نادية التركي
إعلامية وشاعرة وصحافية متمرسة تكتب بمجالات متعددة, متخصصة في اجراء المقابلات السياسية.
TT

رسالة إلى «الخليفة» (1)

أردت تهنئتك وأتباعك، على حسن أدائكم للأدوار التي أسندت إليكم..
«الخليفة».. أتقنت دورك بجدارة وتقمصت الشخصية الرصينة الحكيمة التي كلما نطقت تدافعت الدرر، بحرفية أهنئك عليها، ولن أنسى مشهد خطبتك الأولى واللقطة الرائعة التي بدأت بها المشهد وأنت تتسوك قبل أن تلقي تلك الخطبة التي هزت «أمتك».
أما أتباعك فقد كان أداؤهم جيدا مميزا، إلى درجة أنهم يخرجون غالبا عن أدوارهم ويحولون المشاهد إلى حقيقة..
القتل جسدوه بحرفية حولت كل المشاهد إلى حقيقة؛ رأينا الدم، سمعنا الرصاص، ورأينا اليتامى، وسمعنا نحيب الثكالى.. يا لروعتهم؛ حولوا النصوص إلى واقع وبكل جدارة، مما جعل «منتج العمل» يدفع لهم مبالغ إضافية ومكافآت سمحت بزيادة حلقات مسلسلهم، وتأجير المزيد من الأماكن لإدارة العمليات، عفوا! «التصوير» والاستعانة بفريق أكبر من اليائسين الشباب في أرجاء العالم والذين وجدوا في هذا العمل طريقا للمال والنجومية معا.
لكن لديّ بعض التحفظات على الأزياء، والأسلحة المستعملة، والإضاءة.. أرجو ألا ينزعج فريق العمل الضخم «داعش» من انتقاداتي ويأخذها بروح مهنية لتطوير أدائهم، ففي النهاية، جودة العمل تخدم مصلحة جميع الأطراف.
وما يثلج القلب هو المتابعة الدولية لتحركات مسلسل «دولة الخلافة» (الجزء 2 من العمل)، الغرب مشدود له دون أي تعليق، عبقرية الأداء جعلتهم لا يقوون على «إغماض عيونهم» للحظة، ونحن العرب نفسر أن هذا العمل يريد إرباك المشاهدين وشغلهم عما تعودوا عليه من روائع «الدراما» السورية، أو أن لهوليوود يدا فيه والـ«إف بي آي» كما في كل أفلامها تنصب شراكها للإطاحة بأبطال عملكم الجديد.
أيها «الخليفة» لا تقلق، ما زلت البطل، وأصدقك القول إنني عندما أطالع الشاشة يصعب عليّ التمييز بينك وبين «السلطان سليمان»، وبين بعض مشاهدكم الحقيقية، ومشاهد المسلسلات التركية التي لم يرتق ممثلوها إلى رفع تعاطفنا مع ضحاياهم كما فعلتم.
معكم نتألم فعليا، وبمتابعتكم نعيش المأساة كل يوم، ليس مأساة القتل وما تفعلون بالأمكنة التي تحلون بها من خراب، لكن مأساة صورة الإسلام التي طليتموها بالسواد، ورائحة الدم.
رغم حافلاتكم المجانية، ورحلاتكم الرومانسية لعرسانكم الجدد، لم تتمكنوا من تلطيف الأجواء.. والمخرج أخل في نقطة مهمة أخرى وهي أنه جعل الطريق إلى الجنة على جسور من الجثث فوق أنهار من الدم.
تحياتي.. وإلى الرسالة الثانية إذا حافظت على دور البطولة طبعا، وإلا فستكون رسالتي الثانية لخليفتك أيها «الخليفة».