، بمقابل مادي، ورغم الانتقادات دخلت منظومة البكالوريا في النظام التعليمي المصري بداية من هذا العام.

ويرى الخبير التربوي وائل كامل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «أن شخصية وزير التربية والتعليم تبدو إدارية أكثر منها تربوية، فكل قراراته تعكس ذلك، بداية من إلغاء مواد دراسية أساسية في بناء الشخصية والتربية لدى الطلاب، مثل الفلسفة وعلم النفس، مروراً بنظام التقييمات في المدارس الذي يهتم بالكم على حساب الكيف، ويضع أعباء كبيرة على كل أطراف العملية التعليمية». ومع ذلك لا يرى كامل أن الحل في تغيير الوزير قائلاً: «الوزارة ككل في حاجة إلى إعادة هيكلة».


«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

شهد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، تحفظات ومطالبات علنية من حركة «حماس» بشأن التزامات المرحلة الثانية المعنية بترتيبات إدارية وأمنية، وسط حديث أميركي عن جهود تبذل في «الكواليس» بشأن الانتقال إليها.

تلك المحددات التي أعلنتها «حماس»، الأحد، وشملت 4 بنود رئيسية متعلقة بنزع السلاح ودور مجلس السلام وقوات الاستقرار وتشكيل لجنة إدارة قطاع غزة، هناك تباين بشأنها بين خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بين مَن يراها تكشف عن أزمات تعيق التقدم للمرحلة الثانية، وأنها مجرد مناورات لتقليل الضغوط عليها، مقابل تقديرات أخرى تؤكد أنها تكشف عن جدية الحركة في تنفيذ الاتفاق وسط عراقيل إسرائيل.

وتتضمن خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وجرى بموجبها وقف إطلاق النار في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول)، تشكيل مجلس للسلام برئاسته يشرف على لجنة تكنوقراط فلسطينية، ونزع سلاح «حماس»، وألا يكون لها دور في حكم القطاع بعد الحرب، ونشر قوات استقرار.

وقال رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، خليل الحية، الأحد، في الذكرى 38 لتأسيس الحركة، إن السلاح حق كفلته القوانين الدولية للشعوب الواقعة تحت الاحتلال، معبراً عن انفتاح الحركة على دراسة أي مقترحات تحافظ على ذلك الحق مع ضمان إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وشدد على أن مهمة مجلس السلام، الذي ورد في خطة ترمب، ومن المقرر أن يقوده الرئيس الأميركي، هي رعاية تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والتمويل والإشراف على إعادة إعمار قطاع غزة. ورفض «كل مظاهر الوصاية والانتداب» على الفلسطينيين.

وأضاف: «ندعو لتشكيل لجنة التكنوقراط لإدارة قطاع غزة من مستقلين فلسطينيين بشكل فوري، ونؤكد جاهزيتنا لتسليمها الأعمال كاملة في كل المجالات وتسهيل مهامها»، مشدداً على أن مهمة القوة الدولية المزمع تشكيلها «يجب أن تقتصر على حفظ وقف إطلاق النار، والفصل بين الجانبين على حدود قطاع غزة» دون أن يكون لها أي مهام داخل القطاع.

ودعا الحية «الوسطاء، خصوصاً الضامن الأساسي، (الإدارة الأميركية والرئيس ترمب) إلى ضرورة العمل على إلزام الاحتلال باحترام الاتفاق والالتزام بتنفيذه وعدم تعريضه للانهيار».

نساء يحملن حزماً على رؤوسهن يمررن بخيام أقيمت على أرض تم تطهيرها لإيواء الفلسطينيين النازحين جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الأسبوع الماضي، إن المفوضية وثقت أكثر من 350 هجوماً إسرائيلياً ومقتل 121 فلسطينياً على الأقل داخل المنطقة الواقعة خلف «الخط الأصفر» في غزة منذ وقف إطلاق النار، فيما لقي القيادي في «حماس» رائد سعد حتفه، في قصف إسرائيلي، السبت، استهدف سيارته في غزة.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن الإدارة الأميركية تعمل حالياً على بلورة المرحلة الثانية من الخطة الرامية إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، وتخطِّط لأن يبدأ عمل القوة الدولية متعددة الجنسيات في القطاع اعتباراً من الشهر المقبل، وأبلغ مسؤولون أميركيون نظراءهم الإسرائيليين بهذا في محادثات أُجريت في الأيام الأخيرة، حسب هيئة البث الإسرائيلية.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى المحلل المصري المتخصص في الشأن الإسرائيلي، بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن محددات «حماس» تكشف عن أن «فرص التقدم في المرحلة الثانية ضعيفة وستدفع لمزيد من الضربات الإسرائيلية»، مشيراً إلى أنها «مجرد مناورات، من أجل تقليل الضغوط عليها التي تواجهها قبل تنفيذ التزامات المرحلة الثانية، التي تمر بظروف خطيرة».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، المختص بشؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، أنه لا مفر من الذهاب للمرحلة الثانية وتنفيذها، رغم عراقيل متكررة من جانب إسرائيل لإفشال الاتفاق، لافتاً إلى أنه بالنسبة لموضوع السلاح، فإن «حماس» منخرطة في حوار فلسطيني داخلي معمّق، إلى جانب حوار واضح وشفاف مع الوسطاء في القاهرة، حول رؤية قد تتبلور وتكون مقبولة لدى جميع الأطراف، بخلاف أن الحركة راغبة في حضور قوات سلام معنية بفضّ الاشتـباك.

ووسط تلك المحددات من «حماس» التي لم يعلق عليها الوسطاء، أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية، (الأحد)، بأن بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، شدَّد في اتصال مع نظيرته البريطانية إيفيت كوبر، على أهمية نشر «قوة الاستقرار الدولية» المؤقتة في غزة، مؤكداً أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب.

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية».

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين، الجمعة، بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، السبت، عن مسؤولين القول إن إدارة ترمب تسعى لتجنيد قوة متعددة الجنسيات من 10 آلاف جندي بقيادة جنرال أميركي؛ لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة، وذكر المسؤولون أنه لم تُرسل أي دولة قوات؛ بسبب تحفظات على إمكانية توسيع نطاق مهمة القوة لتشمل نزع سلاح حركة «حماس».

وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الخارجية الأميركية طلبت رسمياً من نحو 70 دولة تقديم مساهمات عسكرية أو مالية للقوة المزمع نشرها في غزة، غير أن 19 دولة فقط أبدت رغبتها في المساهمة بقوات أو تقديم المساعدة بطرق أخرى، ومنها المعدات والنقل.

ويرى عكاشة أن ترمب سيضغط خلال لقاء نتنياهو في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، للبدء في المرحلة الثانية، متوقعاً أن تقبل إسرائيل الدخول إليها وبدء مفاوضات إلى ما لا نهاية بشأن تنفيذ الانسحابات.

ويعتقد المدهون أن «القاهرة تدرك العراقيل الإسرائيلية وستطالب بتسريع العمل للانتقال إلى المرحلة الثانية لإنهاء أي ذرائع إسرائيلية متوقعة قد تفشل الاتفاق».


سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
TT

سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)

قال مصدر في مستشفى عسكري بمدينة الدلنج السودانية، الواقعة في الجنوب، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع»، إن هجوماً عليها بطائرة مسيَّرة، الأحد، أسفر عن مقتل «7 مدنيين وإصابة 12».

ومن بين المصابين مرضى أو مرافقون لهم في المستشفى، حسب ما أفاد المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ويقدم المستشفى خدماته للمدنيين والعسكريين على حد سواء.

وتقع الدلنج في جنوب كردفان، وما زالت تحت سيطرة الجيش السوداني، لكنها محاصرة من «قوات الدعم السريع».