ليونيد بيرشيدسكي
TT

العقوبات على روسيا تطال شركات بريئة

من المرجح أن كافة الجهود الغربية المبذولة لمعاقبة شركات مقربة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من خلال فرض عقوبات مالية عليها ستسفر عن معاناة الشركات الخاصة البريئة أكثر من غيرها.
يمكن لنظام بوتين أن يحيا في ظل الحظر الأميركي والأوروبي المفروض على الصادرات التكنولوجية مزدوجة الاستخدام. ورغم أن بعض الشركات - أمثال شركة تشيك المصنعة لمعدات الطيران بي بي إس (PBS) - قد تخسر أعمالها، سيكون هناك شركة روسية بانتظار أن تسيطر للتو، وتحل محل كل شركة غربية تعمل في مجال الدفاع لن تكون قادرة على البيع لروسيا. وبالفعل، وعد ديمتري روجوزين، نائب رئيس الوزراء الروسي، المسؤول عن المجمع الصناعي العسكري، بأن روسيا ستقوم ببناء حاملة طائرات هليكوبتر خاصة بها، إذا لم تقم فرنسا بتزويدها بالسفينة الحربية الثانية ميسترال التي يتعين الحصول عليها بموجب العقد المبرم بينهما.
ويمكن لقطاع النفط والغاز في روسيا أن يحيا في ظل الحظر المفروض على إمدادات معدات استخراج النفط الأميركية والأوروبية؛ فرغم أن روسيا تستورد كافة المعدات التي تستخدمها في مشاريع الحفر الأفشور، ونحو 70 في المائة من معدات التكسير الخاصة بها، فإن أسوأ شيء يمكن حدوثه هو تأجيل بعض المشاريع، بينما تحصل شركات النفط الروسية على المعدات الضرورية من آسيا، أو جعل المصانع الروسية تخوض هذا المجال للحصول على حاجتها. وطالما لا يوجد حظر على بيع النفط والغاز الروسي، ستتوافر الأموال للاستعاضة عن الموردين التقليديين أمثال شركتي شلمبرجير وهاليبرتون. وبطريقة ما، ستعمل تلك العقوبات على تشجيع روسيا للاستثمار في خلق منافسة بالنسبة لقادة الصناعة العالمية.
ورغم ذلك، فمن الممكن أن يكون للعقوبات المالية تأثير أكبر، نظرا لأن روسيا تحتاج إلى تمويل يمكنها من بناء قدرتها الدفاعية وتوفير احتياجاتها من الطاقة. وقد منعت الولايات المتحدة بالفعل عددا من الشركات الروسية التي تسيطر عليها الدولة - بما فيها شركة النفط العملاقة روسنفت Rosneft وثلاثة مصارف كبيرة - من اقتراض الأموال في الولايات المتحدة لأكثر من 90 يوما. وأوروبا على وشك فرض قيود مماثلة هذا الأسبوع.
ويبدو أنه جرى تصميم حزمة العقوبات المفروضة على نحو جيد. وحسب البيانات التي أفاد بها مراسلا وكالة «بلومبرغ» الإخبارية بوريس كوربي ويوبوف برونينا، فإن ديون الشركات الروسية تُقدر بنحو 165 مليار دولار في شكل سندات مقيمة بالدولار والعملات الأوروبية، بالإضافة إلى أكثر من 100 مليار دولار في شكل قروض مشتركة (مجمعة) بالخارج. كما أن شركة غازبروم التي تحتكر الغاز الطبيعي وتسيطر عليها الدولة، مدانة لحملة السندات الغربية بمبلغ قدره 28 مليار دولار، ناهيك عن شركة غازبروم نفت Gazprom Neft التابعة لها، التي تقع ضمن أعلى عشرة مقترضين أيضا. كما أن نورد ستريم إيه جي (Nord Stream AG)، مشروع خط الأنابيب الأوروبي التابع لشركة غازبروم، مدين بمبلغ قدره 5.6 مليار دولار في شكل قروض مشتركة، بينما نجد شركة روسنفت مدينة بمبلغ 6.9 مليار دولار لحملة السندات، بالإضافة إلى أقساط متدرجة بقيمة 36.3 مليار دولار في شكل قروض مشتركة. وتقع أيضا كل مصارف الدولة ضمن أعلى المقترضين. وفي المجمل، يشكل أعلى عشرة من مصدري السندات، ثمانية منهم تسيطر عليهم الدولة، ومعظمهم مدرجون على قوائم العقوبات، نحو ثلثي سندات الشركات الروسية المعلقة المقيمة بالعملات الغربية.
وربما لن تواجه شركتا غازبروم وروسنفت أي مشاكل في التمويل على المدى القريب؛ حيث تمتلكان 21.6 مليار دولار و20.1 مليار دولار نقدا وما يعادله على التوالي. وتمتلك روسيا ما يبلغ قيمته 472.5 مليار دولار في احتياطي البلاد من العملات الصعبة، أي أكثر من ضعف ديون الشركات المقيمة بالعملات الأجنبية. وبالفعل وعد البنك المركزي بدعم المصارف التي تواجه عقوبات.

* بالاتفاق مع «بلومبرغ»