مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

دراما رمضانية إخوانية

من قدر له متابعة دراما رمضان المصرية، سيلحظ ارتفاعا في مساحات التناول النقدي لجماعة الإخوان وبقية الجماعات الأصولية، وبطبيعة الحال انتقاد الداخلية، وجماعات الصوفية، بدرجة أخرى.
هناك كثافة هجوم على قلاع الإخوان السرية ونفض دهاليزها الداخلية، وتبيان بنيتها الهرمية، وطريقة خطابها، وأنماط مناوراتها.
هذا متوقع وطبيعي في ظل حالة الغضب الشعبي على الإخوان، وفي ظل غضب جماعة أهل الفن خاصة على الإخوان، بسبب تردي مجال الفن، بكل ألوانه، في عهد الإخوان، وصعود خطاب التحريم والتزمت، وكلنا يتذكر معارك دعاة الإخوان ومحاسيبهم مع الفنانات المصريات مثل إلهام شاهين.
أغلب المسلسلات تناولت الإخوان إما بشكل خاص أو كلون من ألوان العمل، مثلا في مسلسل تفاحة آدم من بطولة خالد الصاوي نجد قصة ليست جديدة عن نصاب محترف وخطير يقوم بتقمص عدة شخصيات للإيقاع بضحاياه، ولكنه في طريقه للإيقاع بهؤلاء الضحايا يسدد ضربات قاسية لـ«الإخوان» من خلال شخصية الدكتور «رفعت السيملاوي» سياسي الجماعة، الذي يمارس بطريقة التنسيق والنصب مع بعض الإعلاميين الأجراء، ومجموعة من الشباب الثوري، شباب الحراك، وطبعا مع زمرة من ضباط أمن الدولة الفاسدين، بكلمة لم يوفر أحدا، لكن ربما يكون الأغرب في مسلسل الصاوي هو إتاحة مساحة لنقد الثوريين، وإن كانت مساحة محدودة، ولكنها تسجل للفنان الناشط السياسي خالد الصاوي. مسلسلات أخرى تناولت الإخوان والجماعات المقاتلة أيضا مثل عد تنازلي وجبل الحلال، وعموما لم يخلُ عمل من حضور الإخوان فيه.
هذا التناول ليس جديدا، ففي العام الماضي في حكم الإخوان كان هناك مسلسل الداعية الذي وجه نقدا لدور الدعاة الجدد المستبطن لرسالة إخوانية. لكن الجديد هذا العام هو في الكثافة والتنوع في هذه المقاربات.
وقبل هذه السنة والتي قبلها، كان هناك مسلسل الجماعة الشهير من تأليف السيناريست وحيد حامد، وهو ربما أثقل وأوثق عمل عن تاريخ الجماعة وتحولاتها وشخصياتها، وكانت جرأة تحسب لوحيد حامد والقائمين على مسلسل الجماعة لأن قوة الجماعة في العقد الأخير من السنوات كانت طاغية ومتخفية، بلبوس العمل الوطني والثوري، ومن يوجه لها النقد أو يواجهها كان يتهم بالعمل الرخيص لصالح السلطة، خاصة من متحمسي الشباب الثوري وإعلامييهم. ولا ننسى بطبيعة الحال أفلام عادل إمام التي تناولت الجماعات الأصولية والإخوان، خاصة فيلم طيور الظلام الذي تناول اختراق الإخوان لقطاع المحاماة في مصر ونشاطهم السياسي فيه.
حتى الكوميديا تجرب حظها هنا، فهذا الفنان الكوميدي المصري طلعت زكريا يقول في حوار مع «الشرق الأوسط» إنه يعمل على فيلم كوميدي بعنوان «حارس الريس» عن المعزول مرسي.
هذه الهجمة الفنية لها حسناتها وسيئاتها، من السيئات غلبة التناول الخفيف، مع وجود أعمال متقنة كمسلسل الجماعة، لكن الحسن في هذا كله، تثقيف الخاص والعام من الناس بجماعة هي مصدر المصادر لخلل العقل العربي في القرن العشرين.
[email protected]